المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة - جامع الأصول - جـ ١

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌خطة المؤلف في الكتاب:

- ‌وصف النسخ

- ‌عملنا في تحقيق الكتاب:

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌الباب الأول: في الباعث على عمل الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول: في انتشار علم الحديث، ومبدإِ جمعه وتأليفه

- ‌الفصل الثاني: في بيان اختلاف أغراض الناس ومقاصدهم في تصنيف الحديث

- ‌الفصل الثالث: في اقتداء المتأخرين بالسابقين، وسبب اختصارات كتبهم وتأليفها

- ‌الفصل الرابع: في خلاصة الغرض من جمع هذا الكتاب

- ‌الباب الثاني: في كيفية وضع الكتاب

- ‌الفصل الأول: في ذكر الأسانيد والمتون

- ‌الفصل الثاني: في بيان وضع الأبواب والفصول

- ‌الفصل الثالث: في بيان التقفية، وإثبات الكتب في الحروف

- ‌الفصل الرابع: في بيان أسماء الرواة والعلائم

- ‌الفصل الخامس: في بيان الغريب والشرح

- ‌الفصل السادس: فيما يستدل به على أحاديث مجهولة الوضع

- ‌الباب الثالث: في بيان أصول الحديث، وأحكامها، وما يتعلق بها

- ‌الفصل الأول: في طريق نقل الحديث وروايته

- ‌الفرع الأول: في صفة الراوي وشرائطه

- ‌الفرع الثاني: في مسند الراوي، وكيفية أخذه

- ‌الفرع الثالث: في لفظ الراوي وإيراده، وهو خمسة أنواع

- ‌النوع الأول: في مراتب الأخبار، وهي خمس:

- ‌المرتبة الأولى:

- ‌المرتبة الثانية:

- ‌المرتبة الثالثة:

- ‌المرتبة الرابعة:

- ‌المرتبة الخامسة:

- ‌النوع الثاني: في نقل لفظ الحديث ومعناه

- ‌النوع الثالث: في رواية بعض الحديث

- ‌النوع الرابع: انفراد الثقة بالزيادة

- ‌النوع الخامس: في الإضافة إلى الحديث ما ليس منه

- ‌الفرع الخامس: في المرسل

- ‌الفرع السادس: في الموقوف

- ‌الفرع السابع: في ذكر التواتر والآحاد

- ‌الفصل الثاني: في الجرح والتعديل، وفيه ثلاثة فروع

- ‌الفرع الأول: في بيانهما وذكر أحكامهما

- ‌الفرع الثاني: في جواز الجرح ووقوعه

- ‌الفرع الثالث: في بيان طبقات المجروحين

- ‌الفصل الثالث في النسخ

- ‌الفرع الأول: في حده وأركانه

- ‌الفرع الثاني: في شرائطه

- ‌الفرع الثالث: في أحكامه

- ‌الفصل الرابع: في بيان أقسام الصحيح من الحديث والكذب

- ‌الفرع الأول: في مقدمات القول فيها

-

- ‌الفرع الثاني: في انقسام الخبر إليها

- ‌فالأول: يتنوع أنواعًا

- ‌القسم الثاني: ما يجب تكذيبه، ويتنوع أنواعًا

- ‌القسم الثالث: ما يجب التوقف فيه

- ‌قسمة ثانية

- ‌قسمة ثالثة

- ‌الفرع [الثالث] (*) : في أقسام الصحيح من الأخبار

- ‌القسم الأول في الصحيح

- ‌النوع الأول: من المتفق عليه

- ‌النوع الثاني: من المتفق عليه

- ‌النوع الثالث: من المتفق عليه

- ‌النوع الرابع: من المتفق عليه

- ‌النوع الخامس: من المتفق عليه

- ‌النوع السادس: وهو الأول من المختلف فيه

- ‌النوع السابع: وهو الثاني من المختلف فيه

- ‌النوع الثامن: وهو الثالث من المختلف فيه

- ‌النوع التاسع: وهو الرابع من المختلف فيه

- ‌النوع العاشر: وهو الخامس من المختلف فيه

- ‌القسم الثاني: في الغريب والحسن وما يجري مجراهما

- ‌الباب الرابع: في ذكر الأئمة الستة رضي الله عنهم وأسمائهم، وأنسابهم، وأعمارهم، ومناقبهم وآثارهم

- ‌[الإمام] مالك

- ‌[الإمام] البخاري

- ‌[الإمام] مسلم

- ‌[الإمام] أبو داود

- ‌[الإمام] الترمذي

- ‌[الإمام] النسائي

- ‌الباب الخامس: في ذكر أسانيد الكتب الأصول المودعة في كتابنا هذا

- ‌«صحيح البخاري»

- ‌«صحيح مسلم»

- ‌ كتاب «الموطأ»

- ‌ كتاب «السنن» لأبي داود

- ‌ كتاب «الترمذي»

- ‌ كتاب «السنن» للنسائي

- ‌ كتاب «الجمع بين الصحيحين» للحُمَيْدِي [

- ‌ كتاب «رزين»

- ‌حرف الهمزة

- ‌الكتاب الأول: في الإيمان والإسلام

- ‌الباب الأول: في تعريفهما حقيقةً ومجازاً

- ‌الفصل الأول: في حقيقتهما وأركانهما

- ‌الفصل الثاني: في المجاز

- ‌الباب الثاني: في أحكام الإيمان والإسلام

- ‌الفصل الأول: في حكم الإقرار بالشهادتين

- ‌الفصل الثاني: في أحكام البيعة

- ‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

- ‌الباب الثالث: في أحاديث متفرقة تتعلق بالإيمان والإسلام

- ‌الكتاب الثاني: في الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌الباب الأول: في الاستمساك بهما

