الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس والخمسون باب همزة الوصل
[مواضع همزة الوصل]
قال ابن مالك: (وهي المبدوء بها في الأفعال الماضية الخماسيّة والسّداسيّة ومصادرها والأمر منها ومن الثّلاثيّ السّاكن ثاني مضارعه لفظا عند حذف أوّله، وفي «ابن» و «اثنين» و «امرئ» وإناثها، و «اسم» و «است» و «ابنم» و «ايمن» المخصوص بالقسم والمبدوء بها «أل» (1) وتفتح مع هذين وتضمّ مع غيرهما قبل ضمّة أصليّة موجودة أو مقدّرة، وتشمّ قبل المشمّة، وتكسر فيما سوى ذلك، وقد تكسر في «ايمن» وربّما كسرت قبل الضّمّة الأصليّة وأصلها الكسر على الأصح).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): لما فرغ من استيفاء أبنية الأفعال وعلم المبدوء منها بهمزة، وما ليس كذلك، واحتيج إلى تبيين همزة الوصل (3) استعين على ذلك بالإحالة على ما تقدم، فاحترز بذكر «الماضية» من همزة المتكلم فإنها همزة قطع في الأفعال كلها (4).
واحترز بـ «الخماسية والسداسية» من الرباعي الذي وزنه «أفعل» كـ «أكرم» ، و «فاعل» كـ «آخذ» ماضي «يؤاخذ» ، ومن الثلاثي الذي أوله همزة كـ «أخذ» (5)، وأمثلة الخماسي والسداسي قد ذكرت فلا حاجة إلى ذكر شيء منها، وقد علم أن كل مثال منها مفتوح الثالث، فإذا قصد مصدره كسر ثالثه وزيد قبل آخره ألف، وترك ما سوى ذلك على ما كان عليه عند قصد الفعلية إلا أن -
(1) في (جـ)، (أ): به، وما أثبته من متن التسهيل لابن مالك.
(2)
انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 464).
(3)
اختلف في سبب تسميتها بهمزة الوصل مع أنها تسقط في الوصل، فقيل: اتساعا، وقيل: لأنها تسقط فيتصل ما قبلها بما بعدها وهذا قول الكوفيين، وقيل: لوصول المتكلم بها إلى النطق بالساكن، وهذا قول البصريين وكان الخليل يسميها: سلّم اللّسان. الأشموني: (4/ 273)، وانظر شرح التصريح (2/ 364)، وقال الصبان (4/ 273)«كان المناسب أن تسمّى همزة الابتداء» .
(4)
انظر التذييل والتكميل (6/ 79)(رسالة) وشرح التصريح: (2/ 364).
(5)
انظر المرجعين السابقين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون ذا إدغام مع الفعلية فيجب مع المصدرية الفكّ من أجل الألف كقولك في ما لا إدغام فيه: استمع استماعا، واستخرج استخراجا، وفي ما فيه إدغام: اشتدّ اشتدادا، واستعدّ استعدادا.
ومثال المبدوء بهمزة وصل من أمر الخماسي والسداسي: استمع واستخرج، وقد سبق الكلام على كيفية صوغ فعل الأمر، وبيان ما هو منه مفتقر لهمزة الوصل (1) فردت الآن بيانا بالتنبيه على الأمر من الخماسي والسداسي، ثم نبهت على الأمر من الثلاثي، وقيدته بسكون ثاني حرف المضارعة منه لفظا عند حذف أوله، فعرف بذلك أن الأمر من: يعلم ويضرب ويخرج: اعلم، واضرب، واخرج، وكذلك ما أشبهها، وقد عرف ذلك أيضا من الفصل السابق، ولكن زيادة البيان أحوط.
وخرج بتقييد السكون باللفظ المحرك ثانيه لفظا لا تقديرا كـ «يقوم» و «يردّ» و «يرى» و «يسيل» فإن ثوانيها محركة لفظا مسكنة تقديرا، فلو لم يقيد السكون باللفظ لتناولت العبارة ما هو مستغن عن همزة الوصل من المحرك ثانيه لفظا المسكن تقديرا.
وخرج بقولي: «عند حذف أوّله» خذ، وكل، ومر، وكان حقّها أن يقال فيها: أؤخذ وأؤكل وأؤمر كما يقال في الأمر من: أثر الحديث وأجر الأجير: أؤثر، وأؤجر، لكن كثر استعمال الأفعال الثلاثية فحذفت الهمزة في الأمر منها على غير قياس (2)، وللكلام على الحذف موضع هو أولى من هذا.
