الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[معاني فعل بالفتح]
قال ابن مالك: (فصل: لـ «فعل» تعدّ ولزوم، ومن معانيه: غلبة المقابل، والنّيابة عن «فعل» في المضاعف واليائيّ العين، واطّرد صوغه من أسماء الأعيان لإصابتها أو إنالتها، أو عمل بها، وقد يصاغ لعملها أو عمل لها أو أخذ منها).
ــ
وبلي فهو بال، وحزن فهو حزين، ومرض فهو مريض.
ثم قلت: ولزم «فعيل» في المعني عن «فعل» منبها بذلك على «حيّ» و «سمين» وأخواتهما المتقدم ذكرها.
ومن «فعل» المشارك «فعلا» : «طمع» و «عجل» و «يقظ» بمعنى:
طمع، وعجل، ويقظ. ويشرك «فعل» «أفعل» كسود وأسود، وخضر وأخضر، ووجل وأوجل، وعور وأعور، ويشرك «فعلان» كفرح وفرحان، وجدل وجدلان، وسكر وسكران وصدي وصديان، وقالوا: شعث فهو شعث وأشعث وشعثان (1) فأشركوا الثلاثة» (2) انتهى.
وليعلم أن ما جاء من الصفات المذكورة على غير صيغة «فاعل» فإنّما هو صفة مشبهة، وإطلاق اسم الفاعل عليها إنّما هو بطريق المجاز وقد تقدم تقرير ذلك (3)، نعم إن قصد بشيء من ذلك الحدوث والتجدّد كما يقصد بالفعل وذلك بأن يذهب بتلك الصفة مذهب الزمان أتي بها على صيغة «فاعل» وكان لها حكم اسم الفاعل (4)، وقد تقدم لنا الإشارة إلى إنشاد المصنف في إيجاز التعريف:
3566 -
وما أنا من رزء وإن جلّ جازع
…
ولا بسرور بعد موتك فارح (5)
قال ناظر الجيش: قال المصنف (6): «كثر استعمال «فعل» لحقته - متعدّيا -
(1) شعث شعثا وشعوثة فهو شعث وأشعث وشعثان وتشعّث: تلبّد شعره واغبرّ. اللسان (شعث).
(2)
انظر فيما تقدم شرح الشافية (1/ 143: 149) وشرح الألفية لابن الناظم (ص 440 - 441) والتصريح (2/ 77: 78).
(3)
انظر ذلك أول الباب عند شرحه لقول ابن مالك: وكثر في اسم فاعل فعيل وفعل وانظر التصريح: (2/ 78).
(4)
انظر التصريح (2/ 78) وشرح الألفية لابن الناظم (ص 444).
(5)
سبق الكلام عليه وشرحه.
(6)
شرح التسهيل لابن مالك (3/ 441).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولازما بلفظين متباينين وهو الكثير كـ «جلب» و «ذهب» ، وبلفظين متحدين كـ «فغر فاه ففغر» بمعنى: فتحه فانفتح، و «دفق الماء فدفق» بمعنى: صبّه فانصبّ، و «غاضه فغاض» بمعنى: أذهبه فذهب، و «سار الدّابّة فسارت» بمعنى: سيّرها فتسيّرت، و «رجع الشّيء فرجع» بمعنى: ردّه فارتدّ.
ول «فعل» معان كثيرة:
منها: استعماله للغلبة (1) عند تقابل الفاعلين كـ «عالمني فعلمته» ، و «شاعرني فشعرته» و «كاتبني فكتبته» و «كاثرني فكثرته» أي: قابل علمه بعلمي، وشعره بشعري، وكتابته بكتابتي، وكثرة ماله بكثرة مالي فكنت أعلم منه وأشعر وأكتب وأكثر مالا.
ومن معانيه: النّيابة عن «فعل» في المضاعف (2) واليائيّ العين:
فالمضاعف نحو: جللت فأنت جليل، وعززت فأنت عزيز، وشححت فأنت شحيح، وخففت فأنت خفيف، وحققت فأنت حقيق، وعففت فأنت عفيف، ودقّ الشّيء فهو دقيق، ورقّ فهو رقيق، وركّ فهو ركيك، وخسّ فهو خسيس، وذلّ فهو ذليل.