- ‌الباب الثاني: في الاقتصاد والاقتصار في الأعمال

- ‌الكتاب الثالث: في الأمانة

- ‌الكتاب الرابع: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الكتاب الخامس: في الاعتكاف

- ‌الكتاب السادس: في إحياء الموات

- ‌الكتاب السابع: في الإيلاء

- ‌الكتاب الثامن: في الأسماء والكنى

- ‌الفصل الأول: في تحسين الأسماء: المحبوب منها والمكروه

- ‌الفصل الثاني: فيمن سماه النبي صلى الله عليه وسلم إبتداءً

- ‌الفصل الثالث: فيمن غير النبي صلى الله عليه وسلم أسمه

- ‌الفصل الرابع: ما جاء في التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته

- ‌الفصل الخامس: في أحاديث متفرقة

- ‌الكتاب التاسع: في الآنية

- ‌الكتاب العاشر: في الأمل والأجل

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها همزة، ولم ترد في حرف الهمزة

- ‌حرف الباء

- ‌الكتاب الأول: في البر

- ‌الباب الأول: في بر الوالدين

- ‌الباب الثاني: في بر الأولاد والأقارب

- ‌الباب الثالث: في بر اليتيم

- ‌الباب الرابع: في إماطة الأذى عن الطريق

- ‌الباب الخامس: في أعمالٍ من البر متفرقة

- ‌الكتاب الثاني: في البيع

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الصدق والأمانة

- ‌الفصل الثاني: في التساهل والتسامح في البيع والإقالة

- ‌الفصل الثالث: في الكيل والوزن

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: فيما لايجوز بيعه ولا يصح

- ‌الفصل الأول: في النجاسات

- ‌الفصل الثاني: في بيع ما لم يقبض، أو ما لم يملك

- ‌الفصل الثالث: في بيع الثمار والزروع

- ‌الفرع الأول: في بيعها قبل إدراكها وأمنها من العاهة

- ‌الفرع الثاني: في بيع العرايا

- ‌الفرع الثالث: في المحاقلة والمزابنة والمخابرة وما يجري معها

- ‌الفصل الرابع: في أشياء متفرقة لا يجوز بيعهاأمهات الأولاد

- ‌الولاء

- ‌الماءُ والمِلْحُ والْكَلأُ والنَّارُ

- ‌القينات

- ‌الغنائم

- ‌حبل الحبلة

- ‌ضراب الجمل

- ‌الصدقة

- ‌الحيوان باللحم

- ‌الباب الثالث: فيما لايجوز فعله في البيع

- ‌الفصل الأول: في الخداع

- ‌الفرع الأول: في مطلق الخداع

- ‌الفرع الأول: في النجش

- ‌الفصل الثاني: في الشرط والإستثناء

- ‌الفصل الرابع: في النهي عن بيع الغرر والمضطر والحصاة

- ‌الفصل الخامس: في النهي عن بيع الحاضر للبادي، وتلقي الركبان

- ‌الفصل السادس: في النهي عن بيعتين في بيعة

- ‌الفصل السابع: في أحاديث تتضمن منهيات مشتركة

- ‌الفصل الثامن: في التفريق بين الأقارب في البيع

- ‌الباب الرابع: في الربا

- ‌الفصل الأول: في ذمه وذم آكله وموكله

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

- ‌الفرع الأول: في المكيل والموزون

- ‌الفرع الثاني: في الحيوان

- ‌الفرع الثالث: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس: من كتاب البيع، في الخيار

- ‌الباب السادس: في الشفعة

- ‌الباب السابع: في السلم

- ‌الباب الثامن: في الإحتكار والتسعير

- ‌الباب التاسع: في الرد بالعيب

- ‌الباب العاشر: في بيع الشجر المثمر، ومال العبد، والجوائح

- ‌الكتاب الثالث: من حرف الباء في البخل وذم المال

- ‌الكتاب الرابع: في البنيان والعمارات

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها باء، ولم ترد في حرف الباء

الفصل: ‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

52 -

(ت) سليمان بن عمرو بن الأحوص رحمه الله (1) قال: حدَّثني أبي: أنه شهدَ حجَّةَ الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وذَكَّرَ ووعظ، ثم قال:«أيُّ يوم أحرَمُ؟ أي يوم أحرَمُ؟ أي يوم أحرمُ؟» قال: فقال الناسُ: يومُ الحج الأكبر يا رسول الله، قال: «فإنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومكم هذا، في بلدكم هذا، في

⦗ص: 259⦘

شهركم هذا، ألا لا يجني جانٍ إلا على نفسه، ولا يجني والد على ولده، ولا يَجني ولَدٌ على والده ألا إن المسلم أخو المسلم، فليس يحلُّ لمسلمٍ من أخيه شيء إلا ما أحلَّ من نفسهِ. ألا وإنَّ كلَّ ربًا في الجاهلية موضوعٌ، لكُم رُؤوسُ أموالِكم لا تَظلِمُون ولا تُظْلَمون، غير رِبا العبَّاس، فإنَّه موضوعٌ كله، ألا وإن كلَّ دَمٍ كان في الجاهلية موضوعٌ، وأوَّلُ دمٍ أضعُ من دم الجاهلية: دمُ الحارث (2) بن عبد المطلب، وكان مُسْتَرضْعًا في بني ليثٍ، فقتلتْه هُذَيلٌ، ألا واستَوصوا بالنساء خيرًا، فإنَّهُنَّ عَوانٌ عندكم، ليس تملكون شيئًا غيرذلك، إلا أنْ يأتين بفاحشة مبيِّنة، فإن فعلْنَ ذلك فاهجرُوهنَّ في المضاجع، واضربوهن ضربًا غير مُبَرِّحٍ، فإن أطعنكُم فلا تَبغوا عليهن سبيلاً، ألا وإن لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فأمَّا حقُّكُمْ على نسائكم، فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم مَن تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وإن حَقَّهُنَّ عليكم: أنْ تُحْسِنُوا إليهنَّ في كسوتهن وطعامهن» .

