المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٨

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والخمسون باب أبنية الأفعال ومعانيها

- ‌[أبنية الثلاثي ومعانيها]

- ‌[اسم الفاعل من فعل بالضم]

- ‌[مضارع فعل بالكسر يفعل بالفتح إلا بعض الأفعال]

- ‌[معاني فعل بالكسر وتسكين عينه تخفيفا]

- ‌[أوزان اسم الفاعل من الأفعال المختلفة]

- ‌[معاني فعل بالفتح]

- ‌[معان أخرى كثيرة لفعل المفتوح العين]

- ‌[مضارع فعل المفتوح العين يفعل بكسرها]

- ‌[حكم الفعل المضارع من غير الثلاثي]

- ‌[معاني فعلل]

- ‌[معاني أفعل المزيد بالهمز]

- ‌[معاني فعّل بالتشديد]

- ‌[معاني تفعّل المزيد بالتاء والتشديد]

- ‌[معاني فاعل وتفاعل]

- ‌[معاني افتعل المزيد بالهمز والتاء]

- ‌[معاني انفعل المزيد بالهمز والنون]

- ‌[معاني استفعل]

- ‌[معاني افعلّ بتشديد اللام وافعوعل]

- ‌[معاني افعوّل وما ندر من الأوزان الأخرى]

- ‌[حكم فعل الأمر من أنواع الأفعال السابقة]

- ‌الباب السادس والخمسون باب همزة الوصل

- ‌[مواضع همزة الوصل]

- ‌[أحكام خاصة بهمزة الوصل]

- ‌الباب السابع والخمسون باب مصادر الفعل الثّلاثي

- ‌[أوزان بعض هذه المصادر]

- ‌[من أوزان مصادر الثلاثي]

- ‌[مصادر الحرف والأدواء والأصوات والألوان]

- ‌[مصادر الفعل المتعدي - اسم المرة والهيئة]

- ‌الباب الثامن والخمسون باب مصادر غير الثّلاثي

- ‌[مصادر المبدوء بهمزة وصل، مصادر أفعل وفعّل وفاعل]

- ‌[أوزان مصادر أخرى مختلفة]

- ‌[لزوم تاء التأنيث في بعض المصادر]

- ‌[مجيء المصدر على وزن اسمي الفاعل والمفعول]

- ‌الباب التاسع والخمسون باب ما زيدت الميم في أوّله لغير ما تقدّم وليس بصفة

- ‌[أسماء الزمان والمكان]

- ‌[الزمان والمكان على وزن مفعل بالكسر أو الفتح]

- ‌[مجيء مفعلة للسبب - اسم الآلة]

- ‌الباب الستون باب أسماء الأفعال والأصوات

- ‌[بعض أحكام أسماء الأفعال]

- ‌[أنواع أسماء الأفعال: أمر - ماض - حاضر]

- ‌[أسماء فعل الأمر ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل الماضي والمضارع ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور]

- ‌[القياس على بعض هذه الأسماء]

- ‌[خلاف العلماء في موضع الضمير المتصل بها]

- ‌[أحكام أخرى لهذه الأسماء]

- ‌[أسماء الأصوات: أنواعها - أمثلة لها - أحكامها]

- ‌الباب الحادي والستون باب نوني التّوكيد

- ‌[نوعاهما - لحوقهما المضارع وجوبا، والأمر والمضارع جوازا]

- ‌[حكم المضارع المؤكد بالنون: معرب أم مبني]

- ‌[أحكام خاصة بنون التوكيد الخفيفة]

- ‌[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه]

- ‌الباب الثاني والستون [باب منع الصّرف]

- ‌[تعريف الصرف وشرح التعريف]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلة واحدة]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلتين: الوصفية، وعلة أخرى]

- ‌[خلاف فيما كان علما على وزن الفعل]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية وعلة أخرى]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية والتأنيث]

- ‌[مسألتان في العلم المختوم بالزيادتين والمجهول الأصل]

- ‌[حكم أسماء القبائل والأماكن]

- ‌[تعريفات ومسائل في أسماء القبائل]

- ‌[ما يمتنع صرفه معرفة ونكرة وما يمتنع صرفه معرفة فقط]

- ‌[حكم جوار ونحوه في أحواله الثلاثة]

- ‌[الآراء في إعراب المركب المزجي]

- ‌[ما يمتنع صرفه للوصفية والعدل]

- ‌[حكم وزن فعل توكيدا]

- ‌[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره]

- ‌[حكم الصرف وعدمه بالنسبة إلى الاسم مكبرا ومصغرا]

- ‌[أسباب صرف ما لا ينصرف وحكم منع المصروف]

- ‌الباب الثالث والستون [باب التسمية بلفظ كائن ما كان]

- ‌[شرح العنوان وبيان معناه]

- ‌[للاسم المسمى به ما كان له قبل التسمية]

- ‌[يعرب الاسم المسمى به بما كان له قبل التسمية]

- ‌[إجراء حاميم وياسين مجرى قابيل]

- ‌[المسمى به إذا كان ناقصا كمن وعن]

- ‌[أحكام مختلفة في المسمى به]

- ‌[جواز الإعراب والحكاية في الجار والمجرور]

- ‌[حكم الفعل والعلامة في لغة يتعاقبون]

- ‌[تسمية المذكر ببنت وأخت]

- ‌[حكم التسمية بالأسماء الموصولة]

- ‌[أسماء الحروف الهجائية وحكمها]

- ‌[أحكام أخرى لأسماء الحروف]

- ‌الباب الرابع والستون [باب إعراب الفعل وعوامله]

- ‌[اختلاف النحويين ومذاهبهم في رافع المضارع]

- ‌[أحكام «أن» المخففة و «أن» المصدرية]

- ‌[خلاف العلماء في «أن» بأنواعها]

- ‌[«لن» الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[كي الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إذن الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «لام» الجحود وبعد «حتى»]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «أو»]

- ‌[عدم جواز الفصل بين «حتى» و «أو» وبين الفعل]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد فاء السببية المسبوقة بالأجوبة الثمانية]

- ‌[حكم تقديم الجواب المقترن بالفاء على سببه]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد واو المعية في الأجوبة المذكورة]

- ‌[سقوط الفاء من الأجوبة وجزم الفعل]

- ‌[حكم الجواب المدلول عليه باسم الفعل جزما ونصبا]

- ‌[حكم الفعل المعطوف بالواو أو الفاء على الشرط أو الجواب]

- ‌[جواز إظهار «أن» وإضمارها بعد عاطف على اسم صريح وبعد لام التعليل]

- ‌[«أن» الزائدة ومواضع ذلك و «أن» المفسرة وأحكام لها]

- ‌[حكم المضارع بعد «حتى» نصبا ورفعا]

الفصل: ‌[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره]

[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره]

قال ابن مالك: (ومع العلميّة في سحر الملازم للظّرفيّة وفيما سمّي به من المعدولات المذكورة، ومن «فعل» المخصوص بالنّداء، وفي «فعل» المعدول عن «فاعل» علما، وطريق العلم به سماعه غير مصروف عاريا من سائر الموانع، وفي حكمه عند تميم «فعال» معدولا علما لمؤنّث كـ «رقاش»، ويبنيه الحجازيّون كسرا، ويوافقهم أكثر تميم فيما لامه راء، واتّفقوا على كسر «فعال» أمرا أو مصدرا أو حالا أو صفة جارية مجرى الأعلام، أو ملازمة للنّداء، وكلّها معدول عن مؤنّث فإن سميّ ببعضها مذكّر فهو كـ «عناق» وقد يجعل كـ «صباح» فإن سميّ به مؤنّث فهو كـ «رقاش» على المذهبين، وفتح «فعال» أمرا لغة أسديّة).

