المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٨

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والخمسون باب أبنية الأفعال ومعانيها

- ‌[أبنية الثلاثي ومعانيها]

- ‌[اسم الفاعل من فعل بالضم]

- ‌[مضارع فعل بالكسر يفعل بالفتح إلا بعض الأفعال]

- ‌[معاني فعل بالكسر وتسكين عينه تخفيفا]

- ‌[أوزان اسم الفاعل من الأفعال المختلفة]

- ‌[معاني فعل بالفتح]

- ‌[معان أخرى كثيرة لفعل المفتوح العين]

- ‌[مضارع فعل المفتوح العين يفعل بكسرها]

- ‌[حكم الفعل المضارع من غير الثلاثي]

- ‌[معاني فعلل]

- ‌[معاني أفعل المزيد بالهمز]

- ‌[معاني فعّل بالتشديد]

- ‌[معاني تفعّل المزيد بالتاء والتشديد]

- ‌[معاني فاعل وتفاعل]

- ‌[معاني افتعل المزيد بالهمز والتاء]

- ‌[معاني انفعل المزيد بالهمز والنون]

- ‌[معاني استفعل]

- ‌[معاني افعلّ بتشديد اللام وافعوعل]

- ‌[معاني افعوّل وما ندر من الأوزان الأخرى]

- ‌[حكم فعل الأمر من أنواع الأفعال السابقة]

- ‌الباب السادس والخمسون باب همزة الوصل

- ‌[مواضع همزة الوصل]

- ‌[أحكام خاصة بهمزة الوصل]

- ‌الباب السابع والخمسون باب مصادر الفعل الثّلاثي

- ‌[أوزان بعض هذه المصادر]

- ‌[من أوزان مصادر الثلاثي]

- ‌[مصادر الحرف والأدواء والأصوات والألوان]

- ‌[مصادر الفعل المتعدي - اسم المرة والهيئة]

- ‌الباب الثامن والخمسون باب مصادر غير الثّلاثي

- ‌[مصادر المبدوء بهمزة وصل، مصادر أفعل وفعّل وفاعل]

- ‌[أوزان مصادر أخرى مختلفة]

- ‌[لزوم تاء التأنيث في بعض المصادر]

- ‌[مجيء المصدر على وزن اسمي الفاعل والمفعول]

- ‌الباب التاسع والخمسون باب ما زيدت الميم في أوّله لغير ما تقدّم وليس بصفة

- ‌[أسماء الزمان والمكان]

- ‌[الزمان والمكان على وزن مفعل بالكسر أو الفتح]

- ‌[مجيء مفعلة للسبب - اسم الآلة]

- ‌الباب الستون باب أسماء الأفعال والأصوات

- ‌[بعض أحكام أسماء الأفعال]

- ‌[أنواع أسماء الأفعال: أمر - ماض - حاضر]

- ‌[أسماء فعل الأمر ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل الماضي والمضارع ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور]

- ‌[القياس على بعض هذه الأسماء]

- ‌[خلاف العلماء في موضع الضمير المتصل بها]

- ‌[أحكام أخرى لهذه الأسماء]

- ‌[أسماء الأصوات: أنواعها - أمثلة لها - أحكامها]

- ‌الباب الحادي والستون باب نوني التّوكيد

- ‌[نوعاهما - لحوقهما المضارع وجوبا، والأمر والمضارع جوازا]

- ‌[حكم المضارع المؤكد بالنون: معرب أم مبني]

- ‌[أحكام خاصة بنون التوكيد الخفيفة]

- ‌[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه]

- ‌الباب الثاني والستون [باب منع الصّرف]

- ‌[تعريف الصرف وشرح التعريف]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلة واحدة]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلتين: الوصفية، وعلة أخرى]

- ‌[خلاف فيما كان علما على وزن الفعل]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية وعلة أخرى]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية والتأنيث]

- ‌[مسألتان في العلم المختوم بالزيادتين والمجهول الأصل]

- ‌[حكم أسماء القبائل والأماكن]

