الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعريفات ومسائل في أسماء القبائل]
قال ابن مالك: (وقد تسمّى القبيلة باسم الأب والحيّ باسم الأمّ فيوصفان بابن وبنت وقد يؤنّث اسم الأب على حذف مضاف مؤنّث، فلا يمنع من الصّرف، وكذا قرأت هودا ونحوه إن نويت إضافة السّورة).
ــ
فيجوز التركيب بأن يجعل الإعراب في الميم ويفتح النون من «طس» ، وتجوز الإضافة أيضا بأن يجعل الإعراب في النون ويجر الثاني بالإضافة إليه بالكسرة، إلّا إن كان فيه ما يمنع الصرف فيجر بالفتحة على ما هو المعروف في هذه المسألة.
والظاهر ما قاله ابن عصفور، أعني أن الوقف أي الحكاية واجب ولا يجوز الإعراب؛ لأن السورة إذا كانت مضافة لفظا أو تقديرا، فإنما تضاف إلى مسماها، ومسماها إنما هو لفظ القرآن العزيز لا غيره، ولفظ القرآن العزيز لا يتغير فيتعين أن يقال سورة ص، سورة طس، سورة طسم بحكاية لفظ القرآن العزيز، نعم هذا الذي قاله أبو علي من جواز الإعراب يتوجه إذا لم تذكر السورة ولم تقدر، بل ذكر الاسم خاصة، فإن الذاكر يمكن أن لا يقصد لفظ القرآن العزيز وأنه قصد ذكر اسم هذه السورة وحينئذ يجوز الإعراب (1).
قال ناظر الجيش: تضمن هذا الكلام الإشارة إلى ثلاث مسائل:
الأولى:
أن القبيلة قد تسمى باسم الأب فتوصف بابن من حيث إنه اسم أب، وببنت من حيث أطلق على القبيلة، وكذا الحي قد يسمى باسم الأم فيوصف ببنت من حيث إنه اسم أم، وبابن من حيث إنه أطلق على الحي، مثال الأول: تميم بن مرّ، وتميم بنت مرّ لأن (2)«تميما» اسم الأب وسميت به القبيلة (3)، ومثال الثاني: باهلة بنت -
(1) ما ذهب إليه المؤلف بأن الظاهر ما قاله ابن عصفور من أن الوقف واجب، وتعليله له بما ذكر رأي وجيه تطمئن إليه النفس، وهذا يدل على كمال وعيه وعدم إغفاله للوجهة الصحيحة، كما أن توجيهه رأي الأستاذ أبي علي في المسألة يدل على أمانته العلمية واحترامه لآراء العلماء، فهو لم يرد تفنيد رأيه، وإنما أراد الوصول إلى القاعدة الصحيحة بوجه يكون مقبولا.
(2)
زعم يونس أن العرب تقول: هذه تميم بنت مر، وقال سيبويه:«وسمعناهم يقولون: قيس بنت عيلان، وتميم صاحبة ذلك، فإنما قال: بنت حين جعله اسما للقبيلة» الكتاب (3/ 249).
(3)
انظر التذييل (6/ 381).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعصر، وباهلة ابن أعصر (1) لأن «باهلة» اسم أم وسمي به الحي (2).
المسألة الثانية:
قال الشيخ (3): مثال ذلك: قول الشاعر:
3734 -
سادوا البلاد وأصبحوا في آدم
…
بلغوا بها بيض الوجوه فحولا (4)
قال: فآدم اسم أب وهو على حذف مضاف مؤنث كأنه قال: سادوا البلاد وأصبحوا في قبائل آدم أو في أولاد آدم ونحو ذلك مما يصلح أن يقدر بمؤنث، ثم أنث آدم بعود الضمير إليه مؤنثا وهو قوله: بلغوا بها، ومع كونه أعاد الضمير مؤنثا لم يمنعه من الصرف؛ لأنه راعى المضاف المحذوف، قال: وقوله: فلا يمنع من الصّرف إشعار بانه لا يتحتم فيه الصرف لأنه يجوز أن يقول: وأصبحوا في آدم فلا يصرف لكن الوزن لا يساعده [و] لأن آدم نقلوا أنه يستعمل للقبيلة وإن كان اسم أب كما استعملوا تميما، فمن هذا الوجه يجوز أن يرد غير مصروف للتأنيث والعلمية انتهى.
