الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عدم جواز الفصل بين «حتى» و «أو» وبين الفعل]
قال ابن مالك: (ولا يفصل الفعل من «حتّى» ولا «أو» بـ «إذن» ولا بشرط ماضي اللفظ خلافا للأخفش، وقد تعلّق قبل الشرط الآخذ حقّه «حتّى» وفاقا له و «كي» وفاقا للفرّاء).
ــ
فـ «ناعب» عطف على «مصلحين» وإنما جرّ لتوهم أن الشاعر قال: بمصلحين من حيث إن المحل صالح للباء.
وأما العطف على المعنى فلا بد فيه من تأويل الكلام المعطوف على بعضه بكلام آخر يصح معه العطف كما رأيت من تأويل: «لن ترى» بـ «لست براء» .
وأما أن العطف في نحو: لأقتلنّ الكافر أو يسلم؛ من العطف على التوهم فليس بظاهر؛ لأن العطف على التوهم إنما يكون على شيء له استحقاق قبل أن يعطف عليه لما توهم فيه، ولا شك أن «لألزمنك» قبل أن يقال: أو تقضيني ديني، و «لأقتلن الكافر» قبل أن يقال: أو يسلم، لا يستحق أن يكون مصدرا بل ولا يجوز فيه ذلك، وإنما لما عطف على الفعل المذكور ما هو اسم في التقدير وجب أن يقدر ما عطفت عليه اسما ليصح العطف، فإنما احتجنا إلى تقديره اسما من أجل أن المعطوف اسم، والاسم لا يعطف على الفعل إلا في موضع خاص (1)، وإذا كان كذلك فالعطف في نحو: لأقتلنّ الكافر أو يسلم؛ من باب العطف على التوهم في شيء وإنما عطف على التحقيق لكنه بتأويل في المعطوف عليه، وقد عرفت الموجب للتأويل ما هو؟
قال ناظر الجيش: قال الشيخ (2) مشيرا إلى ما ذكر: ثبت هذا في بعض النسخ التي عليها خطه رحمه الله تعالى، قال: وثبت في نسخة أخرى ما نصه:
ولا يفصل الفعل من «حتى» ولا «أو» بظرف [5/ 113] ولا شرط ماض خلافا -
- (1/ 165، 306)(هارون) إلى الأحوص، وقد رواه الجاحظ في البيان والتبيين (2/ 261) ثالث ثلاثة أبيات ونسبها للأحوص.
والشاهد في قوله: «ولا ناعب» حيث ضبط بالجر عطفا على مصلحين لما توهم أن الشاعر قال:
بمصلحين من حيث إن المحل صالح للباء، والبيت في الإنصاف (ص 193)، وابن يعيش (2/ 52)، (5/ 68) والمغني (ص 478، 553)، والخزانة (2/ 140)، (3/ 507).
(1)
وذلك إذا كان الاسم يشبه الفعل لتقارب المعنى.
(2)
انظر: التذييل (6/ 600).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للأخفش وابن السراج، قال (1): ونحن نشرح ذلك فنقول: قوله: ولا يفصل الفعل من «حتّى» ولا «أو» بـ «إذن» - الظاهر أنه تصحيف، فإنه لا محل لدخول «إذن» بين «حتى» والمنصوب بعدها، ولا بين «أو» والمنصوب بعدها وإنما هو بـ «أن» أي لا يفصل بين «حتى» والفعل ولا بين «أو» والفعل بـ «أن» وذلك إما على مذهب البصريين فـ «أن» واجبة الإضمار بعدهما، فلا تظهر «أن» بعدهما، وإما على مذهب الكوفيين فلأن «حتى» بنفسها تنصب فلا يناسب المجيء بـ «أن» بعدها، وأما «أو» فالناصب عندهم الخلاف فلا معنى لدخول «أن» بينها وبين الفعل، لكن قد حكى ابن الأنباري أنه يجوز في قول الكوفيين: لأسيرنّ حتى أن أصبّح القادسية، على أن «أن» تؤكد «حتى» ، قال (2): كما أكدت «كي» ولا موضع لها من الإعراب - يعني «أن» - وذلك لأنها زائدة عندهم لا مصدرية وإن لم يكن قوله: «إذن» تصحيفا فتمثيل المسألة: أصحبك حتى إذن أتعلم، وألزمك أو إذن تقضيني حقي.
وقوله: (ولا بشرط ماضي اللّفظ) مثاله: أصحبك حتى إن قدّر الله أتعلم العلم، ولألزمنّك أو إن شاء الله تقضيني حقي (3)، وإنما قال «بشرط ماض» لأن جواب الشرط محذوف؛ إذ الفعل منصوب بعد «حتى» و «أو» وجواب الشرط إذا كان محذوفا يقتضي مضي الشرط.
وقوله: (خلافا للأخفش) لا أدري أهذا الخلاف للأخفش راجع إلى المسألتين - أعني مسألة الفصل بين «حتى» والفعل، و «أو» والفعل بـ «أن» ، ومسألة الفصل بين كل واحدة منهما والفعل بالشرط، أم إلى المسألة الأخيرة وهي الفصل بالشرط؟
وينبغي أن لا يقدم على نسبة ذلك للأخفش إلا بوضوح نقل أبين من هذا النقل.
وقوله: (وقد تعلق قبل الشرط الآخذ حقّه «حتّى» وفاقا له) أي للأخفش ومثال ذلك: أصحبك حتى إن تحسن إليّ أحسن إليك، ويعني بالتعليق هنا: إبطال العمل، وذلك كما أجاز الكسائي ومن أخذ بمذهبه ذلك في «كي» نحو: جئت كي إن تكافئ -
(1) انظر: التذييل (6/ 601 - 603) وقد نقله المؤلف بتصرف.
(2)
انظر: شرح التسهيل لبدر الدين (4/ 24).
(3)
وهذا على مذهب الأخفش وابن السراج اللذين يريان جواز الفصل بين «حتى» ومنصوبها بالشرط الماضي. انظر: الهمع (2/ 10).