المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبيعتهم - جامع الأصول - جـ ٤

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الخاء

- ‌الكتاب الأول: في الخُلُق

- ‌الكتاب الثاني: في الخوف

- ‌الكتاب الثالث: في خَلقِ العالَم

- ‌الفصل الثالث: في خلق آدم، ومن جاء صفته من الأنبياء عليهم السلام

- ‌الكتاب الرابع: في الخلافة والإمارة

- ‌الباب الأول: في أحكامها

- ‌الفصل الأول: في الأئمة من قريش

- ‌الفصل الثاني: فيمن تصح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: فيما يجب على الإمام والأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة، ومنع من سألها

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبيعتهم

- ‌الكتاب الخامس: في الخلع

- ‌ترجمة الأبواب التي أَوَّلها خاء ولم تَرِد في حرف الخاء

- ‌الكتاب الأول: في الدعاء

- ‌الباب الأول: في آداب الدعاء وجوائزه

- ‌الفصل الأول: في الوقت والحالة

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الداعي

- ‌الفصل الثالث: في كيفية الدعاء

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في أقسام الدعاء

- ‌القسم الأول: في الأدعية المؤقتة والمضافة إلى أسبابها

- ‌الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

- ‌الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مجملاً ومفصلاً

- ‌الاستفتاح

- ‌بعد التشهد

- ‌في الصلاة مطلقاً ومشتركاً

- ‌عند التهجد

- ‌الفصل الثالث: في أدعية الصباح والمساء

- ‌الفصل الرابع: في أدعية النوم والانتباه

- ‌الفصل الخامس: في أدعية الخروج من البيت والدخول إليه

- ‌الفصل السادس: في أدعية المجلس والقيام عنه

- ‌الفصل السابع: في أدعية السفر والقفول

- ‌الفصل الثامن: في أدعية الكرب والهم

- ‌الفصل التاسع: في دعاء الحفظ

- ‌الفصل العاشر: في دعاء الاستخارة والتروي

- ‌الفصل الحادي عشر: في أدعية اللباس

- ‌الفصل الثاني عشر: في أدعية الطعام والشراب

- ‌الفصل الثالث عشر: في دعاء قضاء الحاجة

- ‌الفصل الرابع عشر: في دعاء الخروج إلى المسجد والدخول إليه

- ‌الفصل الخامس عشر: في الدعاء عند رؤية الهلال

- ‌الفصل السادس عشر: في دعاء الرعد والسحاب

- ‌الفصل السابع عشر: في الدعاء عند الريح

- ‌الفصل الثامن عشر: في الدعاء يوم عرفة وليلة القدر

- ‌الفصل التاسع عشر: في الدعاء عند العطاس

- ‌الفصل العشرون: في أدعية مفردة

- ‌دعاء ذي النون

- ‌دعاء داود

- ‌دعاء قوم يونس

- ‌الدعاء عند رؤية المبتلى

- ‌القسم الثاني: في أدعية غير مؤقتة ولا مضافة

- ‌الفصل الأول: في الاستعاذة

- ‌الفصل الثاني: في الاستغفار والتسبيح، والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفرع الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفرع الثالث: في التهليل

- ‌الفرع الرابع: في التسبيح

- ‌الفرع الخامس: في الحوقلة

- ‌الفصل الثالث: في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأول: في دية النفس وتفصيلها

- ‌الفرع الأول: في دية الحر المسلم الذكر

- ‌الفرع الثاني: في دية المرأة، والمكاتب، والمعاهد والذمي، والكافر

- ‌الفصل الثاني: في دية الأعضاء والجراح

- ‌العين

- ‌الأصابع

- ‌الجراح

- ‌الفصل الثالث: فيما اشتركت النفس والأعضاء فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الرابع: في دية الجنين

- ‌الفصل الخامس: في قيمة الدية

- ‌الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات

- ‌ترجمة الأبواب التي أَوَّلها دال ولم تَرِد في حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌الكتاب الأول: في الذكر

- ‌الكتاب الثاني: في الذبائح

- ‌الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الذبح وموضوعه

- ‌الفصل الثالث: في آلة الذبح

- ‌الفصل الرابع: فيما نهي عن أكله من الذبائح

- ‌الكتاب الثالث: في ذم الدنيا، وذم أماكن من الأرض

- ‌الفصل الأول: في ذم الدنيا

- ‌الفصل الثاني: في ذم أماكن من الأرض

- ‌ترجمة الأبواب التي أَوَّلها ذال ولم تَرِد في حرف الذال

- ‌ حرف الراء:

- ‌الكتاب الأول: في الرحمة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في ذكر رحمة الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوانات

- ‌الكتاب الثاني: في الرفق

- ‌الكتاب الثالث: في الرهن

- ‌الكتاب الرابع: في الرياء

- ‌ترجمة الأَبواب التي أَولها راء ولم ترد في حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌الكتاب الأول: في الزكاة

- ‌الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

- ‌الباب الثاني: في أحكام الزكاة المالية وأنواعها

- ‌الفصل الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الثاني: في زكاة النعم

- ‌الفصل الثالث: في زكاة الحلي

- ‌الفصل الرابع: في زكاة المعشرات والثمار والخضروات

- ‌الفصل الخامس: في زكاة المعدن والركاز

- ‌الفصل السادس: في زكاة الخيل والرقيق

- ‌الفصل الثامن: في زكاة [مال] اليتيم

- ‌الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة

- ‌الباب الرابع: في عامل الزكاة وما يجب له وعليه

- ‌الباب الخامس: فيمن تحل له، ومن لا تحل له

- ‌الفصل الأول: فيمن لا تحل له

- ‌الفصل الثاني: فيمن تحل له الصدقة

- ‌الفصل الثاني: فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من الفقر

- ‌الباب الأول: في الحلي

- ‌الفصل الأول: في الخاتم

- ‌[الفرع] الأول: فيما يجوز منه، وما لا يجوز

- ‌الفرع الثاني: في أي إصبع يلبس الخاتم

- ‌الفصل الثاني: في أنواع من الحلي متفرقة

- ‌الفصل الأول: في خضاب الشعر

- ‌الفصل الثاني: في خضاب البدن

- ‌الباب الثالث: في الخَلُوق

- ‌الباب الرابع: في الشعور

- ‌الفصل الأول: في شعر الرأس: الترجيل

- ‌الحلق والجز

- ‌الوصل

- ‌السدل والفرق

- ‌الفصل الثاني: في شعر اللحية والشارب

- ‌نتف الشيب

- ‌قص الشارب واللحية

- ‌الباب الخامس: في الطيب والدهن

- ‌الباب السادس: في أمور من الزينة متعددة، والأحاديث فيها منفردة ومشتركة

- ‌ نوع أول

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌الباب السابع: في الصور والنقوش والستورذم المصورين

- ‌كراهية الصور والستور

- ‌ترجمة الأبواب التي أَوَّلها زاي ولم تَرِد في حرف الزاي

الفصل: ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبيعتهم

‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبيعتهم

2072 -

(خ) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنَّ عليّاً خرج مِن عندِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في وَجَعِهِ الذي تُوفِّيَ فيه، فقال الناسُ: يا أبا حَسَنٍ، كيفَ أصبَحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبَحَ بِحَمدِ اللهِ بارِئاً، فَأخَذَ بيده العباسُ بنُ عبد المطلب، فقال: أنتَ واللهِ بعدَ ثَلاثٍ عبدُ العَصَا، وإني لأرى رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم سَيُتَوَفَّى من وَجَعِهِ هذا، إني لأعرفُ وُجُوهَ بني عبد المطلب عند الموتِ، فَاذْهَبْ بِنَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَنَسْألَهُ: فيمن هذا الأمرُ؟ فإن كان فينَا عَلِمْنا ذلك، وإن كان في غيرنَا كَلَّمْنَاهُ فَأوصى بنا، فقال عليٌّ: أمَا والله، لَئِنْ سَألنَاهَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَمنعناهَا لا يُعطِينَاهَا النَّاسُ بَعدَهُ: وَإني واللهِ، لا أسأَلُها رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم.

⦗ص: 85⦘

أخرجه البخاري (1) .

(1) 11 / 49 في الاستئذان، باب المعانقة وقول: الرجل كيف أصبحت، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وانظر " فتح الباري " 11 / 49 - 52.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (11/49) عن إسحاق، عن بشر بن شعيب، عن أبيه عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن ابن عباس، فذكره.

ص: 84

2073 -

(خ م ت) جبير بن مطعم رضي الله عنه: قال: إِنَّ امْرأة أتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيءٍ، فَأمَرَهَا بأنْ تَرجِعَ، قالت: فَإِن لم أجِدْكَ؟ - كأنها تقولُ: الموتَ - قال: «إِنْ لم تَجِدِيني فائتي أبا بَكرٍ» . أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (1) .

(1) البخاري 13 / 180 في الأحكام، باب الاستخلاف، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً، وفي الاعتصام، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، ومسلم رقم (2386) في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر، والترمذي رقم (3677) في المناقب، باب من فضل أبي بكر، قال الحافظ في " الفتح ": وفي الحديث أن مواعيد النبي صلى الله عليه وسلم كانت على من يتولى الخلافة بعد تنجيزها.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (4/82) قال: حدثنا يعقوب. وفي (4/83) قال: حدثنا يزيد بن هارون. والبخاري (5/5) قال: حدثنا الحميدي، ومحمد بن عبيد الله. وفي (9/101) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. وفي (9/135) قال: حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، وعمي. ومسلم (7/110) قال: حدثني عباد بن موسى. (ح) وحدثنيه حجاج بن الشاعر، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، والترمذي (3676) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم.

سبعتهم - يعقوب، ويزيد، والحميدي، ومحمد بن عبيد الله، وعبد العزيز، وسعد، وعباد - قال يزيد: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن جبير بن مطعم، فذكره.

