الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يريد إلا سُنَّةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجب إتباعه دون غيره، ممن لا تجب طاعته، ولا فرق أن يقول الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بعد وفاته (1) .
أما التابعي إذا قال: أُمِرنا، فإنما يحتمل أمر الرسول، وأمر الأمة بإجماعها، والحجة حاصلة به، ويحتمل أمر الصحابة، ولكن لا يليق بالعالم أن يطلق ذلك، إلا وهو يريد من تجب طاعته، لكن الاحتمال في قول التابعي أظهر منه في قول الصحابي.
المرتبة الخامسة:
أن يقول الراوي: كنا نفعل كذا، وغرضه تعريف أحكام الشرع، فإن ظاهره يقتضي أن جميع الصحابة فعلوا ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على وجه ظهر للنبي ولم ينكره، لأن تعريف الحكم يقع به (2) .
فإن قال: كانوا يفعلون كذا، وأضافه إلى زمن رسول الله - صلى الله
(1) إذا روى الصحابي حديثاً وقال التابعي الذي رواه عنه: يرفعه أو ينميه أو يبلغ به أو يرويه أو قال الصحابي: من السنة كذا أو أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا، أو كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل ذلك ونحوه من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث وهو قول أكثر أهل العلم. مثال ذلك قول أم عطية: أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين. وكقولها أيضاً: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. وهما في " الصحيحين "، ولأبي داود من حديث أبي هريرة: حذف السلام سنة.
(2)
وهذا له حكم الرفع أيضاً فيما رجحه الحاكم والرازي والآمدي والنووي في " المجموع " والعراقي وابن حجر، لأن ذلك يشعر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة. ومثاله قول جابر رضي الله عنه: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
عليه وسلم -، فهو دليل على جَواز الفعل، لأن ذِكْره في معرض الحجة يدل على أنه أراد ما فعله الرسول أو سكت عليه، دون ما لم يبلغه، وذلك يدل على الجواز، مثل قول ابن عمر رضي الله عنهما «كنا نُفاضل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فنقول: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فيبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره (1) وكقول أبي سعيد الخدري: «كنا نُخْرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من تمر في زكاة الفطر» (2) .
فأما قول التابعي: كانوا يفعلون، فلا يدل على فعل جميع الأمة، بل يدل على البعض، فلا حجَّة فيه، إلا أن يصرح بنقله عن أهل الإجماع، فيكون نقلاً للإجماع.
(1) أخرجه البخاري في " صحيحه " 7/13 بلفظ: كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم. ورواه أيضاً 7/46 بلفظ: كنا لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم. ولأبي داود 2/511 كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وزاد الطبراني في رواية: فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره.
(2)
في المطبوع " صاعاً من بر " وهو خطأ، والحديث أخرجه البخاري 3/295، ومسلم 2/678، وأبو داود 2/151، 152، والترمذي رقم 673 والنسائي 5/51، وابن ماجه 1/585 بلفظ: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب
…
.