ــ

قال ناظر الجيش: هذا شروع في ذكر العدل المانع مع العلمية، فتقدير كلامه: والمانع مع العلمية واقع في كذا وفي كذا، وقد تقدم لنا أن العدل مع العلمية نوعان: عدل عن مثال إلى غيره، وعدل عن مصاحبة الألف واللام إلى المجرد عنها، وأن الأول أقسام أربعة:

المعدول من «فاعل» علما إلى «فعل» كعمر ومضر وثعل وزحل.

وما جعل علما من المعدول إلى «فعل» في النداء كغدر وفسق.

و «فعل» الذي في التوكيد كجمع وتوابعه. و «فعال» كرقاش.

وأن الثاني كلمتان وهما: سحر وأمس.

فأما «جمع» الواقعة توكيدا وأخواتها فقد أفردها بالذكر؛ لأنه جعل المانع فيها مع العدل شبه العلمية أو الوصفية وتقدم الكلام عليها.

وأما «أمس» فقد تقدم له الكلام عليها في باب «المفعول المسمى ظرفا ومفعولا فيه» .

بقي الكلام الآن موجها إلى ثلاثة الأقسام الباقية وإلى كلمة «سحر» وقد أشار إليها المصنف هاهنا وذكر أمرا زائدا وهو الذي أشار إليه بقوله: وفيما سمي به من المعدولات المذكورة، وأراد بالمعدولات المذكورة التي تقدم ذكره لها في هذا الفصل وهي: أخر -

ص: 4057

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأسماء العدد التي هي: مفعل وفعال وجمع وتوابعها، أعني: كتع وبصع وبتع التي عبر عنها بقوله: «في فعل توكيدا» لأن هذه هي التي تقدم له ذكرها، ولا شك أن الأمر كما ذكره، أعني إذا سمي بشيء من هذه الكلمات وجب منع صرفه، لكن ليس الكلام الآن إلّا في العدل الذي لا يمنع الصرف إلّا مع العلمية، أما العدل الذي يمنع الصرف مع غير العلمية فلا مدخل لذكره مع المذكور في هذا الموضع، نعم يذكر ذلك على أنه مسألة مستقلة، وقد ذكره في فصل متقدم حيث قال:«ما منع صرفه دون علميّة منع معها» وتقدم الكلام على ذلك أيضا، وإذ قد تقدم الكلام فيه فلا يتعرض للكلام عليه هنا.

وإذا عرف فلنرجع إلى حل ألفاظ الكتاب فنقول:

قدم المصنف الكلام على ما عدل عن مصاحبة الألف واللام إلى المجرد عنها وهو «سحر» ثم ثنى بذكر ما عدل عن مثال إلى غيره وهو الأقسام الثلاثة التي أشرنا إليها آنفا.

أما «سحر» فله حالات وإنما يمتنع صرفه في حالة واحدة منها، وذلك أنه إما أن لا يراد به معين، وإما أن يراد به معين، وإذا أريد به معين، فإما أن لا يستعمل ظرفا، وإما أن يستعمل ظرفا. فالحالات ثلاث.

مثال ذلك في الحالة الأولى: قوله تعالى: نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (1).

ومثاله في الحالة الثانية: السحر وقت طيب، وسحر ليلة الجمعة مبارك، ولا بد له في هذه الحالة أن يكون معرفا

بالألف واللام أو بالإضافة.

ومثاله في الحالة الثالثة: صليت يوم الجمعة سحر، ولا بد له في هذه الحالة أن يكون مجردا من الألف واللام والإضافة؛ لأنه لا بد أن يكون معرفا بالعلمية أو بما يشبه العلمية، وذلك إنما يكون بالنية لا بأداة في اللفظ، وهذه هي الحالة التي يمتنع صرفه فيها، وتصرّفه في هذه الحالة ممتنع أيضا فـ «سحر» في هذه الحالة لا يتصرّف ولا ينصرف، أما عدم تصرفه فلكونه لم تستعمله العرب غير ظرف، وأما عدم انصرافه فللعدل والتعريف إما بالعلمية أو بغيرها كما سيذكر، قال المصنف في شرح الكافية (2) ومما منع صرفه للعدل والتعريف «سحر» إذا قصد به سحر يوم بعينه وجعل ظرفا كقولك: خرجت يوم الجمعة سحر، والأصل أن يذكر معرفا -

(1) سورة القمر: 34.

(2)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1479).

ص: 4058

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالألف واللام فعدل عن الألف واللام وقصد تعريفه فاجتمع فيه العدل والتعريف، فمنع من الصرف ولا يكون هذا إلّا مفعولا فيه، ويمنع قصد تعيينه مصاحبة الألف واللام، فلو لم تقصد ظرفيته وقصد تعيينه لم يستغن عن الألف واللام أو الإضافة كقولك: استطبت السحر وطاب السحر، وقمت عند السحر، وزعم صدر الأفاضل (1) أن سحر المشار إليه مبني على الفتح لتضمنه معنى حرف التعريف، وما ذهب إليه مردود بثلاثة أوجه:

أحدها: أن ما ادعاه ممكن وما ادّعيناه ممكن، لكن ما ادعيناه أولى، فإنه خروج عن الأصل بوجه دون وجه؛ لأن الممنوع الصرف باقي الإعراب بخلاف ما ادّعاه؛ لأنه خروج عن الأصل بكل وجه.

الثاني: أنه لو كان مبنيّا لكان غير الفتحة أولى به؛ لأنه في موضع نصب فيجب اجتناب الفتحة فيه لئلّا يتوهم [5/ 80] الإعراض كما اجتنبت في «قبل» و «بعد» والمنادى المبني.

الثالث: أنه لو كان مبنيّا لكان جائز الإعراب جواز إعراب «حين» في قوله:

3739 -

على حين عاتبت المشيب على الصّبا (2)

لتساويهما في ضعف سبب البناء لكونه عارضا، وكان يكون علامة إعرابه ثبوته في بعض المواضع، وفي عدم ذلك دليل على عدم البناء وأن الفتحة إعرابية، وأن عدم التنوين إنما كان من أجل منع الصرف فلو نكر «سحر»

وجب التصرّف والانصراف كقوله تعالى: نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا (3) انتهى.

وقد جعل المانع للصرف مع العدل في هذه الكلمة التعريف بنية الألف واللام، وفي التسهيل صرح كما رأيت بأن المانع منها العدل والعلمية، والظاهر ما ذكره في الشرح وهو والذي ذهب إليه ابن عصفور (4)، وكلام ابن أبي الربيع موافق لكلام المصنف، فإنه قال عند ذكره «سحر» ، أرادوا إلى واحد مخصوص لم يريدوا -

(1) انظر شرح الألفية للأبناسي (2/ 248) وشرح التصريح (2/ 223)، والأشموني (3/ 266).

(2)

سبق شرحه.

(3)

سورة القمر: 34، 35.

(4)

انظر شرح الجمل (2/ 206) والمقرب (1/ 280).

ص: 4059

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شائعا (1) فكان القياس أن يعرفوه باللام أو بالإضافة، فعدلوا عن هذا إلى أن جعلوه علما لهذا الزمان فقالوا: سحر، فلزم هذا القصد من العلمية إلى أن عدلوا من لفظ إلى لفظ بعد أن قصدوا اللفظ الأول ثم تركوه إلى غيره، قال: وهذا بخلاف العدل في عمر، فإنهم أرادوا أن يسموا الرجل بـ «عامر» فعدلوا عنه إلى عمر، وكذلك زفر وقثم وما أشبههما فإنما عدلوا من: عامر وزافر وقاثم من غير شيء كان ذلك».

وقد ذكر الشيخ (2) عن بعضهم (3) أن ترك تنوينه إما هو من أجل نية الألف واللام كما جاء عن العرب: سلام عليكم بترك التنوين على نية الألف واللام في سلام، وعن بعضهم (4) أن ترك تنوينه إنما هو على نية الإضافة، قال:«وعلى هذين القولين لا يكون سحر من باب ما لا ينصرف في شيء» .