ص: 85

2074 -

(خ س) عائشة رضي الله عنها: قالت: «إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَاتَ وأبو بكرٍ بِالسُّنْحِ (1) . [قال إسماعيل](2) : - تعني بالعَالِيةِ - فقام عمرُ يقول: والله مَا مَات رسولُ الله، قالت: وقال عمر: [والله] مَا كانَ يَقَعُ في نَفسي إلا ذاك (3) ، وَلَيَبعثَنَّهُ اللهُ فَلَيُقَطِّعَنَّ أيديَ رِجَالٍ وَأرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أبو بكرٍ، فَكَشَفَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَبَّلَهُ، وقال: بِأبِي أنْتَ

⦗ص: 86⦘

طِبتَ حَياً وَمَيِّتاً، والذي نَفسي بيده، لا يُذِيقَنَّكَ اللهُ الموتَتَيْنِ أبداً (4) ، ثم خرج أبو بكرٍ، فقال: أيُّها الحالِفُ، على رِسْلِكَ (5) ، فَلَمَّا تَكلَّمَ أبو بكرٍ جَلَسَ عُمرُ، فَحمدَ اللهَ أبو بكر، وأثنى عليه، وقال: ألا، مَنْ كانَ يَعبُدُ مُحمَّداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فَإنَّ اللهَ حَيٌّ لا يموتُ، وقال:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهم مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقال:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رسولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفَإن مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ على أعقابِكم وَمَنْ يَنْقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً وسَيَجزي اللهُ الشاكِرينَ} [آل عمران: 144] قال: فنَشَجَ النَّاسُ [يَبكُونَ] قَال: واجتَمَعَتِ الأنْصارُ إلى سعد بن عُبادةَ فِي سَقيفَةِ بَني سَاعِدَةَ، فقالوا: مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكم أمِيرٌ، فَذَهبَ إليهم أبو بكر، وعمرُ بنُ الخطاب، وأبو عُبَيْدَةَ بنُ الجَراح، فذهب عمرُ يتكلم، فَأسْكَتَهُ أَبو بكرٍ، وكان يقول: واللهِ مَا أردتُ بذلك إلا أنِّي قد هَيَّأْتُ كلاماً أعجَبني، خَشيتُ أنْ لا يَبلُغهُ أبو بكر؟ ثُمَّ تَكَلَّمَ

⦗ص: 87⦘

أبو بكر، فَتَكلَّمَ أبلَغَ الناسِ (6)، فقال في كلامه: نَحْنُ الأُمَرَاءُ، وَأنْتُم الْوُزَرَاءُ، فقال حُبَابُ بن المُنْذِرِ: لا واللهِ، لا نَفعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ، ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولَكنَّا الأُمرَاءُ وأنتم الوُزراءُ - زاد رزين -: لَنْ يُعْرَفَ هذا الأمرُ إلا لِحَيٍّ من قُرَيشٍ - هُمْ أَوْسَطُ العربِ داراً، وَأعزُّهُم أحساباً (7) - فبَايِعُوا عُمرَ، أو أبا عُبيدَةَ بنَ الْجَرَّاحِ، فقال عمرُ: بل نُبَايِعُكَ أنتَ، فَأنْتَ سَيِّدُنا، وخَيْرُنَا، وأحَبُّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأخذَ عمرُ بيدِهِ فَبايَعَهُ، وبايَعَهُ الناسُ، فقال قائلٌ: قَتلْتُمْ سعدَ بن عُبَادَةَ، فقال عمر: قَتَلَهُ الله» (8) .

[قالت عائشة (9) : شَخَصَ بَصَرُ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «في الرفيق

⦗ص: 88⦘

الأعلى - ثلاثاً-

وقَصَّ الحديث» ] (10) قالت: فما كان من خطبتهما من خُطبة إلا نَفَعَ الله بها، لقد خَوَّفَ عمرُ الناسَ، وإنَّ فيهم لَتُقى (11) فَرَدَّهم الله بذلك، ثم لقد بَصَّرَ أبو بكر الناسَ في الله، وعَرَّفَهُمْ الحقَّ الذي عليهم، وخَرجوا به يَتلُون: {وَمَا مُحمدٌ إلا رسولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ

} إلى: {الشاكرِينَ} . أخرجه البخاري (12) .

وأخرج النسائي منه إلى قوله: «المَوتَتَيْنِ أبداً» . وقال: «أمَّا الموتةُ التي كَتَبَها اللهُ عليك فقدْ مُتَّها» .

وله في أخرى: «إنَّ أبَا بكْرٍ قَبَّلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو مَيِّتٌ» . ولَم يَزِد (13) .

⦗ص: 89⦘

والذي قرأْتُه في كتاب البخاري من طريق أبي الوقت: «وَأعْرَبُهُمْ أَحسَاباً» . وفي كتاب الحميدي: «وَأَعَزُّهُمْ أَحْسَاباً» (14) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فنشج) : النشيج: تردد صوت الباكي في صدره من غير انتحاب.

(سقيفة) : السقيفة الصُّفَّة في البيت، وبنو ساعدة: بطن من الأنصار.

(1) هو منازل بني الحارث من الخزرج بالعوالي بينه وبين المسجد النبوي ميل.

(2)

هو شيخ المصنف، وهو ابن أبي أويس.

(3)

يعني عدم موته صلى الله عليه وسلم حينئذ.

(4)

قال الحافظ في " الفتح ": وعنه أجوبة، فقيل: هو على حقيقته، وأشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا فيقطع أيدي رجال، لأنه لو صح ذلك للزم أن يموت موتة أخرى، فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين، كما جمعهما على غيره، كالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف، وكالذي مر على قرية، وهذا أوضح الأجوبة وأسلمها.

(5)

أي: على هينتك، ولا تستعجل، قال الحافظ في " الفتح ": وأما وقوع الحلف من عمر على ما ذكره، فبناه على ظنه الذي أداه إليه اجتهاده، وفيه بيان رجحان علم أبي بكر على عمر فمن دونه، وكذلك رجحانه عليهم لثباته في مثل ذلك الأمر العظيم.

(6)

قال الحافظ في " الفتح ": قوله: " ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس " بنصب " أبلغ " على الحال، ويجوز الرفع على الفاعلية، أي: تكلم رجل هذه صفته، وقال السهيلي: النصب أوجه، ليكون تأكيداً لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفاً بذلك غيره، قال الحافظ: وفي رواية ابن عباس قال: قال عمر: والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت.

(7)

في البخاري المطبوع: وأعربهم أحساباً.

(8)

البخاري 7 / 22 و 23 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً، وفي الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته.

(9)

هذا حديث آخر علقه البخاري فقال: وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن ابن القاسم: أخبرني أبي القاسم أن عائشة قالت

الخ.

(10)

ما بين المعقفين زيادة من البخاري المطبوع.

(11)

في البخاري المطبوع: وإن فيهم لنفاقاً، قال الحافظ في " الفتح ": أي: إن في بعضهم منافقين، وهم الذين عرض بهم عمر في قوله المتقدم، قال: ووقع في رواية الحميدي في " الجمع بين الصحيحين ": " وإن فيهم لتقى " فقيل: إنه من إصلاحه، وإنه ظن أن قوله:" وإن فيهم لنفاقاً " تصحيف، فصيره " لتقى " كأنه استعظم أن يكون في المذكورين نفاق، وقال عياض: لا أدري هو إصلاح منه أو رواية، وعلى الأول فلا استعظام، فقد ظهر في أهل الردة ذلك، ولاسيما عند الحادث العظيم الذي أذهل عقول الأكابر، فكيف بضعفاء الإيمان، فالصواب ما في النسخ، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق البخاري وقال فيه: إن فيهم لنفاقاً.

(12)

معلقاً 7 / 26 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، قال الحافظ في " الفتح ": وهذه الطريق لم يوردها البخاري إلا معلقة، ولم يسقها بتمامها، وقد وصلها الطبراني في " مسند الشاميين ".

(13)

النسائي 4 / 11 في الجنائز، باب تقبيل الميت، وإسناده صحيح.

(14)

كما في رواية البخاري التي ذكرها المؤلف.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: اللفظ الأول:

أخرجه البخاري (5/7) قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، فذكره.

- ورواية النسائي (4/11) قال: أخبرنا أحمد بن عمرو، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، فذكره.

أخرجه أحمد (6/55) . والبخاري (6/17) قال: حدثني عبد الله بن أبي شيبة. وفي (6/17 و 7/164) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وابن ماجة (1457) قال: حدثنا أحمد بن سنان والعباس بن عبد العظيم وسهل بن أبي سهل. والترمذي في الشمائل (390) قال: حدثنا محمد بن بشار وعباس العنبري وسوار بن عبد الله وغير واحد. والنسائي (4/11) قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن المثنى.

عشرتهم (أحمد بن حنبل، وعبد الله بن أبي شيبة، وعلي بن عبد الله، وأحمد بن سنان، وعباس بن عبد العظيم العنبري، وسهل بن أبي سهل، ومحمد بن بشار، وسوار بن عبد الله، ويعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن المثنى) عن يحيى بن سعيد. قال: حدثنا سفيان. قال: حدثني موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فذكره.

ص: 85

2075 -

(خ) أبو سلمة بن عبد الرحمن رحمه الله: قال: قالت عائشةُ رضي الله عنها في حديثها: «أَقْبَلَ أبو بكْرٍ على فَرَسٍ من مَسكَنِهِ بالسُّنْحِ حتى نَزَلَ، فدخل المسجِدَ، فلم يُكَلِّمِ النَّاسَ، حتى دخلَ على عائشةَ، فَبَصُرَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو مَسجًّى بِبُرْده، فَكَشَفَ عن وَجْهِهِ، وَأَكَبَّ عليه فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكى، فقال: بِأبي أنْتَ وأُمي يا رسولَ اللهِ، لا يَجْمَعُ الله عليك مَوتَتَيْنِ، أمَّا المَوتَةُ التي كُتِبَتْ عليك، فقدْ مُتَّها، فقال أبو سَلَمَةَ: فَأخْبَرَني ابنُ عباس: أنَّ أبا بكرٍ خَرَجَ، وَعُمرُ يُكلِّمُ النَّاسَ، فقال: اجْلِسْ، فَأبى، فقال: اجلس، فَأبى، فَتَشَهَّدَ أبُو بكْرٍ، فَمَالَ إِليه النَّاسُ، وَتَرَكُوا عمرَ، فقال: أما بعدُ، فَمَنْ كان منكم يَعْبُدُ محمداً، فَإنَّ محمداً قد

⦗ص: 90⦘

مات، ومن كان يعبد الله فَإنَّ اللهَ حَيٌّ لا يموتُ، قال الله:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رسولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبلِهِ الرُّسُلُ} إلى: {الشَّاكِرينَ} قال: واللهِ، لَكأنَّ النَّاسَ لم يكونوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ هذه الآيةَ حتى تلاها أبو بكر، فَتَلَقَّاهَا منه الناسُ، فما أسمعُ بشراً من الناس إلا يَتلوهَا» . أخرجه البخاري (1) .

