الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مضارع فعل المفتوح العين يفعل بكسرها]
قال ابن مالك: (ولا تفتح عين مضارع «فعل» دون شذوذ إن لم تكن هي أو اللّام حلقيّة، بل تكسر أو تضمّ تخييرا إن لّم يشهر أحد الأمرين، أو يلتزم لسبب كالتزام الكسر عند غير بني عامر فيما فاؤه «واو» وعند الجميع فيما عينه «ياء»، وعند غير طيّئ فيما لامه «ياء» وعينه غير حلقيّة، والتزم الكسر أيضا في المضاعف اللّام غير المحفوظ ضمّه، والضّمّ فيما عينه أو لامه «واو» وليس أحدهما حلقيّا، وفي المضاعف المتعدّي غير المحفوظ كسره وفيما لغلبة المقابل خاليا من ملزم الكسر، ولا تأثير لحلقيّ فيه خلافا للكسائيّ، وقد يجيء ذو الحلقيّ غيره بكسر أو ضمّ أو بهما أو مثلّثا).
قال ناظر الجيش: اعلم أن الكلام على حكم حركة عين مضارع «فعل» و «فعل» تقدّم في الفصلين السابقين وها هو يتكلم على حكم حركة عين المضارع من «فعل» ، ولا شك أن حالها يختلف حسب حال الماضي صحة وإعلالا، وكون عينه أو لامه حلقيّة أو غير حلقيّة، وكونه مضاعفا أو غير مضاعف فقد يلزم فيها الفتح، وقد يلزم فيها الكسر، وقد يلزم فيها الضّمّ، وقد يجوز فيها الكسر والضمّ، في ما ليس فيه حرف حلقي، وقد يأتي بالوجهين، وبالأوجه الثلاثة في ما عينه أو لامه حلقية، وقد أورد المصنف ذلك في المتن والشرح بطريق حسن لطيف على عادته.
قال (1) رحمه الله تعالى: «الأصل توافق حركتي عين الماضي وعين المضارع كما فعل بالأمر المضارع، فخصّ التوافق المشار إليه بـ «فعل» لخفته بعدم التّعدّي فإن المتعدّي ذو زيادة والاصل عدم الزيادة، وجعل لـ «فعل» حظّ من التوافق في «حسب» وأخواتها بغير سبب، لشبه «فعل» بـ «فعل» في كون الكسرة أخت الضّمّة، وأهمل في «فعل» التوافق إلا بسبب (2) وهو كون عينه أو لامه حرف حلق (3)، لأن من -
(1) شرح التسهيل لابن مالك (3/ 445).
(2)
إنما كان كذلك لأن فتح العين في الماضي والمضارع ليس بأصل، وإنما هو لضرب من التخفيف يتجانس الأصوات. انظر ابن يعيش (7 /
153) والمفصل للزمخشري (ص 277).
(3)
حروف الحلق ستة: الهمزة والهاء، والعين والحاء، والغين والخاء، وقد علل سيبويه الفتح في هذه -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حروف الحلق الألف (1) وهي مجانسة للفتحة فناسب ذلك أن يحرّك بها ما هو والألف من مخرج واحد، أو يحرّك بها متلوّ ما هو كذلك.
فالأول: كسأل يسأل، وذهب يذهب، والثاني: كجبه يجبه (2)، وسمح يسمح، فحصل لـ «فعل» نصيب من التوافق لكن بالسبب المذكور (3)، فإن لّم يوجد السبب امتنع التوافق إلا في ما شذّ من قولهم:«أبى يأبى» (4) و «وذر يذر» (5) و [أمّا] ما ألحق بـ «أبى يأبى» كـ «حيا يحيا» و «قلى يقلى» فموجّه (6) بأن الأصل: «يحيي» و «يقلي» - بكسر الياء واللام - ففتحتا -
- الحروف فقال: «وإنما فتحوا هذه الحروف لأنها سفلت في الحلق فكرهوا أن يتناولوا حركة ما قبلها بحركة ما ارتفع من الحروف، فجعلوا حركتها من الحرف الذي في حيّزها وهو الألف، وإنما الحركات من الألف والياء والواو» . الكتاب (2/ 252) وانظر المقتضب (2/ 111)، وابن يعيش (7/ 153، 154).
