الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الزمان والمكان على وزن مفعل بالكسر أو الفتح]
قال ابن مالك: (وشذّ من جميع ذلك بكسر: مشرق، ومغرب، ومرفق، ومنبت، ومسجد، ومجزر، ومسقط، ومظنّة، ومرجع، ومعرفة، ومغفرة، ومعذرة، ومأوية، ومعصية، ومرزئة، ومكبر، ومحمية، وبه مع الفتح: مطلع، مفرق، محشر، مسكن، منسك، محلّ أي منزل، مجمع، مناص، مذمّة، من الذّمام، مدبّ النّمل، مأوى الإبل، معجز، معجزة، مظلمة، مضلّة، مزلّة، معتبة، مضربة السّيف، موضع، موحل، موقعة الطّائر، محمدة، محسبة، علق مضنّة، وبالتثليث مهلك، مهلكة، مقذرة، مأربة، مقبرة، مشرقة، مزرعة، ولم يجئ «مفعل» سوى مهلك إلا معون، ومكرم، مألك، وميسر).
قال ناظر الجيش: الذي شذّ بالكسر فيما تقدمت الإشارة إليه شذوذه على ثلاثة أقسام (1):
الأول: ما لم تكسر عين مضارعه وإنما ضمّت وهو من «مشرق» إلى «مظنّة» ثماني كلمات (2)، وكلها للمكان فجاءت بالكسر وقياسها الفتح لأن المضارع منها مضموم (3)، تقول: يشرق، ويغرب، [ويرفق]، وينبت، ويسجد، ويجزر، ويسقط، ويظن، قال الشيخ (4):«وذكر المصنف مع هذه الأسماء «المسجد» تابعا لأبي عبيد القاسم بن سلام (5) على أن يكون موضع السجود»، قال: وهو مخالف لما في كتاب سيبويه فإنه قال (6): «وأما المسجد فإنه اسم لبيت ولست تريد موضع السجود وموضع جبينك، ولو أردت ذلك لقلت مسجدا» .
(1) هذه الأقسام الثلاثة ذكرها أبو حيان في التذييل والتكميل (6/ 151، 152)، وهذا يدل على شدة تأثر المؤلف به.
(2)
وهي: مشرق، ومغرب، ومرفق، ومنبت، ومسجد، ومجزر، ومسقط، ومظنّة.
(3)
انظر الكتاب (4/ 90).
(4)
انظر التذييل (6/ 151).
(5)
هو أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي بالولاء الخراساني البغدادي من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه، ومن أهل هراة ولد وتعلم بها وكان مؤدبا، من كتبه:«الغريب المصنف» و «المذكر والمؤنث» ، و «المقصود والممدود» وتوفي سنة 230 هـ.
انظر الأعلام (5/ 176)، ونزهة الألباء (ص 136 - 146)، وبغية الوعاة (2/ 253، 254).
(6)
انظر الكتاب (4/ 90).
القسم الثاني: ما لم تكسر عين مضارعه وإنما فتحت وذلك: «مرزئة» ، «مكبر» كلمتان لأن المضارع منهما مفتوح تقول: رزئ يرزأ (1)، وكبر يكبر، فكان قياسهما: مرزأ، ومكبرا (2)، وزاد غيره (3)«مشيئة» لأن المضارع من هذه المادة «يشاء» .
القسم الثالث: ما كانت عين مضارعه مكسورة وهو من «مرجع» إلى «معصية» و «محمية» ، أيضا سبع كلمات (4) وهي مصادر فقياسها الفتح (5) قال الله تعالى:
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً (6) أي: رجوعكم (7).
وبعد: فالكلمات التي ذكر المصنف أنها شذّت بالكسر سبع عشرة كلمة، منها مصادر تسع كلمات، وأسماء أمكنة ثماني كلمات، فما كان منها مصدرا فواضح شذوذ الكسر فيه لما عرف أن قياس المصدر «المفعل» بالفتح مطلقا، وما كان منها اسم مكان فشذوذ الكسر فيه من جهة أن عين المضارع منه غير مكسورة.