وفي رواية قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حَجَّةِ الوداع للناس: «أيُّ يوم هذا؟» قالوا: يومُ الحجِّ الأكبر، قال: «فإن دماءَكم وأموالَكم وأعراضكُم بيْنَكمْ حرامٌ كحُرمَة يومكم هذا، ألا لا يَجني جانٍ على ولده، ولا مولودٌ على والده، ألا وإن الشيطان قد أيس أن يُعْبَدَ في

⦗ص: 260⦘

بلدكم هذا أبدًا، ولكن سيكونُ له طاعةٌ فيما تحتقرون مِنْ أعمالكم، فسيَرْضى به» . أخرجه الترمذي (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

الحَجّ الأكبر: هو يوم النحر، وقيل: يوم عَرفة، وإنما سُمي الحج الأكبر؛ لأنهم يُسمُّون العمرة: الحج الأصغر.

وأعراضكم: الأعراض، جمع عَرض، وهو النفس، وقيل: الحَسَبُ.

لا يجني جانٍ: الجناية: الذَّنْبُ، وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه الجزاءُ، إما في الدنيا وإما في الآخرة، فقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يجني جانٍ إلا على نفسه» يريد: أنه لا يُطَالَبُ بجنايته غيرُهُ، من أقاربه وأَباعده، وقد فسَّره في الحديث بقوله:«لا يجني ولدٌ على والده، ولا يجني والدٌ على ولده» أي إذا جنى أحدهما، لا يطَالَبُ الآخر بجنايته، وقد كان ذلك معتادًا بين العرب.

عوان: جمع عانية، وهي مؤنثة العاني، وهو الأسير، شبه النساء بالأسرى عند الرجال، لتحكمهم فيهن، واستيلاءهم عليهن.

بفاحشة: الفاحشة: الفعلة القبيحة، وأراد به هاهنا الزنا.

⦗ص: 261⦘

مبيِّنة: ظاهرة واضحة.

مبرح: ضربته ضربًا مُبَرِّحًا، أي: شديدًا شاقًا.

فلا تبغوا عليهن سبيلاً: أي إن أطعنكم فيما تريدون منهن، فلا يبقى لكم عليهنَّ طريق ولا حكم فيما عداه، إلا أن يكون جورًا وتَعسُّفًا.

(1) سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدي الجشمي تابعي كوفي موثق، روى عن أبيه وأمه، ولهما صحبة. وعنه شبيب بن غرقدة. ذكره ابن حبان في الثقات. وفي " المطبوع " سليمان بن عمر، وهو تحريف.

(2)

في حديث جابر عند مسلم " دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، قال النووي: قال المحققون: والجمهور اسم هذا الابن: إياس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقيل: اسمه حارثة، وقيل: آدم.

(3)

رقم (3087) في تفسير سورة التوبة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال. وفي الفتن باب تحريم الدماء رقم (2610) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (3/426)، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا أبو الأحوص، وفي (3/498) قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، قال: حدثنا زائدة. وأبو داود (3334) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو الأحوص، وابن ماجة (1851)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا الحسين بن علي، عن زائدة. وفي (2669) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، وفي (3055) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري قالا: حدثنا أبو الأحوص، والترمذي (1163، 3087) قال: حدثنا الحسن ابن علي الخلال، قال: حدثنا الحسين بن علي الجعفي، عن زائدة. وفي (2159) قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، والنسائي في الكبرى (الورقة 53 ب) قال: أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، وفي (الورقة 124- أ) قال: أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة.

كلاهما - أبو الأحوص، وزائدة - عن شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، فذكره.

قلت: قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ك

ص: 258

53 -

(خ م) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوَداع: «ألا أيُّ شهرٍ تعْلمونه أعظمُ حُرْمةً؟» قالوا: ألا شهرنا هذا، قال:«ألا أيُّ بلد تعْلمونه أعظمُ حرْمَةً؟» قالوا: ألا بلدنا هذا، قال:«ألا أيُّ يومٍ تعلمونه أعظَمُ حرمةً؟» قالوا: ألا يومُنا هذا. قال: «فإن الله تبارك وتعالى قد حرَّم عليكم دماءَكم وأموالَكمْ وأعراضَكم إلا بحقِّها كحُرمَةِ يومِكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هلْ بلَّغتُ؟» ثلاثًا - كلُّ ذلك يُجيبونه: ألا نَعَمْ، قال: ويْحَكُم، - أو وَيلَكم (1) - لا تَرْجِعُنَّ بعدي كفَّاراً يضربُ (2) بعضُكم رقابَ بعض» .

⦗ص: 262⦘

أخرجه البخاري، ولمسلمٍ نحوه (3) .

(1) قوله: " ويحكم " أو قال: " ويلكم " قال: هما كلمتان تستعملهما العرب بمعنى التعجب والتوجع. قال سيبويه: " ويل " كلمة تقال لمن وقع في هلكة و " ويح " كلمة ترحم، وحكي عنه:" ويح " زجر لمن أشرف على الهلكة. وقال غيره: ولا يراد بها الدعاء بإيقاع الهلكة، ولكن يراد منها الترحم والتعجب، وروي عن عمر بن الخطاب، قال:" ويح " كلمة رحمة. وقال الهروي: " ويح " كلمة لمن وقع في هلكة لا يستحقها، فيترحم عليه، ويرثى له، و " ويل " للذي يستحقها فلا يترحم عليه.