(1)
يرى ابن مالك أن الألف من حروف الحلق وهو رأي سيبويه، قال في الكتاب (4/ 433):
«فللحلق منها ثلاثة، فأقصاها مخرجا: الهمزة والهاء والألف» وقال به الرضي في شرح الشافية (1/ 119) ويرى ابن يعيش (7/ 153) أن الألف قريبة من حروف الحلق، وهو الأقرب إلى الصواب.
(2)
جبه الرّجل يجبهه جبها: ردّه عن حاجته واستقبله بما يكره. اللسان (جبه).
(3)
وهو كون العين أو اللام حرف حلق.
(4)
وجه الشذوذ في هذا المثال كما يرى ابن مالك وغيره: أن عين المضارع ليست من حروف الحلق وإنما جاءت فاؤه حرفا من حروف الحلق، وإذا كان الحلق فاء لم يلزم الفتح في المضارع لسكون حرف الحلق فيه والساكن لا يوجب فتح ما بعده لضعفه بالسكون، وقد شبه سيبويه أبى يأبى بقرأ يقرأ. قال في الكتاب (2/ 254):«وقالوا أبى يأبى فشبهوه بيقرأ» وقال السيرافي في شرح ذلك: «يدل كلام سيبويه على أنه ذهب في أبى يأبى إلى أنهم فتحوا من أجل تشبيه ما الهمزة فيه أولى بما الهمزة فيه أخيرة» .
السيرافي بهامش الكتاب (2/ 254)، وقد نقل أبو حيان في التذييل والتكميل (6/ 22)(رسالة) أن ابن سيده حكى في المحكم «أن ما قالوا في ماضيه أبي فيأبى على لغتهم جار على القياس كنسي ينسى» وانظر المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (خ)(ص 842، 843)، وقال ابن
جني: «وقد قالوا: أبى يأبي. أنشد أبو زيد:
يا إبلي ما ذامه فتأبيه
…
ماء رواء ونصيّ حوليه
اللسان (أبي)، ومن كلام ابن سيده وابن جني يفهم أن أبى يأبى من تداخل اللغات وهو ما أميل إليه، وانظر المقتضب (2/ 112) وابن يعيش (7/ 154) وشرح الشافية (1/ 119) والتذييل (6/ 24) (رسالة) واللسان (أبي) وحاشية الصبان (4/ 240: 241).
(5)
سيأتي أنه محمول على يدع لأنه بمعناه وانظر شرح الشافية (1/ 131).
(6)
في الكتاب (4/ 105) قال سيبويه: «وقالوا: جبى يجبى وقلى يقلى فشبهوه بقرأ يقرأ ونحوه» -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فانقلبت الياء ألفا وهي لغة طيّئ (1)، ولم يحكم على «يأبى» بذلك لأنه لم يسمع فيه الكسر (2) كما سمع في «يحيي» و «يقلي» فإن المشهور (3) فيهما:«يحيي» و «يقلي» - بالكسر - فصحّ جعله أصلا وتفريع «يحيا» و «يقلى» عليه.
وأما «يذر» فمحمول على «يدع» لأنهما بمعنى واحد (4).
وإذا أهمل التّوافق عند انتفاء السبب تعيّن التخالف بكسر أو ضم (5)، فلذلك قلت:«تكسر أو تضمّ تخييرا» كـ «نشز» (6)«ينشز» و «ينشز» ، و «عتل» (7)«يعتل» و «يعتل» وقيّدت التّخيير بعدم اشتهار أحد الأمرين فإنه إذا اشتهر أحد الأمرين وكان الفعل مستعملا في ألسنة العالية (8) كـ «أكل يأكل» و «طلب يطلب» و «كسب يكسب» وغلب يغلب لم يكن فيه تخيير بل يجب فيه الاقتصار على الوزن المستعمل (9).
