الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومرؤوسه والقبيلة وحليفتها. فاختلفت الآراء. وانحلت الروابط. وانطوت الصدور على الضغائن. واستحكمت النفرة بين القبائل. وظن أفلح أنه أفلح في سياسته. ولكنه ترك لمن بعده تراثا سيئا. فان سيادة تبنى على الدسائس لا بد ان ينهار صرحها لاول ضعف يبدو في الدولة. وهذا ما وقع بعد أفلح. فقد كانت أيامه خاتمة شباب الدولة وسياسته علة ضعفها.
8 - الايمة الرستميون
مبدأ الخوارج أن الامامة لا تنحصر في أسرة معينة. ولكن امامة تيهرت انحصرت في بني رستم. ولعل سبب ذلك المنافسة البربرية والسياسة الرستمية. فان منافسة البربر بعضهم لبعض أشد من منافستهم لاجنبي عنهم. فلو انتقلت الامامة الى قبيلة منهم لرامت الاستئثار بها ونازعتها بقية القبائل. والرستميون كانوا يقربون اليهم النقوسيين الاجانب مثلهم من المملكة ثقة بعدم مزاحمتهم لهم لفقد عصبيتهم.
- عبد الرحمن بن رستم 144 - 68 هـ 761 - 84 م
لا خلاف أنه فارسي. ونسب البكري رستما الى بهرام بن ذو شرار بن سابور بن بابكان بن سابور ذي الاكتاف الملك الفارسي. فيكون عبد الرحمن من سلالة الملك. وجعله ابن خلدون من ولد رستم امير الفرس يوم القادسية. وهو ليس من بيت الملك بل هو أرمني.
بويع عبد الرحمن أولا بالامارة ثم بالامامة سنة 60 بمد وفاة امامهم أي حاتم، وقدموه لانه لا قبيلة له تحميه اذا جار. وكان عالما زاهدا متواضعا. يجلس في المسجد للارملة والضعيف. قال ابن
الصغير: "وسيرته واحدة وقضاته مختارة وبيوت أمواله ممتلئة واصحاب شرطته والطائفون به قائمون بما يجب".
- عبد الوهاب 168 - 88 هـ 784 - 803 م
بويع بعد وفاة أبيه. وكان مرشحا للامامة في حياته. واختلفت عليه الكلمة، فاسكت الخصوم بالحرب والسياسة. قال ابن الصغير:"وكان عبد الوهاب ملكا ضخما وسلطانا قاهرا. اجتمع له من أمر الاباضية وغيرهم ما لم يجتمع لاباضي قبله. ودان له منهم ما لم يدن لغيره. واجتمع له من الجيوش والحفدة ما لم يجتمع لاحد قبله".
- افلح بن عبد الوهاب 188 - 238 هـ 803 - 52 م
كان مرشحا للامامة حياة والده. فبويع بها بعد وفاته. وكان داهية استطاع استطاع ان يحافظ على هناء تيهرت مدة امامته. قال ابن الصغير: "وعمر في امارته ما لم يعمره أحد ممن كان قبله. أقام خمسين عاما أميرا حتى نشأ له البنون وبنو البنين وشمخ في ملكه".
ولم يذكر ابن الصغير سنة وفاته. وتقدم عن البلاذري أنه أخرب العباسية سنة 39 ولكن ابن خلدون يقول أنه أخربها سنة 27 فيحتمل أن أفلح توفي لتمام خمسين سنة من امارته وانه عاش بعدها قليلا.
- ابو بكر بن أفلح
بايعته نفوسة ولم يرضه بعض أهل المدينة. وكان ميالا الى الراحة مولعا بالادب تاركا الامر لاخيه أبي اليقظان وصهره محمد بن عرفة وهو رجل من وجهاء المدينة. فنفس عليه حاشية الامام تلك المنزلة. وسعوا في اغتياله. فقتله غيلة. وفتحت عليه فتنة أخرجته
من تيهرت. واستولى عليها محمد بن مسالمة الهواريبي، قال الباروني:"والظاهر أن مدته لم تبلغ سنتين".