واليائيّ العين نحو: طاب يطيب فهو طيّب، ولان يلين فهو ليّن، وبان يبين فهو بيّن، وهاء يهيء فهو هيّئ، إذا كان حسن الهيئة، وناء اللّحم فهو نيّئ، ويدل على أن أصل هذا الأفعال أن يكون على «فعل» دلالتها على معان طبعيّة أو كالطّبعيّة في اللزوم، ولذلك جاءت أسماء فاعليها على «فعيل» في المضاعف والمعتلّ اللام، وعلى «فيعل» في المعتلّ العين لأن «فيعلا» في ما اعتلّت عينه [5/ 6] ممّا حقّ فعله أن يكون على «فعل» نائب عن «فعيل» في ذوات الياء كلّها -
(1) المغالبة: «أن يغلب أحد الأمرين الآخر في معنى المصدر فلا يكون إلّا متعدّيا. انظر شرح الشافية للرضي (1/ 70)، وفي التسهيل (ص
197): «ويطّرد باب المغالبة في كل ثلاثي متصرف تام خال من ملزم الكسر» .
(2)
قال سيبويه في الكتاب (4/ 36، 37): «واعلم أن ما كان من التضعيف من هذه الأشياء فإنه لا يكاد يكون فيه فعلت وفعل لأنهم قد يستثقلون فعل والتضعيف. فلمّا اجتمعا حادوا إلى غير ذلك وهو قولك: ذلّ يذل ذلّا وذلة وذليل» فنيابة فعل عن فعل لوجود ثقلين هما: ضمّ العين والتضعيف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كـ «طيّب» وأخواتها، إلّا في «ناء اللّحم» ، وفي ذوات الواو كـ «جنّد» و «سيّد» و «عيّن» و «سيّئ» ، و «صيّب» (1)، (وصيّت)(2)، إلّا ما شذّ من «طويل» و «قويم» .
واطّراد صوغ «فعل» من أسماء الأعيان لإصابتها: نحو: جلده، ورأسه، وجبهه، وأذنه، وعانه، ووجهه، ووجنه (3)، ويداه، وصدره، وركبه، ورجله، إذا أصاب جلده، ورأسه، وجبهته، وأذنه، وعينه، ووجهه، ووجنته، ويده، وصدره وركبته، ورجله.
واطّرد أيضا صوغه منها لإنالة المسمّى: نحو: لحمه، وشحمه، ولبنه، ولبأه، وزبده، وسمنه، وتمره وكمأه، إذا أطعمه لحما، وشحما، ولبنا، ولباء (4)، وزبدا، وسمنا، وتمرا، وكمأة (5).
واطّرد أيضا صوغه منها لعمل بها: نحو: رمحه، وحربه، وآله، وسهمه، وساقه، وحصبه، وحصاه، وعصاه، وساطه، إذا ضربه برمح وحربة وآلة وسهم، وسيف وحصباء، وحصا وعصا وسوط، ومنه: عانه (6) إذا أصابه بالعين، وركبه (7) البعير إذا أصابه بركبته وهما من الأضداد (8).
(1) الصّيّب: المطر. اللسان (صوب).
(2)
«صيّت» ساقطة من (جـ) ومصححة في الهامش، والصّيّت: شديد الصّوت. اللسان (صوت).
(3)
أي أصابه في وجنته، والوجنة: ما ارتفع من الحدّين للشّدق والمحجر. اللسان (وجن).
(4)
اللّبأ: على فعل - بكسر الفاء وفتح العين - أوّل اللّبن في النّتاج، ولبأ القوم يلبؤهم لبئا وألبأهم أطعمهم اللّبأ. اللسان (لبأ).
(5)
الكمأة: واحدها كمء على غير قياس، وهو من النّوادر فإن القياس العكس، والكمء: نبات ينقّض الأرض فيخرج كما يخرج الفطر، والجمع: أكمؤ وكمأة، وكمأ القوم وأكمأهم: أطعمهم الكمأة.