- ‌[تعريفات ومسائل في أسماء القبائل]

- ‌[ما يمتنع صرفه معرفة ونكرة وما يمتنع صرفه معرفة فقط]

- ‌[حكم جوار ونحوه في أحواله الثلاثة]

- ‌[الآراء في إعراب المركب المزجي]

- ‌[ما يمتنع صرفه للوصفية والعدل]

- ‌[حكم وزن فعل توكيدا]

- ‌[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره]

- ‌[حكم الصرف وعدمه بالنسبة إلى الاسم مكبرا ومصغرا]

- ‌[أسباب صرف ما لا ينصرف وحكم منع المصروف]

- ‌الباب الثالث والستون [باب التسمية بلفظ كائن ما كان]

- ‌[شرح العنوان وبيان معناه]

- ‌[للاسم المسمى به ما كان له قبل التسمية]

- ‌[يعرب الاسم المسمى به بما كان له قبل التسمية]

- ‌[إجراء حاميم وياسين مجرى قابيل]

- ‌[المسمى به إذا كان ناقصا كمن وعن]

- ‌[أحكام مختلفة في المسمى به]

- ‌[جواز الإعراب والحكاية في الجار والمجرور]

- ‌[حكم الفعل والعلامة في لغة يتعاقبون]

- ‌[تسمية المذكر ببنت وأخت]

- ‌[حكم التسمية بالأسماء الموصولة]

- ‌[أسماء الحروف الهجائية وحكمها]

- ‌[أحكام أخرى لأسماء الحروف]

- ‌الباب الرابع والستون [باب إعراب الفعل وعوامله]

- ‌[اختلاف النحويين ومذاهبهم في رافع المضارع]

- ‌[أحكام «أن» المخففة و «أن» المصدرية]

- ‌[خلاف العلماء في «أن» بأنواعها]

- ‌[«لن» الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[كي الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إذن الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «لام» الجحود وبعد «حتى»]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «أو»]

- ‌[عدم جواز الفصل بين «حتى» و «أو» وبين الفعل]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد فاء السببية المسبوقة بالأجوبة الثمانية]

- ‌[حكم تقديم الجواب المقترن بالفاء على سببه]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد واو المعية في الأجوبة المذكورة]

- ‌[سقوط الفاء من الأجوبة وجزم الفعل]

- ‌[حكم الجواب المدلول عليه باسم الفعل جزما ونصبا]

- ‌[حكم الفعل المعطوف بالواو أو الفاء على الشرط أو الجواب]

- ‌[جواز إظهار «أن» وإضمارها بعد عاطف على اسم صريح وبعد لام التعليل]

- ‌[«أن» الزائدة ومواضع ذلك و «أن» المفسرة وأحكام لها]

- ‌[حكم المضارع بعد «حتى» نصبا ورفعا]

الفصل: ‌[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور]

[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور]

قال ابن مالك: (ومنها ظروف [وشبهها جارة ضمير مخاطب كثيرا وضمير غائب قليلا] كـ «مكانك» بمعنى «اثبت» و «عندك» و «لديك» و «دونك» بمعنى «خذ» و «وراءك» بمعنى «تأخّر» و «أمامك» بمعنى تقدّم و «إليك» و «إليّ» [بمعنى] «تنحّ» و «أتنحّى» و «عليك» و «عليّ» و «عليه» بمعنى «الزم» و «أولني» و «ليلزم»).

قال ناظر الجيش: أسماء الأفعال الدالة على الأمر قسمان: أحدهما: ما وضع اسما للفعل في أول الأمر نحو: نزال، ودراك، وهلمّ، ثانيهما: ما كان في الأصل ظرفا أو جارّا ومجرورا فنقل وسمّي به الفعل، ولما أنهى المصنف الكلام على القسم الأول شرع في ذكر القسم الثاني، وهذا النوع لا يستعمل إلا متصلا بضمير مخاطب، وشذ قولهم:«عليه رجلا» بمعنى: ليلزم، وعليّ الشّيء بمعنى: أولنيه.