ويلتزم الكسر في مضارع «فعل» إن كانت فاؤه «واوا» كـ «وجد يجد» ، أو كانت عينه أو لامه «ياء» كـ «سار يسير» و «مشى يمشي» وروي عن بني -
- وفي شرح الشافية (1/ 125): «وأما قلى يقلى فلغة ضعيفة عامرية» ، وفيه «وحكى بعضهم قلي يقلى - كتعب يتعب - فيمكن أن يكون متداخلا وأن يكون طائيا» .
(1)
انظر شرح الشافية (1/ 125) واللسان (فلا).
(2)
ورد فيه الكسر كما حكاه ابن جني انظر اللسان (أبي).
(3)
انظر شرح الشافية (1/ 124) واللسان (قلا).
(4)
انظر شرح الشافية (1/ 131) وهو يريد أنه حمل عليه في حذف الواو لكونه بمعناه.
(5)
وهذا قياس مضارع «فعل» المفتوح عينه، قال الرضي في شرح الشافية (1/ 117، 118) قياس مضارع فعل المفتوح عينه إما الضمّ أو الكسر، وتعدى بعض النحاة - وهو أبو زيد - هذا وقال: كلاهما قياس وليس أحدهما أولى به من الآخر إلا أنه ربما يكثر أحدهما في عادة ألفاظ الناس حتى يطرح الآخر ويقبح استعماله، فإن عرف الاستعمال فذاك وإلا استعملا معا وليس على المستعمل شيء، وقال بعضهم: بل القياس الكسر لأنه أكثر وأيضا هو أخفّ من الضم».
(6)
في اللسان (نشز): «ونشز في مجلسه ينشز وينشز بالكسر والضم: ارتفع قليلا» .
(7)
في اللسان (عتل): «وعتله يعتله ويعتله عتلا فانعتل: جرّه جرّا عنيفا وجذبه فحمله» .
(8)
في (أ): «العامة» والعالية: ما فوق أرض نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وهي الحجاز وما والاها. اللسان (علا).
(9)
انظر شرح الشافية (1/ 117، 118).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عامر «يجد» (1) - بضم الجيم - وروي عن طيّئ إبدال الكسرة فتحة والألف ياء في «يقلى» ونحوه (2).
وأما الفتح لأجل حرف الحلق فمسموع في كل لغة في أفعال محفوظة (3) كـ «وقع يقع» ، و «وضع يضع» و «ودع يدع» وك «نأى ينأى» و «نهى» «ينهى» و «سعى يسعى» و «رعى يرعى» و «لحى يلحى» (4) و «محا يمحا» (5).
والكسر والضم مع كون العين أو اللام حرف حلق كثير نحو: «وأل يئل» (6) و «صاء يصيء» (7) و «جاء يجيء» و «زها يزهو» (8) و «ساء يسوء» .
والتزم الكسر في مضارع «فعل» المضاف إذا كان لازما كـ «حنّ يحنّ» و «عنّ يعنّ» و «جلّ يجلّ» و «عزّ يعزّ» .
واستثنيت الذي تضمّ عينه سماعا من هذا النوع تنبيها على نحو: «تهبّ الرّيح» ، و «تذرّ الشّمس» (9).
فإن كان «فعل» المضاعف متعدّيا التزم الضمّ في عين مضارعه كـ «صبّ يصبّ» و «ردّ يردّ» و «ضمّ يضمّ» و «لمّ يلمّ» .
واستثنيت الذي تكسر عينه سماعا من هذا النوع تنبيها على نحو: «ينمّ الحديث» و «يعلّه (10) بالشّراب» ، وعلى قراءة العطارديّ (11) (فاتبعوني يحبّكم -
(1) ذهب ابن الحاجب والرضي إلى أن هذه لغة ضعيفة، ووجه ضعفها أنها خارجة عن القياس والاستعمال، إذ القياس ألا تحذف فاء المثال إذا كانت واوا إلا من المضارع المكسور العين، والاستعمال الغالب في هذه الكلمة الكسر. انظر شرح الشافية (1/ 132 - 134).
(2)
انظر شرح الشافية (1/ 125).