ورأيت الحميديَّ رحمه الله قد أخرج هذا الحديث في «مسند أبي بكر» ، والذي قبله في «مسند عائشة» ، وهما بمعنى واحد، إلا أن الأول أطولُ، ولعله لم يفرقهما إلا لكون هذا الحديث قد اشترك فيه عائشة، وابن عباس، ولم يجعله في مسند أحدهما، وجعله في مسند أبي بكر، فاقتدينا به، وأفردناه عن الأول.

(1) 8 / 110 في المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وفي الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (6/117) قال: حدثنا علي بن إسحاق. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا يونس ومعمر. والبخاري (2/90) قال: حدثنا بشر بن محمد قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرني معمر ويونس. وفي (6/17) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. والنسائي (4/11) قال: أخبرنا سويد. قال: حدثنا عبد الله. قال: قال معمر ويونس.

ثلاثتهم (يونس، ومعمر، وعقيل) عن الزهري. قال: أخبرني أبو سلمة، فذكره.

* في رواية أحمد والنسائي: لم يذكرا حديث ابن عباس.

ص: 89

2076 -

(خ) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنتُ أقرئ رجالاً مِنَ المهاجرين، منهم عبدُ الرحمن بنُ عوف (1) ، فبينما أنا في منزله بِمنى، وهو عند عمرَ بن الخطاب في آخر حَجَّةٍ حَجَّها، إذ رَجَعَ إليَّ عبدُ الرحمن، فقال: لو رأيتَ رَجُلاً أَتى أمِيرَ المؤمنينَ اليومَ، فقال: هل لك يا أميرَ

⦗ص: 91⦘

المؤمنين في فلان يَقول: لو قَد ماتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فلاناً، فواللهِ ما كانَتْ بَيْعَة أبي بكرٍ إلا فَلتَة [فَتَمَّتْ] فغضبَ عمرُ، ثم قال: إني إن شاءَ اللهُ لقائمٌ العَشِيَّةَ في الناس، فَمُحَذِّرُهُمُ هؤلاءِ الذين يُريدون أَن يُغضِبُوهم أمرهم (2)، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أَمير المؤمنين لا تَفعل، فإن المَوسِم يَجْمَعُ رِعَاعَ الناسِ وغَوغاءهُم، وإِنَّهُم هم الذين يَغْلبونَ على قُرْبِكَ حين تقُوم في الناس، فأنا أخشى أن تقوم، فتقولَ مقالة يطير بها أُولئك عند كلِّ مُطيرٍ (3) ، وأنْ لا يعُوها، وأن لا يَضَعُوها على مَوَاضِعِها، فَأمْهِل حتى تَقْدَمَ المدينةَ، فإنها دارُ الهجرة والسُّنَّةِ، فَتَخلُصَ بأهل الفقه، وأشرافِ الناسِ، فتقول ما قلتَ متمكِّناً، فَيعي أهلُ العلم مقالَتَكَ، ويَضَعوها على مواضعها، قال: فقال عمرُ: أما والله إن شاء الله لأقُومنَّ بذلك أَوَّلَ مَقامٍ أقومُهُ بالمدينةِ، قال ابن عباس: فَقَدِمْنا المدينةَ في عَقِب ذي الحِجَّةِ، فلما كان

⦗ص: 92⦘

يَومُ الجمعة عَجَّلنا بالرَّواح حينَ زاغَتِ الشمسُ - زاد رزين: فَخَرْجتُ في صَكَّةِ عُمِّيٍّ - حتى أَجدَ سعيدَ بن زَيدِ بن عمرو بن نُفيل جالساً إلى رُكْنِ المنبر، فجلستُ حَذوهُ (4) ، تَمسُّ رُكبَتي رُكبَتَهُ، فلم أَنشبْ أنْ خَرَجَ عُمرُ بن الخطاب، فَلَمَّا رأَيْتُهُ مُقْبلاً، قلتُ لِسعيدِ بنِ زيد بن عَمرو بن نُفيل: ليَقولَنَّ العشيةَ على المنبر مَقالة لم يَقُلْها مُنذُ استُخْلِفَ، فَأَنْكرَ عَليَّ. وقال: ما عَسى أن يقولَ ما لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ؟ .

فَجَلَسَ عُمرُ على المنبر، فَلما سَكَتَ المؤذِّنُ (5) قَامَ، فَأثْنى على اللهِ بما هو أهلُه، ثم قال: أما بعدُ: فإني قَائلٌ لكم مقالة، قَد قُدِّرَ لي أن أقُولَها، لا أدري لَعَلَّها بَيْنَ يَدَيْ أجَلي (6) فَمَن عَقَلَها ووعَاهَا فَليُحَدِّثْ بِها حيث انْتَهتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمنْ خَشيَ أن لا يَعقِلَها فلا أُحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَكْذِبَ عليَّ: إنَّ الله عز وجل بَعَثَ محمداً صلى الله عليه وسلم بالحقِّ، وَأنْزَلَ عليه الكتابَ، فكان ممَّا أَنزلَ الله عليه: آيةُ الرَّجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعَيْنَاهَا، ورَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخْشى إن طَالَ بالنَّاسِ زمانٌ أنْ يقولَ قائلٌ: واللهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرجم في كتاب الله،

⦗ص: 93⦘

فَيَضِلُّوا بتركِ فريضةٍ أَنْزَلَها الله (7) فَالرَّجْمُ في كتاب اللهِ حَقٌّ على مَنْ زَنى إذا أُحْصِنَ من الرجالِ والنساءِ، إذَا قَامَتِ البيِّنَةُ، أو كان الحَبَلُ، أو الاعترافُ، ثم إنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كتابِ الله: أَن لا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُم، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُم أَنْ تَرْغَبُوا عن آبائكم - أوْ إِنَّ كُفْراً بِكم (8) أنْ تَرْغبوا عن آبائكم- أَلا وإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تُطْرُوني (9) كما أُطْرِيَ عيسى بنُ مريم، وقولوا: عبدُ الله ورسولُه (10) » .

ثم إنه بلغني أنَّ قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمرُ بَايعتُ فُلاناً، فلا يَغتَرَّ امْرؤٌ أَنْ يقول: إنما كانت بَيعةُ أبي بَكرٍ فَلتَة، وَتَمَّتْ، أَلا وإنها قد كانت كذلك، ولكنَّ الله وَقَى شرَّها، وليس فيكم مَنْ تُقْطعُ إليه الأَعْنَاقُ مثلُ أبي بكر، [من بايع رجلاً عن غير مَشُورةٍ من المسلمين فلا يُبايَعُ هو ولا الذي بايعه تَغرَّة أن يقتلا] ، وإنَّهُ قد كان من خبرنا - حين تُوفِّي نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم (11) - أَنَّ الأنصار خالفونا واجْتَمَعوا

⦗ص: 94⦘

بِأسرِهِمْ في سَقيفةِ بني سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عليٌّ والزُّبَيرُ ومن معهما.

واجتَمَعَ المهاجرونَ إلى أبي بكر، فَقُلْتُ لأبي بكر:[يا أبا بكر] ، انْطَلِق بِنَا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصارِ، فانطَلَقْنَا نُرِيدُهُم، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُم لَقِينا منهم رَجُلانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمالأ عليه القوم، فقالا: أيْنَ تُرِيدُونَ يَا معشرَ المهاجرين؟ فقلنا: نُريدُ إخْوانَنَا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عَلَيْكم، لا تَقرَبُوهم (12) ، اقضُوا أمْرَكم، فقلت: والله لَنَأْتِيَنَّهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سَقيفة بني ساعدة، فإذا رجلٌ مُزمَّلٌ بين ظَهرانيْهمْ، فقلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هذا سَعدُ بنُ عُبَادَةَ، فقلتُ: مَا لَهُ؟ قالوا: يُوعَكُ، فَلَمَا جَلَسْنا قليلاً تَشَهَّدَ خَطيبُهُمْ، فَأثْنى على الله بما هو أهلُه، ثم قال: أمَّا بعدُ، فَنحنُ أنْصارُ الله، وكتيبَةُ الإسلام، وَأنْتُمْ مَعَاشِرَ المهاجِرينَ رَهْطٌ مِنَّا، وقد دَفَّتْ دافَّةٌ من قومكم، فإذا هُمْ يريدون أنْ يَخْتَزِلونا من أصلنا، وأنْ يَحضُنُونَا من الأمر، فَلَما سكتَ أرَدتُ أن أتكلَّمَ، وكنتُ زَوَّرتُ مَقَالَة أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَها بين يديْ أبي بكرٍ، وكنتُ أُدَاري منه بعض الحَدِّ.

فلما أردتُ أن أتكلَّم قال أبو بكر: على رِسْلِك، فكرِهْتُ أن أُغْضِبَهُ، فتكلم أبو بكر، فكانَ هو أَحْلَمَ مِني، وأوقَرَ، والله ما تَرَكَ من كلمةٍ أعجَبَتْني في تَزْويرِي

⦗ص: 95⦘

إلا قال في بَدِيهتِهِ مِثْلهَا، أو أفضلَ منها، حتى سكتَ، فقال: ما ذكرتُم فيكم من خَيْرٍ، فَأنتم لَهُ أَهلٌ، وَلَنْ تَعرِفَ العربُ هذا الأمرَ إلا لهذا الحيِّ من قُريشٍ، هم أوْسَطُ العربِ نَسَباً، ودَاراً، وقد رَضِيتُ لكم أحَدَ هَذين الرجلين، فبَايِعُوا أيَّهُما شِئْتُم؟ فَأخَذَ بِيدِي، ويدِ أبي عُبَيدَةَ بن الجراح، وهو جالسٌ بيننا، فلم أكرَهْ مِمَّا قال غيرَها، كان والله أن أُقَدَّم فَتُضْرَبَ عُنُقي - لا يُقَرِّبُني ذلك من إثْمٍ - أَحَبَّ إِليَّ من أن أَتَأمَّرَ على قَومٍ فيهم أبو بكر، اللهم إلا أنْ تُسَوِّلَ لي نفسي عند الموتِ شيئاً لا أجِدُهُ الآن.