وثم سؤال ها هنا وهو أن يقال: ما الفرق بين «سحر» و «أمس» المستعمل غير ظرف على لغة من يبنيه؟

وأما ما عدل من مثال إلى غيره فهو ثلاثة أقسام كما عرفت:

الأول: فعل المخصوص بالنداء، قال المصنف في شرح الكافية (5):«ومن الممنوع من الصرف للعدل والتعريف ما جعل علما من المعدول إلى «فعل» في النداء كغدر، وفسق، فحكمه حكم عمر وهو أحق من عمر بمنع الصرف؛ لأن عدله محقق وعدل عمر مقدر» انتهى.

ومن ذلك: خبث ولكع، وذكروا (6) أنها كلمات تحفظ ولا يقاس عليها وهي معدولة عن: فاسق، وغادر، وخبيث، وألكع، وهي مختصة بالنداء فلم تعدل إلّا فيه فإذا سمي بشيء منها امتنع صرفه للعلمية ومراعاة اللفظ المعدول،

ومن ثم قال ابن خروف: «ولا فرق بينه وبين أحاد وجمع، فإن سيبويه يمنعهما الصرف عند التسمية؛ لأن تلك إن كانت معدولة في حال الوصف والتأكيد، فكذلك هذه -

(1) قال في الملخص (خ) ورقة 118: «والذي يشبه المعدول سحر إذا أردته ليوم بعينه لا ينصرف للتعريف والعدل» .

(2)

انظر التذييل (6/ 423: 424).

(3)

هو أبو عبد الله الشلوبين الصغير. وانظر شرح الألفية للأبناسي (2/ 248) وشرح التصريح (2/ 223) والأشموني (3/ 267).

(4)

هو أبو السهيلي وانظر نتائج الفكر للسهيلي (ص 375) تحقيق د/ محمد إبراهيم البنا، نشر دار الرياض.

(5)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1474).

(6)

انظر التذييل (6/ 427).

ص: 4060

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معدولة في حال النداء، فلا يزول حكم العدل إلّا بزوال البناء، وكذلك فعال في المؤنث» (1) انتهى كلام ابن خروف، وهو كلام حسن.

ونقل الشيخ (2) عن ابن السيد وعن آخر (3)، أنهما يريان صرف نحو: فعل المعدول في النداء إذا سمي به قالا: لأنه لم يعدل إلّا في النداء، قال (4): وحكي ذلك عن الأخفش (5) أيضا.

وأقول: إن هذا مما لا يعول عليه، وقد رأيت كلام ابن خروف، ولا شك أن الذي قاله هو الحق.

القسم الثاني: «فعل» المعدول عن «فاعل» علما، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا القسم، وذكر أن علامة العدل فيه منع العرب صرفه مع انتفاء التأنيث؛ ولهذا جعل عدله تقديريّا، فإن صرف حكم بأنه غير معدول كـ «أدد» أو أمكن تأنيثه فكذلك أيضا نحو: طوى في لغة من لم يصرف، فإن تأنيثه باعتبار كونه اسم بقعة ممكن فهو أولى من ادعاء العدل؛ لأن العدل قليل والتأنيث كثير، ولأن ما ثبت عدله وتعريفه فمنعه لازم ما لم ينكر، و «طوى» ذو وجهين فلا يكون معدولا، وهذا هو كلام المصنف في شرح الكافية (6)، وإنما أعدت ذكر ذلك قصدا لإراحة الناظر من أن يراجع ما قبل.

ولما كانت علامة العدل في هذا القسم منعه الصرف مع انتفاء التأنيث قال المصنف:

وطريق العلم به - يعني بعدله - سماعه غير مصروف عاريا من سائر الموانع.

ولا شك أن قوله عاريا من سائر الموانع أحسن وأشمل من قوله في شرح الكافية «مع انتفاء التأنيث» .

وليعلم أن صيغة «فعل» تكون غير معدولة، وعنها احترز المصنف بقوله المعدول -

(1) انظر شرح كتاب سيبويه لابن خروف (خ) المسمى تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب (ص 312) تحقيق خليفة محمد خليفة - طرابلس (ليبيا)(ص 68) وانظر التذييل (6/ 427).

(2)

التذييل (6/ 427: 428).

(3)

هو العكبري في اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 514) تحقيق غازي مختار طليمات (دار الفكر بيروت - دمشق) طبعة أولى - 1995 م.

(4)

أي أبو حيان في التذييل (6/ 428).

(5)

انظر شرح الألفية للأبناسي (2/ 247) والهمع (1/ 28)، والأشموني (3/ 265).

وانظر منهج الأخفش الأوسط في الدراسة النحوية (ص 399).

(6)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1473).

ص: 4061

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن فاعل، وغير المعدولة إما اسم جنس كـ «ثغر» (1) و «صرد» (2) أو صفة كـ «حطم» (3) و «لبد» (4) أو مصدر كـ «هدى» و «تقى» أو جمع كـ «غرف» (5)، وجعل الشيخ (6) قول المصنف «عن فاعل» احترازا من: فعل المعدول عن غير فاعل كأخر وجمع، وقوله «علما» احترازا عن فعل المعدول عن فاعل في النداء؛ لأنه ليس بمعدول في حال كونه علما.

ثم إنه (7) استدرك عليه «ثعل» فإنه لا ينصرف كـ «عمر» وهو معدول عن: أثعل لا عن ثاعل. وأقول: إن ذكر هذه المسألة وهي «ثعل» قد تقدم (8)، ولقائل أن ينازع في ذلك إلّا إن كانت الأئمة متفقين على أنه معدول «أفعل» فلا كلام.

القسم الثالث: «فعال» علما لمؤنث، فإنه ممنوع الصرف للعلمية والعدل، ولكن هذا في لغة التميميين، وأما الحجازيون فيبنونه على الكسر، قال المصنف في شرح الكافية (9):«ومن الممنوع للعدل والتعريف: رقاش ونحوه من أعلام المؤنث الموزونة بهذا المثال، فهذا النوع في لغة بني تميم معرب ممنوع من الصرف، وهو في لغة الحجازيين مبني على الكسر (10)، ووافقهم [5/ 81] التميميون (11) إلّا قليلا في بناء ما آخره «راء» كـ «ظفار» و «وبار» (12)، وما التزم إعرابه من موازنات «فعال» فليس بمعدول كـ «دلال» اسم امرأة، ولا يكون المعدول إلّا اسم مؤنث، فإن توهّم تذكير قدّر تأنيث كما قدر سيبويه (13) مسمّى «سفار» وهو ماء (14): -

(1) ثغر المجد: طرقه واحدتها ثغرة. انظر اللسان (ثغر).

(2)

الصّرد: طائر فوق العصفور. انظر اللسان (صرد).

(3)

ورجل حطم وحطمة: إذا كان قليل الرحمة للماشية يهشم بعضها ببعض. انظر اللسان (حطم).

(4)

اللّبد: كثير من الرجال: الذي لا يسافر ولا يبرح منزله ولا يطلب معاشا وهو الأليس، وقال لبد:

كثير لا يخاف فناؤه كأنه التبد بعضه على بعض. انظر اللسان (لبد).

(5)

في أ «عرف» .

(6)

التذييل والتكميل: (6/ 429).

(7)

أي الشيخ أبو حيان انظر التذييل (6/ 429).

(8)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1476).

(9)

انظر اللغتين في الكتاب (3/ 277، 287)، وما ينصرف وما لا ينصرف (ص 76)، والمفصل (ص 159: 160).

(10)

انظر الكتاب (3/ 278).

(11)

ظفار: قرية من قرى حمير إليها ينسب الجزع الظّفاريّ. انظر اللسان (ظفر).