وإليّ بمعنى: أتنحّى (1)، ذكر المصنف ذلك في شرح الكافية (2).

وينبغي أن يعلم أن في «إليّ» بمعنى: أتنحّى شذوذا آخر وهو استعماله في الخبر دون الأمر، لكن لقائل أن يقول: إن معنى: إليّ: لأتنح؛ فيكون أمرا أمر المتكلم به نفسه، وعلى هذا إنما يكون فيه شذوذ واحد وهو اتصاله بضمير المتكلم، وقد يقال:

إن قائل هذا إنما قاله جوابا لمن قال له: إليك أي تنحّ فقال: إليّ كأنه قال هذا منكرا على من قال له: إليك، فأعاد اللفظ الذي يقصد إنكاره على قائله له كأنه يقول:

أإليّ؟ أي أتأمرني بالتّنحّي وتقول لي هذا اللفظ؟

وعلى هذا فلا يكون «إليّ» اسم فعل، وإنما هي كلمة قصد بها الإنكار على من أمره بمثلها فأعاد اللفظ مضافا إلى نفسه كأنه يقول: أتنحّيني عن مكاني؟

ثم قد عرف من قول المصنف: كمكانك بمعنى: اثبت، وعندك، ولديك، -

(1) قال سيبويه في الكتاب (1/ 249، 250): «وحدثنا أبو الخطاب أنه سمع من العرب من يقال له: إليك فيقول: إليّ كأنه قيل له: تنحّ، فقال: أتنحّى» وانظر شرح الكافية للرضي (2/ 75)، وقد نقل الأشموني كلام المصنف عن شرح الكافية وقال «وكلامه في التسهيل يقتضي أن ذلك غير شاذ» انظر الأشموني (3/ 201).

(2)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1393).

ص: 3891

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ودونك، بمعنى: خذ، ووراءك بمعنى: تأخر، وأمامك بمعنى: تقدم، إلى آخر كلامه - أن من هذه الكلمات ما وضع موضع فعل متعدّ، ومنها ما وضع موضع فعل لازم، فيكون حكم اسم الفعل في التعدي واللزوم حكم الفعل الذي هو بمعناه.

وفي شرح الإيضاح (1) لابن [5/ 38] عصفور: «وهذه الظروف والمجرورات منها ما وضع موضع فعل متعد وهو: عليك ودونك، وكما أنت في قولهم: كما أنت زيدا، ولديك وكذاك في قول الشاعر:

3642 -

يقلن وقد تلاحقت المطايا

كذاك القول إنّ عليك عينا (2)

ومنها ما وضع موضع فعل غير متعد وهو: وراءك، وأمامك، وإليك، ومنها ما وضع تارة موضع فعل متعد وتارة موضع فعل غير متعد وهو: مكانك وعندك، ثم ذكر أن عليك وضعت موضع متعد إلى واحد تارة وموضع

متعد إلى اثنين أخرى.

فمثال الأول: عليك زيدا، ومثال الثاني: قول العرب: عليّ زيدا: الأصل فيه:

اعطف عليّ زيدا واردد عليّ زيدا، فحذف العامل وأنيب «على» منابه وضمّن الكلام معنى: ناولني زيدا» انتهى (3).

ولقائل أن يقول: الذي تعدى إلى اثنين على قوله إنما هو «عليّ» لا «عليك» ، ثم لم أتحقق قوله «إن الكلام ضمّن معنى: ناولني زيدا» وليس لـ «ناولني زيدا» معنى في هذا التركيب، والأقرب ما قاله المصنف من أن معناها: أولني و «أولى» يتعدى إلى مفعولين، ومن ثمّ قالوا: إن «عليّ» لها في اللفظ مفعول واحد وفي المعنى مفعولان، نابت الياء مناب أحدهما، ولو قيل: إن «على» مع مجرورها إذا نقلت وجعلت اسم فعل إنما تتعدى إلى واحد سواء أكان المتصل بها الكاف أو الياء لكان قولا، أما إذا اتصلت الكاف بها فظاهر، وأما إذا اتصلت بها الياء - مع قلة ذلك - فوجهه أن المتكلم بها آمر نفسه، فمعنى «عليّ زيدا» لألزم زيدا، يأمر الإنسان نفسه باسم الفعل كما يأمرها بالفعل. -

(1) كتاب مفقود لابن عصفور يوجد منه أربعون ورقة في تركيا من أول الكتاب وانظر هذا النقل في شرح المقرب (المنصوبات، قسم أول ص 308).