فقال قائل مِن الأنصارِ: أنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ، مِنَّا أميرٌ، ومنكم أميرٌ، يا معشرَ قريش، فكثُرَ اللَّغطُ، وارتفعتِ الأصواتُ، حتى فَرِقْتُ من الاختلاف، فقلتُ: ابْسُط يَدَكَ يا أبا بكر، فبسطَ يَدَهُ، فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعهُ المهَاجِرُونَ، ثم بايَعَتْهُ الأنصَارُ، وَنَزَوْنَا على سعدِ بنِ عُبَادَةَ، فقال قائلٌ منهم: قَتَلْتُمْ سعدَ بنَ عبادة، فقلتُ: قَتلَ الله سعدَ بن عبادةَ، قال عمرُ: وإنا واللهِ، مَا وَجَدنَا فِيما حَضَرَنَا مِنْ أمْرِنَا أقوى من مُبَايَعَةِ أبي بكر، خَشينَا إنْ فَارقنا القومَ، ولم تَكُنْ بَيْعَةٌ، أن يُبايِعوا رجلاً منهم بعدَنا، فإما تَابَعْناهم (13) على ما لا نرضى، وإما أن نُخَالِفَهُم فيكونَ

⦗ص: 96⦘

فسادٌ، فمن بايعَ رجلاً على غير مَشورَةٍ من المسلمين فلا يُتَابَع هُو، ولا الذي بَايَعهُ، تَغِرَّة أن يُقتَلا. هذه رواية البخاري.

وهو عند مسلم مختصر حديث الرجم، ولقلة ما أخرج منه لم نُثبِتْ له علامة.

وقد ذكر [منه] البخاري مفرداً في موضع آخر: «لا تُطرُوني كما أَطْرَتِ النَّصَارَى عيسى بنَ مريمَ» (14) .

⦗ص: 97⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(رعاع الناس) : عامتهم وسفلتهم.

(غوغاؤهم) : غوغاء الناس الذين يكثرون الجلبة (15) والضجة من غير تثبت.

(صكة عُمِّي) : كناية عن شدة الحر وقت الهاجرة، يقال: جاء صكة عُمِّي، أي في وقت الهاجرة، وغاية القيظ، وذلك أن الإنسان إذا خرج وقت الهاجرة لا يكاد يملأ عينيه من نور الشمس، أرادوا: أنه يصير أعمى، وعمَيّ تصغير أعمى مرخماً، وقيل: هو اسم رجل من العمالقة أغار على قوم ظهراً، فاستأصلهم، [فنسب الوقت إليه] .

(لم أنشب) : أي: لم ألبث، وأصله من نشبتُ في الشيء: إذا علقت فيه.

(تطروني) : الإطراء: المبالغة في المدح والإسراف فيه بما ليس في الممدوح.

⦗ص: 98⦘

(تقطع دونه الأعناق) : أي ليس فيكم سابق إلى الخيرات تقطع أعناق مسابقيه سبقاً إلى كل خير مثل أبي بكر (16) ، كأنه تنقطع الأعناق من المشقة في تكلف السبق الذي لم ينالوه.

(فلتة وقى الله شرها) : الفلتة: الفجأة، وذلك أنهم لم ينتظروا ببيعة أبي بكر رضي الله عنه عامة الصحابة، وإنما ابتدرها عمر، ومن تابعه وقيل: الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم، فيختلفون فيها: من الحل هي، أم من الحرم؟ فيسارع الموتور إلى درك الثأر، فيكثر الفساد، وتسفك الدماء، فشبه أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأشهر الحرم، ويوم موته بالفلتة في وقوع الشر: من ارتداد العرب، وتخلف الأنصار عن الطاعة، ومنع من منع الزكاة، والجري على عادة العرب في أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها، ويجوز أن يريد بالفلتة: الخلسة، يعني: أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الأنفس، ولذلك كثر فيها التشاجر، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعاً من الأيدي واختلاساً، ومثل هذه البيعة جديرة أن تكون مهيجة للفتن، فعصمهم الله من ذلك ووقى شرها.

⦗ص: 99⦘

(ظهرانيهم) : يقال: جلست بين ظهراني القوم - بفتح النون - أي: بينهم وقد مر تفسير هذه اللفظة مستقصى في حرف الهمزة.

(مزَمَّل) : المزمل: المدثر المغطى بثوب ونحوه.

(يوعك) : الوعك: الحمى.

(كتيبة) : الكتيبة: الجيش.

(دفت دافة) : الدافة: الجماعة من أهل البادية، يقصدون المصر، أي: جاءت جماعة.

(يختزلونا) : أي يقطعونا عن مرادنا، وانخزل الرجل: ضعف.

(يحضنونا) : حضنت الرجل عن الأمر حضناً وحضانة إذا نحيته عنه، وانفردت به دونه.

(زَوَّرت) : أي هيأت ورتبت، والمراد رتبت في نفسي كلاماً لأذكره.

(بعض الحد) : الحد والحِدَّة: سواء من الغضب، يقال: حدّ يحدّ حدّاً وحِدَّة: إذا غضب.

(أدارئ) : المدارءة بالهمز المدافعة بلين وسكون، وبغير الهمز: الخديعة والمكر، وقيل: هما لغتان بمعنى.

(على رِسلك) : يقال: افعل ذلك على رسلك - بكسر الراء -: على هينتك وتؤدتك وتأنيك.

⦗ص: 100⦘

(بديهته) : البديهة: ضد التروي والتفكر.

(تُسول) : سولت له نفسه شيئاً: زينته له وحسنته إليه.

(جذيلها المحكك) : الجذيل: تصغير الجذل، وهو عود ينصب للإبل الجربى تحتك به فتستشفى، والمحكك: الذي كثر به الاحتكاك حتى صار أملس.

(وعذيقها المرجب) : عذيقها: تصغير العذق - بفتح العين - وهو النخلة، والمرجب المسند بالرُّجْبة، وهي خشبة ذات شعبتين، وذلك إذا طالت الشجرة وكثر حملها اتخذوا ذلك لها، لضعفها عن كثرة حملها، والمعنى أني ذو رأي يستشفى به في الحوادث، لاسيما في مثل هذه الحادثة، وأني في ذلك كالعود الذي يشفي الجربى، وكالنخلة الكثيرة الحمل، من توفر مواد الآراء عندي، ثم إنه أشار بالرأي الصائب عنده، فقال:«منا أمير ومنكم أمير» .

(اللغط) : كثرة الأصوات واختلافها.

(فرقت) : الفرق: الخوف والفزع.

(ونزوا) : النزو: الوثب، ومنه نزا التيس على أنثاه.

(فلا يبايع هؤلاء الذي بايعه تغرة أن يقتلا) : التغرة: مصدر غررته إذا لقيته في الغرر، وهي من التغرير، كالتعلة من التعليل، وفي الكلام مضاف محذوف، تقديره: خوف تغرة أن يقتلا، أي: خوف إيقاعهما

⦗ص: 101⦘

في القتل، وانتصاب الخوف على أنه مفعول له، فحذف المضاف الذي هو الخوف، وأقام المضاف إليه - الذي هو «تغرة» - مقامه ويجوز أن يكون قوله:«أن يقتلا» بدلا من تغرة ويكون المضاف أيضاً محذوفاً، كالأول، ومن أضاف تغرة، إلى: أن يقتلا، فمعناه خوف تغرته قتلهما، على طريقة قوله تعالى:{بَلْ مَكرُ الليلِ والنهارِ} [سبأ: 33] .

ومعنى الحديث: أن البيعة حقها أن تقع صادرة عن المشورة والاتفاق، فإذا استبد رجلان دون الجماعة بمبايعة أحدهما الآخر: فذاك تظاهر منهما بشق العصا، واطراح الجماعة، فإن عقد لأحد فلا يكون المعقود له واحداً منهما، وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإمام منها، لأنه إن عُقِدَ لواحد منهما - وهما قد ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أحقدت الجماعة، من التهاون بهم والاستغناء عن رأيهم - لم يؤمن أن يقتلا.

(1) قال الحافظ في " الفتح ": وكان ابن عباس ذكياً، سريع الحفظ، وكان كثير من الصحابة لاشتغالهم بالجهاد لم يستوعبوا القرآن حفظاً، وكان من اتفق له ذلك يستدركه بعد الوفاة وإقامتهم بالمدينة، فكانوا يعتمدون على نجباء الأبناء، فيقرؤونهم تلقيناً للحفظ.

(2)

في البخاري المطبوع: أن يغصبوهم أمورهم، قال الحافظ في " الفتح ": كذا في رواية الجميع بغين معجمة، وصاد مهملة، وفي رواية مالك: يغتصبوهم بزيادة مثناة بعد الغين المعجمة، وحكى ابن التين أنه روي بالعين المهملة وضم أوله، من أعضب، أي: صار لا ناصر له، والمعضوب: الضعيف، وهو من عضبت الشاة: إذا انكسر أحد قرنيها أو قرنها الداخل، وهو المشاش، والمعنى: أنهم يغلبون عن الأمر فيضعف لضعفهم، والأول أولى، والمراد: أنهم يثبون على الأمر بغير عهد ولا مشاورة، وقد وقع ذلك بعد علي وفق ما حذره عمر رضي الله عنه.

(3)

في البخاري المطبوع: يطيرها عنك كل مطير.

(4)

في البخاري المطبوع: حوله.

(5)

في البخاري المطبوع: المؤذنون.

(6)

قال الحافظ في " الفتح ": أي بقرب موتي، وهو من الأمور التي جرت على لسان عمر فوقعت كما قال.

(7)

أي: في الآية المذكورة التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها، وقد وقع ما خشيه عمر أيضاً، فأنكر الرجم طائفة من الخوارج، أو معظمهم، وبعض المعتزلة.

(8)

في بعض النسخ: إن كفرانكم.

(9)

قال الحافظ في " الفتح ": هذا القدر مما سمعه سفيان من الزهري، أفرده الحميدي في مسنده عن ابن عيينة سمعت الزهري به، وقد تقدم مفرداً في ترجمة عيسى عليه السلام من أحاديث الأنبياء عن الحميدي بسنده.