(2)

قال الإمام النووي في شرح مسلم 2/55، 56 في معناه سبعة أقوال:

أحدها: أن ذلك كفر في حق المستحل بغير حق.

⦗ص: 262⦘

والثاني: كفر النعمة وحق الإسلام.

والثالث: أنه يقرب من الكفر ويؤدي إليه.

والرابع: فعل كفعل الكفار.

والخامس: حقيقة الكفر، ومعناه: لا تكفروا، بل دوموا مسلمين.

والسادس: - حكاه الخطابي وغيره - أن المراد بالكفار المتكفرون بالسلاح، يقال: تكفر الرجل بسلاحه: إذا لبسه. قال الأزهري في كتاب " تهذيب اللغة ": يقال للابس السلاح: كافر.

والسابع: قاله الخطابي: لا يكفر بعضكم بعضاً، فتستحلوا قتال بعضكم بعضاً، وأظهر الأقاويل الرابع، وهو اختيار القاضي رحمه الله.

ثم إن الرواية " يضرب " برفع الباء، هذا هو الصواب. وكذا رواه المتقدمون والمتأخرون وبه يصح المقصود هنا.

ونقل القاضي عياض أن بعض العلماء ضبطه بإسكان الباء، قال القاضي: وهو إحالة للمعنى، والصواب الضم.

قلت: وكذا قال أبو البقاء العكبري: إنه يجوز جزم الباء على تقدير شرط مضمر، أي: إن ترجعوا يضرب.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: " بعدي " فقال القاضي عياض: قال الهروي: معناه: بعد فراقي من موقفي هذا، وكان هذا يوم النحر يعني في حجة الوداع، أو يكون بعدي، أي خلافي، أي لا تخلفوني في أنفسكم بغير الذي أمرتكم به، أو يكون قد تحقق عليه الصلاة والسلام أن هذا لا يكون في حياته، فنهاهم عنه بعد مماته.

(3)

البخاري 12/75 في الحدود: باب ظهر المؤمن حمى، وفي الديات 12/170 باب قوله تعالى:{ومن أحياها} وفي الحج 3/458 باب الخطبة أيام منى، وفي المغازي 8/82 باب حجة الوداع، وفي الفتن 13/22 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ترجعوا بعدي كفاراً "، وفي الأدب 10/387، قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم} ، وأخرجه مسلم رقم (66) في الإيمان، باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ترجعوا بعدي كفاراً "، وأخرجه أبو داود رقم (4686) في السنة: باب الدليل على زيادة الإيمان.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (2/85)(5578)(2/104)(5810) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شُعبة، عن واقد بن محمد بن زيد، وفي (2/87) (5604) قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا شعبة، عن واقد ابن محمد، وفي (2/104)(5809)، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا شعبة، عن واقد بن عبد الله - كذا قال عفان، وإنما هو واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر- وفي (2/135) (6185) قال: حدثني يعقوب، قال: حدثنا عاصم بن محمد، عن أخيه عمر بن محمد، والبخاري (2/216)، (8/18) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عاصم بن محمد بن زيد، وفي (5/223) قال: حدثنا يحيى بن سليمان، قال: أخبرني ابن وهب، قالك حدثني عمر بن محمد، وفي (8/48) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا خالد بن الحارث، قال: حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد، وفي (8/198) قال: حدثني محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثنا عاصم بن محمد، عن واقد بن محمد. وفي (9/3) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة، قال: واقد بن عبد الله أخبرني. وفي (9/63) قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني واقد.

ومسلم (1/58) قال: حدثنا عُبيد الله بن معاذ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد.

(ح) وحدثني أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو بكر بن خلاد الباهلي، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد.

(ح) وحدثني حرملة بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني عمر بن محمد.

وأبو داود (4686) قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، قال: قال واقد بن عبد الله أخبرني. وابن ماجة (3943) قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا الوليد بن مُسلم، قال: أخبرني عمر ابن محمد. والنسائي (7/126) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد.

ثلاثتهم - واقد بن محمد، وعمر بن محمد، وعاصم بن محمد - عن أبيهم محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه فذكره.

ص: 261

54 -

(خ) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 263⦘

خطب الناس يوم النحر فقال: «يا أيُّها الناس، أيُّ يومٍ هذا؟» قالوا: يومٌ حرامٌ، قال:«وأيُّ بلدٍ هذا؟» قالوا: بلد حرام، قال:«فأيُّ شهر هذا؟» قالوا: شهر حرام، قال:«فإنَّ دماءَكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا» - فأعادها مرارًا - ثم رفع رأسه فقال: «اللهمَّ هل بلغْتُ؟ اللهم هل بلغت» قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده إنَّها لوصيَّتُه إلى أمَّتِه، «فليُبَلِّغْ الشاهدُ الغائبَ، لا تَرجِعوا بعدي كفَّارًا يَضرب بعضكم رقابَ بعض» . أخرجه البخاري (1) .

(1) في الحج 3/452 باب الخطبة أيام منى.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (1/230)(2036) قال: حدثنا ابن نُمير. والبخاري (2/215) ، وفي خلق أفعال العباد (39، 50) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثني يحيى بن سعيد، وفي (9/63) قال: حدثنا أحمد ابن إشكاب، قال: حدثنا محمد بن فُضيل، والترمذي (2193) قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى بن سعيد.

