الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثالث: احتمال العموم والخصوص. حتى ظن قوم أن مطلق هذا يقتضي أمر جميع الأمة.
والصحيح أن من يقول بصيغة العموم أيضاً ينبغي أن يتوقف في هذا إذ يحتمل أن يكون ما سمعه أمراً للأمة، أو لطائفة، أو لشخص بعينه.
وكل ذلك يبيح له أن يقول: أمر، فيتوقف فيه إلى الدليل، لكن يدل عليه أن أمره للواحد أمر للجماعة، إلا إذا كان لوصف يخصه من سفر أو حيض (1) ، ولو كان ذلك لصرح به الصحابي، كقوله:«أُمرنا إذا كنا مسافرين ألا ننزع خِفَافنا ثلاثة أيام» (2) نعم لو قال: أُمرنا بكذا وعُلم من عادة الصحابي أنه لا يطلقه إلا في أمر الأمة حُمِل عليه وإلا احتُمِل أن يكون أمراً له، أو للأمة، أو للطائفة.
المرتبة الرابعة:
أن يقول الراوي: أُمرنا بكذا، نُهينا عن كذا، أُوجب علينا كذا، أُبيح لنا كذا، حُظر علينا كذا، من السنة كذا، السنة جارية بكذا.
فهذا جميعه في حكم واحد، ويتطرق إليه الاحتمالات الثلاثة التي تطرقت إلى المرتبة الثالثة.
واحتمال رابع، وهو الآمر، فإنه لا يُدرى أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
(1) في المطبوع " حضر ".
(2)
أخرجه الشافعي، وأحمد، والترمذي، والنسائي وغيرهم من حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
أو غيره من العلماء.
فقال قوم: لا حجة فيه، لأنه محتمل.
وذهب الأكثرون إلى أنه لا يحمل إلا على أمر الله، وأمر رسوله، لأنه يريد به إثبات شرع، وإقامة حُجة.
وقال بعضهم: في هذا تفصيل، وذلك إن كان الراوي أبا بكر الصديق رضي الله عنه فيُحمل على أن الآمِرَ هو النبي صلى الله عليه وسلم، لأن أبا بكر لا يقول: أُمرنا، إلا وآمِرُهُ النبي، لأن غير النبي لا يأمره، ولا يَلتزم أمرَ غيره، ولا تَأمَّر عليه أحد من الصحابة. فأما غير أبي بكر، فإذا قال: أُمِرْنا، فإنه
يجوز أن يكون الآمر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره.لأن أبا بكر تَأمَّر على الصحابة، ووجب عليهم امتثال أمره، وقد كان غير أبي بكر رضي الله عنه من الصحابة أميراً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده، فيجوز أن يضاف الأمر إليهم.
أما إذا قال: أُبيح، وأُوجب، وحُظر، فيقوى في جانبه أن لا يكون مضافاً إلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الإيجاب والإباحة والحظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، بخلاف الأمر، فإن الإمام قد يأمر بما يوجبه الشرع، ولا يقال: أَوجَبَ الإمام، إلا على تأويل إضافة الإيجاب إليه بنوع من المجاز، لصدور الأمر بالإيجاب عنه.
وأما قوله: من السنة كذا، والسنة جارية بكذا فالظاهر أنه