الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[جواز الإعراب والحكاية في الجار والمجرور]
قال ابن مالك: (وإعراب ما جرّ من حرف وشبهه كائن على أكثر من حرف، وإضافته إلى مجروره معطى ما له مستقلّا بالتّسمية أجود من حكايتهما).
ــ
العرب على الشذوذ فيبقى على حاله فلو تغير عنه كأن تصغره لأدغمت فقلت:
أليبّ» انتهى.
قال ناظر الجيش: تقدم الوعد بذكر المسألة عند ما ذكر أن المركب من حرف واسم حكمه الحكاية، وأن في نحو: من زيد، ومنذ يومين يجوز فيه مع الحكاية إعراب الأول مضافا إلى ما بعده فها هو ذا قد أشار إلى هذا الحكم.
وحاصل الأمر: أنه إذا سمي بحرف جار ومجروره وكان حرف الجر [5/ 92] على حرف واحد فليس في ذلك إلّا الحكاية كما تقدم، وإن كان على أزيد من حرف واحد بأن يكون على حرفين نحو: من زيد، أو أكثر نحو: منذ يومين
جازت الحكاية، والأرجح أن يعرب الأول ويضاف إلى ما بعده، وهذا الوجه هو الذي ذكره سيبويه (1) مقتصرا عليه، ومن ثمّ قال المصنف: إنه أجود من حكايتهما، لكنه أطلق كلامه فيما هو على حرفين.
وأما ابن عصفور فإنه قيد جواز الإعراب في ذلك بكون ثاني الحرفين من ذلك الحرف الجار حرفا صحيحا كـ «من» و «عن» ، وأما إذا كان معتلّا فذكر أن مذهب الجمهور أنه لا يجوز إلّا الحكاية نحو: في زيد (2)، أما المبرد (3) والزجاج (4) فإنهما أطلقا ولم يفرقا بين ما ثانية حرف صحيح وما ثانيه حرف علة حتى نقل (5) عنهما أنهما أجازا الإعراب في الحرف الواحد الجار نحو «الياء» من: يزيد.
ولم أعلم ما أراد المصنف بقوله: «وشبهه» فالله تعالى أعلم بمراده بذلك ما هو؟ -
(1) انظر الكتاب (3/ 329: 330).
(2)
انظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 472: 473).
(3)
انظر المقتضب (4/ 43) والتذييل (6/ 484) والهمع (2/ 155).
(4)
انظر شرح كتاب سيبويه للسيرافي بهامش الكتاب (3/ 330) والتذييل (6/ 84) والهمع (2/ 155).
(5)
انظر التذييل (6/ 484) والهمع (2/ 155).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأفاد بقوله: معطى ما له مستقلّا بالتّسمية أنك تقول في نحو: من زيد، ومن زيد، ومن زيد رفعا ونصبا وجرّا كما تقول: من، ومنا، ومن في الأحوال الثلاثة، وكذا يكون العمل في: منذ يومين سواء (1).
وتقول في على زيد مسمّى به: على زيد في الأحوال الثلاثة، لأن «على» لو استقل بالتسمية كان حكمه حكم المقصور.
وتقول في نحو: في زيد على ما اقتضاه إطلاق المصنف: فيّ زيد، وفيّ زيد، وفيّ زيد رفعا ونصبا وجرّا فتضعف الحرف الثاني من «في» كما لو سميت بها وحدها (2).
وقد ذكروا الإعراب (3) الأول في نحو: من زيد مسمّى به وجها وهو: تشبيه حرف الجر لكونه خافضا لما بعده بالاسم المضاف من حيث كان خافضا لما بعده، قالوا: فعلى هذا لا يجوز الإعراب في نحو: بزيد ولا في نحو: في زيد بل تجب الحكاية؛ لأن المضاف لا يكون على حرف واحد أصلا ولا على حرفين أحدهما حرف علة إلّا ما شذ من: فيك وذي مال (4).
واعلم أن الكلمة الأولى - أعني الجارة - كما أعطيت حال الإعراب ما لها مستقلة هكذا الكلمة الثانية - أعني المجرورة - يجب أن تعطى في هذه الحالة أيضا ما لها لو سمّي بها مستقلة، فعلى هذا إذا سمي بنحو: ممّ، وعمّ وجب أن يقال حال الإعراب: من ماء، وعن ماء رفعا، ومن ماء، وعن ماء نصبا، ومن ماء، وعن ماء جرّا (5). -
(1) يقال: جاء في منذ يومين، ورأيت منذ يومين، ومررت بمنذ يومين، هذا إذا أعرب، فإن حكي قيل: منذ على كل حال. وانظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 473).
(2)
وهذا مذهب المبرد والزجاج.
(3)
قال في الكتاب (3/ 334): «وأما كزيد، وبزيد فحكايات؛ لأنك لو أفردت الياء والكاف غيّرتها ولم تثبت كما ثبتت من» .
(4)
انظر التذييل (6/ 484).
(5)
قال في الكتاب (3/ 334): «وإن سميت رجلا: عمّ فأردت أن تحكي في الاستفهام تركته على حاله كما تدع: أزيد، وأزيد: إذا أردت النداء، وإن أردت أن تجعله اسما قلت: عن ماء؛ لأنك جعلته اسما وتمدّ ماء كما تركت تنوين سبعة، لأنك تريد أن تجعله اسما مفردا أضيف هذا إليه بمنزلة قولك:
عن زيد، وعن ههنا مثلها مفردة؛ لأن المضاف في هذا بمنزلة الألف واللام لا يجعلان الاسم حكاية، كما أن الألف واللام لا تجعلان الاسم حكاية، وإنما هو داخل في الاسم وبدل من التنوين، فكأنه الألف واللام».