(3)
انظر شرح الشافية (1/ 117).
(4)
لحا الشجرة يلحاها: أخذ لحاءها أي قشرها. اللسان (لحا).
(5)
محا الشيء يمحاه أذهب أثره. انظر اللسان (محا).
(6)
وال إليه يئل أي: لجأ. اللسان (وأل).
(7)
صاءت العقرب تصيء، إذا صاحت - انظر اللسان (صيأ).
(8)
زها يزهو زهوا أي تكبّر. اللسان (زها).
(9)
ذرّت الشّمس تذرّ ذرورا - بالضم - طلعت وظهرت - اللسان (ذرر).
(10)
«وعله يعلّه ويعلّه إذا سقاه السّقية الثّانية. اللسان (علل).
(11)
العطاردي: عمران بن تيم العطاردي أبو رجاء، تابعي كبير، عرض القرآن على ابن عباس وتلقنه -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الله) (1).
ثم نبّهت على لزوم الضمّ في عين مضارع «فعل» المقصود به غلبة المقابل نحو:
«كاتبني زيد فكتبته أكتبه» إذا كنت أكتب منه و «عالمني فعلمته أعلمه» إذا كنت أعلم منه، وهو مطرد في كل ثلاثي - أعني صوغ «فعل» للغلبة وضمّ عين المضارع منه إلّا أن يوجب لزوم كسره كونه من باب «وعد» أو «سار» أو «سرى» (2) ولذلك قلت:«وفيما لغلبة المقابل خاليا من ملزم الكسر» .
ثم قلت: «ولا تأثير لحلقيّ فيه» منبها على أن الضمّ في مضارع «فعل» الذي يقصد به الغلبة لازم مع كون عينه أو لامه حرف حلق، نحو:«فاهمني ففهمته أفهمه» و «فاقهني [5/ 8] ففقهته أفقهه» إذا فقته فهما وفقها».
ثم قلت: «خلافا للكسائيّ» مشيرا إلى أنّ الكسائي يجيز فتح العين من هذا النوع لأجل حرف الحلق قياسا، فيجيز أن يقال:«أفهمه» و «أفقهه» بمعنى: فقته فهما وفقها وإن لم يسمع في هذا النوع إلا الضّمّ قياسا على غيره من المفتوح لأجل حرف الحلق (3)، ومما سمع فيه الضّمّ «شاعرني فشعرته أشعره» (4).
وقد يجيء مضارع «فعل» غير الذي للغلبة بلغتين أو ثلاث إذا كانت عينه أو لامه حرف حلق (5) نحو: «منحه يمنحه ويمنحه و «محوت الكتاب أمحاه وأمحوه» و «رجح الدّينار يرجح ويرجح ويرجح» و «نبع الماء ينبع وينبع وينبع» . -
- من أبي موسى، حدّث عن بعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب، وروى عنه القراءة أبو الأشهب العطاردي، توفي سنة 105 هـ. انظر ترجمته في طبقات القراء لابن الجزري (1/ 604).
(1)
وانظر في هذه القراءة: مختصر شواذ القرآن لابن خالويه (ص 20) وفيه: «يحببكم الله» بفتح الياء أبو رجاء وروي عنه «يحبّكم الله» بالإدغام وفتح الياء»، والبحر المحيط (2/ 431).
(2)
انظر شرح الشافية (1/ 70، 71) وحاشية الصبان (4/ 241).
(3)
قال الرضي في شرح الشافية (1/ 71): «والحقّ ما ذهب إليه غيره لأن ما فيه حرف الحلق لا يلزم طريقة واحدة كالمثال الواوي والأجوف والناقص اليائيين بل كثير منه يأتى على الأصل نحو: برأ يبرؤ وهنأ يهنئ» وانظر حاشية الصبان (4/ 241).
(4)
حكاه أبو زيد. انظر شرح الشافية (1/ 71) وحاشية الصبان (4/ 241) والنوادر (ص 557).