وما قاله غير ظاهر فإن «آدم» الذي هو اسم لا ينصرف قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ (5)، وعدم انصرافه لوزن الفعل والعلمية، وصرفه في البيت الذي أنشده إنما هو للضرورة، وهو محكوم عليه بمنع الصرف فكيف يحكم عليه بأنه مصروف؟
ولم يستحسن كلام الشيخ هنا على أنه قال (6) عقب ذلك مشيرا إلى المصنف:
«وهذا الذي قاله لا تحقيق فيه [5/ 72] لأن الضمير إنما عاد على ذلك المؤنث المحذوف وهو قبائل» .
والذي قاله صحيح ولكن من أين لما أن المصنف أراد هذا الذي ذكره هو؟ فقد -
(1) قال في الكتاب (3/ 249): «ومثل ذلك قوله: باهلة بن أعصر، فباهلة امرأة ولكنه جعله اسما للحي، فجاز له أن يقول: ابن» .
(2)
انظر التذييل (6/ 381).
(3)
انظر التذييل (6/ 381: 382).
(4)
سبق شرحه والتعليق عليه، والشاهد فيه هنا: ترك صرف «آدم» لأنه على حذف مضاف مؤنث وهو اسم أب.
(5)
سورة آل عمران: 33.
(6)
انظر التذييل (6/ 382).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون مراده غير ذلك وهو الظاهر، فالشيخ حمل كلام المصنف على معنى يحتمل أن يكون مرادا له، وأن يكون غير مراد، ثم رد ذلك المحتمل بقوله:«وهذا الذي قاله لا تحقيق فيه» مع أننا لم نقطع بأنه قال هذا.
وبعد ذلك فقول المصنف: وقد يؤنث اسم الأب على حذف مضاف مؤنث فلا يمنع من الصّرف غير ظاهر أيضا لأن الاسم العلم إذا أنث وجب منع صرفه، فكيف يقال: فلا يمنع من الصرف؟ نعم لو كان الأمر عكس ذلك حتى كأن يقول: وقد يؤنث اسم الأب على حذف مضاف مؤنث فيمنع من الصرف لكان أقرب، وذلك أن التأنيث العارض ليس حكمه حكم التأنيث الأصلي، فما عرض تأنيثه لا يذهب الذهن إلى منع صرفه؛ لأن صرفه هو الأصل فلا حاجة إلى أن ينبه عليه بقوله:
فلا يمنع الصرف، وإنما الفائدة في التنبيه على منع صرفه.
المسألة الثالثة:
وهي المشار إليها بقوله: وكذا قرأت عودا ونحوه إن نويت إضافة السّورة، قال الشيخ (1): يقول إن هودا ونحوه لا يمتنع من الصرف إذا نويت إضافة السورة إليه؛ لأنك إذا لم تنو إضافة السورة إليه تحتم منع صرفه؛ لأنه قد انضاف إلى العلمية فيه العجمة في الثلاثي الساكن الوسط المصاحبة للتأنيث، وانضاف إلى تأنيث الثلاثي الساكن الوسط في ذلك كونه منقولا من مذكر، لأنه في الأصل اسم للنبي صلى الله عليه وسلم ثم سميت السورة به. انتهى.
ولا شك أن كون «هود» منصرفا في قولنا: قرأت هودا ناوين إضافة سورة إليه أمر معلوم؛ لأنه بإضافة سورة إليه تعين أن يراد به اسم النبي صلى الله عليه وسلم والاسم الأعجمي شرط منعه الزيادة على الثلاثة كما عرف، وكذا من المعلوم أنا إذا جعلناه اسما للسورة يمتنع للعلمية والتأنيث المنضم إليه العجمة، وإذا كان كذلك فإنما أتى المصنف بقوله: وكذا قرأت هودا إن نويت إضافة السورة ليبين أن نية الإضافة حكمها حكم ما لو نطق بالمضاف، فكما أننا إذا قلنا: قرأت سورة هود نصرف هودا هكذا إذا قلنا: قرأت هودا ونوينا إضافة سورة إليه، ولو لم يذكر ذلك لجاز أن يتوهم أن نية إضافة السورة -
(1) انظر التذييل (6/ 382: 383).