(2)

مر الاستشهاد به وشرحه.

(3)

أي كلام ابن عصفور في شرح الإيضاح.

ص: 3892

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذ قد تقرر هذا فلنرجع إلى ألفاظ الكتاب فنقول:

قوله: كمكانك بمعنى: اثبت يفيد أن مكانك لا يتعدى، وقد تقدم من كلام ابن عصفور أن مكانك يوضع موضع ما هو متعد وما هو غير متعد، قال ابن عصفور (1):

«ولم يحفظ البصريون إلا كون هذه الكلمة لازمة، وحفظ الكوفيون كونها متعدية بمعنى: انتظر، فيقولون: مكانك زيدا» انتهى.

ولا شك أن إثبات كونها متعدية يحتاج إلى دليل.

وقوله: وعندك ولديك ودونك بمعنى: خذ - يفيد أن ثلاث الكلمات متعدية.

أما «عندك» فقد ذكر ابن عصفور أنها تستعمل لازمة كما تستعمل متعدية، ولم يستشهد على ذلك بشيء، وتبعه

الشيخ في ذلك فقال (2): «وتكون لازمة فتستعمل بمعنى تخوّف وتقدّم» (3).

وأقول: إن ذلك يحتاج إلى دليل، ثم كيف يكون معنى «عندك» تقدّم.

ولا شك أن الأمر بالتقدم ينافي قوله: عندك؟

وأما «دونك» فأثبتها ابن عصفور متعدية؛ لكن قال الشيخ: (4): «وتستعمل لازمة بمعنى تأخّر، ولم يذكر على ذلك شاهدا، وأنشد لجرير:

3643 -

أعيّاش قد ذاق القيون مرارتي

وأوقدت ناري فادن دونك فاصطلي (5)

-

(1) يبدو أنه في شرح الإيضاح لأنني لم أعثر عليه في كتبه التي بين أيدينا كما أنه متصل بالكلام السابق عن ابن عصفور.

(2)

انظر التذييل (6/ 218).

(3)

قال سيبويه في الكتاب (1/ 249): «وأما ما لا يتعدى المأمور ولا المنهيّ فقولك: مكانك وبعدك إذا قلت: تأخر أو حذرته شيئا خلفه، وكذلك عندك إذا كنت تحذره من بين يديه شيئا أو تأمره أن يتقدم» وانظر اللسان (عند).

(4)

انظر التذييل (6/ 218، 219).

(5)

هذا البيت من الطويل وهو لجرير (ديوانه: 2/ 62).

الشرح: عياش: هو ابن الزبرقان، والقيون: جمع قين وهو الحداد وقيل: كلّ صانع قين، ويجمع أيضا على أقيان، والقين أيضا: العبد والجمع قيان، والمراد هنا الأول بدليل الجمع على «قيون» وإن كان الأظهر أن يراد الثاني ولعله كذلك وإن كان أخطأ في الجمع لأن المراد بالقيون قوم الفرزدق، وقوله:

فادن دونك: أي قريبا بمعنى: اقترب مني، «فاصطلي» الاصطلاء: الاستدفاء بالنار. -

ص: 3893

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي: خذ النار فاصطلي».

وأما قوله: ووراءك بمعنى: تأخّر، وأمامك بمعنى: تقدّم - فواضح.