(10)

قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن التين: والنكتة في إيراد عمر هذه القصة هنا، أنه خشي عليهم الغلو، يعني خشي على من لا قوة له في الفهم أن يظن بشخص استحقاقه الخلافة، فيقوم في ذلك، مع أن المذكور لا يستحق فيعطى لما ليس فيه فيدخل في النهي.

(11)

في البخاري المطبوع: حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم.

(12)

في البخاري المطبوع: لا عليكم أن لا تقربوهم.

(13)

في البخاري المطبوع: فإما بايعناهم.

(14)

12 / 128 و 129 و 130 و 131 و 132 و 133 و 134 و 135 في المحاربين، باب الاعتراف بالزنا، وباب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، وفي الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، وفي المظالم، باب ما جاء في السقائف، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، وفي المغازي، باب شهود الملائكة بدراً، وأخرجه أيضاً أحمد في " المسند " 1 / 55 و 56، وأخرجه مسلم مختصراً رقم (1691) في الحدود، باب رجم الثيب.

قال الحافظ في " الفتح " ما ملخصه: وفي هذا الحديث من الفوائد: أخذ العلم عن أهله وإن صغرت سن المأخوذ عنه عن الآخذ، وكذا لو نقص قدره عن قدره، وفيه التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله، ولا يحدث به إلا من يعقله، ولا يحدث القليل الفهم بما لا يحتمله، وفيه جواز إخبار السلطان بكلام من يخشى منه وقوع أمر فيه إفساد للجماعة، ولا يعد ذلك من النميمة المذمومة، لكن محل ذلك أن يبهمه صوناً له وجمعاً له بين مصلحتين، ولعل الواقع في هذه القصة كان كذلك، واكتفى عمر بالتحذير من ذلك، ولم يعاقب الذي قال ذلك، ولا من قيل عنه، وفيه أن العظيم يحتمل في حقه من الأمور المباحة ما لا يحتمل في حق غيره، وفيه أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، وأدلة ذلك كثيرة، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أوصى من ولي أمر المسلمين بالأنصار، وفيه أن المرأة إذا وجدت حاملاً ولا زوج لها ولا سيد وجب عليها الحد، إلا أن تقيم بينة على الحل أو الاستكراه، وفيه الحث على تبليغ العلم ممن حفظه وفهمه، وحث من لا يفهم على عدم التبليغ إلا من كان يورده بلفظه ولا يتصرف فيه، وفيه اهتمام الصحابة وأهل القرن الأول بالقرآن والمنع من الزيادة في المصحف، وكذا منع النقص

⦗ص: 97⦘

بطريق الأولى، وفيه دليل على أن من خشي من قوم فتنة، وأن لا يجيبوا إلى امتثال الأمر، أن يتوجه إليهم ويناظرهم ويقيم عليهم الحجة، وفيه أن للكبير القدر أن يتواضع ويفضل من هو دونه على نفسه أدباً وفراراً من تزكية نفسه، وفيه أنه لا يكون للمسلمين أكثر من إمام، وفيه جواز الدعاء على من يخشى في بقائه فتنة، وفيه أن على الإمام إن خشي من قوم الوقوع في محذور أن يأتيهم فيعظهم ويحذرهم قبل الإيقاع بهم، وفيه إشارة ذي الرأي على الإمام بالمصلحة العامة بما ينفع عموماً وخصوصاً وإن لم يستشره، ورجوعه إليه عند وضوح الصواب.

(15)

في المطبوع: يكثرون اللغط.

(16)

قال الحافظ في " الفتح ": وفيه إشارة إلى التحذير من المسارعة إلى مثل ذلك حيث لا يكون هناك مثل أبي بكر، لما اجتمع فيه من الصفات المحمودة، من قيامه في أمر الله، ولين جانبه للمسلمين، وحسن خلقه، ومعرفته بالسياسة، وورعه التام، ممن لا يوجد فيه مثل صفاته لا يؤمن من مبايعته عن غير مشورة الاختلاف الذي ينشأ عنه الشر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه مالك «الموطأ» (514) . والحميدي (25) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا معمر. وفي (26) قال: حدثنا سفيان. قال: أتينا الزهري في دار ابن الجواز. فقال: إن شئتم حدثتكم بعشرين حديثا، وإن شئتم حدثتكم بحديث السقيفة. وكنت أصغر القوم، فاشتهيت أن لا يحدث به لطوله. فقال القوم: حدثنا بحديث السقيفة، فحدثنا به الزهري: فحفظت منه أشياء، ثم حدثني بقيته بعد ذلك معمر. وفي (27) قال الحميدي: حدثنا سفيان. وأحمد (1/23)(154) قال: حدثنا هشيم. وفي (1/24)(164) قال: حدثنا سفيان. وفي (1/40)(276) قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا مالك. وفي (1/47)(331) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر. وفي (1/55)(391) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع، قال: حدثنا مالك بن أنس. والدارمي (2327) قال: أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا مالك. وفي (2787) قال: أخبرنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا مالك. والبخاري (3/172) و (5/85) قال: حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: حدثنا مالك. وأخبرني يونس. وفي (4/204) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. وفي (5/109) و (9/127) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا معمر. وفي (8/208) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان. وفي (8/208) قال: حدثنا عبد العزيز ابن عبد الله، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح. ومسلم (5/116) قال: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، وابن أبي عمر. قالوا: حدثنا سفيان. وأبو داود (4418) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: حدثنا هشيم. وابن ماجة (2553) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة. والترمذي (1432) قال: حدثنا سلمة بن شبيب وإسحاق بن منصور والحسن بن علي الخلال وغير واحد. قالوا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. وفي «الشمائل» (330) قال: حدثنا أحمد بن منيع، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد. قالوا: حدثنا سفيان ابن عيينة. والنسائي في الكبرى «الورقة 93 - ب» قال: أخبرنا محمد بن منصور المكي، قال: حدثنا سفيان. (ح) وأخبرنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا بشر بن عمر، قال: حدثني مالك. (ح) الحارث بن مسكين قراءة عليه، وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني مالك ويونس. (ح) وأخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. (ح) وأخبرنا يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، قال: حدثنا حجاج بن محمد، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن عقيل.

ثمانيتهم -مالك، ومعمر، وسفيان بن عيينة، وهشيم، ويونس، وصالح، وعبد الله بن أبي بكر، وعقيل - عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، فذكره.

* الروايات مطولة ومختصرة.

* وأخرجه النسائي أيضا في الكبرى «الورقة 93 - أ» قال: أخبرنا محمد بن رافع النيسابوري، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يحدث عن ابن عباس، أن عمر بن الخطاب أراد أن يخطب.... الحديث. مختصر على الرجم.

* في رواية سفيان عن الزهري عند النسائي في الكبرى «

وقد قرأناها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده» .

قال أبو عبد الرحمن النسائي: لا أعلم أن أحدا ذكر في هذا الحديث «الشيخ والشيخة فارجموهما البتة» غير سفيان، وينبغي أن يكون وهم. والله أعلم.

* أخرجه النسائي في الكبرى «الورقة 93 - ب» قال: أخبرنا علي بن عثمان الحراني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا أبي، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن رجل، عن سعيد بن أبي هند، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. قال: قال عمر على المنبر: لقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده.

ولم يذكر ابن عباس.

* وأخرجه أحمد (1/29)(197) قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا الزهري.

وفي (1/50)(352) قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر وحجاج. والنسائي في الكبرى «الورقة 93 -أ» قال: أخبرنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان (ح) وأخبرني هارون ابن عبد الله الحمال، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي. وفيه قال: أخبرني الحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي، قال: حدثنا حجاج بن محمد. (ح) وأخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي، قال: حدثنا غندر. أربعتهم - محمد بن جعفر غندر، وحجاج، وأبو نوح، وأبو داود - عن شعبة، عن سعد ابن إبراهيم.

كلاهما - الزهري وسعد -عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن عمر، فذكره.

ص: 90

2077 -

(خ) أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّهُ سَمِعَ خطبةَ عمر بن الخطاب الآخرَةَ، حين جلسَ على منبرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك الغَدَ من يوم تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَتَشهَّدَ، وأبو بكر صامتٌ لا يتكلَّمُ، ثم قال عمرُ: أما بعدُ، فإني قلتُ لكم أمسٍ مَقَالَة، وإنها لم تكن كما قلتُ، وإني والله ما وَجدتُ المقالةَ التي قلتُ لكم في كتاب أنزله الله، ولا في عَهدٍ عَهِدَهُ [إِليَّ] رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجو أن يعيشَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حتى يَدْبُرَنا

⦗ص: 102⦘

يُريدُ: أن يكونَ آخرَهُم - وإن يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فإن الله جعلَ بين أظْهُرِكم نوراً تَهْتَدونَ به، بِهِ هَدى الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فَاعتصِموا بِهِ تَهتَدُوا بما هَدَى الله به محمداً، وإن أبا بكرٍ صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثَانِيَ اثنَينِ، وإِنه أَولَى الناسِ بأُمورِكم، فقوموا إليه فبايِعوهُ، وكانت طائفةٌ منهم قد بايَعوه قبل ذلك في سقيفةِ بني ساعدة، وكانت بيعةُ العامَّةِ عند المنبر» (1) .

وفي رواية قال الزهري: قال لي أنس بن مالك: إِنَّهُ رأى عمرَ يُزْعِجُ أبا بكر على المنبر إزعاجاً (2) .

قال الزهري: وأخبرني سعيدُ بن المُسَيَّب: أن عمرَ بن الخطاب قال: والله ما هو إلا أن تَلاها أبو بكر - يعني قولَه: {وَما مُحمَّدٌ إلا رسولٌ قد خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] عَقِرْتُ وأنا قَائِمٌ، حتى خَرَرتُ إلى الأرضِ، وأيقَنْتُ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد مَات. أخرجه البخاري (3) .