(5)
حاشية الصبان (4/ 241).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انتهى كلامه رحمه الله تعالى (1). ويتعلق به أمور:
منها: أن الحكم بشذوذ «يأبى» مضارع «أبى» يدل على أن حرف الحلق إذا كان «فاء» لا اعتداد به في فتح عين المضارع بخلاف ما إذا كان «عينا» أو «لاما» (2)، ثمّ لقائل أن يقول: تعليل المصنف فتح عين مضارع «فعل» إذا كانت هي أو اللام حرف حلق بأن من حروف الحلق «الألف» وهي مجانسة للفتحة إلى آخر كلامه - يقتضى أن لا يكون «يأبى» شاذّا لأن لام الكلمة «ألف» وإذا كان نحو «يسمح» استحق الفتح من أجل الحاء لكونها من مخرج الألف فاستحقاق «يأبى» له من أجل الألف أولى، لأنا نقول: الألف لا يكون أصلا في فعل متصرف بل منقلبة عن «واو» أو «ياء» وإذا كان كذلك فلا تأثير لها في الحكم المذكور، وقول المصنف: بأن من حروف الحلق «الألف» وهي مجانسة للفتحة كلام صحيح، وإنما ذكر ذلك ليرتب عليه حكم الحروف التي هي من مخرج الألف، فالحكم الذي هو فتح عين المضارع ثابت مع وجود حرف يشارك الألف في مخرجها وذلك الحرف «عين» أو «لام» ، ومن ثمّ استثنى ابن الحاجب الألف من حروف الحلق فقال (3) مشيرا إلى المضارع:«وفتحت العين إن كانت هي أو اللام حرف حلق غير ألف» ثم قال (4): «وشذّ أبى يأبى» ، وإنما استثناها لأنها وإن كانت ألفا في الصورة فليست ألفا في الأصل، وهذا ما أدى إليه الفكر، ويحتمل أن يكون الأمر بخلافه (5).
وذكر ابن عصفور (6) أن مما شذّ أيضا في مجيئه مفتوح العين «قنط يقنط» ، و «ركن يركن» والحقّ أن هذا من تداخل اللغات (7) فإنه يقال:«قنط» ، و «ركن» - بالكسر - كما يقال «قنط» و «ركن» - بالفتح.
(1) انظر شرح التسهيل (3/ 447).
(2)
انظر ابن يعيش (7/ 154).
(3)
انظر شرح شافية ابن الحاجب للرضي (1/ 114).
(4)
المرجع السابق.
(5)
علل الرضي ذلك بقوله «لأن الألف لا يكون في موضع عين يفعل ولا لامه بعد كون العين مفتوحة كما في يهاب ويرضى، فإذا كانت الفتحة ثابتة قبل الألف وهي سبب حصول الألف فكيف يكون الألف سبب حصول الفتحة؟» شرح الشافية (1/ 123).
(6)
انظر الممتع (1/ 178).
(7)
انظر شرح الشافية (1/ 115، 125) واللسان (ركن).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومنها: أن قول المصنف: «بل تكسر أو تضمّ تخييرا إن لم يشهر أحد الأمرين» لم يتجه لي؛ لأنه ما من فعل إلا وقد ورد عن العرب إما بكسر أو بضمّ وإما بهما، فالوارد بأحد الأمرين لا يجوز فيه الأمر فكيف نكون مخيّرين فيه؟ والظاهر أن هذا أمر موقوف على السماع لا يتجاوز فيه ما قالته العرب إلا إن فرض أن فعلا مضارعا من الأفعال التي ماضيها «فعل» لم يسمع فيه كسر ولا ضم فذاك شيء آخر. على أن هذا في غاية البعد، لكن في شرح الشيخ (1) «قال أئمة اللغة في ما لم يسمع له مضارع يضم أو (يكسر) (2) إن شئت ضممت وإن شئت كسرت وأن ابن جني قال (3): الوجه الكسر فإن الباب المخالفة فكما أن ما كسر ماضيه بابه أن يفتح مضارعه فكذلك ما فتح ماضيه بابه أن يكسر مضارعه» انتهى.
