الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[للاسم المسمى به ما كان له قبل التسمية]
قال ابن مالك: (لما سمّي به من لفظ يتضمّن إسنادا أو عملا أو إتباعا أو تركيب حرفين، أو حرف واسم، أو حرف وفعل، ما كان له قبل التّسمية ولا يضاف ولا يصغّر).
ــ
صلة لـ «ما» الاسمية الموصولة، وهي ناقصة واسمها ضمير يعود على «زيد» وخبر «كان» محذوف لفهم المعنى يعود على «ما» كأنه قال: لأضربنّ زيدا الشخص الذي كان زيد إيّاه، أي لأضربنه على كل حال أي في حال كونه موجودا من غير اعتبار حال أخرى من ضحك أو بكاء أو إقبال أو إدبار، أو غير ذلك من الصفات، بل يضربه ما وجده ويدل على أن «ما» موصولة وليست مصدرية كما ذهب إليه أبو علي أنك تقول: لأضربن هندا كائنة ما كانت، ولأضربن الزّيدين كائنين ما كانا، ولأضربن الزّيدين كائنين ما كانوا، ولا يمكن أن تكون المصدرية إذ لو كانت مصدرية لكان اسم الفاعل قبلها مفردا مذكرا، لأن «ما» المصدرية ترتفع إذ ذاك بالحال، وهي تجري مجرى الفعل فتقول: لأضربن هندا دائما هجرها، ولأضربن الزّيدين دائما هجرهما، ولأضربن الزّيدين دائما هجرهم فكونه لا يقال:
لأضربن هندا كائنا ما كان، ولا لأضربن الزّيدين كائنا ما كانا، ولا لأضربن الزيدين كائنا ما كانوا دليل على أنها ليست مصدرية» انتهى كلام الشيخ.
ولم يتضح لي ما قاله، ولا ما رد به كلام أبي على، وإن كان في كلامه - أعني كلام أبي علي مناقشة من جهة تقدير لأضربنه كائنا ما كان بـ: لأضربنه كائنا كونه، والأحسن في إعراب هذا التركيب - أعني الذي ذكره المصنف - أن يقال:
«ما» خبر «كائن» الذي هو صفة لقوله «لفظ» ، والاسم ضمير مستتر في «كائن» عائد إلى «لفظ» ، و «ما» الذي هو
الخبر نكرة موصوفة بـ «كان» وهي تامة بمعنى: وجد، والتقدير: بلفظ كائن شيئا كان أي كائن شيئا وجد، والمعنى:
كائن بصفة الوجود من غير نظر إلى حال دون حال (1).
قال ناظر الجيش: تضمن هذا الكلام أن اللفظ المسمى به متى كان متصفا -
(1) أرى أن هذا الإعراب الذي ذكره المؤلف جدير بأن يكون أحسن مما ذكر قبله لبعده عن التكلف وهو أقرب ما يكون لفهم المقصود من هذا التركيب، وهذا يدل على سعة أفق المؤلف وحسن فهمه للتراكيب النحوية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بتضمن أحد الأمور التي أشار إليها وجب أن يعامل بعد التسمية به بما كان يعامل قبل التسمية، فإن كان من شأنه أنه كان حكي، وإن كان من شأنه أنه كان يعرب أعرب، والأمور المشار إليها أربعة:
الإسناد، والعمل، والإتباع، والتركيب، ثم التركيب إما من حرفين أو من حرف واسم، أو من حرف وفعل فيؤول ما ذكره إلى ستة أقسام.
مثال الإسناد: برق نحره، وذرّى حبّا، وتأبّط شرّا (1)، وكذا زيد قائم أعني الجملة الاسمية لم تسم بها العرب (2).
ومثال العمل: قائم أبواه، وضارب زيدا، إذا سميت بهما (3) من: زيد قائم أبواه، وعمرو ضارب زيدا، ويبغي أن يمثل لذلك أيضا بنحو: علام زيد مسمّى به لأن الأول عامل في ما بعده، وعلى هذا يستغنى أن يعد من الأقسام المضاف والمضاف إليه.
ومثال الإتباع: زيد الخياط، إذا سميت بصفة وموصوف، وزيد وعمرو، إذا سميت بمعطوف ومعطوف عليه (4).