ثم قال الشيخ (8) بعد ذكر هذه الكلمات: «وإجراء هذه الألفاظ على الفتح جائزة تقول: مشرق، ومغرب، وكذلك باقيها، ونقل مثل ذلك عن أبي عبيد القاسم بن سلام» .
ثم لما انتهى الكلام على ما شذّ بالكسر وحده شرع في الكلام على ما شذ بالكسر مع الفتح الذي هو قياس فيه: فذكر أربعا وعشرين كلمة وهي من «مطلع» إلى «مضنّة» وهو على ثلاثة أقسام أيضا (9):
الأول: ما عين مضارعه مضمومة وهو: «مطلع» ، «مفرق» ، «محشر» ، «مسكن» ، «منسك» ، «محلّ» ، «مناص» ،
«معتبة» ثماني كلمات، -
(1) رزأه ماله ورزئه يرزؤه فيهما رزءا: أصاب من ماله شيئا. انظر اللسان (رزأ).
(2)
انظر الكتاب (4/ 89) وقال: «وقد كسر المصدر كما تكسر في الأول قالوا: علاه المكبر» .
(3)
يعني الشيخ أبا حيان في التذييل (6/ 152) وقال سيبويه في الكتاب (4/ 89)«وربما استغنوا بمفعلة عن غيرها وذلك قولهم: المشيئة والمحمية وقالوا: المزلّة» .
(4)
هي: مرجع، ومعرفة، ومغفرة، ومعذرة، ومأوية، ومعصية، ومعصية، ومحمية.
(5)
انظر الكتاب (4/ 88، 89).
(6)
سورة يونس: 4.
(7)
الكتاب (4/ 88).
(8)
انظر التذييل والتكميل (6/ 152).
(9)
هذه الأقسام الثلاثة ذكرها الشيخ أبو حيان في التذييل (6/ 153).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تقول: يطلع، ويفرق، ويحشر، ويسكن، وينسك، ويحلّ، وينوص، ويعتب، قال الشيخ (1):«وأما مدبّ فالمضارع فيه يدبّ - ويدبّ - بضم الدال وكسرها - والكسر هو القياس في المضارع لأنه مضعّف لا يتعدى فقياسه: يفعل - بكسر العين - نحو: صحّ ويصحّ» .
وليعلم أن بعضهم [5/ 25] ذهب إلى أن «المطلع» بالكسر اسم للموضع الذي يطلع فيه (2)، وسيبويه إنما ذكره في المصادر (3)، ويدل على صحته قراءة من قرأ (4):
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) - بكسر اللام - ولا يحتمل إلا المصدر لأن حتى إنما يقع بعدها في التوقيت ما يحدث والطلوع هو الذي يحدث، وموضع الطلوع ليس بحادث في آخر الليل (6).
القسم الثاني: ما عين المضارع فيه مكسورة وذلك: «مأوى الإبل» و «معجز» و «معجزة» (7) و «مظلمة» و «مزلّة» و «مضربة السّيف» ، فإنه يقال: يأوي ويعجز، ويظلم، ويضلّ ويزلّ، ويضرب الإبل.
القسم الثالث: ما عين المضارع فيه مفتوحة وذلك: «موضع» و «موحل» و «موقعة الطائر» (8) و «محمدة» و «محسبة» و «علق مضنّة» (9)، فإنه يقال:
يضع، ويوجل، ويقع، ويحمد، ويحسب ويضنّ.
(1) انظر التذييل (6/ 153).
(2)
انظر معاني القرآن للفراء (3/ 281).
(3)
قال في الكتاب (4/ 90)«وقد كسروا المصدر في هذا كما كسروا في يفعل، قالوا: أتيتك عند مطلع الشمس أي: عند طلوع الشمس وهذه لغة بني تميم، وأما أهل الحجاز فيفتحون» .
