الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المسمى به إذا كان ناقصا كمن وعن]
قال ابن مالك: (وإن كان ما سمي به حرفي هجاء ضعّف ثانيهما إن كان حرف لين، وإن كان حرفا واحدا كمّل بتضعيف مجانس حركته إن كان متحرّكا ولم يكن بعض كلمة، وإن يكنه وهو ساكن فبالحرف الّذي قبله على رأي، وبهمزة الوصل على رأي، وإن كان متحرّكا فبالفاء إن كان عينا، وبالعين إن كان فاء، وبأحدهما إن كان لاما لا بالتضعيف المستعمل في ما ليس بعضا خلافا لمن رآه).
قال ناظر الجيش: لما انتهى الكلام على الأمر الأول وهو: ما قد يكون إعرابه بالحرف شرع في الكلام على الأمر الثاني وهو: ما لا بد له من تكميل، وذلك إذا كان المسمى به حرفين من حروف الهجاء، أو حرفا واحدا منها.
وأقول: المسمى به إما حرفان أو حرف واحد، والحرفان: ثانيهما إما صحيح وإما معتل، وعلى كلا التقديرين: إما أن يكون كل منهما كلمة مستقلة وإما بعض كلمة، فهذه أربعة أقسام، والحرف الواحد إما كلمة مستقلة وإما بعض كلمة، وهو إما ساكن أو متحرك، وهذه أربعة أقسام أيضا، فعلى هذه الأقسام التي تذكر أحكامها في هذا الموضع
ثمانين.
أما المسمى به الذي هو حرفان وثانيهما صحيح فحكمه البقاء على ما كان دون تغيير (1) سواء أكان كلمة مستقلة أم بعضا من كلمة، فيقال في «عن» مسمى بها: عن وعنا، وعن رفعا ونصبا وجرّا، وكذا إذا سمي بنحو «ضر» من: ضرب يقال: ضر، وضرا، وضر، في الأحوال الثلاثة.
وأما الذي ثاني حرفيه معتل فحكمه تضعيف ذلك المعتل (2) سواء في ذلك ما كان كلمة مستقلة، وما كان بعضا من كلمة فيقال في «كي» و «لو» و «لا» مسمّى بها:
كيّ ولوّ ولاء، رفعا، وكيّا ولوّا ولاء نصبا، وكيّ ولوّ، ولاء جرّا، وكذا يقال -
(1) انظر التذييل (6/ 472).
(2)
انظر الكتاب (3/ 261) والتذييل (6/ 471: 472).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «بي» من «بيع» و «قو» من «قول» و «عا» من «عاقبة» إذا سمّى بها:
بيّ، وقوّ، وعأّ بالتضعيف رفعا ونصبا وجرّا.
وقد علم هذان الحكمان من قوله: وإن كان ما سمّي به حرفي هجاء ضعّف ثانيهما إن كان حرف لين، الثاني بالمنطوق والأول بالمفهوم.
وإنما وجب التضعيف في ما ذكره لأن الاسم المعرب لا يكون آخره حرف لين تجري عليه حركات الإعراب (1).
وأما إبدال الألف المزيدة على ما ثانيه «ألف» همزة قلما عرف في التصريف (2).
وأما الحرف الواحد الذي هو كلمة مستقلة فإن كان متحركا فحكمه أن يزاد عليه حرف من جنس حركته ثم يضعف ذلك الحرف، كما إذا سميت بـ «التاء» من ضربت، وب «الكاف» من: ضربك، وب «التاء» من: ضربت [5/ 90] فيقال: توّ وكاء وتيّ رفعا، وتوّا وكاء وتيّا نصبا، وتوّ وكاء وتيّ جرّا (3)، وإلى هذا الحكم الإشارة بقوله «وإن كان حرفا واحدا كمّل بتضعيف مجانس حركته إن كان متحرّكا ولم يكن بعض كلمة» .
وإن كان ساكنا كما لو سميت بـ «التاء» من نحو: ضربت هند فلم يذكره المصنف، والظاهر أن حكمه حكم الساكن الذي هو بعض كلمة [في أن يكمل بهمزة وصل كما سيبين لا بشيء مما قبله وأما الذي هو بعض كلمة] فقد علمت أنه قسمان أيضا، ساكن ومتحرك، أما الساكن: فحكمه أن يكمل بحرف قبله واختلف فيه:
فقيل (4): بالحرف الذي كان قبله قبل أن يقتطع ويسمى به، وقيل: بهمزة الوصل، فإذا سميت بثاني «ضرب» قيل على القول الأول: ضر، وعلى القول -
(1) قال في الكتاب (3/ 261): «إلا أنك تلحق واوا أخرى فتثقل، وذلك أنه ليس في كلام العرب اسم آخره واو قبلها حرف مفتوح» ، وانظر التذييل (6/ 472).
(2)
وذلك لأنه بزيادة الألف التقى ساكنان فقلبت الثانية - وهي التي زيدت - حرفا قريبا من مخرجها وهو الهمزة، وإنما قلبت الألف همزة لأنها حرف ضعيف واسع المخرج لا يحتمل الحركة، فإذا اضطروا إلى تحريكه قلبوه إلى أقرب الحروف إليه وهو الهمزة، والهمزة حرف جلد يقبل الحركة، وقلبت الثانية ولم تقلب الأولى لأن التغيير أليق بالأواخر، ولأن في تحريك الثانية تحصيلا لظهور الإعراب الذي يحصل به الفرق بين المعاني. وانظر ابن يعيش (9/ 130) وحاشية الصبان (4/ 286).
(3)
انظر التذييل (6/ 473).