(12)

وبار: مثل قطام: أرض كانت لعاد غلبت عليها الجن. انظر اللسان (وبر).

(13)

انظر الكتاب (3/ 279).

(14)

«ماء» ساقطة من أ.

ص: 4062

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ماءة ومسمى «حضار» وهو اسم كوكب: كوكبة.

ولما سمي به مؤنث من نحو: نزال وفساق ويسار وكفاف ما لرقاش في اللغتين من بناء على اللغة الحجازية ومنع صرف على اللغة التميمية، قال: وإنما قيدت ذلك بكونه اسم أنثى؛ لأن المسمى به مذكر من «فعال» كله لا يكون إلّا معربا غير منصرف (1)، ومن العرب من يصرف «فعال» المسمى به ذكر تشبيها بـ «صباح» حكى ذلك سيبويه (2) رحمه الله تعالى. انتهى.

وقد قصر كلامه في التسهيل على ذكر أحكام «فعال» المعدول، ولم يتعرض إلى ذكر غير المعدول مما صيغته موازنة لصيغة المعدول، والجماعة المغاربة كابن عصفور وابن أبي الربيع ذكروا تقسيم الصيغة من رأس،

فذكروا (3) غير المعدول وهو أربعة:

اسم مفرد كـ «جناح» و «عناق» .

وصفة كـ «جواد» و «جبان» .

ومصدر كـ «ذهاب» .

واسم جنس تفصل بينه وبين واحدة تاء التأنيث كـ «سحاب» .

والذي اعتمده المصنف من الاقتصار على ذكر المعدول هو الواجب؛ لأن غير المعدول مما صيغته موازنة لصيغة المعدول لا يحتاج إلى ذكره؛ لأنه حكم بقية الأسماء في الإعراب والصرف ما دام نكرة (4)، وإن سمي به فالأمر فيه كذلك أيضا؛ لأنه إن كان مسماه مؤنثا لم ينصرف للتأنيث والعلمية، وإن كان مسماه مذكرا انصرف إلا أن يكون أصله التأنيث كـ «عناق» اسم رجل (5).

ولما كان الأمر في غير المعدول كذلك وجه المصنف كلامه إلى المعدول خاصة وقسمه قسمين: ما عدل علما لمؤنث كـ «رقاش» و «حذام» و «قطام» . -

(1) انظر الكتاب (3/ 279).

(2)

انظر الكتاب (3/ 280).

(3)

انظر شرح الجمل (2/ 194) رسالة والمطبوع (2/ 243).

(4)

انظر شرح الجمل لابن عصفور (194) رسالة والمطبوع (2/ 243).

(5)

المرجع السابق.

ص: 4063

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وما عدل غير علم وهو أربعة أشياء:

اسم فعل كـ «نزال» وو مصدر كـ «فجار» ، وحال كـ «بداد» من قولهم:

جاءت الخيل بداد أي متبددة، وصفة إما مستعملة في غير النداء كـ «حلاق» للمنية وإما مخصوصة بالنداء كـ «فساق» .

فإن قيل: كيف جعل نحو: «فجار» مع كونه علما للفجرة - قسيما للمعدول الذي هو علم أيضا كـ «رقاش» ؟ قلت: الظاهر أن المراد بالعلمية الشخصية، ولا شك أن علمية نحو:«فجار» جنسية فلم يكن داخلا في المعدول الذي

علميته شخصية.

وإذا عرف أن المعدول المذكور قسمان، فلنذكر القسم الأول ثم الثاني فنقول:

قد أشار المصنف إلى الأول بقوله: وفي حكمه أي وفي حكم «فعل» المذكور في منع الصرف عند تميم «فعال» معدولا علما لمؤنث كـ «رقاش» فبنو تميم (1) يمنعونه الصرف، وعلة منعهم إيّاه الصرف العدل والعلمية فهو جار مجرى «عمر» لأن «رقاش» - مثلا (2) - معدول عن علم، كما أن عمر كذلك، هذا مذهب سيبويه (3) ومذهب المبرد (4) أن علة منع صرفه العلمية والتأنيث، ولكن المشهور في المسألة هو مذهب سيبويه، وإن كان ما ذهب إليه المبرد هو الظاهر، وقد رجّح (5) مذهب سيبويه بأن مذهب المبرد يلزم منه أن يكون «حذام» وأمثالها أسماء مرتجلة لا أصل لها في النكرات، والغالب على الأعلام أن تكون منقولة فتكون هذه الأسماء على رأي سيبويه لها أصول في النكرات قد عدلت عنها بعد أن صيّرت تلك الأصول [أعلاما].

وأما قوله: «معدولا» فيحترز به عن الصيغة الموازنة «فعال» ولكنها غير معدولة كـ «جناح» وشبهه من أمثلة الأقسام غير المعدولة المتقدم ذكرها.

وقوله: «لمؤنّث» نبّه به على ما ذكره في شرح الكافية بقوله (6) «ولا يكون المعدول -

(1) المرجع السابق نفسه، وانظر التذييل (6/ 430).

(2)

«مثلا» ساقطة من أ.

(3)

انظر الكتاب (3/ 277: 278).

(4)

قال في المقتضب (3/ 375): «وأما بنو تميم فلا يكسرون اسم امرأة، ولكنهم يجرونه مجرى غيره من المؤنث لأنهم لا يذهبون به إلى العدل» .

(5)

انظر التذييل (6/ 430).

(6)

انظر التذييل (6/ 430).

ص: 4064

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلا اسم مؤنث حتى إن توهم تذكير قدّر تأنيث كما قدّر سيبويه (1) مسمى «سفار» وهو ماء: ماءة، ومسمى «حضار» وهو اسم كوكب: كوكبة.

وأشار إلى لغة الحجازيين بقوله: «ويبينه الحجازيون كسرا» قال سيبويه: «هي اللغة الأولى والقدمى» ، وسيأتي

الكلام على علة بنائه.

وأما موافقة أكثر تميم للحجازيين فيما لامه «راء» فقد ذكر الأئمة (2) لذلك علة وهي أن الراء توجب من الإمالة ما لا يوجبه غيرها إذا كانت مكسورة، ويمنع من الإمالة ما لا يمنع غيرها إذا كانت مفتوحة أو مضمومة فهم يحافظون عليها.

وإنما قال ««أكثر تميم» لأن بعضهم يعربه كما يفعل في «حذام» وقد جمع الشاعر (3) بين اللغتين قال:

3740 -

ومرّ دهر على وبار

فهلكت جهرة وبار (4)

والقوافي مرفوعة، وأول القصيدة:

3741 -

ألم تروا إرما وعادا

أودى بها اللّيل والنّهار (5)

وقد قيل (6): إن «وبار» التي في آخر البيت ليس اسما وإنما الواو عاطفة و «بار» فعل ماض مسند إلى ضمير الجماعة، والمعنى: أن الدهر أهلك أهل وبار، ولا يريد -

(1) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1477).

(2)

انظر الكتاب (3/ 279).

(3)

انظر الكتاب (3/ 278) وعبارته: «وهي اللغة الأولى القدمى» .

(4)

هذا البيت من مخلع البسيط، ووبار أمة قديمة من العرب العاربة، وقيل أنها مدينة كانت الجن تسكنها وقيل: أنها موضع بالدهناء، وقيل غير ذلك.

والشاهد: في «وبار» حيث جمع فيه بين اللغتين: إحداهما في البناء على الكسر وذلك قوله «على وبار» والأخرى هي الإعراب كإعراب ما لا ينصرف وذلك في «وبار» الأخيرة فرفعه بـ «هلكت» و «جهرة» حال. وانظر البيت في الكتاب (3/ 279) والمقتضب (3/ 50، 376)، والرواية فيه «فهلكت عنوة» ، وأمالي ابن الشجري (2/ 115) وابن يعيش (4/ 64) والمقرب (2/ 282).

