المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[معاني فاعل وتفاعل] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٨

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والخمسون باب أبنية الأفعال ومعانيها

- ‌[أبنية الثلاثي ومعانيها]

- ‌[اسم الفاعل من فعل بالضم]

- ‌[مضارع فعل بالكسر يفعل بالفتح إلا بعض الأفعال]

- ‌[معاني فعل بالكسر وتسكين عينه تخفيفا]

- ‌[أوزان اسم الفاعل من الأفعال المختلفة]

- ‌[معاني فعل بالفتح]

- ‌[معان أخرى كثيرة لفعل المفتوح العين]

- ‌[مضارع فعل المفتوح العين يفعل بكسرها]

- ‌[حكم الفعل المضارع من غير الثلاثي]

- ‌[معاني فعلل]

- ‌[معاني أفعل المزيد بالهمز]

- ‌[معاني فعّل بالتشديد]

- ‌[معاني تفعّل المزيد بالتاء والتشديد]

- ‌[معاني فاعل وتفاعل]

- ‌[معاني افتعل المزيد بالهمز والتاء]

- ‌[معاني انفعل المزيد بالهمز والنون]

- ‌[معاني استفعل]

- ‌[معاني افعلّ بتشديد اللام وافعوعل]

- ‌[معاني افعوّل وما ندر من الأوزان الأخرى]

- ‌[حكم فعل الأمر من أنواع الأفعال السابقة]

- ‌الباب السادس والخمسون باب همزة الوصل

- ‌[مواضع همزة الوصل]

- ‌[أحكام خاصة بهمزة الوصل]

- ‌الباب السابع والخمسون باب مصادر الفعل الثّلاثي

- ‌[أوزان بعض هذه المصادر]

- ‌[من أوزان مصادر الثلاثي]

- ‌[مصادر الحرف والأدواء والأصوات والألوان]

- ‌[مصادر الفعل المتعدي - اسم المرة والهيئة]

- ‌الباب الثامن والخمسون باب مصادر غير الثّلاثي

- ‌[مصادر المبدوء بهمزة وصل، مصادر أفعل وفعّل وفاعل]

- ‌[أوزان مصادر أخرى مختلفة]

- ‌[لزوم تاء التأنيث في بعض المصادر]

- ‌[مجيء المصدر على وزن اسمي الفاعل والمفعول]

- ‌الباب التاسع والخمسون باب ما زيدت الميم في أوّله لغير ما تقدّم وليس بصفة

- ‌[أسماء الزمان والمكان]

- ‌[الزمان والمكان على وزن مفعل بالكسر أو الفتح]

- ‌[مجيء مفعلة للسبب - اسم الآلة]

- ‌الباب الستون باب أسماء الأفعال والأصوات

- ‌[بعض أحكام أسماء الأفعال]

- ‌[أنواع أسماء الأفعال: أمر - ماض - حاضر]

- ‌[أسماء فعل الأمر ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل الماضي والمضارع ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور]

- ‌[القياس على بعض هذه الأسماء]

- ‌[خلاف العلماء في موضع الضمير المتصل بها]

- ‌[أحكام أخرى لهذه الأسماء]

- ‌[أسماء الأصوات: أنواعها - أمثلة لها - أحكامها]

- ‌الباب الحادي والستون باب نوني التّوكيد

- ‌[نوعاهما - لحوقهما المضارع وجوبا، والأمر والمضارع جوازا]

- ‌[حكم المضارع المؤكد بالنون: معرب أم مبني]

- ‌[أحكام خاصة بنون التوكيد الخفيفة]

- ‌[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه]

- ‌الباب الثاني والستون [باب منع الصّرف]

- ‌[تعريف الصرف وشرح التعريف]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلة واحدة]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلتين: الوصفية، وعلة أخرى]

- ‌[خلاف فيما كان علما على وزن الفعل]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية وعلة أخرى]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية والتأنيث]

- ‌[مسألتان في العلم المختوم بالزيادتين والمجهول الأصل]

- ‌[حكم أسماء القبائل والأماكن]