اللسان (كمأ) وانظر إصلاح المنطق (ص 148، 149).
(6)
العين: أن تصيب الإنسان بعين، وعان الرجل بعينه عينا فهو عائن، والمصاب معين ومعيون أصابه بالعين، اللسان (عين) وانظر إصلاح المنطق (ص 56، 235).
(7)
الرّكب: بياض في الرّكبة، وركب الرجل يركبه ركبا مثال كتب يكتب كتبا، ضرب ركبته وقيل هو إذا ضربه بركبته، اللسان (ركب) وانظر إصلاح المنطق (ص 205).
(8)
لأن معنى عانه: أصاب عينه أو أصابه بالعين، وكذا ركبه أصابه في الرّكبة أي أصاب ركبته.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد يصاغ «فعل» من اسم الشيء لعمله: نحو: جدر الجدار (1)، وناء النّوى (2)، ووأر الإرة (3)، وبأر البير (4)، وخبا الخباء (5)، وقبا القبوة (6)، وعصد العصيدة (7)، ولفت اللّفيتة (8)، ولبك اللّبيكة (9)، وألق الألوقة (10).
وقد يصاغ لعمل صادر من المسمّى: نحو: أصلته الأصلة (11)، وسبعه السّبع، وكلبه الكلب، وذبّه الذّباب، ونمله النّمل، وبعضه البعوض، ووجرته الوجرة (12)، وجرده الجراد.
وقد يصاغ لأخذ بعض المسّمى: نحو: ثلث المال وربعه وخمسه، إذا أخذ ثلثه وربعه وخمسه وكذلك إلى العشر.
(1) الجدار: الحائط، وجدره يجدره جدرا: حوّطه. اللسان (جدر).
(2)
ناء: بعد، والنّوى: البعد، والنّوى: الدّار، والنّوى: التّحوّل من مكان إلى مكان آخر أو من دار إلى دار غيرها، والنّاوي: الذي أزمع على التّحوّل. انظر اللسان (نأي) و (نوى).
(3)
الإرة: موقد النار، وقيل هي النّار نفسها، والجمع إرات وإرون، على ما يطرد في هذا النحو ولا يكسّر، ووأرها ووأر لها وأرة: عمل لها إراة. انظر اللسان (وأر).
(4)
بأرت بئرا وبأرها يبأرها وابتأرها: حفرها. اللسان (بأر) وإصلاح المنطق (ص 157).
(5)
الخباء: أحد بيوت العرب من وبر أو صوف. اللسان (خبا).
(6)
القبوة: انضمام ما بين الشّفتين. واللسان (قبا).
(7)
العصيدة: دقيق يلتّ بالسّمن ويطبخ، يقال: عصدتّ العصيدة وأعصدتّها أي: اتخذتها. اللسان (عصد) وانظر إصلاح المنطق (ص 347، 356).
(8)
لفت الشّيء يلفته لفتا: عصده كما يلفت الدقيق بالسمن وغيره، واللّفيتة: العصيدة المغلظة (لفت) إصلاح المنطق (ص 347).
(9)
اللّبك: الخلط لبكه يلبكه لبكا: خلطه. واللبيكة: أقط ودقيق، أو تمر ودقيق يخلط ويصبّ السّمن عليه أو الزّيت ولا يطبخ. اللسان
(لبك).
(10)
الألوقة: طعام يصلح بالزّبد، وفيه لغتان: ألوقة، ولوقة، والألوقة: الزّبدة، وقيل: الزّبدة بالرّطب لتألقها أي: بريقها. اللسان (ألق) وانظر أساس البلاغة (ألق)(1/ 18).
(11)
الأصلة: جنس من الحيّات وهو أخبثها. اللسان (أصل) وفي أساس البلاغة (أصل)(1/ 14)«الأصلة: حيّة قتّالة تثب على الإنسان فتهلكه» .
(12)
الوجرة: الأوجار حفر تجعل للوحوش فيها مناجل فإذا مرّت بها عرقبتها، الواحدة: وجرة، اللسان (وجر).