وأما قوله: وإليك وإليّ

إلى آخره - فـ «تنحّ» راجع إلى «إليك» و «أتنحّى» راجع إلى «إليّ» (1) قال الشيخ (2): «هذا الذي ذكره هو مذهب البصريين أي في كونها لازمة (3) وزعم الكوفيون (4) أنها تتعدى فتقول: إليك زيدا أي:

أمسك زيدا، ولذلك اختلفوا في قوله:

3644 -

إذا التّيّاز ذو العضلات قلنا

إليك إليك ضاق به ذراعا (5)

فقدره البصريون: تأخّر تأخّر، وقدره الكوفيون: أمسك أمسك، قال (6):

والصحيح ما ذهب إليه البصريون إذ لا يحفظ من لسان العرب متعديا، لكنه -

- والشاهد في البيت: قوله: «دونك» فإنه اسم فعل بمعنى: خذ، والبيت في نوادر أبي زيد (ص 360) والإيضاح للفارسي (ص 165) وشرح ألفية ابن معط (ص 1164) وذكر الشارح أن «دونك» في البيت بمعنى: ادن واقرب فهي على هذا المعنى لازمة، ومعناه: أنه رجل داه.

(1)

انظر التذييل (6/ 219).

(2)

التذييل (6/ 219، 220)، وقد تصرف المؤلف فيما نقله عنه.

(3)

الضمير في «كونها» يعود على إليك، وقال سيبويه في الكتاب (1/ 249): «وإليك إذا قلت:

تنح» وواضح من كلامه أنها لازمة.

(4)

في التذييل (6/ 220)«ويعقوب بن السكيت» .

(5)

هذا البيت من الوافر وهو للقطامي (ديوانه ص 40) وقبله:

فلمّا أن جرى سمن عليها

كما بطّنت بالعذن السّباعا

أمرت بها الرجال ليأخذوها

ونحن نظنّ ألّا تستطاعا

الشرح: التياز: التياز من الرجال: القصير الغليظ الملزّز الخلق الشديد العضل مع كثرة لحم فيها، ويقال للرجل إذا كان فيه غلظ وشدة: تياز، وقوله: ذو العضلات، أي ذو اللحمات الغليظة الشديدة، وكل لحمة غليظة شديدة في ساق أو غيره فهي عضلة، و «إذا» في البيت داخلة على جملة ابتدائية لأن «التياز» مبتدأ و «قلنا» خبره والعائد محذوف تقديره: قلنا له، و «ضاق بها ذراعا» جواب إذا.

انظر اللسان (تيز)، والشاعر يصف بكرة اقتصبها وقد أحسن القيام عليها إلى أن قويت وسمنت وصارت بحيث لا يقدر على ركوبها لقوتها وعزة نفسها.

والشاهد في البيت: في قوله: «إليك إليك» حيث فسرها البصريون بـ «تأخر تأخر» فهي لازمة، وفسرها الكوفيون بـ «أمسك أمسك» فهي متعدية. والبيت في المقرب (1/ 136) واللسان (تيز) و (ألا).

(6)

أي الشيخ أبو حيان.

ص: 3894

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال (1) - تبعا لابن عصفور - وساغ أن يتعدى فعل المضمر المتصل إلى مضمره المتصل في اللفظ لأنه في التقدير على حذف مضاف أي إلى جهتك». انتهى.

وهو كلام عجيب فإنه يقتضي أن اسم الفعل هو «إليّ» (2) وحدها، وأنها ناصبة للكاف، وليس الأمر كذلك بل «إليك» (3) بجملته هو اسم الفعل نقل وسمي به، وبعد النقل لا نظر إلى أجزاء الكلمة، وليس ثمّ إلا ضمير واحد مرفوع بجملة «إليك» (4) الذي هو اسم الفعل وهذا أمر لا يرتاب فيه ولا يجوز أن يظن خلافه.