ثلاثتهم - ابن نُمير، ويحيى، ومحمد بن فضيل- عن فضيل بن غَزْوَان، عن عكرمة، فذكره.

ص: 262

55 -

(خ م د) أبو بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الزَّمانَ قد استدار كهيأته يومَ خلق اللهُ السموات والأرض، السَّنةُ اثنا عشر شهرًا منها: أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثَةٌ متواليات: ذو القعدة، وذو الحِجَّة والمحرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشَعبانَ، أيُّ شهر هذا؟» قُلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، فَسكَت حتى ظنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيه بغير اسمه، فقال:«أليس ذا الحجة؟» قلنا: بلى، قال:«أيُّ بلد هذا؟» قلنا: الله ورسُوله أعلم، فَسكَتَ حتى ظننَّا أنَّه سَيُسمِّيه بغير اسمه، قال:«أليس البلدَةَ الحرام؟» قلنا: بلى، قال:«فأيُّ يومٍ هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:«أليس يومَ النَّحْر؟» قلنا: بلى، قال: «فإنَّ دِماءَكم وأموالَكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحُرمَةِ يومكم هذا،

⦗ص: 264⦘

في بلدِكم هذا، في شهركم هذا، وستلْقَون ربَّكم فيسألُكُم عن أعْمالِكم ألا فلا ترجعوا بعدي كُفّارًا، يَضْرِبُ بعضُكُم رقابَ بعضٍ، ألا ليُبَلِّغِ الشاهِدُ الغائبَ، فَلعلَّ بعضَ منْ يَبْلُغُهُ أن يكون أوْعى من بعض من سَمِعَهُ» ثم قال:«ألا هلْ بَلَّغتُ؟ ألا هل بلغت؟» قلنا: نعم! قال: «اللَّهُمَّ اشْهدُ» .

وفي رواية: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَعَدَ على بَعيره، وأمسك إنسانٌ بِخِطامِهِ، أو بِزمَامِهِ، فقال:«أيُّ شهرٍ هذا؟» - وذكرَ نحوه مختصرًا - أخرجه البخاري ومسلم.

وزاد مسلم في رواية «ثُمَّ انْكَفَأ إلى كبْشَيْن أمْلَحَيْنِ، فَذَبحهما، وإلى جُزَيعَةٍ من الغَنَم فَقسَمَها بَيْننَا» .

وأخرج أبو داود طرفًا من أوله، إلى قوله «بين جُمادى وشعبان» .

قال الحميدي: قال الدارقطني: زيادةُ مسلم وَهْمٌ من ابن عَوْنٍ عن ابنِ سيرين، وإنَّما رواه ابن سيرين عن أنس.

وزاد في رواية «فلمَّا كان يومُ حُرِّقَ ابنُ الحضْرميّ (1) ، حين حَرَّقهُ جاريةُ

⦗ص: 265⦘

ابنُ قُدَامة، قال: أشرفوا على أبي بَكْرَةَ، فقالوا: هذا أبو بكرة يراك، قال عبدُ الرحمن: فحدثتني أمِّي عن أبي بكرة أنه قال: لَو دخلوا عليَّ ما بَهَشْتُ لهم بِقَصَبَةٍ» (2) .

ووجَدتُ في كتاب رزين بن معاوية العَبْدَريّ رحمه الله، الجامع لهذه الصحاح زيادةً في آخر هذا الحديث لم أجدها في الأصول التي نقلتُ منها: وهي هذه:

«ثلاث لا يَغِلَّ عليهنَّ قلبُ مسلمٍ أبدًا: إخلاصُ العمل لله، ومناصحَةُ وُلاة الأمر، ولزومُ جماعة المسلمين، فإن دعوتَهُم تُحيطُ من ورائِهم (3) » .

⦗ص: 266⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

الزمان قد استدار: بمعنى: دار، وذلك أنَّ العربَ كانوا يؤخرون المحرم إلى صفر، وهو النَّسيء، ويفعلون ذلك سنةً بعد سنةٍ، فينتقل المحرَّم من شهر إلى شهرٍ، حتى جعلوه في جميع شهور السنة، فلما كان تلك السنة كان قد عاد إلى زمنه المخصوص به قبل أن ينقلوه.

رجب مضر: أضافَ رجبًا إلى مُضَرَ؛ لأنهم كانوا يُعَظِّمُونَهُ، فكأنهم اختصوا به، وقوله صلى الله عليه وسلم:«الذي بين جمادى وشعبان» ذكره تأكيدًا للبيان وإيضاحًا؛ لأنَّهم كانوا يُنْسِئْونَهُ، ويُؤخِّرونَه من شهرٍ إلى شهر، فيحولونه عن موضعه، فبين لهم أن رجبًا هو الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا ما كانوا يسمون على حسب النَّسيء.

أوعى: وعى يَعي: إذا حفظ، وأوعى أفعل، مثله.

قوله: «لا ترجعُنَّ بعدي كُفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» قال

⦗ص: 267⦘

الهروي: قال الأزهري: فيه قولان: أحدهما: لابسين السلاح، يقال: كفر فوق درعه: إذا لبس فوقها ثوبًا، والثاني: أنه يُكفّر الناس فيكفُر، كما تفعله الخوارج إذا استعرضوا الناس، وذلك كقوله عليه الصلاة والسلام:«مَن قال لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما» .

الانكفاء: الرجوع إلى الشيء والميل إليه.

أَملحين: الأملح من الغنم: النَّقيُّ البياض، وقيل: هو المختلط سواده وبياضه، إلا أن البياض فيه أكثر.