- أبو اليقظان محمد بن أفلح 241 - 81 هـ 855 - 94 م
حج أيام والده، وتقبض عليه العباسيون، فسجنه الواثق مع أخيه المتوكل، فلما توفي الواثق وخرج المتوكل من السجن الى قصر الخلافة سرح أبا اليفظان وأحسن اليه، فعاد الى تيهرت، وقد اكتسب خبرة بشؤون الملك. فلما اخرج ابو بكر من المدينة خرج هو أيضا، ونزل بحصن لواتة، وهنالك بويع حوالي سنة 41 وزحف الى تيهرت، فامتنعت عليه سبع سنين. ثم دخلها. وعفا عن الثوار. واحيا رسوم الدولة، وكان يباشر التدريس بنفسه وتوفي باتفاق سنة 281.
قال ابن الصغير: "عاش ابو اليقظان مائة سنة أو نحوها. وبقي في امارته نحوا من اربعين سنة. أدركته وحضرت مجلسه. وكان مربوع القامة ابيض الرأس واللحية (لانه أدركه شيخا) زاهدا ورعا ناسكا. افتتنت به نفوسة الجبل حتى انها أقامته في دينها وتحليلها وتحريمها مثل ما أقامت النصارى عيسى بن مريم". وهذا ان كان فانما هو من بسطاء العامة التي لا تعرف التعظيم حدا.
- أبو حاتم يوسف 281 - 94 هـ 906 م
هو ابن أبي اليقظان. بويع بعده. وكان شابا جميل الهيئة كثير المروءة واسع الاحسان محببا لدى العامة قبل ولايته. فلما بويع اضطربت عليه الامة. وثارت به الفتن. فأخرج من المدينة. ثم عاد اليها، وائتمر به بعض قرابته فقتلوه سنة 294.
وكان بكر بن حماد قد أوضع في الفتنة. فلما عاد الى تيهرت اعتذر له بقوله:
ومؤنسة لي بالعراق تركتها
…
وغصن شبابي في الغصون نضير
فقالت كما قال النواسي قبلها:
…
"عزيز علينا ان نراك تسير،"(1)
فقلت جفاني يوسف بن محمد
…
فطال علي الليل وهو قصير
ابا حاتم ما كان ما كان بغضة
…
ولكن أتت بعد الامور أمور
فاكرهني قوم خشيت عقابهم
…
فداريتهم، والدائرات تدور
واكرم عفو يؤثر الناس امره
…
اذا ما عفا الانسان وهو قدير
- يعقوب بن أفلح
هو أخو أبي اليقظان. كان يأمل الامارة بعده، فلما صرفت الى أبي حاتم ارتحل الى زواغة، فلما أخرخ أبو حاتم من المدينة وحاصرها، استقدم أهلها يعقوب، وبايعوه. فحارب ابن أخيه، ثم سعى الى أهل الفضل في ايقاف الفتنة، فعقدوا مجلسا حضره المبعوثون من الطرفين: فحكموا برفع يديهما معا عن الحكومة لمدة أربعة أشهر، وهذا هو التحكيم الذي أنكره سلفهم على علي (ض).
وفي هذه المدة كان ابو حاتم يستميل اليه الناس بسياسته ويستألفهم بصلاته، فلم تمض المدة حتى كان جمهور الناس معه. فاستقدموه من قصره بابي مينة، وأعادوه الى قصر الأمارة.
وغادر يعقوب المدبنة ليلا الى زواغة بعدما قام أميرا نحو أربع سنوات، وكان بيد الهمة نزيه النفس ذا غرائب في مأكله وملبسه، وعاش ختى استولى الشيعة على تيهرت، فارتحل الى ورقلة، وعرض عليه أهلها بيعتهم، فقال:"لا يستتر الجمل بالغنم " ومات هنالك.
(1) النواسي هو أبو نواس الحسن بن هانيء الحكمي. من أهل المائة الثانية. وذلك الشطر من كلمة له طويلة يمدح بها الخصيب.