ومثال التركيب من حرفين: إنما، وكأنّما، وأمّا، وإلّا في الجزاء (5)، وذكروا أيضا:
كأنّ، قالوا: لأن «كاف» التشبيه دخلت على «أنّ» و «لعّل» أيضا، قالوا: لأن «اللام» زائدة لقولهم علّ، وفي ذلك نظر (6)، لأن الذي ذكروه في «كأنّ» أمر منسوخ لا نظر إليه بعد التركيب، وأمّا «لعل» فإن الكلمة المذكورة فيها لغات ومن جملتها علّ، فلا يقال: إن الأصل: علّ حتى يحتاج إلى دعوى زيادة اللام.
وأما «إلّا» التي هي أداة استثناء فلا تركيب فيها، وكذا «أمّا» في قولنا: أمّا بعد، وأما الاستفتاحية في قولنا: أما والله، و «ألّا» أختها (7).
ومثال التركيب من حرف واسم: يا زيد، وأنت، وإنّ زيدا، وكذا: مثلما -
(1) انظر الكتاب (3/ 326)، والتذييل (6/ 459).
(2)
التذييل (6/ 460).
(3)
التذييل (6/ 460: 461).
(4)
التذييل (6/ 462).
(5)
انظر الكتاب (3/ 331، 332)، والمرجع السابق.
(6)
في هذا النظر نظر لأن سيبويه قال في الكتاب (3/ 332): «ولعلّ حكاية لأن اللام هاهنا زائدة بمنزلتها في: لأفعلن، ألا ترى أنك تقول: علّك، وكذلك: كأنّ لأن الكاف دخلت للشبيه» . فكيف يقول: وفي ذلك نظر وقد قال به سيبويه؟
(7)
انظر التذييل (6/ 463).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحيثما [5/ 87] وكذا «أما» التي للاستفهام هي «ما» دخلت عليها «الهمزة» ، و «هذا» و «هؤلاء» (1) وذكروا من ذلك «كذا» و «كأيّن» (2)، وفي إدخال هاتين الكلمتين في المركب من حرف واسم نظر، لأن دلالة الحرف فيهما مهجورة، وإذا كانت دلالته قد هجرت فلا ينبغي الاعتداد به حينئذ.
ويدخل أيضا في قوله «أو حرف واسم» نحو: «يزيد» و «في دار» ، و «من زيد» و «عن عمرو» و «منذ يومين» ، وهو ما يعبر عنه بالتسمية بحرف جر ومجرور، ولا يحتاج إذ ذاك إلى أن يعد قسما برأسه.
ومثال التركيب من حرف وفعل: «قد قام» ، ومثل له الشيخ (3) بقولهم:«هلمّ» مجردا من الضمير، وفي التمثيل بذلك نظر (4).
إذا عرف هذا فالمتضمن للإسناد حكمه أن يحكي، وكذا المتضمن للتركيب شأنه الحكاية أيضا سواء أكان التركيب من حرفين أو من حرف واسم، أو من حرف وفعل.
وأما المتضمن للعمل فإنه يعرب، وكذا المتضمن للإتباع أيضا فتقول: أعجبني قائم أبوه، ورأيت قائما أبوه، ومررت بقائم أبوه، وكذا أعجبني ضارب زيدا، ورأيت ضاربا زيدا، ومررت بضارب زيدا، وتقول: قام زيد الخياط، ورأيت زيدا الخياط، وتقول: قام زيد وعمرو، ورأيت زيدا وعمرا، ومررت بزيد وعمرو (5).
وحاصل الأمر: أنه قد تقدم المتبوع والتابع رافع رفعا، أو ناصب نصبا، أو جار جرّا، وقد أشار المصنف إلى الحكاية في القسمين الأولين، وإلى الإعراب في القسمين الآخرين بقوله «ما كان له قبل التّسمية» فإنه يريد بذلك
أن اللفظ -
(1) انظر الكتاب (3/ 332) والتذييل (6/ 463).
(2)
انظر الكتاب (3/ 332) والمرجع السابق.
(3)
انظر التذييل (6/ 463: 464).
(4)
لم يذكر لنا المؤلف وجهة نظره على عادته ولكنه ترك الأمر على اعتبار أنه مفهوم، والذي يعنيه أن الشيخ أبا حيان مثل للمركب من حرف وفعل بـ «هلم» مجردا من الضمير فلا يكون هناك تركيب، والذي أراه أن تمثيل الشيخ بـ «هلم» تمثيل صحيح قال سيبويه في الكتاب (3/ 332: 333) وأما هلم فزعم - يعني الخليل - أنها حكاية في اللغتين جميعا كأنها لمّ أدخلت عليها الهاء كما أدخلت ها على ذا لأني لم أر فعلا قط بني على ذا ولا اسما ولا شيئا يوضع موضع الفعل وليس من الفعل، وقول بني تميم: هلممن يقوي ذا، كأنك قلت: الممن فأذهبت ألف الوصل».