- ‌[تعريفات ومسائل في أسماء القبائل]

- ‌[ما يمتنع صرفه معرفة ونكرة وما يمتنع صرفه معرفة فقط]

- ‌[حكم جوار ونحوه في أحواله الثلاثة]

- ‌[الآراء في إعراب المركب المزجي]

- ‌[ما يمتنع صرفه للوصفية والعدل]

- ‌[حكم وزن فعل توكيدا]

- ‌[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره]

- ‌[حكم الصرف وعدمه بالنسبة إلى الاسم مكبرا ومصغرا]

- ‌[أسباب صرف ما لا ينصرف وحكم منع المصروف]

- ‌الباب الثالث والستون [باب التسمية بلفظ كائن ما كان]

- ‌[شرح العنوان وبيان معناه]

- ‌[للاسم المسمى به ما كان له قبل التسمية]

- ‌[يعرب الاسم المسمى به بما كان له قبل التسمية]

- ‌[إجراء حاميم وياسين مجرى قابيل]

- ‌[المسمى به إذا كان ناقصا كمن وعن]

- ‌[أحكام مختلفة في المسمى به]

- ‌[جواز الإعراب والحكاية في الجار والمجرور]

- ‌[حكم الفعل والعلامة في لغة يتعاقبون]

- ‌[تسمية المذكر ببنت وأخت]

- ‌[حكم التسمية بالأسماء الموصولة]

- ‌[أسماء الحروف الهجائية وحكمها]

- ‌[أحكام أخرى لأسماء الحروف]

- ‌الباب الرابع والستون [باب إعراب الفعل وعوامله]

- ‌[اختلاف النحويين ومذاهبهم في رافع المضارع]

- ‌[أحكام «أن» المخففة و «أن» المصدرية]

- ‌[خلاف العلماء في «أن» بأنواعها]

- ‌[«لن» الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[كي الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إذن الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «لام» الجحود وبعد «حتى»]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «أو»]

- ‌[عدم جواز الفصل بين «حتى» و «أو» وبين الفعل]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد فاء السببية المسبوقة بالأجوبة الثمانية]

- ‌[حكم تقديم الجواب المقترن بالفاء على سببه]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد واو المعية في الأجوبة المذكورة]

- ‌[سقوط الفاء من الأجوبة وجزم الفعل]

- ‌[حكم الجواب المدلول عليه باسم الفعل جزما ونصبا]

- ‌[حكم الفعل المعطوف بالواو أو الفاء على الشرط أو الجواب]

- ‌[جواز إظهار «أن» وإضمارها بعد عاطف على اسم صريح وبعد لام التعليل]

- ‌[«أن» الزائدة ومواضع ذلك و «أن» المفسرة وأحكام لها]

- ‌[حكم المضارع بعد «حتى» نصبا ورفعا]

الفصل: ‌[معاني فاعل وتفاعل]

[معاني فاعل وتفاعل]

قال ابن مالك: (ومنها «فاعل» لاقتسام الفاعليّة والمفعوليّة لفظا، والاشتراك فيهما معنى، ولموافقة «أفعل» ذي

التّعدية، والمجرّد، وللإغناء عنهما.

ومنها «تفاعل» للاشتراك في الفاعليّة لفظا وفيها وفي المفعوليّة معنى، ولتخييل تارك الفعل كونه فاعلا، ولمطاوعة «فاعل» الموافق «أفعل» ، ولموافقة المجرّد، والإغناء عنه، وإن تعدّى «تفاعل» أو «تفعّل» دون التّاء إلى مفعولين تعدّى (بها)(1) إلى واحد وإلّا لزم).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): «فاعل» لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظا والاشتراك فيهما معنى: نحو: «ضارب زيد عمرا» فـ «زيد» و «عمرو» يشتركان في الفاعلية والمفعولية من جهة المعنى؛ لأن كل واحد منهما قد فعل بصاحبه مثل ما فعل به الآخر، وهما في اللفظ مجعول أحدهما فاعلا، والآخر مفعولا، فقد اقتسما في اللفظ الفاعلية والمفعولية واشتركا فيهما من جهة المعنى وليس أحدهما أولى من الآخر بالرفع ولا بالنصب، ولو أتبع منصوبهما بمرفوع، أو مرفوعهما بمنصوب لجاز (3) ومن ذلك قول الراجز (4):

3570 -

قد سالم الحيّات منه القدما

الأفعوان والشّجاع الشّجعما (5)

-

(1) في (جـ)، (أ): معها، وما أثبته من متن التسهيل.