⦗ص: 103⦘

وذكر رزين في كتابه: قال أنس: سمعتُ عمرَ يقول لأبي بكر يومئذٍ: اصعَدِ المنبر، فَلَم يَزَلْ به حتى صَعِدَ المنبر، فبايَعهُ الناسُ عامَّة (4) ، وَخَطَبَ أبو بكر في اليوم الثالث، فقال: - بعد أن حمد الله وصلى على رسوله -: أما بعدُ، أيها الناس، إن الذي رأيتم مني لم يكن حرصاً على ولايَتكم، لكني خِفْتُ الفِتْنَةَ والاختلافَ، وقد رَدَدْتُ أَمْركُمْ إليكم، فَوَلُّوا مَنْ شِئْتم، فقالوا: لا نُقِيلُكَ.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يدبرنا) : دبرت الرجل أدبره: إذا اتبعته وكنت خلفه في أيِّ معنى كان.

(يزعجه) : أي ينهضه بسرعة.

(عقرت) : أي دهشت بكسر القاف وأصله في الرجل تُسْلِمه قوائمه فلا يستطيع أن يقاتل من الخوف والدهش.

(1) أخرجه البخاري 13 / 179 و 180 في الأحكام، باب في الاستخلاف، وفي الاعتصام في فاتحته.

(2)

هذه الرواية المعلقة لم نجدها في البخاري، ولعلها من زيادات الحميدي، وقال الحافظ في " الفتح ": في رواية عبد الرزاق عن معمر عند الإسماعيلي: لقد رأيت عمر يزعج أبا بكر إلى المنبر إزعاجاً.

(3)

هذه الرواية المعلقة رواها البخاري 8 / 111 في المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وقول الله تعالى:{إنك ميت وإنهم ميتون} ، قال الحافظ في " الفتح ": وأثر ابن المسيب عن عمر هذا أهمله المزي في الأطراف، مع أنه على شرطه.

(4)

هذه الرواية التي ذكرها المصنف من رواية رزين هنا، هي في البخاري معلقة 13 / 180 في الأحكام، باب الاستخلاف، قال الحافظ في " الفتح ": هو موصول بالإسناد المذكور، وقد أخرجه الإسماعيلي مختصراً من طريق عبد الرزاق عن معمر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري في الأحكام (13/179) عن إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري عن أنس، فذكره.

وفي الاعتصام عن يحيى بن بكير، عن ليث عن عقيل عن الزهري عن أنس، فذكره.

ص: 101

2078 -

(م) عائشة رضي الله عنها: قالت: إنَّ فاطمةَ بنت رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والعباسَ أتيا أبا بكر يَلتَمِسَانِ مِيِرَاثَهُمَا من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 104⦘

وهما حينئذٍ يَطْلُبَانِ أرضَهُ من فَدَكَ، وسهمَهُ من خَيْبَرَ، فقال [لهما] أبو بكر: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نُورَثُ، ما تَرَكنا صدقةٌ» إنما كانَ يَأكُلُ آلُ محمدٍ في هذا المال (1) ، وإني والله، لا أدَع أمراً رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَصنَعُهُ فيه إلا صَنَعتُهُ - زاد في رواية: إني أخشى إن تركتُ شيئاً من أمره أن أَزِيغَ - قال: فأما صَدَقَتُهُ بالمدينةِ: فَدَفَعها عمرُ إلى عليٍّ، وعبَّاسٍ، فَغَلَبهُ عليها عليٌّ، وأَما خَيْبَرُ وفَدَكُ: فَأمْسَكَهُما عمرُ، وقال: هُما صدقَةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانَتَا لِحُقوقِهِ التي تَعرُوهُ ونَوائِبِه، وأمرهما إلى مَنْ وَليَ الأمرَ، قال فَهما على ذلك إلى اليوم - قال في رواية: فَهَجَرَتْهُ فاطمةُ، فلم تُكلِّمْهُ في ذلك حتى ماتت، فَدَفَنَها عليٌّ لَيلاً، ولم يُؤذِن بها أَبا بكرٍ - قالت: فكان لعليٍّ وجهٌ من الناسِ (2) حياةَ فاطمةَ، فلما تُوفِّيَتْ [فاطمةُ] انْصَرَفَتْ وجُوهُ الناسِ عن عليّ، ومَكَثَتْ فاطمةُ بَعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سِتةَ أشهرٍ، ثُمَّ تُوفيتْ.

فقال رجل للزهريِّ: فلم يُبَايِعْهُ عليٌّ ستةَ أشهرٍ؟ فقال: لا والله، ولا أحدٌ من بني هَاشِمٍ حتى بايَعهُ عليٌّ - فَلَمَّا رأى عليٌّ انصرافَ وجوهِ الناسِ عنه ضَرَعَ إلى مُصَالَحَةِ أبي بكرٍ، فَأَرْسَلَ إلى أبي بكر: ائْتِنا، ولا تَأتِنا معك

⦗ص: 105⦘

بِأَحَدٍ، وَكَرِهَ أَنْ يَأْتِيَهُ عمرُ لِمَا عَلِمَ مِنْ شِدَّةِ عمرَ، فقالَ: لا تَأْتِهم وَحدكَ، فقال أبو بكر: واللهِ لآتِينَّهُمْ وحدي، ما عسى أَنْ يَصنَعُوا بي؟ فانطلَقَ أبو بكر، فَدَخلَ على عليٍّ، وقد جَمَع بني هاشِم عندَه، فقام عليٌّ فَحَمِدَ اللهَ، وأَثْنى عليهِ بما هو أَهْلُهُ، ثم قال: أما بعدُ، فَلم يَمنَعْنا أن نُبَايِعَكَ يا أبا بكرٍ إنكاراً لِفَضِيلَتِكَ، ولا نَفَاسَةً عَلَيْكَ بِخَيرٍ سَاقَهُ الله إليك، ولكن [كُنَّا] نَرَى أَنَّ لَنَا فِي هذا الأمْرِ حَقاً، فَاسْتَبْدَدْتُمْ علينا، ثُمَّ ذكرَ قَرابَتَهُ من رسولِ الله وحَقَّهم، فَلم يَزَلْ عليٌّ يُذَكِّر [هُ] حَتى بكَّى أبا بكر، وَصَمَتَ عليٌّ، فَتَشَهَّدَ أبو بكر فَحمِدَ الله، وأثنى عليه بِمَا هو أهْلُهُ، ثُمَّ قال: أما بعدُ، فواللهِ لَقَرَابَةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أحَبُّ إِليَّ أنْ أَصِلَ مِن قرابتي، وإني واللهِ ما أَلَوْتُ في هذه الأموالِ التي كانت بيني وبينكم عن الخير، ولكني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ» إنما يأكُلُ آلُ محمدٍ في هذا المالِ، وإني والله لا أدَعُ أمراً صَنعهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا صَنَعْتُهُ إن شاءَ الله، وقال عليٌّ: مَوعِدُكَ للبيْعةِ العشِيَّةُ، فلما صلَّى أبو بكرٍ الظهرَ أقبلَ على الناس يَعْذِرُ عليّاً ببعضِ ما اعتَذَرَ بِهِ، ثُمَّ قَامَ عليٌّ، فعظَّم من حقِّ أبي بكر، وذكر فضيلتَه وسابِقتَه، ثم قام إلى أبي بكر فبايَعَهُ، فَأقبلَ الناسُ على عليٍّ، فقالوا: أَصَبْتَ وأحسنتَ، وكان المسلمون إلى عليٍّ قريباً حين رَاجَعَ الأمرَ المعروف» .

⦗ص: 106⦘

أخرجه بطوله مسلم (3) ، وأخرج البخاري منه المسند فقط، وهو:«لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ» .

وأخرج أبو داود طِلبةَ فاطمةَ الميراثَ، إلى قوله:«لا نُورَث، ما تركنا صَدَقةٌ، وإنما يأكلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هذا المال» .

وله في أخرى بنحو ذلك، ولم يذكر حديث عليٍّ، وأبي بكر، وموتَ فاطمةَ (4) .

وأخرج النسائي طَرَفاً من أوله: «أنَّ فاطمَةَ أرسَلَتْ إلى أبي بكر تَسألُهُ مِيراثَها من النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صَدَقَتِهِ، وَمِمَّا تَرَكَ مِنْ خُمُسِ خَيبَرَ، فقال أبو بكر: إنَّ رسولَ الله قال: «لا نُورَثُ» (5) .

وسيجيءُ لَفْظُ أبي داود، والنسائي أيضاً في «كتاب الفرائض» من حرف الفاء، وحيث لم يُخَرِّج الحديثَ بطوله إلا مُسلم لم نُعْلِم عليه إلا

⦗ص: 107⦘

عَلامَتَهُ وحده ها هنا، وأشَرنا إلى ما أخرج غيرُه منهُ لِيُعْرَفَ.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أزيغ) : زاغ عن الحق: إذا مال عنه وعدل.

(وَجَدَت) : وجدت تجد، أي غضبت، والموجدة الغضب.

(وجه من الناس) : يقال لفلان: وجه من الناس أي: حرمة ومنزلة.

(نفاسة) : المنافسة الحرص على الغلبة والانفراد بالمحروص عليه، نفست عليه أنفس نفاسة.

(فاستبددتم) : الاستبداد بالأمر الانفراد به دون غيره.

(شجر) : شجر [الأمر] بين القوم أي: اختلفوا واشتجروا، تنازعوا واختلفوا ومنه قوله تعالى:{فِيما شَجرَ بَيْنَهمْ} [النساء: 65] أي فيما وقع بينهم في الاختلاف.

(ما ألوت) : ألا يألو: إذا قصَّر وفلان لا يألوك نصحاً أي: لا يقصِّر.

(1) في الأصل: فيء هذا المال.

(2)

في مسلم: " وكان لعلي من الناس وجهة ".

(3)

رقم (1759) في الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا نورث ما تركنا صدقة "، ورواية المصنف له بالمعنى، مسنداً ومعلقاً، وفيه زيادات ولعلها من زيادات الحميدي، والله أعلم.

وأخرجه البخاري مختصراً 7 / 63 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النووي في " شرح مسلم ": وفي هذا الحديث صحة خلافة أبي بكر وانعقاد الاجماع عليها.

(4)

أبو داود رقم (2968) و (2969) و (2970) في الخراج والإمارة، باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(5)

النسائي 7 / 133 في قسم الفيء.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (1/49)، (1/10) (58) قال: حدثنا عبد الرزاق. والبخاري (5/115) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا هشام. وفي (8/185) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا هشام. ومسلم (5/155) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد رافع وعبد بن حميد، قال ابن رافع: حدثنا، وقال الآخران: حدثنا عبد الرزاق.