(5)

هذا البيت من مخلع البسيط أيضا وهو أول القصيدة التي منها بيت الأعشى السابق وهو في ديوانه (ص 193) واستشهد بهذا البيت: على أن القوافي مرفوعة، فعلى هذا كان من الضروري أن يأتي الشاعر بقافية البيت السابق مرفوعة، و «إرم» اسم قبيلة، و «عاد» اسم بلدتهم. وانظر هذا البيت في العيني (4/ 358)، والتصريح (2/ 225).

(6)

انظر التذييل (6/ 432: 433)، وشرح الألفية للأبناسي (2/ 251).

ص: 4065

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بذلك المكان وإنما يريد: أهله، فأعاد الضمير في «هلكت» مؤنثا على «وبار» مراعاة للفظ «وبار» ثم أعاد الضمير جمعا على «الأهل» المحذوف أي: وبار أهلها أي: هلكوا على جهة التأكيد من حيث المعنى، ونظير ذلك قوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (1).

وإذا سمي مذكر بـ «حذام» و «رقاش» و «قطام» ونحوها فإنه يعرب ممنوع [الصّرف](2) كان في آخره «راء» أو لم يكن (3)، وذكر سيبويه (4) أن من العرب من يصرفه؛ لأنه معدول عن مؤنث وتسمية المذكر به يذهب التأنيث.

ثم أشار إلى القسم الثاني وقد عرفت أنه أربعة أشياء بقوله: واتّفقوا على كسر فعال أمرا أو مصدرا أو حالا أو صفة».

فمثال الأمر (5): «نزال» و «نعاء» و «حذار» و «نظار» و «مناع» وقولهم للضّبع: دباب أي: دبّي (6).

ومثال المصدر (7): «فجار» و «حماد» و «يسار» و «جماد» و «عباب» و «أباب» و «مساس» و «كفاف» و «بوار» و «بلاء» وقال حميد الأرقط [5/ 82]:

3742 -

فقلت امكثي حتّى يسار لعلّنا

نحجّ معا قالت: أعاما وقابله؟ (8)

كأنه قال: حتى الميسرة (9)، وقال الآخر: -

(1) سورة الأعراف: 4، ووجه التنظير بهذه الآية أن قوله تعالى: أَهْلَكْناها نظير: «فهلكت» وقوله تعالى: أَوْ هُمْ نظير: «وبار» وانظر التذييل (6/ 433).

(2)

«الصرف» ساقطة من جـ، ومصححة على هامشها.

(3)

انظر الكتاب (3/ 279).

(4)

الكتاب (3/ 280).

(5)

انظر التذييل (6/ 434).

(6)

انظر الكتاب (3/ 272).

(7)

انظر التذييل (6/ 434).

(8)

هذا البيت من الطويل وهو لحميد بن ثور الهلالي ديوانه (ص 117) ونسبته إلى حميد الأرقط خطأ.

ومعنى البيت: طلب منها الأنتظار حتى يوسر فيستطيع الحج. فأنكرت ذلك وقالت: أأنتظر هذا العام القابل، والقابل بمعنى المقبل، والشاهد في قوله:«يسار» وهو اسم لليسر معدول عن «الميسرة» ، والميسرة واليسر الغنى. البيت في الكتاب (3/ 274)، الشجري (2/ 113)، وابن يعيش (4/ 55) وشرح التصريح (1/ 125)، والهمع (1/ 29)، والدرر (1/ 8).

(9)

انظر الكتاب (3/ 275) وابن يعيش (4/ 55)، والتذييل (6/ 434).

ص: 4066

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

3743 -

جماد لها جماد ولا تقولن

طوال الدّهر ما ذكرت حماد (1)

يريد الدعاء على امرأة موصوفة بالجمود والبخل كأنه قال: جمدا لها لا حمدا (2).

وقالوا: للظّباء إذا وردت الماء: فلا عباب (3)، وإذا لم ترد: فلا أباب (4)، وقالوا:

أنت لا مساس (5)، وقالوا: دعني كفاف (6) أي: دع [المكافّة]، وقال رؤبة:

3744 -

يا ليت حطّي من جداك الصّافي

والفضل أن تتركني كفاف (7)

ويقال: نزلت بوار على الكفار (8)، ونزلت بلاء على أهل الكتاب (9). -

(1) هذا البيت من الوافر وهو للمتلمس (ديوانه ص 167)«لها» يعود إلى القرينة وهي النفس في بيت سابق وهو:

صبا من بعد سلوته فؤادي

وسمح للقرينة بانقياد

وجماد وحماد: اسمان للجمود والحمد معدلين عن اسمين مؤنثين سميا بهما كالجمدة والحمدة، ويقال للخيل: جماد له أي لا زال جامد الحال، وجماد نقيض جماد، وقوله: ولا تقولن: بنون التوكيد الخفيفة، ويروى: ولا تقولي، وهذا هو المشهور في رواية البيت.

والشاهد في قوله: «جماد» أنهما اسمان للجمود والحمد معدولين عن اسمين مؤنثين سميا بهما وهما:

الجمدة والحمدة. وانظر البيت في الكتاب (3/ 276) وابن يعيش (4/ 55)، والخزانة (1/ 70: 72).

(2)

انظر التذييل (6/ 434) وانظر ما نقلناه عن البغدادي في الخزانة في شرح البيت السابق.

(3)

لا عباب أي لا عبّ، والعبّ شرب الماء من غير مصّ. انظر ابن يعيش (4/ 55: 56) والتذييل (6/ 435).

(4)

انظر ابن يعيش (4/ 56) والتذييل (6/ 435) وفي المثل: «لا عباب ولا أباب» انظر مجمع الأمثال (3/ 208).

(5)

قال في الكتاب (3/ 275): «والعرب تقول: أنت لا مساس، ومعناه لا تمسني ولا أمسك وانظر التذييل (6/ 435).

(6)

انظر الكتاب (3/ 275).

(7)

هذان بيتان من الرجز المشطور قالهما رؤبة من أرجوزة طويلة تزيد على ثمانين بيتا يعاتب بها أباه؛ لأنه سرق قصيدة له وأنشدها سليمان بن عبد الملك فأجازه عشرة آلاف درهم، فطلب منه ابنه نصيبا منها لكونه أحيز بشعره فأبى.

الشرح: قوله: جداك: الجدا: العطية، ويروى مكانه «نداك» وقوله: الصافي أي الخالص النقي ويروى مكانه «الضافي» وهو الكثير من ضفا الحال إذا كثر أو السابغ، وقوله: والفضل بالجر عطفا على «جداك» وقوله: أن تتركني كفاف: خبر ليت وهو من قولهم: دعني كفاف، وفيه الشاهد حيث إنه اسم بمعنى الكفة معدول عن المكافة. والرجز في أمالي الشجري (1/ 28) والمغني (ص 680) بنفس رواية المؤلف، وشرح شواهده للسيوطي (ص 956)، والخزانة (1/ 245) عرضا.

(8)

انظر ابن يعيش (4/ 56) والتذييل (ص 435).

(9)

انظر المرجعين السابقين والمفصل (ص 157).

ص: 4067

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثال الحال: بداد (1)، قال الشاعر (2):

3745 -

وذكرت من لبن المحلّق شربة

والخيل تعدو بالصّعيد بداد (3)

قال السيرافي: «بداد حال» (4).

ومثال الصفة الجارية مجرى الأعلام (5): «حلاق» (6) و «جباذ» (7) للمنية، و «ضرام» (8) للحرب، و «كلاح» (9) و «جداع» (10) و «أزام» (11) للسنة الشديدة، و «حناذ» (12) للشمس، و «طمار» للمكان المرتفع، يقال: هوى من طمار (13)، و «لزام» ، يقولون: سببته سبّة تكون لزاما أي: لازمة (14)، و «كرار» خرزة يأخذ بها النساء أزواجهنّ فيقلن: يا كرار (15)، و «بلال» يقال: -

(1) انظر التذييل (6/ 436).