(2)

انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 453).

(3)

قال أبو حيان في التذييل والتكميل (6/ 52)(رسالة): «وما ذهب إليه من أنه يجوز أن يتبع المرفوع بالمنصوب والمنصوب بالمرفوع مخالف لمذهب البصريين وأكثر الكوفيين، وإنما أجاز ذلك ابن سعدان» . وانظر الأشموني وحاشية الصبان (3/ 67) وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 103، 104) والهمع (2/ 119) ومجالس ثعلب (ص 417).

(4)

هو عبد بني عبس كما في الكتاب (1/ 287) هارون، (1/ 145)(بولاق)، ونسبه الأعلم للعجاج (ملحقات ديوانه ص 88)، وقيل أبو حيان الفقعسي أو الدبيري أو مساور العبسي، وقال الصاغاني: عبد بني عبس من قصيدة مرجزة.

(5)

البيت من الرجز. والشاهد: نصب «الأفعوان» وهو بدل من «الحيات» وهو مرفوع لفظا لأنه منصوب معنى كما أن القدم منصوب لفظا مرفوع معنى؛ لأن كل واحد منهما فاعل ومفعول في المعنى والتقدير: سالمت القدم الحيّات وسالمت الحيّات القدم، وقيل: رفع «الحيات» ونصب «القدما» ثم -

ص: 3754

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فنصب «الأفعوان» وهو بدل من «الحيّات» وهو مرفوع لفظا؛ لأنه منصوب معنى، كما أن القدم منصوب لفظا مرفوع معنى؛ لأن كل شيئين تسالما فهما فاعلان مفعولان (1)، وهذا التوجيه أسهل من أن يكون التقدير: قد سالم الحيّات منه القدم، وسالمت القدم الأفعوان والشجاع الشّجعم (2).

وأما فاعل الذي لموافقة «أفعل» ذي التعدية: فك «باعدتّ الشّيء» و «أبعدتّه» و «ضاعفته» و «أضعفته» و «ناعمته» و «أنعمته» و «عافاه الله» و «أعفاه» (3).

والذي لموافقة المجرد: كـ «جاوزت الشّيء» و «جزته» و «سافرت» و «سفرت» و «واعدتّه» و «وعدتّه» (4).

والمغني عنه: نحو: «قاسى» (5) و «بالى به» (6) و «بارك الله فيه» .

والمغني عن «أفعل» : «واريت الشّيء» بمعنى أخفيته وراءيته بمعنى أريته غير ما أقصده. -

- نصب «الأفعوان» وما بعده بفعل مضمر دل عليه سالم من المسالمة، وقيل: أصل القدما: القدمان فحذفت النون واستدلوا به على جواز حذف نون التثنية، والقدما مرفوع لأنه فاعل سالم والحيات منصوب به والأفعوان وما بعده بدل منهما، والشجاع: الحية وكذا: الشجعم والميم فيه زائدة، وانظر الكتاب (1/ 145)، (1/ 287) هارون، والمقتضب (2/ 238)، والمغني (ص 799)، وشرح شواهده للسيوطي (ص 973)، والعيني (4/ 80)، والهمع (1/ 165)، والدرر (1/ 144)، واللسان (شجعم).

(1)

قال سيبويه في الكتاب (1/ 287)(هارون): «فإنما نصب الأفعوان والشجاع لأنه قد علم أن القدم ههنا مسالمة، كما أنها مسالمة؛ فحمل الكلام على أنها مسالمة» .

(2)

إنما كان هذا التوجيه أسهل لسلامته من كثرة الحذف. انظر حاشية الصبان (3/ 68).