كلاهما (عبد الرزاق وهشام) قالا: أخبرنا معمر.

2 -

وأخرجه أحمد (1/6)(25) قال: حدثنا يعقوب. والبخاري (4/96) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. ومسلم (5/155) قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. (ح) وحدثنا زهير بن حرب، والحسن بن علي الحلواني، قالا: حدثنا يعقوب (وهو ابن إبراهيم) . وأبو داود (2970) قال: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد.

كلاهما (يعقوب، وعبد العزيز) قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح.

3 -

أخرجه أحمد (1/9)(55) قال: حدثنا حجاج بن محمد. والبخاري (5/177) قال: حدثنا يحيى بن بكير. ومسلم (5/153) قال: حدثني محمد بن رافع، قال: أخبرنا حجين. وأبو داود (2968) قال: حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني.

أربعتهم (حجاج، ويحيى، وحجين، ويزيد) قالوا: حدثنا الليث - وهو ابن سعد - قال: حدثني عقيل بن خالد.

4 -

وأخرجه البخاري (5/25) قال: حدثنا أبو اليمان. وأبو داود (2969) قال: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي قال: حدثنا أبي. والنسائي (7/132) قال: أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث، قال: حدثنا محبوب - يعني ابن موسى - قال: أنبأنا أبو إسحاق - هو الفزاري -.

ثلاثتهم (أبو اليمان، وعثمان، وأبو إسحاق) عن شعيب بن أبي حمزة.

أربعتهم (معمر، وصالح، وعقيل، وشعيب) عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته.

ص: 103

2079 -

(خ م) القاسم بن محمد رحمه الله: قال: قالت عائشةُ: وَارَأْسَاهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ذَاكَ لَو كانَ وأنا حَيٌّ فَأستَغْفِرُ لَكِ،

⦗ص: 108⦘

وَأدْعُو لك» ، فقالت عائشةُ: واثُكْلاهُ واللهِ إني لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوتي، لَو كان ذلك لَظَلِلْتَ آخِرَ يَومِكَ مُعَرِّساً ببعضِ أزواجِكَ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم:«بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، لَقَدْ هَمَمْتُ - أَو أَردْتُ - أنْ أُرسِلَ إلى أَبي بكر وابنهِ، فَأعهدَ أن يقولَ القائِلونَ أو يَتمنَّى المُتَمَنُّونَ، ثم قلتُ: يَأْبى اللهُ، وَيَدفَعُ المؤمِنونَ، أو يدفَعُ اللهُ ويَأبى المؤمنونَ» . أخرجه البخاري.

قال الحميديُّ: ويحتمل أنْ يُضاف إلى هذا ما أخرجه مسلم من حديث عُروةَ عن عائشة قالت: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ: «ادعِي لي أبا بكرٍ أَبَاكِ، وَأَخاكِ، حتى أَكتبَ كِتَاباً، فَإِني أَخَافُ أن يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، ويقولَ قائِلٌ: أَنَا أولى، ويَأبى الله، والمؤمِنونَ إلا أبا بكرٍ» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(معرساً) : أعرس الرجل بامرأته: إذا دخل بها، قال الجوهري: ولا يقال: عرس، والناس يقولونه.

(1) البخاري 13 / 177 في الأحكام، باب الاستخلاف، وفي المرضى، باب قول المريض: إني وجع، أو وارأساه، وأخرجه مسلم مختصراً رقم (2387) في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (6/144) . ومسلم (7/110) قال: ثنا عبيد الله بن سعيد.

كلاهما (أحمد بن حنبل وعبيد الله بن سعيد) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، فذكره.

ص: 107

2080 -

() عائشة رضي الله عنها: قالت: نَحَلَني أبي جَادَّ عِشْرينَ وَسْقاً مِن مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَما حَضرْتهُ الوفَاةُ قال لها: واللهِ يا بُنيَّةُ، ما مِنَ

⦗ص: 109⦘

الناسِ أحدٌ أحَبُّ إِليَّ غنى بَعدي مِنْكِ، ولا أعزُّ عليَّ فقداً بَعْدي مِنْكِ، وإني كنتُ نَحْلتُكِ جَادَّ عِشْرينَ وسقاً، فَلو كُنتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كانَ لَكِ، وَإنَّمَا هُوَ الآنَ مَالُ وارِثٍ، وإنما هو أَخَوَاكِ، وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ على كِتَابِ اللهِ تعالى، قالت: يا أَبتِ، إنما هِيَ أَسماءُ، فَمَن الأُخرى؟ قال: ذُو بَطْن بنْتِ خَارجَةَ، أُرَاهَا جَارِية - وروي: أُرِيتُها جارية - ثم أوصى أن تَغسِلَهُ امْرَأَتُهُ (1) .

زاد في رواية: ثُمَّ دَعَا عُمرَ فقالَ: إِنِّي مُستَخلِفُكَ على أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يا عمرُ: إنما ثَقُلَتْ مَوازينُ مَنْ ثَقُلَتْ موازينُهُ يومَ القيامَةِ باتِّباعِهِمُ الْحَقَّ، وَثِقَلِهِ عليهم، وحُقَّ لميزانٍ لا يوضَعُ فيه إلا الحَقُّ أنْ يكونَ ثَقيلاً، يا عمرُ، وإنما خَفَّت موازين من خَفَّتْ موازينه يومَ القيامة باتِّباعِهِمُ الباطلَ، وخِفَّتِهِ عليهم، وَحُقَّ لميزان لا يَوضَعُ فيه سوى الباطلِ أن يكون خَفيفاً، وكتَبَ إِلى أُمرَاءِ الأجنَادِ: وَلَّيْتُ عليكم عمرَ ولم آلُ نَفْسِي وَلا المُسْلِمين خيراً، ثم مَاتَ وَدُفِنَ لَيْلاً، ثم قام عمرُ في النَّاسِ خَطيباً، ثم قَالَ - بعد أن حَمِدَ الله -: «أيُّها النَّاسُ، إني لا أُعْلِمُكم مِنْ نَفسي شيئاً تَجْهَلُونَهُ، أنا عمرُ، ولم أحرِصْ على أمرِكم، ولكن المتوفَّى أوصى بذلك، واللهُ ألهَمَهُ ذلك، وليسَ أجعَل أمانتي إلى أحدٍ ليسَ لها بأهلٍ، ولكن أَجعلُها إلى من تكون

⦗ص: 110⦘

رَغْبَتُهُ في التوقِيرِ للمسلمين، أولئك أحَقُّ بهم مِمَّنْ سِواهُم» أخرجه (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(نحلني) : النحلة: العطية والهبة.

(جاد عشرين) : الجاد: نخل يجد منه أي: يقطع من ثمرته - مقدار معلوم، والوسق: ستون صاعاً، والصاع: خمسة أرطال وثلث بالعراقي، أو ثمانية أرطال، على اختلاف المذهبين.

ومعنى الحديث: أن أبا بكر رضي الله عنه كان وهب عائشة في صحته نخلاً يجد من ثمرته في كل صرام عشرون وسقاً، ولم يكن أقبضها ما وهبها، فلما مرض أعلمها أن ورثته شركاؤها فيه.

(1) أخرجه الموطأ 2 / 752 في الأقضية، باب ما لا يجوز من النحل، وإسناده صحيح.

(2)

كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه، ولم أجده بهذا اللفظ.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

هذا الأثر من زيادات رزين.

ص: 108

2081 -

(د) الأقرع - مؤذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال: بَعَثني عمرُ إلى الأسقُفِّ بإيلياءَ، فَدَعَوْتُهُ، فقالَ له عمر: هل تَجِدُني في الكتابِ؟ قال: نعم، قال: كَيفَ تَجِدُني؟ قال: أَجِدُكَ قَرْناً، فَرَفَعَ عليهِ الدِّرَّةَ، وقال: قَرْنَ مَهْ؟ قال: قَرنٌ حَدِيدٌ، أمِينٌ شديدٌ، قال: فكيف تَجدُ الَّذي بعْدي؟ قال: أجِدُهُ خَليفة صَالِحاً، غَيْرَ أَنَّهُ يؤثِرُ قَرَابَتَهُ، قال عمرُ: يَرْحَمُ اللهُ عثمان - ثلاثاً - قال: كيف تَجِدُ الذي بَعدَهُ؟ قال: أَجِدُهُ

⦗ص: 111⦘

صَدأ حَديدٍ، فَرَفَعَ عُمرُ يَدَهُ على رَأسِهِ، وقال: يا دَفْرَاهُ، يا دَفْرَاهُ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنَّهُ خَلِيفَةٌ صالحٌ، لكنهُ يُستخلَفُ حِينَ يُستخلَف والسَّيفُ مَسْلُولٌ، والدَّمُ مُهْراق. أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(قرن مه) : الهاء في مه هاء السكت، أي: قرن أي شيء، وأراد بالقرن: الحصن، وجمعه قرون.

(صدأ حديد) : الصدأ: ما يعلو الحديد، وهو معروف، والمراد دوام لبس الدروع لاتصال الحروب في زمانه، والمعني به: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويروى صدع حديد بالعين، ويكون بدلاً من الهمزة، والمعنى واحد، وقيل: الصدع: الوعل الذي ليس بالغليظ ولا بالدقيق، وإنما وصف بذلك لاجتماع القوة فيه والخفة، وقد يوصف به الرجل، شبهه في خفته في الحروب، ونهضته إلى صعاب الأمور، حتى يفضي إليه الأمر: بالوعل، لتوقله في رؤوس الجبال، وجعله من حديد: مبالغة في وصفه

⦗ص: 112⦘

بالشدة والبأس، والصبر على الشدائد، ومن رواه بالهمزة، فعلى هذا التأويل: يكون قد أبدلها من العين، والمراد من المعنيين: ما حدث في أيام علي بن أبي طالب من الفتن ومحاربة المسلمين، وملابسة الأمور المشكلة، والخطوب المعضلة، ولذلك قال عمر رضي الله عنه في آخر الحديث:«يا دفراه» والدفر: النتن، تضجراً من ذلك واستفحاشاً له.