(2)

نسبة الأعلم لابن الخرع وتبعه ابن يعيش، ونسب لحسان وهو في ديوانه (ص 108) ونسبه سيبويه للنابغة الجعدي وهو في ديوانه أيضا (ص 241).

(3)

هذا البيت من الكامل، الشرح: المحلق - بفتح اللام - وهو من الإبل الموسوم بحلقة في فخذه أو في أصل أذنه. وقوله: بداد: بفتح الباء

يقال: جاءت الخيل بداد أي متبددة، وبني على الكسر؛ لأنه معدول عن المصدر وهو «البدد» وفيه الشاهد وقد وقع حالا ههنا على وزن «فعال» . والبيت في الكتاب (3/ 275)، والمقتضب (3/ 371) وابن يعيش (4/ 54)، وشرح الكافية للرضى (2/ 87)، والخزانة (3/ 80) وابن السيرافي (2/ 261) والهمع (1/ 29) والدرر (1/ 10).

(4)

انظر شرح السيرافي لكتاب سيبويه (رسالة)(1/ 137) والمخطوط (2/ 375).

(5)

انظر التذييل (6/ 436).

(6)

قيل لها حلاق؛ لأنها تحلق كل حي من حلق الشعر. انظر ابن يعيش (4/ 59).

(7)

من جبذت الشيء كأنها تجبذهم. انظر المرجع السابق.

(8)

من أضرمت النار أي أججها. انظر المرجع السابق.

(9)

كلاح: من قولهم: كلح الرجل كلوحا وكلاحا: إذا كشّر عن أنيابه عبوسا. انظر المرجع السابق.

(10)

جداع: اسم للسنة المجدبة التي تجدع بالمال أي تذهب به. انظر المرجع السابق.

(11)

أزام: من الأمة وهي الشدة والقحط، يقال: أصابتهم سنة أزمتهم أزما أي طحنتهم انظر ابن يعيش (4/ 60).

(12)

حناذ: من الحنذ وهو شدة الحر وإحراقه. انظر المرجع السابق.

(13)

انظر المفصل (ص 157) وفي ابن يعيش (4/ 60) قال الأصمعي: يقال انصبّ عليه من طمار أي من عال.

(14)

حكى ذلك الكسائي انظر ابن يعيش (4/ 16) واللسان (لزم).

(15)

انظر المفصل (ص 158) وابن يعيش (4/ 61)، «كرار» معدول عن كارة وهو من الكر وهو الرجوع يستعمل لازما ومتعديا كما كان رجع كذلك.

ص: 4068

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا تبلّ فلانا عندي بلال أي بالّة، و «وقاع» يقال: كويته وقاع (1) وهي سمة على الجاعرتين، وقيل في طول الرأس من مقدمه إلى مؤخره (2)، قال الشاعر (3):

3746 -

وكنت إذا منيت بخصم سوء

دلفت له فأكويه وقاع (4)

و «قطاط» قال الشاعر:

3747 -

أطلت فراطهم حتّى إذا ما

قتلت سراتهم كانت قطاط (5)

أي كانت قطاط، أي كانت الفعلة قاطّة لثأري أي قاطعة له. (6)

و «صمام» للدّاهية (7)، قال ابن أحمر (8): -

(1) وقاع: مأخوذ من الوقيعة وهي: نقرة في متن حجرة يستنقع فيها الماء انظر ابن يعيش (4/ 62).

(2)

انظر المفصل (ص 159)، وقيل: هي دائرة واحدة ينوي بها جلد البعير أين كان لا تخص موضعا. انظر ابن يعيش (4/ 62).

(3)

هو عوف بن الأحوص كما في ابن يعيش (4/ 61) واللسان (بلل).

(4)

هذا البيت من الوافر، الشرح: قوله: دلفت: يقال: دلف يدلف دلفا ودلفانا ودليفا ودلوفا: إذا مشى وقارب الخطو، والدّليف: المشي الرّويد. والشاهد فيه قوله: «وقاع» حيث استعملها علما على تلك الكيّة المخصوصة. انظر البيت في النوادر (ص 431)، والمخصص (6/ 165، 17/ 69)، والمفصل (159) وابن يعيش (4/ 59، 62) واللسان (وقع).

(5)

هذا البيت من الوافر قاله عمرو بن معد يكرب من كلمة له يقولها في بني مازن وهم قوم من الأزد وكانوا قد قتلوا أخاه فأخذ الدية منهم فعيرته أخته كبشة بذاك فغزاهم وأثخن فيهم. الشرح: أطلت: من الإطالة، وقراطهم: أي إمهالهم والتأني بهم، وسراة: قال أهل اللغة:. نه جمع سريّ ويرده أن فعيلا لا يجمع على فعلة بالتحريك، وقيل: إنه اسم جمع، وقيل: هو مفرد لأن سراة يجمع على سرولت، ولو كان سراة جمع سري لما صح أن يجمع على سروات؛ لأنه على وزن فعلة محركا، ومثل هذا البناء لا يجمع، وإنما سرى فعيل من السرو وهو الشرف فإن جمع قيل: سري وأسرياء كغني وأغنياء.

ومعنى البيت: أنني أطلت امهالكم أو التقدم إليكم بأن تخرجوا إلى عن حقي فلما قتلت سراتكم كانت تلك القتلة كافية لي ولثأري.

والشاهد فيه قوله: «قطاط» فإنه وصف مؤنث بمعنى قاطة أي كافية. وانظر البيت في المفصل (ص 158) وابن يعيش (4/ 58، 61) وشرح الكافية للرضي (2/ 78)، والخزانة (3/ 75).

(6)

انظر المفصل (ص 159).

(7)

انظر ابن يعيش (4/ 62).

(8)

ابن أحمر: عمرو بن أحمر بن قرّاص بن معن بن أعصر، وكان أعور، شاعر مخضرم عاش نحو 90 عاما. انظر الشعر والشعراء (1/ 363).

ص: 4069

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

3748 -

وردّوا ما لديكم من ركابي

ولمّا تأتكم [صمّي] صمام (1)

كنى بها عن الدّاهية؛ لأنها تصمّ الأسماع، ويكون على هذا من: أصمّ كـ «دراك» من: أدرك، والأجود أن يكون من:

صمّ الكوّة بحجر، والقارورة:

سدّ فمها، فيكون من ثلاثي غير مزيد، وصمام أيضا للحية؛ لأنها لا تعمل الرّقي لخبثها فلا تجيب كأنها صماء. أوردت ذلك حسبما أورده الشيخ في شرحه (2).

ومثال الصفة الملازمة للنداء: «يا فساق» و «يا خباث» و «يا لكاع» (3)، و «يا رطاب» (4) و «يا دفار» (5) و «يا خضاف» (6) و «يا حباق» (7) و «يا خزاق» (8).

وليعلم أن هذه الأربعة منها ما كثر وروده عن العرب فوجب القياس عليه وهما:

اسم فعل الأمر من الثلاثي كـ «نزال» ، والصفة المختصة بالنداء، وقد تقدم التنبيه على ذلك في باب المنادى.

ومنها: ما لم يكثر فوجب الوقوف فيه مع السماع وهما: المصدر والصفة في غير النداء، وهي التي عبّر عنها المصنف «بالجارية مجرى الأعلام» . -

(1) هذا البيت من الوافر، الشرح: قوله: ركابي: الرّكاب: الإبل التي تحمل القوم، وقوله: صمّي صمام: هي الحية الصماء التي لا تجيب الرّقي شبهت بها الداهية، ويروى الشطر الأول منه هكذا: فأدوا ناقتي لا تأكلوها.

