الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[لزوم تاء التأنيث في بعض المصادر]
قال ابن مالك: (فصل: تلزم تاء التّأنيث «الإفعال» و «الاستفعال» معتلّي العين عوضا من المحذوف، وربّما خلوا منها، وتلحق سائر أمثلة الباب المجرّدة منها دلالة على المرّة، ويصاغ مثل اسم مفعول كلّ منها دالّا على حدثه أو زمانه أو مكانه).
ــ
وهجر، ورثّ]، وفخر، ومنّ، فهي بمنزلة أن لو قال: الدّلالة الكثيرة، والهزم الكثير، ونحو ذلك، وهذا النوع منهم من حكم [5/ 22] باطّراده، والمشهور أنه غير مطرد (1)، قال (2): وهذا النوع الذي جاء على «فعّيلى» إنما جاء أكثره مقصورا وقد سمع المدّ في ألفاظ منه وسيذكر في باب ألفي التأنيث.
ثم ناقش المصنف في ذكره «الفعّيلى» أنه من المصادر، كما ناقشه في ذكره «التّفعال» أيضا، قال (3):«لأن «الفعّيلى» ليس بمصدر لفعل غير ثلاثي كما أن «التّفعال» ليس كذلك أيضا» انتهى.
وأما قول المصنف: ويغني الفعّيلى عن التّفاعل - فمثال ذلك: الرّمّيا، يقال: كان بينهم رمّيّا أي: ترام كثير فـ «رمّيّا» بمعنى «التّرامي» ، والتّرامي وزنه «التّفاعل» (4).
قال ناظر الجيش: اشتمل هذا الفصل على مسائل ثلاث:
الأولى:
أننا عرفنا أن المصدرين اللذين هما «الإفعال» و «الاستفعال» إذا كانا معتلي العين فلا بد من حذف الألف منهما - أعني ألف «الإفعال» و «الاستفعال» - فذكر الآن أن تاء التأنيث تلزم هذين المصدرين عوضا من المحذوف فيقال: أقام إقامة، واستقام استقامة، وأبان إبانة، واستبان استبانة (5)، والكلام على إعلال هذا المصدر -
(1) انظر شرح الشافية (1/ 168).
(2)
التذييل (6/ 138).
(3)
نفس المرجع السابق.
(4)
انظر الكتاب (4/ 41)، وابن يعيش (6/ 56)، وانظر التذييل والتكميل (6/ 138، 139)(رسالة).
(5)
قال في الكتاب (4/ 83)«هذا باب ما لحقته هاء التأنيث عوضا لما ذهب وذلك قولك: أقمته إقامة واستعنته استعانة ورأيته إراءة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والألف المحذوفة هل هي الألف الزائدة أو الألف المبدلة من العين؟ يأتي في التصريف إن شاء الله تعالى.
وأشار بقوله: وربّما خلوا منها - إلى أن «إفعالا» و «استفعالا» المعتلي العين قد لا تلحقهما التاء (1)، قال الله تعالى: لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ (2) ومن كلامهم: استفاه الرّجل استفاها (3)، وقد فهم الناس من عبارة سيبويه حيث قال (4):«وإن شئت لم تعوّض» أن التاء يجوز خلوّ المصدر منها فيقال:
أقام إقاما، واستعان استعانا، والذي عليه الناس أن خلوّ المصدر من التاء لا يجوز إلا حيث سمع (5).
الثانية:
قد تقدم (6) في باب «مصادر الفعل الثلاثي» أن المرّة من الفعل الثلاثي يدلّ عليها بـ «فعلة» فأشار الآن إلى ما يدلّ به على المرّة من الفعل غير الثلاثي بقوله:
وتلحق سائر أمثلة الباب
…
إلى آخره - يعني أن التاء تلحق بصيغة مصدر غير الثلاثي إذا كان مجرّدا منها (7) أي لم يوضع عليها كـ «انطلاقة» و «استخراجة» و «إعطاءة» ، و «إخراجة» بخلاف نحو:«مقابلة» و «تجربة» ونحوهما، فإن الوحدة فيه إنما يدلّ عليها بالنعت أو بقرينة معنوية (8).
(1) انظر الكتاب (4/ 83).
(2)
سورة النور: 37.
