المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٨

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والخمسون باب أبنية الأفعال ومعانيها

- ‌[أبنية الثلاثي ومعانيها]

- ‌[اسم الفاعل من فعل بالضم]

- ‌[مضارع فعل بالكسر يفعل بالفتح إلا بعض الأفعال]

- ‌[معاني فعل بالكسر وتسكين عينه تخفيفا]

- ‌[أوزان اسم الفاعل من الأفعال المختلفة]

- ‌[معاني فعل بالفتح]

- ‌[معان أخرى كثيرة لفعل المفتوح العين]

- ‌[مضارع فعل المفتوح العين يفعل بكسرها]

- ‌[حكم الفعل المضارع من غير الثلاثي]

- ‌[معاني فعلل]

- ‌[معاني أفعل المزيد بالهمز]

- ‌[معاني فعّل بالتشديد]

- ‌[معاني تفعّل المزيد بالتاء والتشديد]

- ‌[معاني فاعل وتفاعل]

- ‌[معاني افتعل المزيد بالهمز والتاء]

- ‌[معاني انفعل المزيد بالهمز والنون]

- ‌[معاني استفعل]

- ‌[معاني افعلّ بتشديد اللام وافعوعل]

- ‌[معاني افعوّل وما ندر من الأوزان الأخرى]

- ‌[حكم فعل الأمر من أنواع الأفعال السابقة]

- ‌الباب السادس والخمسون باب همزة الوصل

- ‌[مواضع همزة الوصل]

- ‌[أحكام خاصة بهمزة الوصل]

- ‌الباب السابع والخمسون باب مصادر الفعل الثّلاثي

- ‌[أوزان بعض هذه المصادر]

- ‌[من أوزان مصادر الثلاثي]

- ‌[مصادر الحرف والأدواء والأصوات والألوان]

- ‌[مصادر الفعل المتعدي - اسم المرة والهيئة]

- ‌الباب الثامن والخمسون باب مصادر غير الثّلاثي

- ‌[مصادر المبدوء بهمزة وصل، مصادر أفعل وفعّل وفاعل]

- ‌[أوزان مصادر أخرى مختلفة]

- ‌[لزوم تاء التأنيث في بعض المصادر]

- ‌[مجيء المصدر على وزن اسمي الفاعل والمفعول]

- ‌الباب التاسع والخمسون باب ما زيدت الميم في أوّله لغير ما تقدّم وليس بصفة

- ‌[أسماء الزمان والمكان]

- ‌[الزمان والمكان على وزن مفعل بالكسر أو الفتح]

- ‌[مجيء مفعلة للسبب - اسم الآلة]

- ‌الباب الستون باب أسماء الأفعال والأصوات

- ‌[بعض أحكام أسماء الأفعال]

- ‌[أنواع أسماء الأفعال: أمر - ماض - حاضر]

- ‌[أسماء فعل الأمر ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل الماضي والمضارع ومعانيها]

- ‌[أسماء الفعل المنقولة من ظرف وجار ومجرور]

- ‌[القياس على بعض هذه الأسماء]

- ‌[خلاف العلماء في موضع الضمير المتصل بها]

- ‌[أحكام أخرى لهذه الأسماء]

- ‌[أسماء الأصوات: أنواعها - أمثلة لها - أحكامها]

- ‌الباب الحادي والستون باب نوني التّوكيد

- ‌[نوعاهما - لحوقهما المضارع وجوبا، والأمر والمضارع جوازا]

- ‌[حكم المضارع المؤكد بالنون: معرب أم مبني]

- ‌[أحكام خاصة بنون التوكيد الخفيفة]

- ‌[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه]

- ‌الباب الثاني والستون [باب منع الصّرف]

- ‌[تعريف الصرف وشرح التعريف]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلة واحدة]

- ‌[ما يمتنع صرفه لعلتين: الوصفية، وعلة أخرى]

- ‌[خلاف فيما كان علما على وزن الفعل]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية وعلة أخرى]