ثم مراد المصنف بقوله: «إن لم يشهر أحد الأمرين» أن ذلك يكون عن العرب يعني أنه نقل عنهم ذلك ويشتهر فلا تتوجه إليه مؤاخذة الشيخ «وأنه كان يجب أن يقول: إن لم ينتقل بدل إن لم يشتهر» (4).
ومنها: أن الشيخ قال (5): «دل كلام المصنف على أن كل ما فاؤه «واو» من «فعل» ويعني ما لم تكن عينه أو لامه حرف حلق نحو: «وهب يهب» و «وقع يقع» فإن مضارعه يأتي على «يفعل» بكسر العين إلا عند بني عامر فإنه لا يأتي على «يفعل» بل يأتي على «يفعل» وليس كذلك لأن [ما] فاؤه «واو» قانون كلّيّ وبنو عامر إنما روي عنهم ضمّ عين مضارع «وجد» فقالوا: «يجد» خاصة على خلاف في رواية البيت وهو:
3567 -
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة
…
تدع الصّوادي لا يجدن غليلا (6)
-
(1) التذييل والتكميل (6/ 26) رسالة.
(2)
في (جـ)، (أ): كسر.
(3)
ينظر المنصف (1/ 209) والخصائص (1/ 375).
(4)
هذا دفاع من المؤلف عن ابن مالك فقد اعترض عليه أبو حيان بهذا الكلام والحق في ذلك ما ذهب إليه المؤلف مؤيدا لابن مالك لأن مقصود عبارة ابن مالك الشهرة في النقل عن العرب لأن انتفاء النقل لا يمكن ادعاؤه. انظر التذييل والتكميل (6: 25)(رسالة)، وانظر تعليق الفرائد للدماميني (خ)(4/ 429).
(5)
انظر التذييل والتكميل (6/ 26 - 29) وقد تصرف المؤلف فيما نقله عنه.
(6)
هذا البيت من الكامل وقائله جرير وهو في ديوانه (ص 453) ونسب في شرح الشافية (1/ 132) -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال السيرافي: ويروى بالكسر، وكذا قال ابن عصفور (1):«قد شذّ من فعل الذي فاؤه واو لفظة واحدة فجاء مضارعها على يفعل - بضم العين - وهي وجد يجد، وأصله: يوجد فحذفت الواو لكون الضمة هنا شاذّة والأصل الكسر» .
ومنها: أنه قال في متن الكتاب: «إنّ كسر عين مضارع «فعل» ملتزم عند غير طيّئ فيما لامه «ياء» وعينه غير حلقيّة»، ولا شك أن هذه العبارة شاملة لكل فعل بهذه الصفة وكلامه في الشرح مطابق لذلك فإنه قال:«وروي عن طيّئ إبدال الكسرة فتحة والألف ياء في يقلي ونحوه» ، لكن قال الشيخ (2): إن كان - يعني المصنف - أخذ لغة طيئ من هذا المثال يعني «يقلي» ونحوه مما نص أصحابنا على أن العرب شذّت فيه فليس بجيد لأن ما أورد مورد الشذوذ لا يحتمل قانونا كليّا على أن طيّئا لم يرو عنهم في «يرمي» «يرمى» ولا في «يمشي» «يمشى» .
انتهى.
وأفهم كلامه أنه ينكر هذه اللغة عن طيّئ وهذا الإنكار قد لا يقبل فإن ذلك مشهور عنهم في كل ياء متطرفة مفتوحة قبلها كسرة (3)، وعلى لغتهم جاء قول القائل (4):
- للبيد بن ربيعة العامري وهو خطأ والبيت من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق وقبل البيت:
لم أر قبلك يا أمام خليلا
…
أنأى بحاجتنا وأحسن قيلا
الشرح: شئت خطاب لأمامة المذكورة في البيت قبله، ونقع بالنون والقاف والعين المهملة من نقعت بالماء إذا رويت وتدع الصوادي: صفة لشربة وهو جمع صادية وهي العطش ورواية الديوان «تدع الحوائم» وغليلا بالغين المعجمة مفعول «لا يجدن» ، بمعنى لا يصبن ولهذا اقتصر على مفعول واحد والجملة حال من الصوادي.