(5)
انظر التذييل (6/ 461).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المتضمن لواحد من هذه الأمور يعامل بعد التسمية به بما كان له قبلها من حكاية، وإعراب، وجعل ابن عصفور الإعراب في ما ذكر حكاية أيضا فإنه قال (1):
واعلم أنه قد بقي من الذي يحكي إذا سمي به قسم أشار إليه المصنف [بعد] بقوله: «والمعطوف بحرف دون متبوع كالجملة» : «وزيد» من قولك: جاء عمرو وزيد مثلا، فيقال: جاء وزيد ورأيت وزيدا، ومررت بوزيد فيحكي على حسب الوضع الذي نقل منه (2)، وكذا الحكم في ما لو سمي بمعطوف منصوب أو مجرور، وعلى هذا يكون الذي يحكي بعد التسمية ثلاثة أقسام: ما تضمّن إسنادا، وما تضمّن تركيبا من التراكيب الثلاثة التي تقدم ذكرها، والمعطوف بحرف دون متبوع، لا يقال: بقى على المصنف قسم من أقسام التركيب لم يذكره وهو ما تركب من فعل واسم كـ «حبّذا» (3) لأن هذا القسم داخل تحت قوله «ما تضمّن إسنادا» .
واعلم أن الأقسام الحاصلة من تركيب كل من الاسم والفعل والحرف مع غيره منها ستة أقسام: اسم واسم، وفعل واسم، اسم وحرف، وفعل وفعل، وفعل وحرف، وحرف وحرف.
فالمركب الذي هو من اسمين إن كان مركبا تركيب مزج فقد علم حكمه في باب «منع الصرف» سواء أكان الثاني صوتا كـ «سيبويه» (4) أم غير صوت نحو: بعلبك، وإن كان مركبا تركيب إسناد، أو تركيب إضافة فقد ذكر في هذا الباب وتقدم بيان حكمه.
والمركب الذي من اسم وفعل إن كان بينهما قبل التسمية إسناد فقد ذكر هنا -
(1) انظر شرح الجمل (2/ 471).
(2)
انظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 472)، والتذييل (6/ 467).
(3)
المرجع السابق، والمطبوع (2/ 472).
(4)
قال ابن عصفور في شرح الجمل (2/ 473): «فإن كان مركبا من اسم وصوت مثل: سيبويه وعمرويه فإنك تحكي فيه ما كان يجوز فيه قبل أن تحكيه فيجوز البناء، وأن تعربه إعراب ما لا ينصرف فتقول: جاءني سيبويه وسيبويه، ورأيت سيبويه وسيبويه، ومررت بسيبويه وسيبويه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيضا كما عرف، وإن لم يكن بينهما إسناد فليس مما انطوى عليه كلامه، لأنه أحال الحكم على ما كان له قبل التسمية، ولا يوجد قبل التسمية اسم وفعل بينهما تركيب غير إسنادي، وإذا كان كذلك فيكون داخلا في ما سيذكره بعد من قوله «ويعرب ما سوى ذلك» ، ويجب إذا أعرب أن يكون حكمه حكم «بعلبك» أي حكم المركب تركيب مزج.
لا يقال: نحن نمنع وجود هذا القسم لأنه لا يتصور وجود تركيب بين اسم وفعل إلا مع إسناد ففرض مركب بين اسم وفعل دون إسناد فرض شيء غير واقع، لأنا نقول: لا يلزم من عدم وجوده في كلام العرب منع التسمية به، فليس من شرط ما يسمى به أن يكون مستعملا في كلام العرب، كيف وقد تضمنت ترجمة الباب التسمية بلفظ كائن ما كان (1)؟
وأما المركب الذي هو من اسم وحرف فقد نص عليه وتقدم التمثيل له بـ «يا زيد» ، و «أنت» (2) و «إن زيدا» و «بزيد» و «في دار» و «من زيد» و «عن عمرو» ، و «منذ يومين» وفي كل ذلك الحكاية كما عرفت، إلا أن في نحو: من زيد، ومنذ يومين يجوز مع الحكاية إعراب الأول مضافا إلى ما بعده، وسيأتي ذكر ذلك في أثناء الباب.