- ‌[ما يمتنع صرفه للعلمية والتأنيث]

- ‌[مسألتان في العلم المختوم بالزيادتين والمجهول الأصل]

- ‌[حكم أسماء القبائل والأماكن]

- ‌[تعريفات ومسائل في أسماء القبائل]

- ‌[ما يمتنع صرفه معرفة ونكرة وما يمتنع صرفه معرفة فقط]

- ‌[حكم جوار ونحوه في أحواله الثلاثة]

- ‌[الآراء في إعراب المركب المزجي]

- ‌[ما يمتنع صرفه للوصفية والعدل]

- ‌[حكم وزن فعل توكيدا]

- ‌[حكم سحر ووزن فعل ووزن فعال علما وغيره]

- ‌[حكم الصرف وعدمه بالنسبة إلى الاسم مكبرا ومصغرا]

- ‌[أسباب صرف ما لا ينصرف وحكم منع المصروف]

- ‌الباب الثالث والستون [باب التسمية بلفظ كائن ما كان]

- ‌[شرح العنوان وبيان معناه]

- ‌[للاسم المسمى به ما كان له قبل التسمية]

- ‌[يعرب الاسم المسمى به بما كان له قبل التسمية]

- ‌[إجراء حاميم وياسين مجرى قابيل]

- ‌[المسمى به إذا كان ناقصا كمن وعن]

- ‌[أحكام مختلفة في المسمى به]

- ‌[جواز الإعراب والحكاية في الجار والمجرور]

- ‌[حكم الفعل والعلامة في لغة يتعاقبون]

- ‌[تسمية المذكر ببنت وأخت]

- ‌[حكم التسمية بالأسماء الموصولة]

- ‌[أسماء الحروف الهجائية وحكمها]

- ‌[أحكام أخرى لأسماء الحروف]

- ‌الباب الرابع والستون [باب إعراب الفعل وعوامله]

- ‌[اختلاف النحويين ومذاهبهم في رافع المضارع]

- ‌[أحكام «أن» المخففة و «أن» المصدرية]

- ‌[خلاف العلماء في «أن» بأنواعها]

- ‌[«لن» الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[كي الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إذن الناصبة للمضارع وأحكامها]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «لام» الجحود وبعد «حتى»]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد «أو»]

- ‌[عدم جواز الفصل بين «حتى» و «أو» وبين الفعل]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد فاء السببية المسبوقة بالأجوبة الثمانية]

- ‌[حكم تقديم الجواب المقترن بالفاء على سببه]

- ‌[إضمار «أن» وجوبا بعد واو المعية في الأجوبة المذكورة]

- ‌[سقوط الفاء من الأجوبة وجزم الفعل]

- ‌[حكم الجواب المدلول عليه باسم الفعل جزما ونصبا]

- ‌[حكم الفعل المعطوف بالواو أو الفاء على الشرط أو الجواب]

- ‌[جواز إظهار «أن» وإضمارها بعد عاطف على اسم صريح وبعد لام التعليل]

- ‌[«أن» الزائدة ومواضع ذلك و «أن» المفسرة وأحكام لها]

- ‌[حكم المضارع بعد «حتى» نصبا ورفعا]

الفصل: ‌[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه]

[تعريف التنوين - فائدته - بعض أحكامه]

قال ابن مالك: (فصل: التّنوين: نون ساكنة تزاد آخر الاسم تبيينا لبقاء أصالته، أو لتنكيره، أو تعويضا، أو مقابلة لنون جمع المذكّر، أو إشعارا بترك التّرنّم في رويّ مطلق في لغة تميم، ويشارك المتمكّن المجرّد في هذا ذو الألف واللّام، والمبنيّ، والفعل، وكذا اللّاحق رويّا مقيّدا عند من أثبته، ويسمّى الغالي، ويختصّ ذو التّنكير بصوت أو شبهه، ويسمّى اللّاحق به الأوّل أمكن ومنصرفا، وقد يسمّى لحاق غيره صرفا).