(3)

قال سيبويه في الكتاب (4/ 68)(هارون): «وقد تجيء فاعلت لا تريد بها عمل اثنين ولكنهم بنوا عليه الفعل كما بنوه على أفعلت؛ وذلك قولهم: ناولته، وعاقبته، وعافاه الله وسافرت وظاهرت عليه، وناعمته، بنوه على فاعلت كما بنوه على أفعلت» ، وانظر شرح المفصل للرازي (3/ 425)(رسالة)، والهمع (2/ 161)، وحاشية الصبان (4/ 244)، وناعمته رفّهته من التّنعّم، وهو التّرفّه، والاسم النّعمة وهي المسرّة، والفرح، والتّرفّه. انظر اللسان (نعم).

(4)

في اللسان (سفر): «والسّفر خلاف الحضر، والجمع أسفار ورجل سافر ذو سفر وليس على الفعل، لأنه لم ير له «فعل» ، وفي اللسان (وعد):«قال أبو معاذ: واعدت زيدا إذا وعدك ووعدتّه، ووعدت زيدا إذا كان الوعد منك خاصة» .

(5)

انظر الهمع (2/ 161) وحاشية الصبان (4/ 244)، ومعنى قاسى: كابد. انظر اللسان (قسا).

(6)

في اللسان (بلا): «وبالى بالشيء يبالي به إذا اهتمّ به. وقيل: اشتقاق باليت من البال بال النفس وهو الاكتراث» ، وانظر الهمع (2/ 161)، ومعنى بارك الله فيه أي: جعل فيه البركة. اللسان (برك).

ص: 3755

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما «تفاعل» الذي للاشتراك في الفاعلية لفظا، وفيها وفي المفعولية معنى:

فك «تضارب» زيد وعمرو فـ «زيد» و «عمرو» شريكان في الفاعلية لفظا ولذلك رفعا، وهما من جهة المعنى شريكان في الفاعلية والمفعولية؛ لأن كل واحد منهما قد فعل بصاحبه مثل ما فعل به الآخر.

والذي لتخييل تارك الفعل كونه فاعلا: كـ «تغافل زيد» إذا ظهر بصورة غافل، وهو غير غافل، وكذلك «تجاهل» (1) و «تباله» (2) و «تطارش» (3) «وتلاكن» (4) و «تمارض» (5) ومنه قول الراجز (6):

3571 -

إذا تخازرت وما بي [من] خزر (7)

والذي لمطاوعة «فاعل» : كـ «باعدتّه فتباعد» و «ضاعفت الحساب فتضاعف» .

والذي لموافقة المجرد: كـ «تغالى» و «غلا» و «توانى» و «ونى» (8). -

(1) أي: أظهر الجهل. اللسان (جهل).

(2)

في اللسان (بله): «التّباله: استعمال البله وتباله أي أرى من نفسه ذلك وليس به» .

(3)

أي: أظهر الطّرش وهو الصّمم. انظر اللسان (طرش).

(4)

أي: أظهر اللّكنة وهي: عجمة في اللسان وعيّ. اللسان (لكن).

(5)

في اللسان (مرض): «والتّمارض أن يري من نفسه المرض وليس به» . وقال سيبويه في الكتاب (4/ 69): «وقد يجيء تفاعلت ليريك أنه في حال ليس فيها. من ذلك: تغافلت، وتعاميت، وتعابيت، وتعاشيت، وتعارجت، وتجاهلت» .

(6)

اختلف فيه: فقيل للعجاج، وقيل: عمرو بن العاص كما في اللسان (مرر) قال ابن بري: وهو المشهور، وقيل: لأرطأة بن سهيّة تمثل به عمرو بن العاص، وقيل: لطفيل الغنوي وقيل: للنجاشي الحارثي، وانظر وقعة صفين (ص 370)، وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (2/ 339)، وشرح المفصل للرازي (3/ 411)(رسالة)، والاقتضاب (ص 409)، واللسان (مرر)، وديوان طفيل الغنوي (ص 58).

