الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مجيء المصدر على وزن اسمي الفاعل والمفعول]
قال ابن مالك: (يجيء المصدر على زنة اسم المفعول في الثّلاثيّ قليلا، وفي غيره كثيرا، وربّما جاء في الثّلاثيّ بلفظ اسم الفاعل).
ــ
أي: إنّ إصابتكم رجلا، وقال أمية (1):
3584 -
الحمد لله ممسانا ومصبحنا
…
بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا (2)
ويقولون للمكان: هذا مخرجنا ومدخلنا، ومصبحنا وممسانا (3).
قال ناظر الجيش: قال الشيخ (4): ثبت هذا الفصل في نسخة الشيخ بهاء الدين الرّقي (5) - رحمه الله تعالى - وهو أحد تلامذة المصنف وكان عليها خطه.
أما مجيء المصدر على زنة اسم المفعول: فالمنقول أن الأخفش والفراء يجيزان ذلك (6)، وجعلا منه «المرفوع» و «الموضوع» و «المعقول» و «المجلود» و «المفتون» و «المكذوب» و «المعقود» بمعنى: الرّفع والوضع والعقل والجلد والفتنة والكذب والعقد، قال الشيخ (7): وأنكر سيبويه (8) مجيء المصدر على زنة مفعول، وتأوّل هذه الألفاظ فجعل «المرفوع» و «الموضوع» هو الشيء الذي يضعه ويرفعه، تقول: هذا مرفوع ما عندي وموضوعه أي: ما أرفعه، وأضعه، وجعل -
(1) هو: أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، شاعر جاهلي حكيم من أهل الطائف.
(2)
هذا البيت من البسيط، والشاهد فيه: على أنه جعل «الممسى» و «المصبح» للزمان، أراد: الحمد لله في وقت إصباحنا وفي وقت إمسائنا، وقوله: بالخير صبحنا ربي: دعاء كأنه قال: اللهمّ صبّحنا بخير ومسّنا به، والمعنى واضح. ابن السيرافي (2/ 338)، والبيت من شواهد الكتاب (2/ 250)، (4/ 95)(هارون) وابن يعيش (6/ 50، 53)، والمغني (2/ 213)، وديوان أمية (ص 62).
(3)
انظر الكتاب (4/ 95).
(4)
التذييل (6/ 145)(رسالة) وقد تصرف المؤلف فيما نقله عنه.
(5)
هو: سلامة بن سليمان بن سلامة الرّقي الرافقي بهاء الدين أبو الرجاء النحوي، كان من أجلّ تلامذة الجمال بن مالك وأكبرهم، وكان من كبار أئمة العربية وكان صالحا سليم الصدر حسن الأخلاق، وكان ابن مالك يعظمه جدّا ويثني عليه ويصفه بالفضل توفي في صفر سنة ثمانين وستمائة.
انظر بغية الوعاة (1/ 592، 593).
(6)
انظر معاني القرآن (2/ 38)، والمغني (ص 110)، واللسان (كذب).
(7)
التذييل (6/ 145).
(8)
انظر الكتاب (4/ 97).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المعقول مشتقّا من قولك: عقل له أي: شدّ وحبس، فكأنّ عقله قد حبس له وشدّ.
واستغني بهذه المفعولات التي ذكرت عن المفعل الذي يكون مصدرا لأن فيها دليلا على المفعل. قال (1): وأما قوله تعالى: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (2) فزعم بعضهم (3) أن «الباء» زائدة تقديره: أيّكم المفتون كما زيدت في:
3585 -
…
... لا يقرأن بالسّور (4)
وجعل الفراء (5) من هذا «الميسور» و «المعسور» بمعنى: الإيسار والإعسار، وردّ (6) ذلك بأن «الميسور» و «المعسور» هنا ليسا بمصدرين في الثلاثي بل في الرباعي الذي على وزن «أفعل» وللفراء أن يقول (7): ادّعي أن اسم المفعول يأتي مصدرا للفعل الرباعي كما يأتي للفعل الثلاثي إذ لا يجهل أن هذه الكلمة من فعل رباعي، وجعل سيبويه (8) «الميسور» و «المعسور» زمانا [5/ 23] يعسر فيه ويوسر كما تقول: هذا وقت مضروب فيه زيد، وعجبت من زمان مضروب فيه زيد.
ولم يظهر لي هذا التخريج لأن الصيغة التي تدل على الزمان من الفعل غير الثلاثي يجب أن تكون على صيغة اسم المفعول فيه، و «الميسور» و «المعسور» ليسا على صيغة اسم المفعول لفعل رباعي، فكما لا يكونان اسمي مفعول
من «أيسر» و «أعسر» لا يكونان دالّين على زمان ذلك الفعل (9).
(1) أي الشيخ في التذييل (6/ 146).
