الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[يعرب الاسم المسمى به بما كان له قبل التسمية]
قال ابن مالك: (فإن كان مثنّى أو مجموعا على حدّه أو جاريا مجرى أحدهما مطلقا أعرب بما كان له قبل التّسمية أو جعل المثنّى وموافقه كعمران، والمجموع وموافقه كغسلين، أو حمدون، أو هارون ما لم يجاوزا سبعة أحرف).
ــ
الاسم المفرد العاري عن الإسناد، والعمل، والإتباع، والتركيب، معربا كان كـ «زيد» أو مبنيّا كـ «من» و «ما» و «ذا» و «الّذي» ، وسيذكر أن المفرد المبني قد يحكى.
ويدخل أيضا: المثنى، والمجموع. ويدخل فيه الفعل غير مسند، ومعربا كان كـ «يضرب» من: يضرب زيد، أو مبنيّا كـ «ضرب» من: ضرب زيد، بخلاف «اضرب» فإن الإسناد لا يفارقه، وقد يقال: إنه يجوز أن يسمى به خاليا من الضمير بأن تقدر أنه غير مسند كما قالوا في: هلمّ (1)، وسيذكر أن الفعل غير المسند قد يحكى.
ويدخل أيضا الحرف المفرد أي الذي لم يركب مع غيره نحو: «على» و «عن» و «في» و «لو» و «لولا» و «باء» الجر و «كافه» .
ويدخل أيضا ما تقدم التنبيه عليه مما لم يشمله كلامه وهو: المركب من اسم وفعل دون إسناد بينهما، والمركب من فعل وفعل.
ويدخل فيه أيضا حروف الهجاء إذا سمي بها كما سيأتي.
قال ناظر الجيش: لما أشار إلى أن ما سوى ما ذكره حكمه الإعراب، وكان من جملة ما يدخل تحت ذلك أمور منها
ما قد يكون إعرابه بالحروف، ومنها ما لا بد له من تكميل - أعني أن يزداد على حروفه - ومنها ما لا بد له من حذف شيء منه، ومنها ما لا بد له من إدغام إن كان مفكوكا، شرع في ذكرها أمرا فأمرا وتبيين أحكام كل منها فقال مشيرا إلى الأمر الأول: فإن كان - يعني المسمّى به مما سوى ما ذكر - مثنى أو مجموعا على حدّه، أو جاريا مجرى أحدهما وذلك كـ «اثنين» و «اثنتين» و «كـ» «عشرين» وبابه أعرب بما كان [له] قبل التسمية - يعني بما -
(1) انظر التذييل (6/ 463، 464).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان يعرب به - فيكون المثنى وما جرى مجراه بالألف رفعا، وبالياء جرّا ونصبا، والمجموع وما جرى مجراه بالواو رفعا، وبالياء جرا ونصبا.
وخرج بقوله «مطلقا» ، «كلا» ، و «كلتا» فإنهما لا يجريان مجرى المثنى في اللغة المشهورة إلا بقيد وهو: الإضافة إلى مضمر (1)، وإذا كانا لا يجريان مجرى المثنى مطلقا فلا يعربان - إذا سمّي بهما إعراب المثنى، بل يعربان إعراب المفرد.
ثم ذكر أنه يجوز فيهما - أعني المثنى والمجموع وما جرى مجراهما - أن يعربا بالحركات الظاهرة في النون. أما المثنى وموافقة فإنه يلزم الألف حينئذ ويمنع الصرف (2)، وإلى ذلك الإشارة بقوله «أو جعل المثنّى وموافقه كعمران» ، واستفيد من التمثيل بـ «عمران» أن منع الصرف في المثنى وموافقه للعلمية وزيادة الألف والنون (3)، ومنه قول الشاعر:
3762 -
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان
…
ألحّ عليها دائم الهطلان (4)
وأما المجموع وموافقه: فإنه قد تلزمه الياء أو الواو، لكنه إذا لزمته «الياء» كان منونا إذ لا موجب لمنعه الصرف، وإلى ذلك الإشارة بقوله «كغسلين» .
قيل: وقلبت الواو «ياء» لأنه لا يوجد مفرد آخره «واو» بعدها «نون» زائدة، وأما «نون» زيتون فأصلية بدليل قولهم:«أرض زتنة» إذا كان فيها زيتون (5).
وأما إذا لزمته «الواو» فإنه يمتنع الصرف للعلمية وشبه العجمة، إذ ليس في المفرد العربي ما هو على هذا الوزن، وإلى هذا الوجه الإشارة بقوله «أو هارون» ، وهو تمثيل حسن لأنه يستفاد منه أيضا أن المانع في «زيدون»
ونحوه مع العلمية شبه العجمة، لأن المانع مع العملية في «هارون» إنما هو العجمة، ولا عجمة في -
(1) انظر التذييل (6/ 467).
(2)
،
(3)
المرجع السابق.
(4)
هذا البيت من الطويل وهو للنجاشي الحارثي من بني الحارث بن كعب (شاعر أموي).
الشرح: السبعان: موضع معروف في ديار قيس، ألح: ألح السحاب بالمطر: دام، وسحاب ملحاح دائم، والهطلان: المطر المتفرق العظيم القطر، وهو مطر دائم مع سكون وضعف.
والشاهد فيه قوله: «بالسبعان» حيث لزم المثنى الألف ومنع الصرف، والبيت في التذييل (6/ 468) وفي اللسان (سبع).
(5)
انظر التذييل (6/ 468).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«زيدون» فليكن فيه شبهها.