(4)
هي قراءة الكسائي. انظر الحجة لابن خالويه (ص 374)، وحجة القراءات لابن زنجلة (ص 768)، ونسبها الفراء في معاني القرآن (3/ 280) لابن وثاب، وانظر البحر المحيط (8/ 497).
(5)
سورة القدر: 5.
(6)
هذا من كلام السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه. انظر السيرافي بهامش الكتاب (4/ 88).
(7)
قال في الكتاب (4/ 88)«وقالوا: المعجز يريدون: العجز وقالوا: المعجز على القياس وربما ألحقوا هاء التأنيث فقالوا: المعجزة والمعجزة كما قالوا: المعيشة» .
(8)
في اللسان (وقع): «ووقيعة الطّائر وموقعته - بفتح القاف -: موضع وقوعه الذي يقع عليه ويعتاد الطّائر إتيانه وجمعهما مواقع» .
(9)
الضّنّة والضّنّ والمضنّة والمضنّة: كل ذلك من الإمساك والبخل وعلق مضنّة ومضنّة بكسر الضاد وفتحها أي: هو شيء نفيس مضنون به ويتنافس فيه. انظر اللسان (ضنن).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم لما أنهى الكلام على ما شذ بالكسر مع الفتح شرع في ذكر ما جاء بالتثليث أي بتحريك عين «مفعل» بالحركات الثلاث: وهو سبع كلمات، وهي:«مهلك» و «مهلكة» و «مقدرة» و «مأربة» (1) و «مقبرة» (2) و «مشرقة» (3) و «مزرعة» ، ولا يخفى على الناظر ما هو القياس في كل منها إن قدره مصدرا، أو اسم زمان، أو اسم مكان.
ونقل الشيخ (4) عن ابن الحاجّ (5) أن كلمة ثامنة وردت بالتثليث وهي «معذرة» .
وأما قول المصنف: ولم يجئ مفعل إلى آخره فأشار به إلى أن «مفعلا» بالضم لا مدخل له في هذا الباب (6)، فإن ورد شيء على هذا الوزن عدّ شاذّا، ومن ثمّ قال ابن الحاجب في تصريفه (7)«وأما مكرم ومعون ولا غيرهما فنادران حتى جعلهما الفراء جمعا لمكرمة ومعونة» انتهى.
وشاهد «مكرم» قول القائل (8):
3589 -
ليوم روع أو فعال مكرم (9)
وشاهد «معون» قول الآخر: -
(1) هو من أرب الرّجل إذا احتاج إلى الشّيء وطلبه. انظر اللسان (أرب).
(2)
،
(3)
جعلهما سيبويه اسما للمكان بمنزلة المسجد. انظر الكتاب (4/ 91).
(4)
انظر التذييل والتكميل (6/ 154).
(5)
هو: أحمد بن محمد بن أحمد الأزدي أبو العباس الإشبيلي، يعرف بابن الحاج، قرأ على الشلوبين وأمثاله وله على كتاب سيبويه إملاء وإيرادات على المقرب، توفي سنة 647 هـ. انظر البغية (1/ 359، 360).
(6)
قال سيبويه في الكتاب (4/ 90): «وأما ما كان يفعل منه مضموما فهو بمنزلة ما كان يفعل منه مفتوحا ولم يبنوه على مثال يفعل لأنه ليس في الكلام مفعل» .
(7)
انظر شرح شافية ابن الحاجب (1/ 168)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 152)، واللسان (عون).
(8)
هو أبو الأخزر الحمّاني كما في الاقتضاب (ص 469)، واللسان (كرم) و (يوم).