(3)
انظر اللسان (فوه) ومعناه: اشتدّ أكله بعد قلّة.
(4)
الكتاب (4/ 83).
(5)
مذهب سيبويه في هذه المسألة واضح في أنه يجيز حذف الألف دون تعويض قياسا واستدل على ذلك بقوله تعالى: وَأَقامَ الصَّلاةَ * وقال في الكتاب: (4/ 83)«وقالوا: أريته إراء مثل أقمته إقاما لأن من كلام العرب أن يحذفوا ولا يعوضوا» وذهب الفراء إلى جواز حذف الألف في ما كان مضافا كما في قوله تعالى وَأَقامَ الصَّلاةَ * ليكون المضاف إليه قائما مقام الهاء أما فيما عدا ذلك فلا يجوز حذف التاء وقد اختار الرضي مذهب الفراء وقال «لأن السماع لم يثبت إلا مع الإضافة» . انظر معاني القرآن (2/ 254)، وشرح الشافية (1/ 165)، وابن يعيش (6/ 58)، وشرح لامية الأفعال (ص 135).
(6)
انظر الباب الذي قبل ذلك مع مراعاة أن المؤلف - تابعا ابن مالك - لم يشرح هذا الموضع من الكتاب كاملا.
(7)
انظر الكتاب (4/ 86)، وشرح الشافية (1/ 179).
(8)
لرفع اللبس فيقال: مقابلة واحدة وتجربة واحدة، وهذا هو الأكثر. انظر الكتاب (4/ 87)، وشرح الشافية (1/ 179).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونبّه الشيخ (1) ههنا على شيء وهو أن الفعل إذا كان له مصدران إنما يدلّ على المرّة منه بالذي هو الأصل منهما والأكثر (2)، فعلى هذا لا يقال: قاتل قتالة وكذا لا يقال: دحراجة لأن الأصل في مصدر «فاعل» المفاعلة، وفي مصدر «فعلل»:
فعللة، ثم أضاف إلى ذلك المصادر التي ذكر المصنف مجيئها على قلّة وقال (3):
«كان ينبغي للمصنف أن يقيد فيقول: وتلحق سائر أمثلة الباب المجردة منها المقيسة» .
الثالثة:
لا شك أن صيغة اسم المفعول من الفعل غير الثلاثي قد تقدم التنبيه عليها في باب «اسم الفاعل» فذكر المصنف هنا أن الصيغة المذكورة كما هي دالة على اسم المفعول تكون دالة أيضا على ثلاثة أشياء أخر وهي: الحدث، وزمان ذلك الحدث، ومكانه، كل هذا إذا كان من الفعل غير الثلاثي، قال الله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها (4) أي: اجراؤها وإرساؤها، وقال الله تعالى: وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ (5) أي: تمزيق، ومنه قول الشاعر (6):
3583 -
أظلوم إنّ مصابكم رجلا
…
أهدى السّلام تحيّة ظلم (7)
-
(1) انظر التذييل والتكميل (6/ 142).
(2)
قال سيبويه في الكتاب (4/ 87): «هذا باب نظير ما ذكرناه من بنات الأربعة وما ألحق ببنائها من بنات الثلاثة، فتقول: دحرجته دحرجة واحدة وزلزلته زلزلة واحدة تجيء بالواحدة على المصدر الأغلب الأكثر» وانظر شرح الشافية (1/ 179، 180).
(3)
التذييل (6/ 142).
(4)
سورة هود: 41.
(5)
سورة سبأ: 19.
(6)
نسبه العيني (3/ 502)، للحارث بن خالد المخزومي، والبيت في ديوان العرجي (ص 193)، وانظر درة الغواص (ص 96).
(7)
هذا البيت من الكامل.
الشرح: «أظلوم» قال العيني: (3/ 504): «قال ابن بري: والصواب أظليم، وظليم ترخيم ظليمة وظليمة تصغير ظلمة وهي أم عمران» ويروى أسليم والصحيح أظليم والهمزة حرف نداء.
والشاهد في قوله: «مصابكم» حيث جاء اسم المفعول بمعنى المصدر دالّا على الحدث.
والبيت في أمالي الشجري (1/ 107)، والمغني (ص 538، 637)، والخزانة (1/ 218)، والتصريح (2/ 64)، والأشموني (ص 288، 310).