الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خلاف العلماء في موضع الضمير المتصل بها]
قال ابن مالك: (وسمع الأخفش من العرب الفصحاء: عليّ عبد الله زيدا، فموضع الضّمير البارز المتّصل بها وبأخواتها مجرور لا مرفوع خلافا للفرّاء، ولا منصوب خلافا للكسائيّ).
قال ناظر الجيش: قال المصنف في شرح الكافية (1): «اختلف في الضمير المتصل بهذه الكلمات يعني بها: عليك وإليك وعندك ولديك وأخواتها؛ فموضعه رفع عند الفراء، ونصب عند الكسائي وجر عند البصريين (2) وهو الصحيح؛ لأن الأخفش روى عن عرب فصحاء: عليّ عبد الله - بجر عبد الله - فبينّ بذلك أن الضمير مجرور الموضع لا مرفوعه ولا منصوبه، ثم قال: ومع ذلك فمع كل واحد من هذه الأسماء ضمير مستتر مرفوع الموضع بمقتضى الفاعلية، فلك أن تقول في التوكيد:
عليكم كلّكم زيدا - بالجر - توكيدا للموجود المجرور، وبالرفع توكيدا للمستكن المرفوع» انتهى.
وليعلم أنه لا وجه لقول الفراء في هذه المسألة؛ إذ ليس ثمّ عامل رفع فيدعى أن الكاف في موضع رفع به، ثم إن الكاف ليست من ضمائر الرفع، وكذا لا وجه لقول الكسائي فيها أيضا إذ ليس ثمّ عامل نصب لأن «على» عامل جر، وبتقدير أن تكون ناصبة فهي في «عليك» جزء كلمة، والكاف هي الجزء الآخر، وجزء كلمة لا يعمل في جزأيها، وإن كان الكسائي يذهب إلى أن أسماء الأفعال في موضع نصب بعامل مقدر فالذي هو في موضع نصب إنما هو «عليك» بتمامها لا الكاف وحدها.
والحق أنها في موضع جر كما هو مذهب البصريين لأن نحو: «عند» و «لدى» لا يستعمل إلا مضافا وكذا «على» و «إلى» لا يستعمل شيء منهما مفردا بل مع ما هو مجرور به، وقد شذّ وأبعد من قال: إن الكاف مع هذه الكلمات حرف -
(1) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1193)، والهمع (2/ 106) والأشموني (3/ 201، 202).
(2)
قال سيبويه في الكتاب (1/ 250، 251): «وإذا قال: عليك زيدا فكأنه قال له: ائت زيدا ألا ترى أن للمأمور اسمين: اسما للمخاطبة مجرورا واسمه الفاعل المضمر في النية كما كان له اسم مضمر في النية حين قلت: عليّ. فإذا قلت: عليك فله اسمان: مجرور ومرفوع» . وانظر ابن يعيش (4/ 75).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خطاب (1)، قال بعضهم (2): وهو موضع قد أشكل، لأنها إن كانت حرف خطاب فحرف الخطاب لا يؤكد وأنت تقول: عليك نفسك زيدا، قال (3):
ويظهر من سيبويه أن تأكيدها قياس عنده فيها (4)، وإن كانت مضافة والتسمية بالمجموع فجزء الاسم لا يؤكد لو سميت بعبد الله، لا تقول: مررت بعبد الله الرحمن، أو بالظرف أو الجار فقط لزم أن يضاف اسم الفعل، وللسيرافي ما هو كالجواب عن هذا الذي ذكر فإنه قال: التزم سيبويه الثاني، يعني أن الكاف ليست حرف خطاب وأن الأول مضاف إلى الثاني أو جار له، وانفصل عن ذلك بأنه روعي الأصل كما يسمى بـ «حارث» وهو يتوهم الصفة ولذلك دخلت عليه «أل» واعلم أن الشيخ قال (5):«في جر عبد الله من قولنا: عليّ عبد الله زيدا - إشكال لأنه على ما زعم - يعني المصنف - تابع للضمير المجرور بـ «على» وهو الياء، وليس بنعت لأنه علم، ولا توكيد لأنه ليس من الألفاظ الموضوعة للتأكيد، ولا عطف نسق لعدم الحرف، ولا عطف بيان لأنه إنما يجاء به للتوضيح، وضمير المتكلم لا يلتبس فيوضح بغيره، ولا بدل لأن بدل المظهر من المضمر المتكلم أو المخاطب لا يجوز إذا كان بدل شيء من شيء - عند غير الأخفش - إلا إن كان البدل يفيد معنى الإحاطة». انتهى.
ولا يظهر (لي)(6) امتناع كونه عطف بيان؛ لأن عطف البيان هنا لم يوضح المتكلم؛ إذ المتكلم لا يلتبس بغيره كما قال، إنما أوضح اسم مدلول الياء، فبين أن هذا المتكلم هو عبد الله، وعبد الله في هذا التركيب لو لم يذكر لم يعلم اسم المتكلم ما هو. ويجوز كونه بدلا على رأي الأخفش فإنه قد استدل على ذلك بما يقتضي ظاهره الجواز (7)، وربما يشعر كلام المصنف في باب البدل (8) بالجنوح إلى مذهبه. -
(1) هو ابن بابشاذ، انظر ابن يعيش (4/ 75) والتذييل (6/ 230، 232) والهمع (2/ 106).
(2)
هو الشيخ أبو حيان في التذييل (6/ 232).
(3)
أي أبو حيان في التذييل (6/ 232).
(4)
انظر الكتاب (1/ 251).
(5)
انظر التذييل (6/ 229).
(6)
في (جـ): إذا، وفي (أ): أن؛ ولعلّ ما أثبته الأقرب للصواب.
(7)
انظر التذييل (6/ 229).
(8)
قال في التسهيل (ص 172): «ولا يتبع ضمير حاضر في غير إحاطة إلا قليلا» .