الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الإمام] أبو داود
هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدي السجستاني، أحد من رحل وطوف، وجمع وصنف، وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والجزريين.
ولد سنة اثنتين ومائتين، وتوفي بالبصرة لأربع عشرة بقيت من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.
وقدم بغداد مرارًا، ثم خرج منها آخر مرَّاته سنة إحدى وسبعين.
وأخذ الحديث عن مسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وعثمان بن أبي شيبة وأبي الوليد الطيالسي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، ومسدد بن مُسَرْهد، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وقتيبة بن سعيد، وأحمد بن يونس، وغير هؤلاء من أئمة الحديث، ممن لا يحصى كثرة.
وأخذ الحديث عنه: ابنه عبد الله، وأبو عبد الرحمن النسائي، وأحمد بن محمد الخلال، وأبو علي محمد بن عمرو اللؤلؤي، ومن طريقه نروي كتابه.
وكان أبو داود سكن البصرة.
وقدم بغداد، وروى كتابه المصنف في «السنن» بها. ونقلها أهلها عنه، وصنفه قديمًا، وعرضه على أحمد بن حنبل، فاستجابه واستحسنه.
قال أبو بكر بن داسة: قال أبو داود: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب - يعني كتاب «السنن» - جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثمانمائة حديث. ذكرت الصحيح، وما يُشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث.
أحدها: قوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات» .
والثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسنِ إسلام المرء تِركهُ ما لا يعنيه» .
والثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يكوُن المؤمن مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه» .
والرابع: قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات
…
» الحديث.
وقال أبو بكر الخلال: أبو داود، سليمان بن الأشعث، الإمام المقدم في زمانه، رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعها أحد في زمانه، رجل ورع مقدَّم.
وكان إبراهيم الأصفهاني، وأبو بكر بن صدقة، يرفعان من قدره، ويذكرانه بما لا يذكران أحدًا في زمانه بمثله.
وقال أحمد بن حنبل بن ياسين الهروي: كان سليمان بن الأشعث، أبو داود، أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عِلمِهِِِ وعلله وسنده، وكان في أعلى درجة من النسك والعفاف، والصلاح والورع، من
فرسان الحديث.
وقال محمد بن أبي بكر بن عبد الرزاق: كان لأبي داود كُمُّ واسع وكُمُّ ضيِّق، فقيل له: يرحمك الله! ما هذا؟ قال: الواسع للكتب، والآخر لا نحتاج إليه.
وقال أبو سليمان الخطابي: كتاب «السنن» لأبي داود، كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من كافة الناس، على اختلاف مذاهبهم، فصار حَكَمًا بين فرق العلماء، وطبقات الفقهاء، فلكل فيه ورد، ومنه شِرب، وعليه معوَّل أهل العراق ومصر وبلاد المغرب، وكثير من مدن أقطار الأرض، فأما أهل خراسان، فقد أولع أكثرهم بكتاب محمد بن إسماعيل البخاري، وكتاب مسلم بن الحجاج النيسابوري.
وقال: قال أبو داود: ما ذكرت في كتابي حديثًا اجتمع الناس على تركه.
وكان تصنيف علماء الحديث قبل زمان أبي داود: «الجوامع» و «المسانيد» ، ونحوهما، فتجمع تلك الكتب - إلى ما فيها من «السنن» و «الأحكام» -:
أخبارًا وقصصًا، ومواعظ وأدبًا. فأما «السنن» المحضة، فلم يقصد أحد منهم إفرادها واستخلاصها من أثناء تلك الأحاديث، ولا اتفق له ما اتفق لأبي داود، ولذلك حلَّ هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الأثر مَحَلَّ العجب، فضُرِبت إليه أكباد الإبل، ورامت إليه الرحل.
قال إبراهيم الحربي لما صنف أبو داود هذا الكتاب: أُلين لأبي داود الحديث، كما أُلين لداود عليه السلام الحديد.
وقال ابن الأعرابي عن كتاب أبي داود: لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله عز وجل، ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة (1) .
(1) يقال: لا أفعله بتة، ولا أفعله البتة: لكل أمر لا رجعة فيه، ونصبه على المصدر. صحاح.