والشاهد في البيت قوله: «صمام» كنى بها عن الداهية. وانظر البيت في المستقصى (2/ 143)، ومجمع الأمثال (2/ 219).

(2)

انظر التذييل (6/ 434: 437) وقد نقله المؤلف بتصرف.

(3)

يقال: رجل لكع أي: لئيم وامرأة لكعاء. ابن يعيش (4/ 57).

(4)

رطاب: كلمة تقال للأمة وهي صفة ذم، والمراد: يا رطبة الفرج وذلك مما تعاب به المرأة.

ابن يعيش (4/ 57).

(5)

دفار: كلمة للأمة أيضا والمراد: يا دفار فعدلوا عن: دفرة إلى دفار للمبالغة في الصفة، والدّفر:

النتن، والدنيا أم دفار كنوها بذلك ذمّا لها، ويقال: دفرا لك أي نتنا. انظر ابن يعيش (4/ 57).

(6)

خضاف: صفة ذم، والخضف: الحبق، كأنهم أرادوا: يا خاضفة أي: يا ضارطة ابن يعيش (4/ 75: 85).

(7)

حباق: مثل خضاف، والمراد: يا حابقة فعدل إلى فعال للمبالغة، والحبق: الضرط. ابن يعيش (4/ 85).

(8)

خزاق: بالخاء المعجة من الخزق، ويقال للأمة: يا خزاق يكنى به عن الذّرق. انظر شرح الكافية للضرى (2/ 77) واللسان (حزق) وابن يعيش (4/ 85)، و «حزاق» بالحاء المهملة من صفات الذم من معنى البخل. ابن يعيش (4/ 85).

ص: 4070

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما قوله: وكلّها معدول عن مؤنّث فهو أمر كالمجمع عليه عند النحاة، ولكن يتعين التعرض لبيان المعدول عنه في كل من الأربعة المذكورة.

أما الصفة المختصة بالنداء: فالظاهر أن فساق معدول عن: فاسقة، وخباث عن خبيثة، ولكاع عن: لكعاء، وكان العدل في مثلها لقصد المبالغة في الذم (1).

وأما الصفة الجارية مجرى الأعلام (2): فذكروا أنها معدولة عن صفات غلبت فاستعملت أسماء كـ «نابغة» في قوله:

3749 -

ونابغة الجعديّ بالرّمل بيته

عليه صفيح من تراب منضّد (3)

فهو نعت في الأصل إلّا أنه غلب حتى صار اسما (4)، قالوا: ولذلك لا يجوز في شيء منها أن يتبع موصوفا، لأنها صارت لغلبتها تشبه الأعلام، والعلم لا يوصف به، هذا ما أشار إليه الشيخ في شرحه (5).

ولا يخفى أن غلبة الاسمية على الوصفية في بعض الكلمات لا يكون عدلا؛ لأن العدل عبارة عن تبديل لفظ بلفظ للدلالة على المبالغة في ذلك المعنى الذي أفاده اللفظ المعدول عنه، ولم يتحقق لي وجه العدل في هذه المسألة.

وأما المصدر: فقالوا: هو معدول عن مصدر مؤنث وإن كانوا لم يستعملوا في كلامهم ذلك المصدر للمعرفة المؤنث الذي عدل عنه، كما أن «مشابه» و «ملامح» و «مذاكر» جمع لمفرد لم يستعمل في الكلام. (6) انتهى.

وفهمت من هذا أن ذلك ليس بعدل حقيقي وإنما هو عدل تقديري.

وأما الحال: كـ «بداد» فقالوا: إنه عدل عن مصدر مؤنث معرفة، وقد فسر -

(1) انظر ابن يعيش (4/ 57).

(2)

انظر التذييل (6/ 440).

(3)

هذا البيت من الطويل وهو لمسكين الدارمي في ديوانه (ص 49)، الشرح: الصفيح: الحجارة العريضة، يصف موت النابغة الجعدي ودفنه بالرمل ووضع التراب والحجارة عليه. والشاهد: في «نابغة» حيث إنه في الأصل صفة واستعمل اسما علما على الشخص. والبيت في الكتاب (3/ 244) والمقتضب (3/ 373)، والخزانة (2/ 117).

(4)

انظر التذييل (6/ 440).

(5)

ما بين المعقوقين ساقط من جـ، ومصحح على هامشها.

(6)

قال سيبويه في الكتاب (3/ 275): «ألا تراهم قالوا: ملامح ومشابه وليال، فجاء جمعه على حد ما لم يستعمل في الكلام» .

ص: 4071

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سيبويه هذا (1) في البيت المتقدم الإنشاد (2) فقال (3): تعد وبددا، إلّا أن «بداد» ليست معدولة عن بدد لأن بددا نكرة، وإنما هي معدولة عن البدّة أو المبادّة. انتهى.

وهذا العدل أيضا إنما هو تقديري.

وأما اسم فعل الأمر: فلم يذكروا ماذا عدل عنه؟ والعجب أنهم يجعلون اسم الفعل أصلا في العدل والتأنيث حتى قال ابن أبي الربيع: «وبني اسم الفعل على الكسر؛ لأنه مؤنث، والكسرة تناسب التأنيث، ولما ذكر الصفات المبنية على الكسر كحباق وحلاق قال: «وبني لشبهه بنزال، ووجه الشبه بينهما أن كلّا منهما معدول عن علم وهو مؤنث مع اتفاقهما في الوزن» وقال في المصدر أيضا كيسار وفجار:

«إنه بني لشبهه بنزال في الوجوه المذكورة» هذا كلامه في شرح الإيضاح.

وقال ابن عصفور (4): «إن سبب بناء فعال الذي هو علم كرقاش، وفعال المعدول المصدر المعرفة، وفعال المعدول عن الصفة الغالبة شبهها بفعال الذي هو اسم الأمر، ووجه الشبه بينها وبينه هو تساويهما في التعريف والتأنيث والعدل والوزن وقال: «وهذا هو المذهب الصحيح وهو مذهب سيبويه» . انتهى.

ودلّ كلامه على أن اسم فعل الأمر هو الأصل في العدل والتأنيث والتعريف، ولا أعلم توجيه واحد من الثلاثة - أعني العدل والتأنيث والتعريف - وما برحت أتطلب بيان ما عدل عنه «نزال» وبيان كونه مؤنثا، ولم أقف من كلامهم على ما يوضح لي ذلك، والذي يظهر أن القول بالعدل والتأنيث في «نزال» ونحوه من أسماء فعل الأمر ليس على وجه التحقيق، بل على وجه التقدير، وقد قال صاحب الإفصاح (5):

«نزال» عند سيبويه علم معرفة على الجنس، وكل ما عدل منها فهو معرفة، وكذلك فجار علم على المعنى كسبحان ومثله: حلاق وحماد في اسم المنيّة والسنة -

(1) في أ: «بداد» .

(2)

وهو:

وذكرت من لبن المحلق شربة

والخيل تعدو بالصعيد بداد

(3)

انظر الكتاب (3/ 275).

(4)

انظر شرح الجمل (2/ 244) وقد نقله المؤلف بتصرف.

(5)

يقصد ابن هشام الخضراوي وانظر التذييل (6/ 440).

ص: 4072

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المجدبة (1)، وضرام للحرب، وقد يكون هذا المعدول علما على الشخص كحذام ورقاش، ويرى سيبويه (2) أن هذه الأشياء بنيت حملا على نزال، ونزال بني حملا على الفعل انتهى.

ويظهر من كلامه هذا أن العدل في هذه الأمور إنما هو تقديري، وأما قوله: إن نزال عند سيبويه علم فلم يتسع لي كون نزال علما.