وأما قوله: وعليك وعليّ وعليه بمعنى: الزم وأولني وليلزم - فالأول للأول والثاني للثاني والثالث للثالث، فمعنى عليك زيدا: الزم زيدا، ونقل ابن عصفور (5) عن المازني أن الأصل فيه: خذ زيدا من عليك أي من فوقك، فحذف حرف الجر ووصل فعل الأمر بنفسه، ثم حذف فعل الأمر وأقيم الظرف الذي هو عليك مقامه، قال: حكى ذلك عنه السيرافي، قال (6): وكأن الذي حمله على إضمار حرف جر أنه رأى العرب لا تقول: خذ زيدا عليك، وتقول: خذ زيدا من عليك أي من فوقك (7) بإدخال من على «على» كما دخلت عليها في قول الشاعر (8):

3645 -

غدت من عليه

... .... البيت (9)

-

(1) أي الشيخ أبو حيان، انظر التذييل (6/ 220).

(2)

،

(3)

،

(4)

في نسخة (جـ)، (أ): عليّ، عليك، عليك، والصواب ما أثبتناه؛ لدلالة السياق عليه.

(5)

يبدو أن هذا الكلام في شرح الإيضاح له ولم أعثر عليه وانظر الحديث عن عليك منقولا عن ابن عصفور في شرح المقرب (المنصوبات، أول: ص 308).

(6)

أي السيرافي، انظر شرح السيرافي على كتاب سيبويه (رسالة)(2/ 1013).

(7)

قال سيبويه في الكتاب (4/ 231): «ويدلك على أنه اسم قول بعض العرب: نهض من عليه» وقال في (3/ 268): «سمعنا من العرب من يقول: نهضت من عليه، كما تقول: نهضت من فوقه» وانظر الكتاب (1/ 420).

(8)

هو مزاحم بن الحارث العقيلي كما في ابن يعيش (8/ 38).

(9)

هذا جزء بيت من الطويل وهو بتمامه كما جاء في شرح السيرافي (2/ 1013):

غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها

تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل

الشرح: ظمؤها: الظمء: ما بين الوردين ويروى «خمسها» والخمس: هو أن ترد الماء يوما ثم تتركه ثلاثا وتعود إليه في الخامس، تصل: أي يصل جوفها ويصوت من يبسه من العطش، والقيض: قشور البيض، والبيداء: القفر، ومجهل: أي لا يهتدى فيه. يصف الشاعر قطاة غدت عن فرخها طالبة للورد بعد تمام الظمء أو الخمس، ويريد أنها أفرخت بيضها لتوّها فهي تسرع في طيرانها في ذهابها وإيابها اشفاقا وحرصا. -

ص: 3895

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال ابن عصفور: «ما ذهب إليه باطل عندي لما فيه من تكلف إضمار حرف جر من غير داعية إليه إذ يمكن أن يكون التقدير: أمسك عليك زيدا كما قال تعالى:

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ (1)، وكذلك قوله تعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (2) تقديره:

أمسكوا عليكم أنفسكم أي امنعوها من أن تقع في ضلال (3)، ولا يكون الفعل المضمر العامل في «عليك» أمسك في كل موضع بل يقدر على حسب ما يساعد المعنى عليه؛ ألا ترى أنك لو قلت: عليك الصوم لكان التقدير: أوجبت عليك الصوم، لأن تقدير: أمسك لا يساعد عليه المعنى» انتهى.

وما ذكره غير ظاهر: أما أولا: فلأنه بنى الأمر على أن أسماء الأفعال معمولة لعوامل مقدرة، وأنها في موضع نصب، وسيأتي الكلام على هذه المسألة وبيان أنها لا موضع لها من الإعراب.

وأما [5/ 39] ثانيا: فلأنه إذا جعل التقدير في: عليك زيدا: أمسك عليك زيدا - خرج «عليك» عن أن يكون اسم فعل ويكون انتصاب الاسم الواقع بعد «عليك» بذلك الفعل المقدر، و «عليك» متعلقة به؛ لأنا إذا قدرنا «أمسك» مثلا خرج «عليك» عن أن يكون بمعنى: الزم قطعا، وبخروجها عن ذلك تخرج عن أن تكون في هذا التركيب اسم فعل، وكذا ما نسب إلى المازني من أن أصل الكلام: خذ زيدا من عليك أي من فوقك - لا معول عليه.