جُزيْعةُ: القطعة من الغنم، هكذا ذكره الجوهري، وذكرها ابن فارس في المجمل: الجَزِيعة، بفتح الجيم وكسر الزاي.

بَهَشت: إذا ملت إليه، وأقبلت نحوه، يقال لكل من نظر إلى شيء فمال إليه، وأعجبه: بهش إليه، وقد يكون للمدافعة والذَّبِّ، والمراد به: ما دفعتهم بقصبةٍ، ولا قاتلتهم بها.

لا يَغِلَّ عليهن قَلبُ مؤمن: تُروى هذه الكلمة بفتح الياء وكسر الغين، وهو من الغِلِّ: الحقد والضِّغن، يقول: لا يدخله شيء من الحقد يزيله عن الحق، ويُروى بضم الياء وكسر الغين من الخيانةٍ، والإغلال: الخيانة في كل شيء.

وقوله: «عليهن» في موضع الحال، أي: لا يغلُّ كائنًا عليهن قلبُ

⦗ص: 268⦘

مؤمن، وإنما انتصب على النكرة لتقدمه، والمعنى: أنَّ هذه الخلال المذكورة في الحديث، تُسْتَصْلَحُ بها القلوب، فمن تمسك بها، طَهُرَ قلبه من الدَّغَل والفساد.

(1) قال الحافظ في " الفتح " 13/23: وابن الحضرمي فيما ذكره العسكري اسمه عبد الله بن عمرو بن الحضرمي، وأبوه عمرو، هو أول من قتل من المشركين يوم بدر، وعلى هذا، فلعبد الله رؤية، وقد ذكره بعضهم في الصحابة، ففي " الاستيعاب " قال الواقدي: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن عمر، وعند المدائني أنه عبد الله بن عامر الحضرمي، وهو ابن عمرو المذكور، والعلاء بن الحضرمي الصحابي المشهور عمه، وجارية بن قدامة هو ابن مالك بن زهير بن الحصين التميمي السعدي، وكان السبب في ذلك ما حكاه العسكري في الصحابة: كان جارية يلقب محرقاً، لأنه أحرق ابن الحضرمي بالبصرة، وكان معاوية وجه ابن الحضرمي إلى البصرة ليستنفرهم

⦗ص: 265⦘

على قتال علي، فوجه علي جارية بن قدامة، فحصره فتحصن منه ابن الحضرمي في دار فأحرقها جارية عليه وقوله: هذا أبو بكرة يراك، قال المهلب: لما فعل جارية بابن الحضرمي ما فعل أمر جارية بعضهم أن يشرفوا على أبي بكرة ليختبر إن كان محارباً أو في الطاعة، وكان قد قال له خيثمة: هذا أبو بكرة يراك، وما صنعت بابن الحضرمي، فربما أنكره عليك بسلاح أو بكلام، فلما سمع أبو بكرة ذلك وهو في علية له، قال: لو دخلوا علي داري ما رفعت عليهم قصبة، لأني لا أرى قتال المسلمين، فكيف أن أقاتلهم بسلاح؟! .

(2)

البخاري 3/459 في الحج، باب الخطبة أيام منى، وفي الأضاحي 10/6 باب من قال: الأضحى يوم النحر، وفي التفسير 8/244 باب تفسير سورة براءة، وفي بدء الخلق 6/211 باب ما جاء في سبع أرضين، وفي الفتن 13/23، باب لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، وفي العلم 1/145، باب رب مبلغ أوعى من سامع، وأخرجه مسلم رقم (1679) في القسامة، باب تحريم الدماء، وأبو داود رقم (1947) في الحج، باب الأشهر الحرم.

(3)

لم نر هذه الزيادة فيما بين أيدينا من المصادر من رواية أبي بكرة، وقد جاء في " الترغيب والترهيب " 1/23 في إخلاص العمل لله، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها؛ فرب حامل فقه ليس بفقيه،

⦗ص: 266⦘

ثلاث لا يغل عليهن

" الحديث ثم قال: رواه البزار بإسناد حسن.

نقول: أخرج الشافعي في مسنده 1/14 من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهم قلب مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد في المسند 5/183 وغيره من حديث زيد بن ثابت، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحافظ ابن حجر، وفي الباب عن أبي الدرداء، ومعاذ بن جبل، والنعمان بن بشير، وأبي قرصافة، وجابر، وأنس، وجبير بن مطعم، انظر تخريجها في " مجمع الزوائد " 1/137 - 139 للحافظ الهيثمي.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (5/37) قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، وفي (5/45) قال: حدثنا هوذة بن خليفة، والدارمي (1922) قال: أخبرنا أبو حاتم أشهل بن حاتم، والبخاري (1/26)، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا بشر. ومسلم (5/108) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا يزيد بن زريع. (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، قالك حدثنا حماد بن مسعدة، والترمذي (1520) قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال، قال: حدثنا أزهر بن سعد السمان. والنسائي (7/220) قال: أخبرنا حميد بن مسعدة في حديثه، عن يزيد بن زريع، وفي الكبرى (الورقة 53-ب) قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر. وفي (الورقة 76- أ) قال: أخبرنا سليمان بن سَلْم، قال: أخبرنا النضر.

ثمانيتهم - محمد بن أبي عدي، وهوذة، وأشهل، وبشر بن المفضل، ويزيد، وحماد بن مسعدة، وأزهر، والنضر بن شميل- عن عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، فذكره.

* أخرجه أحمد (5/39) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، وفي (5/49) قال: حدثنا أبو عامر. والبخاري (2/216) وفي خلق أفعال العباد (51) قال: حدثني عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو عامر. وفي (9/63)، وفي خلق أفعال العباد (51) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى. ومسلم (5/108، 109) قال: حدثني محمد بن حاتم بن ميمون، قال: حدثنا يحيى بن سعيد.