ــ

تحذف هذه النون لغير ما ذكر في الضرورة» كقوله:

3690 -

اضرب عنك الهموم طارفها

...

فأثبت النون أولا لتثبت الفتحة قبلها ثم حذف النون للضرورة واستمر ما قبلها بحاله.

قال ناظر الجيش: التنوين لا يكاد يعزب عمن له أدنى إدراك، فلا يحتاج إلى تعريف، والذي قاله المصنف في الكافية وهو قوله:

إن يبد لفظا دون خطّ نون

كابسط يدا فذلك التّنوين (1)

كاف، وقد وسع الشيخ الكلام على حدّ المصنف ووغر فيه فقال (2):

قوله «نون» يشمل نون «عنبر» و «ضيفن» (3)، و «التنوين» ، واحترز بقوله «ساكنة» من نون التثنية والجمع، وقوله «تزاد» تحرّز من الأصلية نحو نون «عنبر» وزنه فعلل لأن «فنعلا» غير موجود في الأسماء وهو موجود في الصفات كـ «عنبس» (4) وقوله «آخر الاسم» احتراز من نحو [نون] منطلق فإنها ساكنة زائدة لكن ليست آخرا (5)، وقوله «تبيينا لكذا ولكذا» احتراز من النون الساكنة في -

(1) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1420).

(2)

انظر التذييل (6/ 273: 274)، وقد تصرف المؤلف فيما نقله عنه.

(3)

الضيفن: الذي يتبع الضيف مشتق منه عند سيبويه وجعله سيبويه من ضيفن. انظر اللسان (ضفن) و (ضيف).

(4)

عنبس: من أسماء الأسد أخذ من العبوس وبها سمي الرجل. انظر اللسان (عبس).

(5)

هذا الكلام من أول قوله «وقوله آخر الاسم

إلخ» ليس في التذييل. انظر التذييل (6/ 272).

ص: 3952

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصل الزائدة اللاحقة آخر الاسم إما للوقاية بالحمل على الفعل كقوله:

3691 -

أمسلمني إلى قومي شراح (1)

وإما لتكميل الوزن نحو قول الشاعر:

3692 -

أحبّ منك موضع القفنّ

وموضع الإزار والكشحنّ (2)

وبعد فأنا أورد كلام المصنف في شرح الكافية المتعلق بهذا الفصل ثم أعود إلى لفظ الكتاب، قال (3) رحمه الله تعالى:«التنوين على ضربين: أحدهما خاص بالاسم والآخر مشترك فيه، فالخاص بالاسم: تنوين التنكير، وتنوين الصرف، وتنوين العوض، وتنوين المقابلة، فتنوين التنكير كتنوين «صه» فإن «صه» بلا تنوين بمعنى: اسكت السكوت، وبالتنوين بمعنى: اسكت سكوتا ما، ومن تنوين التنكير تنوين عجز «سيبويه» ونحوه: تقول: مررت بسيبويه فلا تنون حين تقصد المعرفة ومررت بسيبويه آخر فتنون حين تقصد النكرة.

وتنوين الصرف كتنوين «رجل» وغيره من الأسماء المعربة العارية من موانع الصرف، وقد يتوهم أن تنوين «رجل» تنوين تنكير و [ليس] كذلك، لأنه لو سمي به مذكر لبقى تنوينه مع زوال التنكير، فلو كان تنوين تنكير لزال بزوال مدلوله.

وتنوين العوض على ضربين: أحدهما ما عوض من الإضافة كالذي في قوله تعالى -

(1) هذا عجز بيت من الوافر، وقائله يزيد بن مخزم الحارثي (العيني: 1/ 385) وصدره:

وما أدري وظنّي كلّ ظنّ

الشرح: قوله: وظني كل ظن إما صلة أو جملة من مبتدأ وخبر معترضة أو الواو بمعنى مع وكل ظن تأكيد لظني و «شراح» أصله: شراحيل اسم رجل لحقه الترخيم. والشاهد: في قوله: أمسلمني؛ فإن النون فيه زائدة للوقاية بالحمل على الفعل وانظر البيت في معاني القرآن (2/ 386) والمقرب (1/ 125)، والمغني (ص 345، 644)، وشرح شواهده (ص 770).