والاستشهاد بالبيت على أن الضم في مضارع «وجد» لغة ضعيفة خاصة ببني عامر، وقال ابن جني:
الضمة عارضة ولذلك حذفت الفاء كما حذفت في يقع ويدع. انظر المنصف (1/ 187) وابن يعيش (10/ 60) والمقرب (2/ 183) والممتع (1/ 177) وشرح شواهد الشافية (ص 53) والمغني (ص 272) وشرح شواهده (666) والعيني (4/ 591) والأشموني (4/ 341) واللسان (نقع).
(1)
انظر الممتع (1/ 177).
(2)
انظر التذييل والتكميل (6/ 28)(رسالة) وقد تصرف المؤلف في نقل كلامه.
(3)
انظر شرح الشافية (1/ 125).
(4)
نسبه أبو تمام في أوائل الحماسة إلى بعض بني بولان من طيئ، انظر شرح ديوان الحماسة للتبريزي -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3568 -
نستوقد النّبل بالحضيض ونص
…
طاد نفوسا بنت على الكرم (1)
فقال في «بني» : بنى فصار كـ «رمى» فقال: «بنت» (2) كما يقال:
رمت، ثم إن هذا الرجل الكبير أعني المصنف. قد ذكر أن ذلك لغة لهؤلاء القوم وما كان مثله يقول ذلك وينسبه إلى قوم دون تحقيق (3).
ومنها: أنك عرفت ما ذكره المصنف من مجيء مضارع «فعل» لغير الغلبة إذا كانت عينه حرف حلق بضم أو بكسر ومما جاء بالضم [5/ 9] أيضا: «دخل يدخل» و «قعد يقعد» و «زها يزهو» و «ساء يسوء» ومما جاء بالكسر أيضا «جاء يجيء» و «صاء يصيء» و «نزع ينزع» .
- (1/ 86) وقيل هو لرجل من بني القين.
(1)
هذا البيت من المنسرح.
الشرح: قوله نستوقد النبل: نستوقد بالنون. والنّبل، بفتح النون، السهام، مفعوله، يقول: تنفذ سهامنا في الرمية حتى تصل إلى حضيض الجبل فتخرج النار لشدة رمينا وقوة سواعدنا، ونصيد بها نفوسا مبنية على الكرم يعني: أنا نقتل الرؤساء، وهذا من فصيح الكلام كأنه جعل خروج النار من الحجر عند ضربهم النبل له استيقادا منهم لها، «والحضيض»: قرار الجبل وأسفله، وروي:«تستوقد النبل» بالمثناة الفوقية والنبل فاعله، وروي بنصب «النبل» على أن فاعل «تستوقد» ضمير مستتر عائد إلى الحرب في البيت قبله وهو:
نحن حبسنا بني جديلة في
…
نار من الحرب حجمة الضّرم
والاستشهاد بالبيت على أن أصل «بنت» بنيت فصار بنت مثل رمت وهي لغة طيئ. ويروى البيت على وجه لا شاهد فيه وهو:
نستوقد النبل بالحضيض ونق
…
تاد نفوسا صيغت على كرم
انظر شرح شواهد الشافية (ص 49، 50) وشرح الحماسة للتبريزي (1/ 86) وللمرزوقي (ص 165) وشرح الشافية (1/ 124).
(2)
أصل بنت: بنيت وطيئ تفتح قياسا ما قبل الياء إذا تحركت الياء بفتحة غير إعرابية فتنقلب ألفا وكانت طرفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار: بنات فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. انظر شرح الشافية (ص 48).
(3)
في شرح الشافية للرضي ما يؤيد ذلك قال «وحكى بعضهم قلي يقلى - كتعب يتعب - فيمكن أن يكون متداخلا وأن يكون طائيّا لأنهم يجوزون قلب الياء ألفا في كل ما آخره ياء مفتوحة فتحة غير إعرابية مكسورة ما قبلها نحو: بقى في بقي، ودعى في دعي، وناصاة في ناصية» . انظر شرح الشافية (1/ 125).