واعلم أن المصنف لما ذكر هذا الحكم في غير هذا الكتاب لم يتعرض إلى منع الصرف، بل ذكر أن الإعراب يجري على «النون» مع لزوم «الواو» فيحتمل أنه إنما سكت عن التعرض لمنع صرفه لأنه ذكر في ذلك الكتاب (1) أن «حمدون» وشبهه من الأعلام يمتنع صرفه إلحاقا بما منع صرفه للتعريف والعجمة المحضة على هذا الاحتمال يكون ما ذكره في ذلك الكتاب موافقا لما ذكره هنا، ويحتمل أن يكون سكوته عن منع الصرف هناك إنما كان لأنه مصروف، وهو قد ذكر هنا أنه ممتنع الصرف، فعلى هذا يكون في المجموع المسمى به إذا أعرب بالحركات مع لزوم «الواو» وجهان: الصرف وعدمه، فيصير في المجموع حينئذ إذا سمي به أربعة أوجه (2):
إجراؤه على ما كان عليه قبل [5/ 89] التسمية وهو أجودها، قال الله تعالى:
كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (3).
الثاني: إجراؤه مجرى غِسْلِينٍ (4) في لزوم «الياء» وإجراء حركات الإعراب على النون.
الثالث: إجراؤه مجرى «عربون» في إجراء الإعراب على «النون» ولزوم «الواو» مع كونه مصروفا.
والرابع: إجراؤه مجرى «هارون» يعني فيكون كما قبله إلا أنه لا ينون لأنه غير مصروف.
وقد زاد السيرافي (5) رحمه الله وجها آخر وهو: استصحاب «الواو» في الأحوال كلها مع فتح «النون» وعدم سقوطها في الإضافة، وزعم أنه ثابت في كلام العرب، وأشعارها بالرواية الصحيحة، قال: كأنهم حكوا لفظ
المرفوع في حال التسمية، وألزموا طريقة واحدة وأنشد:
3763 -
ولها بالماطرون إذا
…
أكل النّمل الّذي جمعا
-
(1) يقصد شرح الكافية الشافية (3/ 1496).
(2)
ذكر المصنف هذه الأوجه الأربعة في شرح الكافية الشافية (1/ 196). تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.
(3)
سورة المطففين: 18، 19.
(4)
سورة الحاقة: 36.
(5)
انظر شرح السيرافي للكتاب (2/ 905: 906)(رسالة).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خلفة حتّى إذا ارتبعت
…
ذكرت من جلّق بيعا (1)
قال المصنف في شرح الكافية (2) بعد ذكر هذه الأوجه على هذا الترتيب الذي ذكرناه: «ولم يذكر سيبويه (3) إلا الوجهين الأولين» .
وقوله ما لم يجاوزا سبعة أحرف أشار به إلى أن الحكم المذكور للمثنى والمجموع مشروط بألا يجاوزا سبعة أحرف، فإن جاوزا سبعة أحرف أي بعلامتي التثنية والجمع فإنهما لا يعربان حينئذ بالحركات، بل يعربان بما كانا يعربان قبل التسمية بهما حقّا، إذ لا يعرب بالحركات إلا مفرد أو ما يشبه المفرد، ولا شك أن منتهى الاسم بالزيادة سبعة أحرف، وبزيادة علامة التثنية على ما هو سبعة، أو علامة الجمع تخرج الكلمة عن قاعدة المفردات، فوجب أن لا يعرب بالحركات، وذلك كقولك في تثنية اشهيباب، وجمعه:[اشهيبانان](4)، واشهيبانون.
ثم إن الشيخ ذكر فرعا (5) وهو: «أنك إذا سميت بـ «ذين» أو بـ «تين» اسمي الإشارة جازت فيه حكاية التثنية، قال: ومن لم يحك ألزمهما الألف وصرفهما فقال: جاءني ذان، ورأيت ذانا، ومررت بذان، لأنه لا يكون في الأسماء المفردة ما آخره «ياء» و «نون» زائدتان قبلهما حرف مفتوح، فلا بد من رده إلى مثال الأسماء، وهو أن تصير [الياء] ألفا حتى يشبه الأسماء المفردة (6)، -
(1) هذان البيتان من الرمل، وفيهما: الخبن والحذف، وقائلهما يزيد بن معاوية بن أبي سفيان من قصيدة عينية يتغزل بها في نصرانية كانت قد ترهبت في دير خراب عند الماطرون وهو بستان بظاهر دمشق يسمى اليوم المنظور.
الشرح: قوله خلفة: هو ما يطلع من الثمر بعد الثمر الطيب، قوله: ارتبعت: من ارتبع البعير إذا أكل الربيع، وارتبعنا بموضع كذا أقمنا به في الربيع، و «جلق» بكسر الجيم وتشديد اللام مكسورة: موضع بالشام وسوق الجلق بدمشق مشهور، وبيعا: بكسر الباء وفتح الياء جمع بيعة وهي لليهود مثل الكنيسة للنصارى، والشاهد في قوله «بالماطرون» حيث لزم «الواو» وفتح «النون» مع أنه مجرور وهكذا في حالتي الرفع والنصب على ما ذكر السيرافي والبيت الأول في الكامل للمبرد (1/ 226) وشرح الكافية للرضى (2/ 140) والبيتان في التذييل (6/ 469) والعيني (1/ 148، 149)، والخزانة (3/ 278، 279).
(2)
انظر شرح الكافية الشافية (1/ 197).
(3)
انظر الكتاب (3/ 232: 233).
(4)
اشهيباب: مصدر «اشهابّ» من الشّهبة وهي: البياض الذي غلب على السواد. انظر اللسان (شهب).
(5)
انظر التذييل (6/ 469).
(6)
قال في الكتاب (3/ 280): «وسألته - يعني الخليل - عن ذين اسم رجل فقال: هو بمنزلة رجلين ولا أغيره لأنه لا يحتمل الاسم أن يكون هذا» .