وإذ قد انقضى الكلام على عدل هذه الأشياء فلنذكر سبب بنائها، وحكم الأربعة منها، أعني اسم فعل الأمر والمصدر والحال والصفة [5/ 83] قبل التسمية بها وبعد أن تصير أسماء.

أما سبب البناء: فقد تقدم من كلام صاحب الإفصاح أن هذه الأشياء بنيت حملا على نزال، ونزال بني حملا على الفعل، وتقدم من كلام ابن عصفور (3) أن سبب البناء فيها شبهها بفعال الذي هو اسم الأمر في العدل والتأنيث والتعريف والوزن، قال: وهذا مذهب سيبويه وهو الصحيح، وبعد ذكره هذا قال (4):

«ومنهم من قال: إنما بنيت لتوالي العلل عليها، وذلك أنها قد كانت ممنوعة الصرف قبل العدل للتأنيث والتعريف، فلما زاد العدل - وليس بعد منع الصرف إلا البناء - بنيت، وهو مذهب أبي العباس المبرد (5)، ومنهم من قال: إنما بنيت لتضمنها معنى الحرف وهو تاء التأنيث وهو مذهب الرّبعيّ (6).

قال (7): وهذان المذهبان ليسا بصحيحين؛ لأن الأمر لو كان كما قال الرّبعيّ لم -

(1) قوله أن «حماد» اسم للسنة المجدبة ليس بصحيح لأن حماد مصدر بمعنى الحمد والذي هو اسم للسنة المجدبة من فعال: كلاح وجداع وأزام.

(2)

قال في الكتاب (3/ 274): «وإنما كسروا فعال هاهنا لأنهم شبهوها بها في الفعل» .

(3)

انظر شرح الجمل (2/ 244، 245).

(4)

انظر المقتضب (3/ 374) وقد رد عليه ابن جني في الخصائص (1/ 179) وابن الشجري (2/ 115) والرضي في شرح الكافية (2/ 78).

(5)

الربعي: على بن عيسى بن الفرج أبو الحسن، شرح إيضاح الفارسي وغيره توفي سنة 420 هـ والأعلام (4/ 318).

(6)

أي ابن عصفور.

(7)

أي اللذان ذهبا إليهما أبو العباس المبرد والربعي.

ص: 4073

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يجز في الاسم العلم المؤنث إلّا البناء خاصة كما لم يجز في المعدول عن المصدر وعن الصفة الغالبة إلا البناء؛ لأن الاسم المتضمن معنى الحرف لا يجوز فيه إلّا البناء خاصة، وباطل أيضا أن يكون موجب البناء كثرة العلل؛ لأن هذه العلل إذا وجدت في الاسم كان الاسم بها شبيها بالفعل، وشبه الفعل لا يوجب البناء إنما يوجب منع الصرف.

قال: و [أمّا] من ردّ ذلك بأن كثرة العلل لا توجب البناء (1) مستدلّا على ذلك بـ «بعبلك» وبأنك إذا سميت امرأة بـ «سلمان» فإنك تمنع الصرف ولا يجوز البناء، ففي «بعبلك» التأنيث والتعريف والتركيب وفي «سلمان» الزيادة والعلمية والتأنيث فباطل؛ لأن المبرد إنما ذهب إلى أن الاسم إذا كان لا ينصرف فحدثت عليه علة فإنه يبنى؛ لأنه ليس بعد منع الصرف إلّا البناء، وأما ما دخلته علل كائنة ما كانت في أحواله ولم يثبت له منع الصرف قبل ذلك لا يوجب بناءه؛ لأنها دخلت عليه وهو مصروف فنقلته إلى منع الصرف.

ثم قال (2): فإن قيل: فـ «سلمان» قبل التسمية به لا ينصرف، فالجواب: أنه لم يستقر فيه منع الصرف وهو اسم لمؤنث، فأشبه ما حدثت فيه العلل في أول أحواله ولم يكن قبل ذلك ممنوع الصرف انتهى كلام ابن عصفور.

وأما حكم الكلمات المذكورة بالنسبة إلى الإعراب والبناء فهو أنها قبل أن يسمى بها مبنية على الكسر، وعرف هذا من قبل المصنف: واتّفقوا على كسر فعال أمرا إلى آخره، وأما بعد التسمية بها فإن سمي بها مذكر كانت معرفة غير منصرفة، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: فإن سمّي ببعضها مذكّر فهو كعناق ثم أشار إلى أن من العرب من يصرفه بقوله وقد يجعل كصباح قال سيبويه: «ومن العرب من يصرفه» (3) وهي لغة خيثية خارجة عن القياس.

وإن سمّي بها مؤنث جاء فيها اللغتان - أعني البناء على الكسر في لغة الحجازيين والإعراب إعراب ما لا ينصرف في لغة التميميين - وإلى ذلك الإشارة بقوله: وإن -

(1) انظر الخصائص (1/ 180).

(2)

أي ابن عصفور.

(3)

نص عبارة سيبويه في الكتاب (3/ 280) ومن العرب من يصرف رقاش وغلاب إذا سمي به مذكرا، لا يضعه على التأنيث بل يجعله اسما مذكرا كأنه سمى رجلا بصباح.

ص: 4074

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سمّي به مؤنّث فهو كرقاش على المذهبين.

وقد ذكر ابن عصفور خلافا في المسألتين - أعني في تسمية مذكر بها وفي تسمية مؤنث - فقال (1): وفعال المعدولة إذا سميت بها مذكرا امتنعت من الصرف للتأنيث والتعريف، وما قاله ابن بابشاذ (2) من أنها يجوز فيها الإعراب والبناء حملا على الاسم المؤنث المعدول العلم فباطل؛ لأنه لا يشبهه؛ لأن ذلك مؤنث وهذا مذكر، وإن سميت بها مؤنثا فيجوز فيها وجهان:

البناء والإعراب إعراب ما لا ينصرف، وذلك أنها صارت اسما علما لمؤنث فأشبهت حذام فجاز فيها ما جاز في حذام.

قال (3): وزعم أبو العباس (4) أن نزال إذا سمي بها ليس فيها إلّا البناء، واستدل على ذلك بأنه يبقى على ما كان عليه من البناء؛ لأنه نقل من اسم إلى اسم، كما أنك إذا سميت بـ «انطلاق» لم تقطع الهمزة؛ لأنك نقلته إلى بابه، ولو كان المسمى فعلا قطعت الهمزة؛ لأنه خروج عن بابه.

قال (5): وهذا الذي قاله باطل؛ لأن الإعراب ليس بمنزلة همزة الوصل، ألا ترى أن الفعل إذا سمي به أعرب، فإذا أعرب الفعل لأجل التسمية به مع أن بابه لا يعرب كان إعراب هذا أولى، لأن بابه الإعراب، انتهى.

وأشار المصنف بقوله: وفتح فعال أمرا لغة أسديّة إلى أن بني أسد يبنون نحو:

نزال وتراك على الفتح، ولا شك أن أصل الحركة لالتقاء الساكنين الكسر، وبنو أسد فتحوا لمناسبة الألف وقصدا للخفة، وللشيخ كلام مع المصنف في قوله: واتّفقوا، هل المراد به الحجازيون والتميميون فيكون بقية العرب مسكوتا عنهم؟ أو المراد به كل العرب فبنوا أسد لا يكسرون؟ (6) وهذا عجب من الشيخ فإن تخصيص العموم لا يدفع، فالمصنف أفاد العموم بقوله أولا: واتّفقوا يعني جميع العرب، ثم خصص ذلك العموم بقوله بعد: وفتح فعال أمرا لغة أسديّة.

(1) انظر شرح الجمل (2/ 246).

(2)

انظر التذييل (6/ 443) والأشموني (3/ 270).

(3)

أي ابن عصفور.

(4)

انظر المقتضب (3/ 374).

(5)

أي ابن عصفور.

(6)

انظر التذييل (6/ 445).

ص: 4075