(4)
انظر التذييل (6/ 473: 474).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثاني: أر قيل: وهو مذهب سيبويه (1)، وإلى هذا أشار بقوله: وإن يكنه وهو ساكن فبالحرف الّذي كان قبله على رأي، وبهمزة الوصل على رأي أي: وإن يكن الحرف الواحد بعض كلمة.
وأما المتحرك: ففي الذي يكمّل به خلاف: فقيل: إن كان الحرف المسمى به عين كلمة كمّل بفائها، وإن كان فاء كمّل بعينها، وإن كان لاما كمّل إما بالفاء وإما بالعين (2).
[فإذا سميت بالأوسط من: ضرب قلت: ضرّ، وإذا سميت بالأول منه قلت:
ضرّ أيضا]، وإذا سميت بالثالث منه كنت مخيرا بين أن تقول: ضبّ أو ربّ، وقيل (3): إنما يكمّل الحرف المتحرك بالتضعيف في ما ليس بعضا.
وقد عرفت أن التضعيف المذكور هو: أن تزيد على الحرف حرفا من جنس حركته، ثم يضعف ذلك الحرف، فعلى هذا القول يقال: ضاء، وراء، وباء (4).
ولو سميت بـ «الصاد» المضمومة من: ضرب قلت: ضرّ، وضرّا، وضرّ.
ولو سميت «الضاد» المكسورة من: ضرب قلت: ضيّ، وضيّا، وضيّ (5).
وإلى هذا الحكم أشار بقوله «وإن كان متحركا فبالفاء إلى قوله خلافا لمن رآه» .
وقال صاحب البسيط (6): «إذا سميت بالباء من: ضرب قلت على رأي سيبويه والخليل (7): باء، وعلى رأي الأخفش (8): ضب، وعلى رأى المازني (9):
رب، وعلى رأي غيرهم (10) ترد الكلمة بأسرها فتقول: ضرب» انتهى. -
(1) انظر الكتاب (3/ 321).
(2)
انظر التذييل (6/ 475).
(3)
انظر التذييل (6/ 476).
(4)
في الكتاب (4/ 425: 326): «وإن سميت بالضاد من: ضرب قلت: ضاء، وإن سميته بها من: ضراب قلت: ضيّ، وإن سميته بها من: ضحى قلت: ضوّ، وكذلك هذا الباب كله، وهذا قياس قول الخليل ومن خالفه رد الحرف الذي يليه» . وانظر التذييل (6/ 476).
(5)
انظر الكتاب (3/ 325: 326) والتذييل (6/ 476).
(6)
انظر التذييل (6/ 476).
(7)
انظر الكتاب (3/ 320).
(8)
انظر شرح كتاب سيبويه للسيرافي بهامش الكتاب (3/ 322) وشرح الكافية للرضي (2/ 143).
(9)
انظر المرجعين السابقين.
(10)
هو أبو العباس المبرد. انظر شرح السيرافي بهامش الكتاب (3/ 322)، وشرح الكافية للرضي (2/ 142).
قال ابن مالك: (ويجعل «فو» «فما»، وذو المعرب «ذوا أو ذوّا»).
ــ
ولا تخفى مخالفة هذا الذي نقله (1) لما ذكره المصنف.
واعلم أن «حرفا» في قول المصنف «وإن كان حرفا» يشمل الصحيح والمعتل:
لكنهم لم يمثلوا إلا بالصحيح فبقى علينا أن نعرف حكم الحرف الواحد المعتل، وكذا حكم الحرفين المعتل أولهما.
قال ناظر الجيش: هذا الذي ذكره كالمستثنى مما تقدم، وذلك أنه قدم لنا أن المسمى به إذا كان ثانية حرف لين ضعف ذلك اللين، فكأنه قال: إلا فو وذو مسمّى بهما فإن كلّا منهما آخره لين ولا يضعف بل يرد «فو» إلى فم، و «ذو» ذوا، أو ذو، أما ردّ «فو» إلى فم فلأن العرب حين أفردته عوضت عن الواو الميم، وجعلتها حرف الإعراب، ولولا فعلت العرب ذلك لكان يرّد إليه ما حذف منه أصلا وهو «الهاء» كما رد إلى «ذو» ما حذف منه (2).
وأما رد «ذو» إلى ذوا أو ذوّ: فليس الحال فيهما على التخيير، ولكن هما مذهبان فسيبويه على الأول، والخليل على
الثاني، وقد تقدم في أول الكتاب أن الإمامين المشار إليهما مختلفان في أصله: فعند سيبويه أن «ذو» وزنه «فعل» (3) وأصله: ذوي كـ «فتى» ثم أعلت اللام بقلبها ألفا كما أعل «فتى» ثم حذف فهو عنده من باب «طويت» .
وقال الخليل (4): وزنه «فعل» - بسكون العين - وهو من باب «قوة» وأصله: ذوّ مثل: فوّ، فمن ثمّ رده كل منهما في التسمية به إلى أصله عنده، وأصل «الذال» على كلا القولين الفتح، وفي شرح الشيخ (5) ما يقتضي الطعن في مذهب الخليل، وإذا حقق كان ذلك الطعن مدفوعا، وإنما تركت إيراده خشية الإطالة.
(1) أي الشيخ أبو حيان فقد نقل هذا الكلام عن صاحب البسيط انظر التذييل (6/ 476).
(2)
انظر التذييل (6/ 477).
(3)
انظر الكتاب (3/ 262: 263).
(4)
انظر الكتاب (3/ 263) ونصه: وكان الخليل يقول: هذا ذوّ بفتح الذال، لأن أصلها الفتح، تقول: ذوا، وتقول: ذوو.
(5)
انظر التذييل (6/ 477).