الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثالثها: ما صرح بتكذيبه جمع كثير يستحيل في العادة أن يتواطؤوا على الكذب.
ورابعها: ما سكت الجمع الكثير عن نقله والتحدث به، مع جريان الواقعة بمشهد منهم، ومع إحالة العادة السكوت عن ذكره، لتوفر الدواعي على نقله كما لو أخبر مخبر أن أمير البلدة قتل في السوق على ملأ من الناس، ولم يتحدث أهل السوق به، فيقطع بكذبه.
القسم الثالث: ما يجب التوقف فيه
وهو جملة الأخبار الواردة في أحكام الشرع ما عدا القسمين المذكورين، مما لم يعرف صدقه ولا كذبه.
قسمة ثانية
أما التي يعلم صدقها.
فمنها: ما يعلم ضرورة، كالخبر بأن السماء فوق الأرض.
ومنها: ما يعلم باستدلال عقلي، كالخبر بحكمة الله.
ومنها: ما يعلم باستدلال سمعي، كالخبر بوجوب الصلاة والصوم ونحوهما.
ومنها: ما يعلم بأمر راجع إلى المخبِر، وهو أن يكون ممن لا يجوز عليه الكذب. وهو نوعان:
أحدهما: لا يجوز الكذب عليه أصلاً، وهو الله تعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم، لصدقه بالمعجزة، وإجماع الأمة.
الثاني: لا يجوز عليه الكذب فيما أخبر به وإن جاز في غيره، وذلك أن يكون المخبر ممن لا داعي له إلى الكذب، مثل أن يكونوا جماعة لا يجمعهم داع واحد إلى الكذب.
ومنها: ما يعلم صدقه من جهة السامع، مثل أن يخبر بحضرة من يدعي عليه العلم، ولم ينكره عليه، بشرط أن يكون السامعون جماعة لا يمسكها عن الإنكار رغبة ولا رهبة، فإن من العادة إنكارهم على من يخبر بالكذب عنهم.
وأما التي يعلم كذبها:
فمنها: ما يعلم كذبه ضرورة واستدلالاً، عقليًا وسمعيًا، كما قلنا في الصدق.
ومنها: ما يعلم كذبه بأمر راجع إلى الخبر وكيفية النقل، بأن ينقل نقلاً خفيًا ما كان من حقه أن ينقل نقلاً ظاهرًا، وقد توفرت دواعي الدين أو العادة أو كلاهما على نقله، كالنقل عن أصول الشرائع، أو عن حادثة وقعت في بلدة عظيمة، أو معجزة الأنبياء.
وأما التي لا يُعلَم صدقها ولا كذبها، فهي أخبار الآحاد، لا يجوز أن يكون كلها كذبًا، لأن العادة تمنع في الأخبار الكثيرة أن يكون كلها كذبًا، مع كثرة رواتها واختلافهم، ولا أن يكون كلها صدقًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«سيُكذَب علي بعدي» ولأن الأمة كذبوا جماعة من الرواة، وحذفوا أحاديث كثيرة علموا كذبها فلم يعملوا بها.