(2)

هذان بيتان من الرجز المشطور وهما لدهلب بن قريع يخاطب ابنا له.

الشرح: قوله: الكشحن أصله: الكشح وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف، وهو من لدن السرة إلى المتن، وقوله: القفن أصله: القفا وهو مؤخر العنق، وقوله: الوشحن على الروايات الأخرى أصله:

الوشاح ينسج من أديم عريضا ويرصّع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها.

والشاهد فيه قوله: «القفن» و «الكشحن» حيث زاد فيه نونا لتكميل الوزن، والملاحظ أن النون التي تزداد في مثل هذا هي نون شديدة،

واستشهاد أبي حيان بالرجز على أن النون ساكنة.

(3)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1420 - 1430).

ص: 3953

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (1)، [فإن] أصله: فهي يوم إذ انشقت، فحذفت الجملة وجيء بالتنوين، فالتقى ساكنان فكسرت الذال لالتقاء الساكنين.

والثاني كالذي في نحو: هؤلاء جوار، وهذا يرم في رجل سميته بـ «يرمي» وكذا كل ما آخره ياء قبلها كسرة مما لا ينصرف نظيره من الصحيح كـ «يعيل» تصغير «يعلى» (2) فإنه نظير «يعيمر» تصغير «يعمر» ، وكون هذا تنوين عوضا لا تنوين صرف (3) هو مذهب سيبويه والمبرد (4)، إلا أن سيبويه (5) جعله عوضا من الياء، والمبرد جعله عوضا من ضمة الياء وكسرتها (6)، والصحيح مذهب سيبويه لأنه لو كان عوضا من الحركة لكان ذو الألف أولى به من ذي الياء، لأن حركة ذي الياء غير متعذرة فهي لذلك في حكم المنطوق بها، بخلاف حركة ذي الألف فإنها متعذرة، وحاجة المتعذر إلى التعويض أشد من حاجة غير المتعذر، وأيضا لو كان التنوين المشار إليه عوضا من الحركة لألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم (7) في قوله:

3693 -

أقلّي اللّوم عاذل والعتابن (8)

-

(1) سورة الحاقة: 16.

(2)

هو مضارع على - بالكسر في المكارم والرقعة والشرف، ويقال أيضا: علا بالفتح انظر اللسان (علا). وقد سمّى به.

(3)

كونه نوين صرف هو مذهب الأخفش. انظر المغنى (ص 341) والأشموني (3/ 245).

(4)

انظر المعنى (ص 341) والأشموني (3/ 245) وفيه «وذهب المبرد والزجاج» .

(5)

انظر الكتاب (3/ 310: 311).

(6)

انظر شرح السيرافي بهامش بهامش الكتاب (3/ 310: 311)، والمغني (ص 341) والأشموني (3/ 245)، وأصله على مذهب المبرد: جواري يترك التنوين، حذف صمة الياء لثقلها وأتي بالتنوين عوضا عنها فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما. انظر حاشية الصبان (3/ 245).

(7)

انظر الأشموني (3/ 245)، وسوف يذكر يذكر في كلامه تنوين الترنم بعد قليل.