(ح) وحدثنا محمد بن عمرو بن جبلة، وأحمد بن خراش، قالا: حدثنا أبو عامرعبد الملك بن عَمرو. وابن ماجة (233)، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان أملاه علينا. والنسائي في الكبرى (الورقة 53 - ب، 76- أ) قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو عامر. وابن خزيمة (2952)، قال: حدثناه بندار، قال: حدثنا أبو عامر.

كلاهما - يحيى، وأبو عامر- عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، وعن رجل آخر، وهو في نفسي أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة به.

وفي رواية أبي عامر: عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة - ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن، حميد بن عبد الرحمن، عن أبي بكرة به.

* وأخرجه البخاري (1/37)، (6/83) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا حماد بن زيد. وفي (4/130)(5/224)، (9/163) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، وفي (7/129)، قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: حدثنا عبد الوهاب، ومسلم (5/107) قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ويحيى بن حبيب الحارثي، قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، وأبو داود (1948) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فياض، قال: حدثنا عبد الوهاب.

كلاهما - حماد، وعبد الوهاب- عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن ابن أبي بكرة، فذكره.

* وأخرجه أحمد (5/37) قال: حدثنا إسماعيل، قال: أخبرنا أيوب، وفي (5/40) قال: حدثنا أسباط بن محمد، قال: حدثنا أشعث، وأبو داود (1947) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب، والنسائي (7/127) قال: أخبرنا عمرو بن زرارة، قال: أنبأنا إسماعيل، عن أيوب.

كلاهما - أيوب، وأشعث- عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة، فذكره.

ليس فيه عبد الرحمن بن أبي بكر.

وأخرجه أحمد (5/44) قال: حدثنا أسود بن عامر (5/45) قال: حدثنا عفان كلاهما عن حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، ومحمد، عن أبي بكرة، فذكره مختصرًا.

ص: 263

56 -

(خ م ط ت د) أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن مولودٍ (1) إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ» ، ثم يقول:«اقرؤوا {فِطرةَ اللَّهِ التي فَطر الناس عَليها، لا تَبديلَ لخلق الله، ذلك الدِّينُ القَيِّمُ} [الروم: الآية 30] » كذا عند مسلم.

وزاد البخاري: فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أوْ يُنَصِّرانِهِ، أوْ يُمجِّسانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهيمَةُ (2) بهيمةً جَمْعاءَ، هلْ تُحِسُّون فيها من جَدْعاءَ، ثم يقولُ أبو هريرة:

⦗ص: 269⦘

{فِطرةَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لا تَبْديلَ لِخَلْقِ اللَّهِ، ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ} .

وزاد مسلم أيضًا من رواية أخرى.

وفي رواية لهما قال: «ما من مولود إلا يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِهِ ويُنَصِّرانه، كما تُنْتجون الإبل، فهل تَجدون فيها جَدْعاءَ، حتَّى تكونُوا أنتم تجدعونَها» قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت صغيرًا؟ قال:«الله أعلَمُ بما كانوا عاملين (3) » .

وفي أخرى لمسلم: «ما من مولودٍ إلا يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يهودانه وينصِّرانه، ويشرِّكانه» . فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال:«الله أعلمُ بما كانوا عاملين» .

وفي أخرى: «ما من مولود يولدُ إلا وهو على المِلَّةِ» .

زاد في أخرى «على المِلة، حتى يُبيِّن عنه لسانُه» .

هذه هي طرقُ البخاري ومسلم (4) .

⦗ص: 270⦘

ووافقهما الموطأ والترمذي وأبو داود نحو ذلك وبمعناه.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

الفطرة: الخلقة، أراد بقوله:«كل مولود يولد على الفطرة» أي يولد على ابتداء الخلقة في علم الله تعالى مؤمنًا أو كافرًا، وقيل: يولد على الخلقة التي فُطر عليها في الرحم: من سعادة، أو شقاوة، فأبواه يهودانه، يعني في حكم الدنيا، وقيل: كل مولود يولد على الملة الإسلامية، والدين الحق، وإنما أبواه ينقلانه إلى دينهما، وقيل معناه: أن كل مولود من البشر إنما يولد في مبدإِ الخلقة، وأصل الجِبلة، على الفطرة السليمة، والطبع المتهيىء لقبول الدين الحق، فلو تُرك عليها لاستمر على لزومها، ولم يفارقها إلى غيرها؛ لأن هذا الدين الحق حسنه موجود في النفوس، وبِشْرُهُ في القُلوب، وإنما يعدل عنه من يعدل إلى غيره لآفة من آفات الشر والتقليد، فلو سَلِمَ المولود من تلك الآفات لم يعتقد غيره، ثم تمثل بأولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لآبائهم، والميل إلى أديانهم فيزِلُّون بذلك عن الفطرة السليمة.

الدين القيم: المستقيم الذي لا زَيغ فيه، ولا ميل عن الحق.

تُنْتَجُ: نُتِجَت الناقة تُنتَج، فهي منتوجة: إذا وَلَدَت.

جمعاء: الجمعاء من البهائم وغيرها: التي لم يذهب من بدنها شيء.

تُحِسُّون: أحْسَسْتُ بالشيء: إذا شعرت به وعلمته.

جدعاء: أي: هل ترون فيها من جدعاء؟ والجدعاء: المقطوعة الأذن

⦗ص: 271⦘

أو الأنف، أو الشَّفَة، أو اليد ونحو ذلك.

