الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسكنها العرب والجند والمولدون، وهي من غرر مدن الزاب ولها باب شرقي، يعرف بباب الروس وعلى مقربة منه جامعها، وهو ملاصق لدار الامازة، وباب جوفي يعرف بباب السفلي، ويليه داخل المدينة عين تعرف بعين أبي السباع مجلوبة تحت الارض من جبل بني ياروت، يشق منها سوقها ساقية، ولها حمامات في ربضها، وبها عين تعرف بعين الحمى يرش منها على المحموم فيبرأ لبركتها وشدة بردها".
وينسب اليها علماء كثيرون. واشتهر في عالم الادب ابو عبد الله ابن قاضي ميلة. أورد له قطعا الشريف الغرناطي في شرح مقصورة حازم. ومن روائع شعره قوله:
جاءت بعود تناغيه فيتبعها
…
فانظرعجائب ما يأتي به الشجر
غنت على عوده الاطيار مفصحة
…
رطبا. فلما ذوى غنى به البشر
فلا يزال عليه او به طرب
…
يهيجه الاعجمان الطير والوتر
5 - سقوط الدولة الاغلبية
تأسست الدولة الاغلبية سنة 184 وسقطت سنة 269 فمدتها 112 سنة قمرية. وكان سقوطها على يد ابي عبد الله الشيعي. ذلك انه نزل بفرجيوة من أرض كتامة سنة 280 واخذ في تمهيد الامر لعبيد الله المهدي. فارسل الامير ابراهيم الاغلبي الى موسى بن العباس عامله بميلة يستخبره عنه. فهون أمره عليه. ولما اشتد ساعده بكثرة الاتباع ارسل اليه الامير ابراهيم قائلا:
"ما حملك على التعرض لسخطي والوثوب على ملكي، فان كنت تبتغي عرض الدنيا منحناك اياه. وان أردت غير ذلك فقد علمت عواقب
من سولت له نفسه ما سولت لك نفسك. وهذا أول كلامي وآخره. فانظر في يومك لغدك".
فقال ابو عبد الله للرسول: "قد قلت فاسمع وبلغت فأبلغ. اني لست ممن يروع بالايعاد وفي انصار الدين الذين لا يخشون كثرة انصار الظالمين. وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة. ولا طمع لي فيما عنده. وانما جئت لامر حم".
ولم يكن بعد من الامير ابراهيم الا ان خرج غازيا لصقلية سنة 84 وترك مكانه ابنه ابا العباس واوصاه بمسالمة الشيعي وان غلب على افريقية فليلحق بصقلية. وبلغ ابا العباس عن ابنه زيادة الله وما حمله على سجنه، فصانع زيادة الله بعض الخدم على قتل والده وقتله سنة 90 والحرب قائمة بين الاغلبيين والشيعيين بنواحي سطيف. ثم جلس مكان ابيه وقتل كل من يظن فيه منازعته من اخوته وعمومته. وعكف على الملاهي وأهمل أمر الدولة.
تلك حال الاسرة الاغلبية في هذا الوقت. أما الجند فكان مؤلفا من عرب وبربر من أهل الشام وخراسان وغير ذلك. وكلهم مأجورون ليست لهم غاية دينية أو غيرة وطنية. وربما ثاروا على الحكومة وخرقوا حجاب هيبتها. فلم يكن لهم من الحماسة والاخلاص ما لاصحاب الشيعي.
ولم تعمل الحكومة لبسط نفوذها على جميع المملكة. وكانت هذه السياسة نافعة في قلة الثورات الداخلية حتى لا تشتغل باطفائها عن الجهاد الذي كانت معنية به. لكنها ضارة من حيث ترك السبيل لمن يبث دعاية ضد الحكومة ويفسد عليها الرعية.
فلولا سوء هذه السياسة ما وجد الشيعي مكانا لبث أفكاره.
ولولا سوء النظام العسكري لتغلبت الدولة على الثورة. ولولا قتل
زيادة الله لابيه واقاربه لامكن للدولة ان تعيش اكثر مما عاشت بافريقية او بصقلية.
والجزائر غير الخاضعة للدولة هي الثائرة. والجزائر الخاضه لها هي المدافعة. وبتغلب الشيعي عليها تم سقوط الدولة الاغلبية. ففر زيادة الله الى المشرق. واعانه المقتدر العباسي على استرجاع مكانه. ولكن صدق عليه المثل: "الصيف ضيعت اللبن" فلحق ببيت المقدس. وتوفي هنالك ولسان حاله ينشد:
رزقت ملكا فلم أحسن سياسته
…
كذاك من لا يسوس الملك يخلعه