والمركب الذي من فعل وفعل لا يكون تركيبه إلا تركيب مزج، ولم ينطو كلامه عليه أيضا لما عرفت فيكون داخلا
تحت قوله «ويعرب ما سوى ذلك» .
والمركب الذي هو من فعل وحرف قد عرفت أنه ذكره، وأن حكمه الحكاية إلا أنه يستثنى منه نحو: أسلمت وكذا نحو: أسلما وأسلموا في لغة من يجعل الثلاثة أحرفا فلا يكون فيه حكاية كما سيأتي.
والمركب الذي من حرف وحرف قد نص عليه أيضا وقد عرفت أن حكمه الحكاية.
قال الشيخ (3): «وترك المصنف من الذي يحكي الموصول وصلته كما إذا -
(1) يفهم من هذا الكلام أن المؤلف يرى أنه لا يقف جامدا أمام المنقول عن العرب، ولكنه إذا رأى ما يمكن على نظيره قاس عليه، وهذا يدل على التوسع في اللغة حتى تساير متطلبات العصور المختلفة.
(2)
أنت: مركبة من الضمير وهو اسم و «تاء» الخطاب وهي حرف. انظر التذييل (6/ 463).
(3)
انظر التذييل (6/ 465) وقد تصرف المؤلف فيما نقله عنه.
قال ابن مالك: «ويعرب ما سوى ذلك» .
ــ
سميت رجلا بالذي رأيت، قال: فهذا لا تغيره عما كان عليه قبل التسمية به فتقول: قام الذي رأيت، وأكرمت الذي رأيت، ومررت بالذي رأيت، قال:
وليس هذا شيئا مما ذكره لأنه لم يتضمن إسنادا ولا عملا - أعني أن الموصول لم يعمل في صلته -، ولا إتباعا، ولا هو من تركيب حرفين، ولا تركيب حرف واسم، ولا تركيب حرف وفعل انتهى.
وأقول: إن كلمة «رأيت» اشتملت على «مسند» و «مسند إليه» وانضمام «الذي» إليها لا يخرجها من ذلك، وإذا [5/ 88] كان كذلك فهذا الذي ذكره داخل تحت قول المصنف:«يتضمّن إسنادا» ولا يلزم من عدم صدق الكلام على «رأيت» الذي هو صلة عدم صدق الإسناد، وقد تقدم في أول الكتاب عند ذكر «حد الكلام» أن الجملة الواقعة صلة والجملة المضاف إليها الظرف كل منهما تضمّن إسنادا مفيدا (1).
ثم إن المصنف أشار بقوله بعد «ولا يضاف ولا يصغّر» إلى أن اللفظ المتضمن لما ذكر إذا سمي به لا يضاف ولا يصغر، وإنما امتنع فيه الأمران - أعني الإضافة والتصغير - لأنه إما جملة أو شبه للجملة، والجملة لا ينالها ذلك، وحكم ما أشبهها حكمها، وكما أنه لا يضاف ولا يصغر، لا يثنى ولا يجمع للعلة التي ذكرت وكذا إن كان موصولا فيه الألف واللام لا يجوز نداؤه، نحو:«الذي رأيت» لأن الموصول بصلته في حكم اسم مفرد فيصير «الذي رأيت» كـ «الرجل» والرجل لا يجوز نداؤه من أجل الألف واللام، بخلاف قولك: الرجل منطلق، إذا سميت به فإنه يجوز نداؤه (2)، ولا تكون الألف واللام تابعة لما علم في باب النداء (3).
وأما قول المصنف: «والمعطوف بحرف دون متبوع كالجملة» فقد تقدم الكلام عليه، ولو أخر قوله «ولا يضاف ولا يصغّر» عن قوله «والمعطوف بحرف» كان أولى.
قال ناظر الجيش: يريد ويعرب ما سوى ما ذكر، فيدخل في ما سوى ذلك: -
(1) قال في التسهيل (ص 3): «والكلام ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته» .
(2)
انظر التذييل (6/ 466).
(3)
قال في التسهيل (ص 181): «لا يباشر حرف النداء في السعة ذا الألف واللام غير المصدر بهما جملة مسمى بها، أو اسم جنس مشبه به خلافا للكوفيين في إجازة ذلك مطلقا» .