(2)
سورة القلم: 6.
(3)
ابن هشام في المغني (ص 109) ونسبه لسيبويه وانظر شرح الشافية (1/ 175).
(4)
هذه قطعة من بيت من البسيط وهو بتمامه:
هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة
…
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور
والشعر قيل للراعي وهو في ديوانه (ص 108) وقيل للقتال الكلابي وهو في ديوانه أيضا (ص 53) والاستشهاد بالبيت: على أن الباء زائدة في المفعول.
والبيت في مجالس ثعلب (ص 365)، والمخصص (14/ 70)، والخزانة (3/ 667)، والمغني (ص 29، 109، 675)، وشرح شواهده (ص 91، 336).
(5)
التذييل (6/ 145)، وانظر معاني القرآن (2/ 38).
(6)
أبو حيان في التذييل (6/ 145).
(7)
هذا من كلام المؤلف وفيه دفاع عن الفراء.
(8)
انظر التذييل (6/ 145)، والكتاب (4/ 97)، وشرح الشافية (1/ 175).
(9)
في هذا الكلام رد لمذهب سيبويه وموافقة لمذهب الفراء والأخفش وقد أخذ به المصنف كما ذكر ذلك أبو حيان في التذييل (6/ 146)، وانظر شرح الشافية (1/ 175).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما قول المصنف: وفي غيره أي: وفي غير الثلاثي كثيرا، فقال الشيخ (1):
«هذا تكرار لأنه قد اندرج في قوله قبل «ويصاغ مثل اسم مفعول كلّ منها دالّا على حدثه أو زمانه أو مكانه» .
وأقول: لك أن تقول: ليس هذا بتكرار لأن المذكور أولا لم يتعرض فيه لكثرة ولا قلّة فذكره ثانيا منصوصا على كثرته لئلا يتوهّم أنه كالمصوغ مما فعله ثلاثي في القلّة.
وأما قوله: وربّما جاء في الثّلاثيّ بلفظ اسم الفاعل: فقد مثّل له بـ «العافية» و «العاقبة» و «الباقية» قالوا (2): ومنه «الفاصلة» و «القافية» و «الكاذبة» و «الدّالّة» بمعنى الفصل والعفو والكذب والدّلالة، وقال الفرزدق:
3586 -
على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما
…
ولا خارجا من فيّ زور كلام (3)
أي ولا خروجا (4)، وقال آخر:
3587 -
كفى بالنّأي من أسماء كاف (5)
-
(1) التذييل والتكميل (6/ 146).
(2)
انظر شرح الشافية (1/ 176).
(3)
هذا البيت من الطويل وهو للفرزدق (ديوانه ص 769). وقبله:
ألم ترني عاهدتّ ربّي وإنّني
…
لبين رتاج قائما ومقام
ومعنى البيتين: أنه تاب عن الهجاء وقذف المحصنات وعاهد الله على ذلك بين رتاج الكعبة وهو بابها ومقام ابراهيم عليه السلام.
والشاهد في قوله: «ولا خارجا» على أنه اسم فاعل بمعنى المصدر أي ولا خروجا وهو مذهب سيبويه (4/ 346).
والبيت في الكتاب (1/ 173)(بولاق)، والمقتضب (3/ 269)، (4/ 313)، وابن يعيش (2/ 95)، وشرح الشافية (1/ 177)، والمغني (405)، والخزانة (1/ 108)، (2/ 270)(عرضا).
(4)
انظر الكتاب (4/ 346).
(5)
هذا صدر بيت من الوافر لبشر بن أبي خازم أحد شعراء الجاهلية (ديوانه ص 142).
وعجزه:
وليس لنأيها إذ طال شافي
الشرح: النأي: البعد وهو فاعل كفى والباء زائدة في الفاعل، وأسماء: امرأة أصله: وسماء من الوسامة وهي الحسن. والمعنى: يكفيني بعدها بلاء فلا حاجة إلى بلاء آخر.
والشاهد فيه: نصب «كاف» على المصدر وإن كان لفظه لفظ اسم الفاعل والمراد كافيا، وقد نقل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي: كفاية.
* * *
= صاحب الخزانة عن المرزوقي أنه قال: «يريد كفى النأي من أسماء كفاية وهو اسم فاعل وضع موضع المصدر كقولهم: قم قائما وعوفي عافية وفلج فالجا وكان يجب أن يقول: كافيا لكنه حذف الفتحة كما تحذف الضمة والكسرة» يريد أن الشاعر عامل المنقوص في حالة النصب كما يعامل في حالة الرفع والجر فحذف الياء وانظر البيت في المقتضب (4/ 22)، وابن الشجري (1/ 183)، وابن يعيش (6/ 51)، وشرح الشافية (1/ 176)، وشرح شواهدها (ص 70)، والخزانة (2/ 261).