الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم وزن فعل توكيدا]
قال ابن مالك: (والمانع مع شبه العلميّة أو الوصفيّة في فعل توكيدا).
ــ
الإبانة عما ذكر في هذا الفصل إلى غيره.
وأما قوله «ولا يجوز صرفها مذهوبا بها مذهب الأسماء خلافا للفرّاء» فالظاهر بل المتعين أن الضمير في «صرفها» و «بها» إنما يرجع للمعدولات من أسماء العدد، ولم يتحقق مراده من قوله:«مذهوبا بها مذهب الأسماء» ولم أعلم مستند الفراء في إجازته صرفها.
وأما قوله: «ولا منكّرة بعد التّسمية خلافا لبعضهم» فقد تقدمت الإشارة إلى ذكر هذه المسألة في الفصل المفتتح بقوله: «ما منع صرفه دون علميّة منع معها» وذكر من خالف في ذلك.
قال ناظر الجيش: قدم المصنف على ذكر العدل المانع مع العلمية [ذكر العدل المانع مع شبه العلمية] أو الوصفية، ومراده بذلك: جمع المستعملة في التوكيد وتوابعها وهي: كتع، وبصع، وبتع وهن جمع: جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء، قال في شرح الكافية (1):«ومن الممنوع من الصرف للعدل والتعريف: جمع وتوابعه، فإنها لا تنصرف للعدل والتعريف، فأما تعريفها فبالإضافة المنوية (2)، فإن أصل: رأيت النساء جمع: رأيت النساء جمعهنّ، كما يقال: رأيتهن كلّهن، فحذف الضمير للعلم به واستغنى بنية الإضافة وصار جمع لكونه معرفة بغير علامة ملفوظ بها، كأنه علم وليس بعلم؛ لأن العلم إما شخصيّ وإما جنسيّ، والشخصيّ مخصوص ببعض الأشخاص فلا يصلح لغيره، والجنسي مخصوص ببعض الأجناس فلا يصلح لغيره، وجمع بخلاف ذلك، فالحكم بعلميته باطل، قال: وما قررته ظاهر قول سيبويه فإنه قال (3): وسألته - يعني الخليل - عن جمع وكتع فقال: هما معرفة «كلهم» وها معدولتان عن جمع جمعاء، وجمع كتعاء هذا نصه. -
(1) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1474).
(2)
انظر الأشموني (3/ 263)، وحاشية الصبان (3/ 264).
(3)
انظر الكتاب (3/ 224).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما العدل فعن «فعلاوات» لأنه جمع «فعلاء» مؤنث «أفعل» وقد جمع المذكر بالواو والنون فكان حق المؤنث أن يجمع بالألف والتاء كـ «أفعل» ، و «فعلى» ، لكن جيء به على «فعل» فعلم أنه معدول عن «فعلاوات» وليس معدولا عن «فعل» كما قال الأخفش والسيرافي (1)، لأن «أفعل» المجموع بالواو والنون لا يجمع مؤنثه على «فعل» بسكون العين، ولا هو معدول عن «فعالى» (2) لأن «فعلاء» لا يجمع على «فعالى» إلّا إذا لم يكن له مذكر على «أفعل» وكان اسما محضا كصحراء، وجمعاء بخلاف ذلك فلا أصل له في «فعالى» ولا «فعل» وإنما أصله: جمعاوات كما قيل في
مذكره: أجمعون انتهى.
وقد جعل المانع من الصرف في هذه الكلمات مع العدل شبه العلمية وبيّن الشبه بقوله: «وصار جمع لكونه معرفة بغير علامة ملفوظ بها كأنه علم» ، ولا شك أن كون إحدى العلتين فيها هو: شبه العلمية هو الظاهر، وأما شبه الوصفية فلم يتقرر لي، لكن قال الشيخ (3):«وأما جهة شبه العلمية أو الوصفية فمن حيث جمع مذكره بالواو والنون كان شبيها بالعلمية، ومن حيث كان المؤنث على «فعلاء» والمذكر على «أفعل» كان شبيها بالصفة؛ لأن ما هذه سبيله فهو صفة» انتهى.
وأقول: أما قوله «إنه من حيث جمع مذكره بالواو والنون كان شبيها بالعلمية «فمدفوع» بأمرين:
أن الجمع بالواو والنون ليس مخصوصا بالأسماء الأعلام، بل الصفات تشاركها في ذلك، وأن المصنف بيّن في شرح الكافية أن مراده بشبه العلمية في هذه الكلمات كونها معرفة بغير علامة ملفوظ بها.
وأما ما قاله في شبه الوصفية فربما يقبل على أنه يمكن أن يقال: إن المراد بشبه الوصفية كونها تستعمل أبدا تابعة لما قبلها كما هو شأن الصفات، ثم إن الشيخ -
(1) انظر الأشموني (3/ 264)، واختاره ابن عصفور، وهو رأي الزجاج. انظر ما ينصرف وما لا ينصرف (ص 40).
(2)
انظر الأشموني (3/ 264).
(3)
انظر التذييل (6/ 421).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال (1): «أما أن العدل يمنع مع شبه العلمية فقد قيل به، وأما أن العدل يمنع مع شبه الوصفية في باب جمع فلا أعلم له فيه سلفا من النحاة. انتهى.
وأما ما هذه الكلمات معدولة عنه فقد عرفت أنها معدولة إما عن «فعل» على قول، وإما عن «فعالى» على قول، وإما عن «فعلاوات» على قول، وأن كونها عن «فعلاوات» هو اختيار المصنف، قال الشيخ (2):«والذي نختاره أن جمع معدول عن الألف واللام؛ لأن مذكره جمع بالواو والنون فقالوا: أجمعون كما قالوا: الآخرون، فقياسه أنه إذا جمع كان معرّفا بالألف واللام، فهو في حال الجمع من باب «أفعل» الذي مؤنثه «الفعلى» ، وفي حال الإفراد من باب «أحمر وحمراء» ، وأشبه «أجمع» ، «أحمر» حتى جعلوا مؤنثه على «فعلاء» من حيث لا يقال فيه: هو أجمع من كذا» انتهى.
وهو كلام عجيب ويظهر أنه مدفوع من جهات:
أحدها: أن كلمة واحدة كيف يكون إذا جمعت يكون مفردها من باب، وإذا لم تجمع يكون ذلك المفرد من باب آخر وهذا لا يعرف له نظير؟
ثانيها: أنه يلزم مما قاله من أن قياس «جمع» أن يكون بالألف واللام أن يكون «أجمعون» كذلك فيقال فيه: الأجمعون كما قيل: الآخرون، أو يدعى فيه أنه معدول مما فيه اللام ولا قائل بذلك.
ثالثها: [5/ 79] أنه نقل القولين المشهورين في تعريف هذه الكلمة هل هو بالعلمية أو بنية الإضافة؟ ولا ينافي القول بذلك مع كون الكلمة معدولة عما فيه اللام، فكان الواجب أن يقول عند ذكر هذين القولين: إن التعريف إنما هو بنية اللام كما يقال في تعريف «سحر» فسكوته عن ذلك تقرير منه لما ذكروه من أن التعريف إما بالعلمية أو بنية الإضافة، ومع ذلك يتعذر القول عما فيه اللام.
والحق أنني لم يظهر لي ما قاله في هذه المسألة وقد يكون له توجيه صحيح خفي عني.
(1) التذييل (6/ 423).
(2)
التذييل (6/ 421).