(9)
هذا البيت من الرجز المشطور من كلمة لأبي الأخزر الحمّانيّ يمدح فيها مروان بن الحكم بن العاص، وقد روي قبله:
نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي
الشرح: الروع: الفزع والخوف ويروى: ليوم مجد، ويروى: ليوم هيجا، والفعال - بفتح الفاء - الوصف حسنا أو قبيحا. والمكرم: الكرم وهو محل الشاهد في البيت. وانظر الرجز في إصلاح المنطق (ص 223)، والخصائص (ص 212)، والمحتسب (1/ 144)، وشرح الشافية (1/ 169)، وشرح شواهدها (ص 68)، ومعاني القرآن (2/ 152)، واللسان (عون).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3590 -
بثين الزمي «لا» إنّ «لا» إن لزمته
…
على كثرة الواشين أيّ معون (1)
وقرئ في الشاذ: فنظرة إلى ميسرة (2)، وقال الشاعر:
3591 -
أبلغ النّعمان عنّي مالكا
…
أنّه قد طال حبسي وانتظاري (3)
قال الشيخ (4): تبع المصنف في هذا الذي قاله بعض الكوفيين، وقد قال سيبويه (5): وأما ما كان يفعل منه مضموما فهو بمنزلة ما كان يفعل منه مفتوحا ولم يبنوه على مثال يفعل لأنه ليس في الكلام مفعل، قال الشيخ: فهذا سيبويه لم يثبت مفعلا فقد خالف كلام المصنف كلام سيبويه، ولا يخفى أن هذا الذي فعله المصنف ليس فيه مخالفة، لأن سيبويه - رحمه الله تعالى - لم يلتفت إلى الشاذ لندوره وقلة ما ورد منه فكان عنده غير معتبر.
ثم قال الشيخ (6): «ويحتمل أن يكون الأصل: مكرمة ومعونة وميسرة ومهلكة ومألكة، وقد سمع فيه ذلك فحذفت منه الهاء شذوذا» (7).
(1) هذا البيت من الطويل وهو لجميل بن معمر العذري (ديوانه ص 126).
الشرح: بثين: مرخم، بثينة اسم حبيبته، يقول: إذا سألك الواشون عني أو عن أي شيء يرتبط بي فلا تذكري شيئا سوى كلمة «لا» فإن هذه الكلمة إن لزمتها أكبر عون لك على رد كيدهم.
والشاهد فيه: قوله «معون» - بضم العين - وأصله: معون - بسكونها وضم الواو - فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها، وهذا شاذ، والقياس: معان، وأصله: معون، فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها ثم قلبت ألفا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها بحسب الآن.
وانظر البيت في إصلاح المنطق (ص 223)، والمقتضب (4/ 294)، والمنصف (1/ 308)، والمحتسب (1/ 144)، وشرح الشافية (1/ 168)، وشرح شواهدها (ص 67)، واللسان (عون).
(2)
سورة البقرة: 280، وهي قراءة نافع انظر غيث النفع (ص 92)، والسبعة في القراءات لابن مجاهد (ص 192) ووافق ابن محيصن نافعا (الإتحاف: 1/ 458).
(3)
هذا البيت من الرمل وهو أول قصيدة لعدي بن زيد يخاطب بها النعمان بن المنذر وكان قد حبسه.
الشرح: مألكا - بفتح الميم وضم اللام - الرسالة ومعنى البيت واضح.
والشاهد فيه: قوله «مألكا» بزنة «مفعل» وهو شاذ وقيل: هو جمع مألكة، ويجوز أن يكون أصله:
مألكة فحذفت منه الهاء ضرورة. وانظر البيت في المنصف (1/ 309)، (2/ 104)، والمحتسب (1/ 44، 335)، واللسان (ألك) والخزانة (3/ 597)(عرضا)، وديوان عدي (ص 93).
(4)
انظر التذييل (6/ 154) وقد تصرف المؤلف في نقل عبارته.
(5)
انظر الكتاب (4/ 90).
(6)
انظر التذييل (6/ 155) وقد تصرف المؤلف في نقل عبارته.
(7)
انظر شرح السيرافي (6/ 168)(رسالة) والمنصف (1/ 309).