ومعنى هذا الحديث: أن المولود يولد على نوع من الجبلة، وهي فطرة الله تعالى، وكونه متهيئًا لقبول الحقيقة طبعًا وطوعًا، ولو خلَّته شياطين الإنس والجن وما يختار، لم يَخْتَر إلا إياها، وضرب لذلك - الجمعاء والجدعاء- مثلاً، يعني: أن البهيمة تُولد سوية الأطراف، سليمة من الجدع ونحوه، لولا الناس وتعرضهم إليها، لبقيت كما وُلدت سليمة.

وقوله: «الله أعلم بما كانوا عاملين» إشارة إلى تعلق المثوبة والعقوبة بالعمل.

(1) من زائدة، ومولود: مبتدأ، ويولد خبره، وتقديره: ما مولود يولد على أمر إلا على الفطرة، وهي لغة: الخلقة - والمراد بها في أشهر الأقوال: الإسلام، قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف، وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى:{فطرة الله التي فطر الناس عليها} الإسلام.

(2)

قال النووي: " كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء " هو بضم التاء الأولى. وفتح الثانية، ورفع " البهيمة "، ونصب " بهيمة "، ومعناه: كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء - بالمد - وهي مقطوعة الأذن، أو غيرها من الأعضاء، ومعناه: أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها النقص والجدع بعد ولادتها.

و" كما تنتج " يروى على البناء للمفعول. قال الجوهري: نتجت الناقة، على ما لم يسم فاعله تنتج نتاجاً: ولدت.

ولفظ " كما " إما حال، أي: يهود الوالدان المولود، بعد أن خلق على الفطرة، تشبيهاً بالبهيمة التي جدعت بعد سلامتها، وإما صفة مصدر محذوف، أي: يغيرانه تغييراً، مثل تغييرهم البهيمة

⦗ص: 269⦘

السليمة، والأفعال الثلاثة تنازعت في " كما " على التقديرين، وقوله " بهيمة " مفعول ثان لقوله " تنتج ".

(3)

أي ذلك من شأن الله سبحانه، لا من شأنكم، فلا تسألوا عنه.

(4)

البخاري في الجنائز 3/176، باب إذا أسلم الصبي، و 197 - 199 فيه أيضاً، باب ما قيل في أولاد المشركين، وأخرجه مسلم رقم (2658) في القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، والموطأ رقم (52) الجنائز، باب جامع الجنائز، والترمذي رقم (2139)، في القدر: باب كل مولود يولد على الملة، وأبو داود رقم (4714) في السنة، باب ذراري المشركين.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: رواه عن أبي هريرة عبد الرحمن بن هرمز الأعرج:

أخرجه مالك في الموطأ صفحة (165) ، والحميدي (1111، 1113) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (2/244) قال: حدثنا سفيان. وفي (2/464) قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا زائدة، ومسلم (8/54) قال: حدثنا ابن أبي عُمر، قال: حدثنا سفيان، وأبو داود (4714)، قال: حدثنا القَعنبيُّ، عن مالك.

ثلاثتهم - مالك، وسفيان بن عيينة، وزائدة- عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن عبد الرحمن بن هُرمز، فذكره.

- ورواه عنه أيضًا أبو صالح:

أخرجه أحمد (2/253)، قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع ومحمد بن عُبيد.

(ح) وابن نُمير.

(ح) وحدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبي، عن أبي حمزة.

(ح) وحدثنا أبو معاوية. وفي (2/410) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. وفي (2/481) قال: حدثنا وكيع، ومسلم (8/53) قال: حدثنا زُهير بن حرب، قال: حدثنا جرير.

(ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كُريب، قالا: حدثنا أبو معاوية.

(ح) وحدثنا ابن نُمير قال: حدثنا أبي.

والترمذي (2138) قال: حدثنا محمد بن يحيى القُطَعي البصري، قال: حدثنا عبد العزيز بن ربيعة البناني (ح) أبو كُريب والحسين بن حُريث، قالا: حدثنا وكيع.

ثمانيتهم - أبو معاوية، ووكيع، ومحمد بن عُبيد، وعبد الله بن نُمير، وأبو حمزة، وشعبة، وجرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز - عن سليمان الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.

- ورواه عنه سعيد بن المسيب:

أخرجه أحمد (2/233)، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، وفي (2/275) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، ومسلم (8/52، 53)، قال: حدثنا حاجب بن الوليد، قال: ثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي.

(ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الأعلى (ح) وحدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق، كلاهما عن معمر.

كلاهما - معمر، ومحمد بن الوليد- عن الزهري، عن سعيد بن المسيب.

- ورواه عنه أيضًا طاوس:

أخرجه الحميدي (1113)، قال: حدثنا سُفيان، قال: وحدثناه عمرو، وأحمد (2/282)، قال: حدثنا إبراهيم بن خالد، قال: حدثنا رَباح، عن عمر بن حبيب، عن عمرو بن دينار، وفي (2/346) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قيس. والنسائي (4/58) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المُبارك، قال: حدثنا الأسود بن عامر، قال: حدثنا حماد، عن قيس، هو ابن سعد.

كلاهما - عمرو بن دينار، وقيس- عن طاوس، فذكره.

- ورواه عنه أيضًا أبو سلمة بن عبد الرحمن:

أخرجه أحمد (2/393)، قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، والبخاري (2/118، 6/143) قال: حدثنا عَبْدان، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا يونس، وفي (2/125) قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، ومسلم (8/53)، قال: حدثني أبو الطاهر، وأحمد بن عيسى، قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد.

كلاهما - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ويونس بن يزيد- عن ابن شهاب الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.

ص: 268