الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - المملكة الزيانية
مملكة آل زيان الاصلية هي مواطن عبد الواد واحلافهم بني راشد الممتدة طولا من البحر الى الصحراء وعرضا من ناحية وادي مينة، وجبال سعيدة حيث يجاورون توجين ومغراوة الى ملوية وفيقيق حيث يجاورون مرين واحلافها.
وملكوا سجلماسة بين سنتي 62 - 673 وغلبت مرين على وجدة، فاستقرت الحدود بين الدولتين على تاوريرت بجانبها الغربي عامل مرين وبالشرقي عامل بني زيان. ثم يمر خط الحدود جنوب وجدة الى فيقيق وتيقورارين جنوبا والى غربي ندرومة شمالا. فيشمل مواطن ذوي عبيد الله غربي حدود الجزائر الحديثة.
ثم ملكوا مواطن توجين ومغراوة وفتحوا الجزائر ودلس سنة 712 وبلغوا تيكلات قرب بجاية. ومنها يذهب الخط جنوب جرجرة الى البويرة الى دلس شمالا. ويمر مصحرا شرقي حمزة والمسيلة ومزاب الى تيقورارين.
وبهذه المملكة من قبائل العرب المعقل وزغبة وأولاد سباع بن يحي من رياح، وتقدمت أخبارهم في الباب الخامس، ومن قبائل البربر التي كان لها ظهور قوي أو ضعيف مطغرة وكومية وبنو راشد وهوارة وتوجين ومغراوة. وقبائل المملكة الشرقية أقوى وأكثر خلافا لكثرة جبالهم ويسر مسالك الصحراء عليهم وضعف دولة الحفصيين المجاورة لهم وبعد عاصمتهم عنهم بخلاف أهل المملكة الغربية فان خلافهم على آل زيان يدخلهم في قبضة مرين الاشداء، فضعفوا لذلك وقلت ثوراتهم.
أما مطغرة فكان رئيسهم في الدولة المؤمنية خليفة. وله على ساحل البحر حصن تاونت كان مؤسسا من قبله، فقد ذكره البكري
بقوله: "وهو على ساحل ترنانا في جبل منيف. به معدن الأثمد، ويحيط به البحر من ثلاث جهات، وله مرتقى وعر من شرقيه لا يطمع فيه أحد، وله بساتين وشجر كثير وأهله من البربر يعرفون ببني منصور" اهـ.
وبقيت الرئاسة في عقبة وبايع هرون بن موسى بن خليفة يعقوب ابن عبد الحق وتغلب على ندرومة. فاسترجعها منه يغمراسن وغلبه على تاونت. ثم تغلب يعقوب بن عبد الحق على ندرومة واعاد الهيا هرون. فاستبد بها. وقطع دعوة الدولتين منها خمس سنين حتى غلبه يغمراسن سنة 72 فلحق بيعقوب بن عبد الحق وأجار الى الاندلس واستشهد هنالك.
وخلفه على مطغرة أخوه تاشفين. وهلك سنة 703 وبقيت الرئاسة في عقبة. هذا ما حدث به عبد الرحمن بن خلدون. وقال أخوه يحي: في ربيع الاول سنة 98 شرق عثمان الاول الى توجين وأطال المغيب في تدويخ بلادهم. فخلع زكريا بن يخلفتن المطغري قائده بندرومة طاعته. وبايع لمرين. فاضطرمت أرجاء حضرته نار فتنة. فأخذ السير الى تلمسان. وكان أثر ذلك الحصار الطويل.
وأما كومية فقد بقيت منهم بعد الدولة المؤمنية علالة في بني عابد قوم عبد المؤمن متخدة مع ولهاسة. كان من رؤسائهم ابراهيم بن عبد الملك، نسبه ابن خلدون مرة الى ولهاصة وأخرى الى بني عابد، وكان آخذا بدعوة ابي الحسن بعد تغلبه على تلمسان، فلما وقعت عليه واقعة القيروان واشتد الهرج في الاوطان حدثته نفسه باحياء الدعوة المؤمنية، فدعا لنفسه، وأضرم بلاد كومية وسواحل تلمسان نار فتنة، وعاد آل زيان الى تلمسان فخرج اليه ابو ثابت الزعيم عاشر رجب سنة 749 فاقتحم هنين وندرومة وأسره واعتقله
بتلمسان حتى قتل. وكانت هنين فرضة تلمسان المعتبرة حتى خربها شرلكان، قال البكري ما خلاصته:
" حصن هنين على مرسى جيد مقصود، وهو أكثر حصون ساحل تلمسان بساتين وضروب ثمر، تسكنه كومية، وبينها وبين ندرومة ثلاثة عشر ميلا، يفصل بينهما جبل تاجرا، وندرومة في طرف الجبل، غربيها وشمالها بسائط طيبة ومزارع، وبينها وبين البحر عشرة أميال، وهي مسورة جليلة بها نهر وبساتين فيها من جميع الثمار،) اهـ.