(8)

هذا صدر بيت من الوافر وهو لجرير (ديوانه ص 64) وعجزه:

وقولي أن أصبت لقد أصابن

الشرح: قوله: أقلي أمر من الإقلال من القلة، واللوم: بالفتح: العذل، وعاذل: بفتح اللام منادى مرخم، أصله: يا عاذلة، والعتابن: عطف على اللوم. والمعنى: يقول: أقلي لومي يا عاذلة ووعيني وتأملي ما أفعله فإذا كنت مصيبا فصوبيني، ولا تعذلي على شيء ما عرفته ولا تبينته حتى تخبري فتقولي ما تقولينه على علم. والشاهد فيه قوله: والعتابن، حيث ألحق به تنوين الترنم مع الألف واللام. وانظر البيت في الكتاب (4/ 205)، والمقتضب (1/ 375)، والخصائص (2/ 96)، والمنصف (1/ 224)، -

ص: 3954

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن قيل: لم حذفت اللام أولا؟ قلنا: لما كانت ياء المنقوص المنصرف قد تحذف تخفيفا ويكتفى بالكسرة التي قبلها، وكان المنقوص الذي لا ينصرف أثقل التزموا فيه من الحذف ما كان جائزا في الأدنى ثقلا ليكون لزيادة الثقل زيادة أثر إذ ليس بعد الجواز إلا اللزوم، ثم جيء بعد الحذف بالعوض كما فعل في إذ حين حذف ما تضاف إليه.

ومن النحويين (1) من يرى أن تنوين «جوار» ونحوه تنوين صرف لأن الياء حذفت فصار الاسم بعد حذفها شبيها بـ «جناح» وهذا قول ضعيف، لأن الياء حذفت تخفيفا.

وثبوتها منوي، ولذلك بقيت الكسرة دليلا عليها، وما حذف تخفيفا ونوى ثبوته فلا اعتداد بحذفه، ولهذا لو سمي بـ «كتف» امرأة ثم سكن تخفيفا لم يجز صرفه جواز صرف «هند» لأن الحركة منوية فلم يعتد بالسكون، ولو قيل في «جيأل» اسم رجل: جيل لم يجز صرفه وإن كان في اللفظ ثلاثيا لأن الهمزة منوية الثبوت، ولذلك لم تقلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها (2)، وأمثال ذلك كثيرة.

فإن أورد «جندل» ونحوه فإن أصله: فعالل فحذفت ألفه ونوى ثبوتها لئلا يتوالى أربع حركات في كلمة واحدة، ومع ذلك صرف اعتبارا بعارض الحذف؟

فالجواب أن يقال: لا أسلم أن تنوين «جندل» ونحوه تنوين صرف، وإنما هو تنوين جيء به عوضا من الألف (3) كما جيء بتنوين «جوار» عوضا من الياء (4)، فاندفع المعارض وصح عدم الاعتداد بالعارض.

وتنوين المقابلة: تنوين «مسلمات» ونحوه من الجمع بالألف والتاء، فإنه جمع قصد به في المؤنث من سلامة نظم الواحد واتحاد لفظ الجر والنصب ما قصد في -

- والإنصاف (ص 655)، وابن يعيش (9/ 29، 33)، والمغني (ص 342).

(1)

هو الأخفش كما في المغني (ص 341) والأشموني (3/ 245).

(2)

انظر المغني (ص 341).

(3)

أي عوضا من ألف «جنادل» وعلى هذا فالتنوين عوض عن حرف زائد.

(4)

نقل ابن هشام في المغنى (ص 341) رأي ابن مالك في تنوين «جندل» ثم قال: «والذي يظهر خلافه، وأنه تنوين الصرف، ولهذا يجر بالكسرة وليس ذهاب الألف التي هي علم الجمعية لذهاب الياء من نحو: جوار وغواش» .

ص: 3955

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«مسلمين» ونحوه، فقوبلت التاء بالكسرة، والنون [5/ 52] بالتنوين ولذلك إذا سمي بـ «مسلمات» بقي تنوينه كما تبقى نون «مسلمين» إذا سمي به، ومنه قوله تعالى فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ (1) وقال الشاعر (2):

3694 -

تنوّرتها من أذرعات وأهلها

بيثرب أدنى دارها نظر عال (3)

فلو كان تنوين «مسلمات» تنوين صرف لزال عند العلمية كما يزول تنوين «مسلمة» إذا صار علما فإن في كل منهما بعد التسمية من العلمية والتأنيث ما في الآخر وتأنيث «مسلمات» أحق بالاعتبار لوجهين:

أحدهما: أنه تأنيث معه جمعية.