ولما حصرت مواقع همزة الوصل في الأفعال والمصادر كمّلت ذلك بضبط مواقعها الباقية وهي: «ابن» و «ابنة» و «اثنان» و «اثنتان» و «امرؤ» و «امرأة» و «اسم» -
(1) انظر الصفحة قبل السابقة.
(2)
انظر المفصل (ص 351) وقال الزمخشري: «ثم التزموه في اثنين دون الثالث فلم يقولوا أؤخذ ولا أؤكل وقال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ» وانظر ابن يعيش: (9/ 115)، وقال الإمام بدر الدين في شرح لامية الأفعال:«وربما جاءت على القياس فقيل: أؤمر وأؤخذ وأؤكل، وكثر ذلك في: مر مع واو العطف كقوله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها» انظر شرح لامية الأفعال: (87 - 88)، وقال سيبويه في الكتاب:(4/ 111)«وقالوا مره وقال بعضهم: أومره حين خالفت في موضع وكثر في كلامهم خالفوا به في موضع آخر» وقال: (4/ 219)«وأما ما جاء من الأفعال فخذ وكل ومر، وبعض العرب يقول: أو كل فيتمّ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «است» و «ابنم» و «ايمن» المخصوص بالقسم و «أل» موصولة كانت أو معرّفة، أو زائدة (1).
وقيّد «ايمن» بكونه المخصوص بالقسم احترازا من: «أيمن» جمع يمين (2)، وقد تقدم الكلام في باب «القسم» على «ايمن» مكمّلا لكن بعد العهد به فلم أر بأسا بإعادة بعض ذلك تأكيدا للبيان، وتوقّيا للنسيان.
ولما كان سبب الإتيان بهمزة الوصل التوصل إلى الابتداء بالنطق بالساكن وجب كونها متحركة كسائر الحروف المبدوء بها، وأحق الحركات بها الكسرة (3) لأنها راجحة على الضمة، بقلة الثقل، وعلى الفتحة بأنها لا توهم استفهاما، بخلاف الفتحة فإنها توهمه، فإنه لو قيل في «اصطفى»: أصطفى والاستفهام غير مراد لكان لفظه كاللفظ به والاستفهام مراد، فإذا قيل في الإخبار: اصطفى - بالكسر - وفي الاستفهام: أصطفى - بالفتح - أمن الإيهام وتأكّد الإفهام.
وفي فتح همزة الوصل أيضا محذور آخر: وهو تأديته إلى التباس الأمر بالمضارع المسند إلى المتكلم، وذلك أنه لو قيل في الأمر بالانطلاق: أنطلق بفتح الهمزة لتوهّم أنه مضارع [5/ 16] مسند إلى المتكلم، ولا يكفي الفرق بالسكون، فإن المضارع قد يسكن في موضع الرفع تخفيفا كتسكين أبي عمرو وَيَنْصُرْكُمْ (4) وأخواته (5).
ولما استحقت همزة الوصل الكسر في الأفعال كسرت أيضا في الأسماء لتجري على سنن واحد، فإن عرض في ما يلي الساكن الذي جيء بها لأجله ضمّة لازمة -
(1) كون الهمزة في الأسماء العشرة المذكورة طريقة السماع لا القياس، الأشموني (4/ 274).
ومذهب الخليل أن همزة «أل» قطع وصلت لكثرة الاستعمال قال الأشموني (4/ 277): «واختاره الناظم في غير هذا الكتاب» .
(2)
الهمزة فيه للقطع وهو مذهب الكوفيين. ومذهب البصريين أن ايمن المخصوص بالقسم همزته للوصل. انظر الأشموني (4/ 276).
(3)
هذا مذهب البصريين وانظر الإنصاف (2/ 737)(المسألة 107)، والأشموني:(4/ 279).
(4)
من الآية 160 من سورة آل عمران يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ والآية 20 من سورة الملك يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ، والقراءة سبعية انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب القيسي:(1/ 240)، والحجة في القراءات السبع لابن خالويه (ص 77).
(5)
يعني بأخواته «يشعركم» من الآية 109 الأنعام، و «يأمركم» من الآية 67 من سورة البقرة.