وأما بنو راشد فكانوا أحلافا لعبد الواد، وربما نبذوا عهدهم، وكانت رئااستهم لعهد يغمراسهن لونزمار بن ابراهيم بن عمران، وهلك سنة 690 فخلفه غانم بن محمد بن ابراهيم، ثم موسى بن يحي بن ونزمار، ثم ابو يحي بن موسى بن عبد الرحمن بن ونزمار، وكان أيام تغلب ابي الحسن على تلمسان، ونقله في رؤساء زناتة الى المغرب الاقصى. فمات هنالك وخلفه ابنه زيان. وملك أبو حمو الثاني تلمسان. فوفد عليه. واتهمه بمشايعة مرين. فحبسه بوهران. وفر منها بعد مدة الى مرين وتظاهر بالاخلاص لابي حمو. فأعاده. وولاه على قومه. ثم اعتقله حتى قتله سنة 768 وبه انقرضت رئاسة بني راشد.
وكانت في مواطنهم مدينتا معسكر وايفكان. والمعسكر اليوم من المدن الشهيرة. وذكره الادريسي في النزهة بقوله: "قرية عظيمة لها أنهار وثمار". اهـ. ويقال أنها كانت معسكرا للايمة الرستميين واتخذها بنو زيان معسكرا للاجلاب على توجين. ولم يعتنوا بتمدينها حتى مصرها الاتراك. وايفكان ويقال ايضا فكان جنوب المعسكر.
قال البكري:
"كانت سوقا لزناتة. فمدنها يعلى بن محمد بن صالح اليفرني.
وكان ابتداء تأسيسه لها سنة 338 وارتحل اليها أهل المعسكر من أهل تاهرت ويلل وشاطئي بني واطيل ووهران وقصر الفلوس. فعمرت وتمدنت وعظمت. وهي في سفح جبل اوشيلاس. وهو بجوفيها ذو شعراء غامضة وقبليها نهر سيره ينبعث من عيون شرقيها، عليه الارحاء والبساتين من كلتي ضفتيه، وغربي فكان اسفل بساتينها مجمع وادي سيرة ووادي سي ووادي هنت. وعلى المدينة سور طوب، وبها جامع وحمام وفنادق" اهـ. ولعل لفظ من في قوله من أهل تاهرت محرف عن الواو.
واما هوارة فكانت رئاستهم في بني اسحق. واختص كبيرهم محمد بن اسحق القلعة المعروفة بقلعة هوارة. ومات. فخلفه اخوه حيون. وصارت في عقبة ووالوا آل زيان. فاستعمل منهم ابو حمو الاول يوسف بن حيون على توجين سنة 715 الى أن خلفه على توجين ابنه يعقوب امرة أبي تاشفين الاول. ثم غلب ابو الحسن على تلمسان، فاستعمل عبد الرحمن بن يعقوب على قبيله ثم عبد الرحمن ابن يوسف. ثم ابنه محمدا. ثم تلاشت هوارة. وخف ساكن القلعة فانقرض بيت بني اسحق.
واما مغراوة وتوجين فكانوا مناهضين للدولة. وتكررت فتنهم حتى إن ابا حمو موسى الاول اقام سنة 711 لحربهم بوادي نهل من شلف. وابتنى هنالك قصره المعروف باسمه قرب مازونة. وهو المعروف اليوم بعمي موسى.
وكانت مدينة الجزائر للحفصيين. ويدير أمرها مشيخة من أهلها. فنبذوا دعوتهم سنة 669 ونازلتهم العساكر مرارا. فامتنعوا عليهم. ثم فتحوها سنة 74 واعتقل مشيختها بتونس حتى سرحهم الواثق ثم قطعوا دعوتهم ثانيا حوالي سنة 98 واستبد بها محمد بن