(7)

هذا البيت من الرجز المشطور وروايته في المستقصي (2/ 279):

إذا تخازرت وما لي من خزر

ثمّ كسرت العين من غير عور

ألفيتني ألوي بعيد المستمر

أحمل ما حمّلت من خير وشرّ

الشرح: تخازر خزر الرجل: إذا نظر بمؤخر عينه، وإذا قبض جفنيه ليحدد النظر قيل: قد تخاذر، والتخاذر: أن يقارب بين جفنيه إذا نظر ليوهم أنه ليس يتأمل ما ينظر إليه. والمعنى: كلفت نفسي إظهار الخزر.

والشاهد فيه: أنه وصف جفنه بالخزر مع انتفائه عنه حقيقة، فمعنى تخازر: أظهر الخزر. والرجز في الكتاب (2/ 239)(بولاق)، والمقتضب (1/ 217)، وأمالي القالي (1/ 96)، والمحتسب (1/ 127).

(8)

في اللسان (غلا): «وغلا النّبت: ارتفع وعظم والتفّ، وكذلك تغالى، واغلولى» ، وفي مادة (ونى):«وتوانى في حاجته: قصّر» ، وانظر المفصل (ص 280)، وشرح الشافية (1/ 99).

ص: 3756

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والذي أغنى عن المجرد: كـ «تثاءب» (1) و «تمارى» (2).

وإن كان «تفاعل» أو «تفعّل» متعديا بدون التاء إلى مفعولين تعدّى بالتاء إلى مفعول واحد: فمن مثل ذلك في «تفاعل» : نازعته الحديث، وناسيته البغضاء، وتنازعنا الحديث وتناسينا البغضاء، ومن مثل ذلك في «تفعّل»: علّمته الرّماية فتعلّمها، وجنّبته الشّرّ فتجنّبه، فصار «تناسى» و «تنازع» متعديين إلى مفعول واحد حين وجدت التاء لأنهما كانا قبل وجودها متعديين إلى مفعولين، وكذا «تعلّم» ، و «تجنّب» ، فلو كان التعدّي دون التاء إلى واحد لعدم بوجودها نحو:

ضارب زيد عمرا، وتضارب زيد وعمرو، وأدّبت الصّبيّ، وتأدّب الصّبيّ (3)، انتهى كلامه رحمه الله تعالى (4).

وما عبّر به عن «فاعل» أنه لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظا والاشتراك فيهما معنى كلام حسن، وأحسن منه قول ابن الحاجب:«وفاعل لنسبة أصله إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر للمشاركة صريحا فيجيء العكس ضمنا» (5)، لا يقال: قوله «للمشاركة صريحا» ينافي قول المصنف: والاشتراك فيهما معنى، لأن «صريحا» لا يرجع إلى المشاركة بل إلى قوله:«لنسبة أصله إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر» يعني أن النسبة للواحد والتعلق بالآخر صريحان؛ لأن أحدهما فاعل والآخر مفعول، ولكن البناء وضعه أن يكون للمشاركة أي: في فاعله ومفعوله ومن ثمّ قال:

«فيجيء العكس ضمنا» ومن أجل أن وضعه أن يكون له متعلق جاء غير المتعدي -

(1) ثئب الرّجل ثأبا وتثاءب وتثأّب: أصابه كسل وتوصيم. اللسان (ثأب)، وانظر الهمع (2/ 162).

(2)

يقال: ما راه مماراة وميراء وامترى فيه وتمارى: شكّ. اللسان (مرا)، وانظر الهمع (2/ 162).

(3)

انظر المفصل (ص 280)، وشرحه للرازي (3/ 410)(رسالة)، وشرح الشافية (1/ 102).

(4)

انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 455).

(5)

انظر شرح شافية ابن الحاجب للرضي (1/ 96)، وقد استحسن الرضي ما عبر به ابن مالك فقال في شرح الشافية (1/ 100، 101): «والأولى ما قال المالكي وهو أن فاعل لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظا، والاشتراك فيهما معنى» ، ومما ينبغي الإشارة إليه أن المالكي في قول الرضي:«ما قال المالكي» هو ابن مالك لأنني بعد بحث جيد وجدت على هامش شرح الكافية للرضي تعليقا على كلام لابن مالك نقله الرضي في شرح الكافية «ابن مالك: المالكي في نسخة» . انظر شرح الكافية للرضي (2/ 404).