والثاني: أنه تأنيث بعلامة لا تتغير في الوقف بخلاف تأنيث «مسلمة» واعتبار ما لا يتغير وصلا ولا وفقا أولى من اعتبار ما يتغير وقفا.

وأما التنوين المشترك فيه فهو الذي يسمى: تنوين التّرنّم، وإنما هو عوض من الترنم لأن الترنم مدّ الصوت بمدة تجانس حركة الروي، فالأصل إذا قيل تنوين الترنم:

تنوين ذي الترنم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، قال سيبويه (4): أما -

(1) سورة البقرة: 198.

(2)

هو امرؤ القيس انظر ديوانه (ص 141).

(3)

هذا البيت من الطويل. الشرح: تنورتها: يعني نظرت إلى نارها، وإنما يعني بقلبه لا بعينه، يقال:

تنورت النار من بعيد أي تبصرتها فكأنه من فرط الشوق يرى نارها وأذرعات: مدينة كورة البثية من كور دمشق وفي اللسان (ذرع): بلد ينسب إليه الخمر و «يثرب» مدينة النبي صلى الله عليه وسلم قوله: أدنى دارها نظر عال: يقول: كيف أراها وأدنى دارها نظر مرتفع، وقيل: أقرب دارها مني بعيد، والحاصل أن القريب من دارها وأدنى دارها نظر مرتفع، وقيل: أقرب دارها مني بعيد، والحاصل أن القريب من دارها بعيد، فكيف بها ودونها نظر عال؟ والشاهد في قوله أذرعات حيث صرفها مع أنها علم مؤنث وذلك لأن التنوين فيها في مقابلة النون في جمع المذكر السالم والضمة والكسرة في مقابلة الواو والياء فيه فجرى في الصرف مجراه. وانظر البيت في الكتاب (3/ 233)، والمقتضب (3/ 333)، (4/ 38)، وابن يعيش (1/ 47)، (9/ 34)، والخزانة (1/ 26).

(4)

هذا الكلام نقله ابن مالك عن سيبويه ولكن بتصرف ونص سيبويه هو: قال في الكتاب (4/ 204):

«أما إذا ترنموا فإنهم يلحقون الألف والياء والواو ما ينون وما لا ينون لأنهم أرادوا مد الصوت ثم قال في (4/ 206: 207): فإذا أنشدوا ولم يترنموا فعلى ثلاثة أوجه: أما أهل الحجاز فيدعون هذه القوافي ما نون منها وما لم ينون على حالها في الترنم، ليفرقوا بينه وبين الكلام الذي لم يوضع للغناء، وأما ناس كثير من بني تميم فإنهم يبدلون مكان المدة النون فيما ينون، وما لم ينون لما لم يريدوا الترنم أبدلوا

».

ص: 3956

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا ترنموا فإنهم يلحقون الياء والألف والواو لأنهم أرادوا مدّ الصوت، وإذا أنشدوا ولم يترنموا - كأهل الحجاز - يدعون القوافي على حالها في الترنّم، وناس كثير من بني تميم يبدلون مكان المدة النون لما لم يريدوا الترنم أبدلوا مكان المدة نونا، ولفظوا بتمام البناء كما فعل أهل الحجاز ذلك بحروف المد، سمعناهم يقولون:

3695 -

يا أبتا علّك أو عساكن (1)

وقال العجاج:

3696 -

يا صاح ما هاج الدّموع الذّرّفن (2)

وقال (3):

3697 -

من طلل كالأتحميّ أنهجن (4)

-

(1) هذا بيت من الرجز المشطور، قائله رؤبة كما في الكتاب (2/ 374: 375) وانظر ملحقات ديوانه (ص 181)، وقيل أنه للعجاج، وقد ذكر البغدادي في الخزانة عن أبي محمد الأعرابي في كتابه قرحة الأديب أن الشطر المذكور فيه تصحيف وأن الرواية الصحيحة هي:

تأنيا علك أو عساكا

والشاهد في البيت قوله: «عساكن» أصله: عساكا فأبدلوا مكان حرف المد نونا لما لم يريدوا الترنم والرجز في الكتاب (4/ 207)، (2/ 375)، وابن الشجري (2/ 76، 104)، والإنصاف (ص 222)، وابن يعيش (2/ 12)، (3/ 120)، (7/ 132) وشرح الكافية للرضي (2/ 21)، والمغني (ص 151)، وشرح شواهده (443)، والخزانة (2/ 441)، وشرح التصريح (1/ 213)، (2/ 178).

(2)

هذا البيت من الرجز المشطور وهو في ملحقات ديوان العجاج (ص 82) وبعده:

من طلل أمسى تخال المصحفن

رسومه والمذهب المزخرفن

الشرح: قوله: الدموع يروى في مكانه العيون، وقوله: الذرف جمع ذارفة وهي التي يذرف دمعها أي يسيل، ولم يرد أن الطلل هاج العيون التي تبكي ويسيل دمعها، وإنما يريد أن الطلل هاج العيون التي كانت غير باكية فبكت، وإنما صارت ذرفا لهيج الظلل فعبر عنها بما صارت إليه حالها.

والشاهد فيه: قوله «الذرفن» وأصله: الذرفا فأبدلوا مكان حرف المد نونا لم يريدوا الترنم.

وانظر الرجز في شرح ابن الناظم للألفية (ص 24) تحقيق د/ عبد الحميد السيد.

وانظر العيني (1/ 26) وما بعدها. وانظر البيت في الأشموني (4/ 220).

(3)

أي العجاج كما في الكتاب (4/ 207) وانظر ديوانه (ص 7).

(4)

هذا بيت من الرجز المشطور وقبله:

ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا

الشرح: طلل الطلل: ما شخص من آثار الديار، والأتحميّ ضرب من البرود فيه سواد وحمرة، وقوله -

ص: 3957

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذلك يفعلون في الجر والرفع، هذا نص سيبويه [رحمه الله تعالى]، فهذا التنوين مخالف لغيره بوجهين:

أحدهما: أنه يلحق الاسم وغيره مما ينوّن في الأصل وما لا ينوّن.

والثاني: أنه يلحق في الوقف وغيره من التنوين يحذف في الوقف بعد غير الفتحة ويبدل ألفا بعد الفتحة ولأجل الاشتراك فيه لم يمتنع ما فيه الألف واللام كقوله:

3698 -

أقلّي اللّوم عاذل والعتابن (1)

ولا من فعل كقوله:

3699 -

وقولي إن أصبت لقد أصابن (2)

وذكر العروضيون (3) تنوينا يسمى الغالي، وهو تنوين يزاد بعد حرف الروي المفيد، وينشدون مستشهدين عليه قول رؤبة:

3700 -

وقاتم الأعماق خاوي المخترق (4)

-

- أنهجن: أنهج: أخلق، كالأتحمي وصف للطلل، يقول: أي شيء هاج عليّ حين نظرت إلى الطلل؟

وهو استفهام في معنى التعجب من نظره إلى هذا الطلل.

والشاهد فيه قوله: أنهجن وأصله أنهجا فأبدلوا مكان حرف المد نونا لما لم يريدوا الترنم. وانظر البيت في الخصائص (1/ 171) والمغني (ص 372) والعيني (1/ 26) وانظر شرح ابن السيرافي (2/ 302: 303).

(1)

سبق شرحه وقائله جرير بن عطية.

(2)

هذا الشطر عجز صدر البيت السابق وهو قوله:

أقلي اللوم عاذل والعتابن

والشاهد في الشطر المستشهد به هنا قوله: أصابن وأصله: أصابا فأبدلوا مكان حرف المد نونا لا فرق في ذلك بين الاسم والفعل، لأن تنوين الترنم مشترك بين الاسم وغيره.