والحق أن «عليك» من: عليك زيدا بمعنى الزم وهي الناصبة لـ «زيد» وذلك أن هذا الجار والمجرور الذي هو «عليك» وما أشبهه قد كان معمولا لشيء ثم نقل وسمي به الفعل ووجب قطع النظر عن الحالة التي كان عليها أولا (4).

وبعد، فالذي ذكره ابن عصفور لم يتجه لي تقريره، وكذا ما ذكره عن المازني -

- والشاهد فيه: دخول من على «على» لأنها اسم في تأويل فوق كأنه قال: غدت من فوقه، والبيت في الكتاب (4/ 231)، والمقتضب (3/ 53) والكامل (2/ 82) والخزانة (4/ 253)، والمغني (ص 146)، والعيني (3/ 301) والتصريح (2/ 19)، والهمع (2/ 36) والأشموني (2/ 266).

(1)

سورة الأحزاب: 37.

(2)

سورة المائدة: 105.

(3)

في البيان (1/ 307)«أي احفظوا أنفسكم» وانظر التبيان للعكبري (ص 465).

(4)

انظر ما ذكره المؤلف ردّا على ابن عصفور والشيخ أبي حيان في «إليك» في الصفحة السابقة.

وانظر التبيان للعكبري (ص 465).

ص: 3896

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيضا وعلى الناظر أن يتأمل ويعمل بما يتضح عنده في هذه المسألة، ثم ليس المعنى في نحو: عليك الصّوم: أوجبت عليك الصوم، لأن «عليك الصوم» قد يقال لمن لا وجب عليه الصوم إذ الأمر بملازمة الشيء لا يلزم عنه الوجوب، فإنه يقال:

عليك نوافل الطاعات، وعليك إيثار المحتاجين، وعليك إسداء المعروف، ولا شك أن المعنى في نحو هذه الأمثلة: الزم كذا الزم كذا.

وقد مشى الشيخ وراء ابن عصفور فقال بعد ذكره رأي المازني والإشارة إلى بطلانه كما ذكر ابن عصفور: «التقدير عندنا: أمسك عليك زيدا» انتهى (1).

قالوا (2): وقد جاءت «عليك» متعدية بالباء، ومنه الحديث الشريف:«فعليك بذات الدّين» (3)، وقال الأخطل:

3646 -

فعليك بالحجّاج لا تعدل به

أحدا إذا نزلت عليك أمور (4)

والذي يظهر لي أن «عليك» الذي هو بمعنى الزم ضمن معنى: استمسك فعدّي تعديته.

وأما «عليّ» فقد فسره المصنف بأن معنى «عليّ» أولني، وقد تقدم الكلام عليها، وتفسير ابن عصفور لها بـ «ناولني» والبحث معه.

وأما «عليه» فقد فسره المصنف بأن معناه: ليلزم، وقد عرفت أن إيلاء هذه الكلمات غير ضمير المخاطب قليل (5)، ومن كلام العرب:«عليه رجلا ليسني» ذكره سيبويه (6). -

(1) انظر التذييل (6/ 220) وقد تصرف المؤلف فيما نقله عنه.

(2)

انظر التذييل (6/ 221).

(3)

رواه البخاري في صحيحه بشرح السندي (3/ 242) كتاب النكاح وفي صحيح مسلم بشرح النووي (10/ 51)، والنهاية لابن الأثير (1/ 184).

(4)

هذا البيت من الكامل وهو للأخطل (ديوانه: ص 11) والحجاج: هو الحجاج بن يوسف الثقفي الأمير الأموي الشهير ومعنى البيت واضح. والشاهد فيه: مجيء «عليك» متعدية بالباء والبيت في شرح التصريح (2/ 198) والتذييل (6/ 221). وقال الشيخ خالد «وفيه بحث لاحتمال أن تكون الباء زائدة» .

(5)

انظر شرح ابن الناظم للألفية (ص 612) والأشموني (3/ 201).

(6)

انظر الكتاب (1/ 250).

ص: 3897