ص: 3757

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

متعديا نحو: كارمته وشاعرته، وجاء المتعدي إلى واحد مغاير للمفاعل متعديا إلى اثنين: نحو: جاذب زيد عمرا الثّوب؛ بخلاف: شاتم زيد عمرا.

وأما قوله - أعني المصنف - في «تفاعل» إنه للاشتراك في الفاعليّة لفظا وفيها وفي المفعوليّة معنى فهو أصرح من قول ابن الحاجب (1): «وتفاعل لمشاركة أمرين فصاعدا في أصله صريحا» لأنه ليس فيه تعرّض إلى ذكر المفعولية إلا أن يقال: إن قوله: «لمشاركة أمرين في أصله» يعطي أن المفعولية فيهما معنى إذ لم يقل: لمشاركة أمرين فيه، وإذ كانت المشاركة إنما هي في أصله وهو الضّرب في قولنا: تضارب زيد وعمرو لزم من ذلك وقوع العمل على كلّ منهما، ثم يظهر أن المصنف لو أسقط قوله:

وفيها، وقال: إنّه للاشتراك في الفاعليّة لفظا وفي المفعوليّة معنى لكان أولى.

وأما قوله مشيرا إلى معمولي «فاعل» : «ولو أتبع منصوبهما بمرفوع أو مرفوعهما بمنصوب لجاز» فالمنقول [5/ 12] أن البصريين يوجبون قطع التابع في هذه المسألة، وأن الكوفيين يجيزون الإتباع، وقد تقدّم الكلام على ذلك في باب النعت، على أن المصنف لم يتعرض إلى ذكر هذه المسألة بخصوصها في ذلك الباب، والذاكر لها أبو الحسن بن عصفور (2) رحمه الله تعالى، ولا يبعد أن المصنف اختار هذا القول -

(1) انظر شرح شافية ابن الحاجب للرضي (1/ 99)، وقد استحسن الرضي ما عبّر به ابن مالك عن تفاعل. انظر شرح الشافية (1/ 101).

(2)

قال في شرح الجمل (1/ 103، 104)(رسالة) والمطبوع (1/ 209، 210): «فإن فرقت المنعوتين وجمعت النعوت، فلا يخلو الإعراب من أن يتفق أو يختلف، فإن اختلف فالقطع ليس إلا نحو: ضرب زيد عمرا العاقلان بالرفع على خبر ابتداء مضمر تقديره: هما العاقلان، والنصب بإضمار فعل تقديره: أعني العاقلين، هذا مذهب أهل البصرة، وأما أهل الكوفة فيفصلون المختلف الإعراب لمتفق في المعنى ومختلف، فما اختلف فالقطع ليس إلا نحو ما تقدم من: ضرب زيد عمرا، وما اتفق أجازوا فيه الإتباع بالنظر إلى المعنى، والقطع في أماكن القطع، وذلك نحو: ضارب زيد عمرا فإن كل واحد من الاسمين ضارب ومضروب في المعنى، وأجازوا أن يكون «العاقلان» في المعنى نعتا لزيد وعمرو على معنى زيد فيغلب المرفوع خاصة لأنه عمدة وهو مذهب الفراء.

ومنهم من أجاز الرفع والنصب على الإتباع فيغلب تارة المرفوع وتارة المنصوب؛ لأن كل واحد من الاسمين معناه معنى المرفوع من حيث هو ضارب، ومعناه معنى المنصوب من حيث هو مضروب وهو مذهب ابن سعدان.

والصحيح أنه لا يجوز إلا القطع بدليل أنه لا يجوز: ضارب زيد هندا العاقلة؛ برفع العاقلة على أن تكون نعتا لهند على المعنى باتفاق من البصريين والكوفيين، فكما لا يجوز في نعت الاسم إذا أفرد الحمل على المعنى كذلك لا يجوز إذا ضممته إلى غيره. اه.

ص: 3758