(3)

في شرح الألفية الناظم (ص 24) على ما حكاه الأخفش وفي المغني (ص 342). الأخفش والعروضيون وانظر ابن يعيش (9/ 34).

(4)

هذا بيت من الرجز المشطور، قاله رؤبة بن العجاج ديوانه (ص 104)، وهو من قصيدة تنيف على مائة وسبعين بيتا أوردها العيني عند شرح هذا الشاهد (1/ 38: 43).

الشرح: قوله: وقاتم: الواو: واو رب، والقاتم: المكان المظلم المغبر من القتام وهو الغبار، والأعماق جمع عمق - بفتح العين وضمها - وهو ما بعد من أطراف المفازة. والخاوي: من خوى البيت إذا خلا عن الساكن، والبطن عن الطعام. والمخترق الممر الواسع المتخلل للرياح لأن المار يخترقه، مفتعل من الخرق وهي المفازة الواسعة تنحرق فيها الرياح، وقاتم: صفة لموصوف محذوف أي وربّ مهمة قاتم الأعماق،

وجواب -

ص: 3958

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بكسر القاف وزيادة تنوين بعده، وأنكر أبو سعيد السيرافي (1) هذا التنوين ونسب رواية إلى الوهم بأن قال: إنما سمع رؤبة يسرد هذا الزجر ويزيد «إن» في آخر كل بيت فضعف لفظه بهمزة «إن» لانحفازه في الإيراد فظن السامع أنه نوّن وكسر الرويّ، وهذا الذي ذهب إليه أبو سعيد تقرير صحيح مخلص من زيادة ساكن على ساكن بعد تمام الوزن» انتهى (2).

والطالب لا يخفى عليه تطبيق ألفاظ الكتاب على ما ذكره في الشرح المذكور، ولما كان تنوين غير المنصرف قد يسمى «صرفا» (3) عدل عن التعبير عن تنوين التمكين بتنوين الصرف، إلى أن عبر عنه بالتنوين المبين لبقاء الأصالة، والمراد ببقاء الاسم على الأصالة: أنه لم يشبه الحرف فبني، ولم يشبه الفعل فلم ينصرف، وهذا الذي ذكره المصنف في شرح الكافية لم يزد الشيخ في شرحه على معناه (4) وختم كلامه بأن نقل (5) عن بعضهم «أن التنوينات الأربعة - أعني غير تنوين الترنّم والتنوين الغالي - كلها للتمكين، وأن تنوينها تنوين صرف» .

وأقول: إن هذا المذهب مع كونه باطلا هو الموجب لقول المصنف: وقد يسمّى لحاق غيره صرفا أي غير المبين لبقاء الأصالة.

* * *

- رب محذوف، وهو: قطعته أو جبته أو نحو ذلك. وبعد هذا البيت:

مشتبه الأعلام لمّاع الخفق

والشاهد فيه قوله: «المخترق» حيث زاد فيه تنوينا بعد القاف المكسورة يسمى التنوين الغالي. والبيت في الكتاب (4/ 210) وابن يعيش (2/ 118)، (9/ 29، 34)، والمغني (ص 342) والعيني (3/ 346)، والتذييل (6/ 281).

(1)

في شرح الألفية للمرادي (1/ 228)(رسالة): «وأنكره السيرافي والزجاج» وفي المغني (ص 343) وأنكر الزجاج والسيرافي ثبوت هذا التنوين ألبتة لأنه يكسر الوزن»، وانظر شرح الألفية للأبناسي (1/ 18).

(2)

أي ما نقله المؤلف عن المصنف في شرح الكافية الشافية، وتظهر في هذا الموضع شدة تأثر المؤلف بابن مالك.

(3)

وذلك كتنوين «جوار وغواش» - غير منصرف - فإن الأخفش يسميه تنوين الصرف.

(4)

انظر ما ذكره الشيخ أبو حيان عن فصل التنوين في التذييل (6/ 273: 285).

(5)

انظر التذييل (6/ 285).

ص: 3959