(1) رقم (4656) في السنة، باب في الخلفاء، وفي إسناده سعيد إياس الجريري، وهو ثقة لكنه اختلط قبل موته بثلاث سنين، وهذا الحديث ليس عند المنذري، لأنه ليس من رواية اللؤلؤي وإنما هو من رواية أبي بكر بن داسة، ولذا ذكره الخطابي في " معالم السنن "، وعزاه المزي في الأطراف لأبي داود وقال: ولم يذكره أبو القاسم الدمشقي.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (4656) قال: ثنا حفص بن عمر أبو عمر الضرير، ثنا حماد بن سلمة أن سعيد ابن إياس الجريري أخبرهم، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن الأقرع، فذكره.

قلت: حماد بن سلمة إمام له أوهام، أخرج له مسلم في «الصحيح» عن ثابت، وعن غيره في المتابعات، وهو هنا يروي عن غيره، وشيخه الجريري اختلط، لكن سمع منه حماد قبل الاختلاط.

ص: 110

2082 -

(خ م) عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أخرج البخاري هذا الحديث من رواية جُوَيريَةَ بنِ قُدَامَةَ (1) مختصراً، وأَخرجه مسلم من رواية مَعْدَان بْنِ أبي طَلْحَة بطوله: «أنَّ عمرَ بن الخطاب خَطَبَ يومَ الجمعةِ فذكر نَبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أبا بكرٍ، ثم قال: إني رأَيتُ كأنَّ دِيكاً نَقَرَني ثَلاثَ نَقَراتٍ، وإني لا أُرَاهُ إلا لِحُضورِ أجلي، وإِنَّ أقْواماً يَأْمُرونني أَن أَستخْلفَ، وإنَّ اللهَ لم يكن لِيُضيِّعَ دِينَهُ ولا خِلافَتَهُ، ولا الذي بَعَثَ بِهِ رسولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَإنْ عَجِلَ بي أمرٌ فَالخِلافَةُ شُورى بَيْنَ هؤلاء السِّتَّةِ الذين تُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضٍ (2) ، وإني قد

⦗ص: 113⦘

عَلِمْتُ أَنَّ أَقْواماً يَطعَنُونَ في [هذا] الأمرِ، أَنَا ضَرَبتُهُمْ بِيَدي هذه على الإسلام، فإن فعلوا ذلك، فأولئك أعداءُ اللهِ الكفَرَةُ الضُّلالُ، ثم إني لا أدَعُ بَعْدِي شيئاً أَهَمَّ عندي من الكلالَةِ، ما راجَعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما راجَعتُه في الكلالَةِ، وما أغْلَظَ لي في شيءٍ ما أَغْلَظَ [لي] فيه، حتى طَعَنَ بِإِصبعِهِ في صَدري، وقال: يا عمرُ، ألا تكفيكَ آيةُ الصَّيفِ، التي في آخِر سورةِ النساءِ؟ (3) ، وإني إنْ أَعِشْ أقْضِ فيها بِقَضيَّةٍ يَقْضي بِهَا مَنْ يقرأُ القرآنَ، ومَن لا يَقْرَأُ القرآن، ثم قال: اللَّهُمَّ إني أُشْهِدُكَ على أمَرَاءِ الأمْصارِ، وإني إنما بَعَثْتُهمْ عليهم لِيعدِلوا، وَلِيعلِّمُوا الناسَ دِينَهُم، وسُنَّةَ نَبِيِّهمْ، وَيقْسِموا فَيْئَهمْ فيهم، ويرفَعُوا إليَّ ما أشْكَلَ عليهم من أمرهم، ثم إنكم أيها الناسُ تَأْكُلُونَ شجرتينِ لا أَراهُما إلا خَبِيثَتَينِ: هذا البَصَلَ والثُّوم (4) ، لقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا وَجدَ رِيحهَا من الرجل في المسجدِ أمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إلى البَقِيعِ، فَمَنْ أَكَلَهما فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً» (5) .

⦗ص: 114⦘

وفي حديث جُويرِية (6) : «فَمَا كانت إلا جمعَة أخرَى حتى طُعِنَ عُمرُ، قال: فَأذِنَ لِلْمُهَاجِرينَ من أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأذِنَ للأنصار، ثم أذِنَ لأهلِ المدينة، ثُمَّ أذِنَ لأهلِ الشام، ثم أَذِنَ لأهْلِ العراق، فكنَّا آخرَ من دخل عليه، قال: فإذا هو قد عَصَّبَ جُرحَهُ بِبُرْدٍ أسودَ، والدمُ يسيلُ عليه، قال: فقلنا: أَوصِنا ولم يسألْهُ الوَصيَّةَ أحدٌ غَيرُنَا، قال: أُوصِيكُمْ بكتابِ

⦗ص: 115⦘

الله، فإنكم لن تَضِلُّوا ما اتَّبعْتُمُوهُ، قال: وأُوصِيكم بالمُهَاجِرينَ، فإن الناسَ يَكثُرونَ وَيَقِلُّونَ، وأُوصيكم بالأنصار، فإنهم شِعْبُ الإسلام الذي لَجَأَ إليهِ، وأُوصيكم بالأعراب، فإنهم أَصْلُكم ومادَّتُكُم - وفي روايةٍ: فإنهم إخوانُكُمْ وَعدُوُّ عَدُوِّكم - وأُوصيكم بأهل الذِّمَّةِ، فإِنهم ذِمَّةُ نَبِيِّكُم، وَرِزْقُ عِيالكُمْ، قوموا عَني» .

قال الحميديُّ: وبعض هذا المعنى من الوصية في حديث مقتل عمر، والشُّورى من رواية عَمرو بن مَيْمونَ (7) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(شورى) : فعلى، من المشورة في الرأي.

(الكلالة) : في الميراث: أن لا يرث الميت ولد ولا والد ويرثه أقاربه.

(آية الصيف) : أنزل الله تعالى في الكلالة آيتين، إحداهما: التي في أول سورة النساء، وكان نزولها في الشتاء، والثانية: التي في آخر سورة النساء

⦗ص: 116⦘

وكان نزولها في الصيف، فسميت بآية الصيف.

(فيئهم) : الفيء، ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار عن غير حرب وقتال.

(1) قال الحافظ في " الفتح ": جويرية بن قدامة، ماله في البخاري سوى هذا الموضع، وهو مختصر من حديث طويل في قصة مقتل عمر رضي الله عنه، وقيل: إن جويرية هذا، هو جارية بن قدامة الصحابي المشهور، وفد بينت في كتابي في الصحابة ما يقويه، فإن ثبت وإلا فهو من كبار التابعين.

(2)

وهم: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، ولم يدخل عمر رضي الله عنه معهم سعيد بن يزيد لأنه من أقاربه، فتورع عن إدخاله، كما تورع عن إدخال ابنه عبد الله رضي الله عنهم.

(3)

وهي قوله تعالى: {يستفتونك، قل الله يفتيكم في الكلالة

} إلى آخرها.

(4)

قال النووي في " شرح مسلم ": قال العلماء: ويلحق بالبصل والثوم والكراث، كل ما له رائحة كريهة، من المأكولات وغيرها، وقال النووي: قال القاضي: ويلحق به من أكل فجلاً وكان يتجشأ، قال: وقال ابن المرابط: ويلحق به من به بخر في فيه، أو به جرح له رائحة، قال القاضي: وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد، كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات، وكذا مجامع العلم، والذكر، والولائم، ونحوها، ولا يلحق بها الأسواق ونحوها.

(5)

رواه مسلم من حديث قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن عمر رضي الله عنه،

⦗ص: 114⦘

قال النووي في " شرح مسلم ": هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: خالف قتادة في هذا الحديث ثلاثة حفاظ، وهم: منصور بن المعتمر، وحصين بن عبد الرحمن، وعمر ابن مرة، فرووه عن سالم عن عمر منقطعاً، لم يذكروا فيه معدان، قال الدارقطني: وقتادة وإن كان ثقة، وزيادة الثقة مقبولة عندنا، فإنه مدلس، ولم يذكر فيه سماعه من سالم (يعني ابن أبي الجعد) فأشبه أن يكون بلغه عن سالم فرواه عنه.

قلت (القائل النووي) : هذا الاستدراك مردود، لأن قتادة وإن كان مدلساً، فقد قدمنا في مواضع من هذا الشرح أن ما رواه البخاري ومسلم عن المدلسين وعنعنوه، فهو محمول على أنه ثبت من طريق آخر سماع ذلك المدلس هذا الحديث ممن عنعنه عنه، وأكثر هذا أو كثير منه يذكر مسلم وغيره سماعه من طريق آخر متصلاً به، وقد اتفقوا على أن المدلس لا يحتج بعنعنته كما سبق بيانه في الفصول المذكورة في مقدمة هذا الشرح، ولا شك عندنا في أن مسلماً رحمه الله يعلم هذه القاعدة ويعلم تدليس قتادة، فلولا ثبوت سماعه عنده لم يحتج به، ومع هذا كله فتدليسه لا يلزم منه أن يذكر معداناً من غير أن يكون له ذكر، والذي يخاف من المدلس، أن يحذف الرواة، وأما زيادة من لم يكن، فهذا لا يفعله المدلس، وإنما هذا فعل الكاذب المجاهر بكذبه، وإنما ذكر معدان زيادة ثقة، فيجب قبولها، والعجب من الدارقطني رحمه الله تعالى في كونه جعل التدليس موجباً لاختراع ذكر رجل لا ذكر له، ونسبه إلى مثل قتادة الذي محله من العدالة والحفظ والعلم والغاية العالية وبالله التوفيق.

(6)

رواية جويرية هذه التي أوردها المصنف هنا فيها زيادات على رواية البخاري، وهي من زيادات الحميدي.

(7)

البخاري 6 / 192 في الجهاد، باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وباب يقاتل أهل الذمة ولا يسترقون، وفي الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان، وفي تفسير سورة الحشر، ومسلم رقم (567) في المساجد، باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: وفي رواية يحيى بن صبيح عند الحميدي (29) سمى الستة: «عثمان، وعلي، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص

» .

أخرجه الحميدي (10 و 29) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن صبيح الخراساني. وأحمد (1/15)(89) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام بن يحيى. وفي (1/26)(179) قال: حدثنا إسماعيل، عن سعيد بن أبي عروبة. وفي (1/27) (186) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: أنا سألته، قال: حدثنا هشام. وفي (1/48)(341) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، أمله علي. ومسلم (2/81) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا هشام. وفي (2/82) قال: حدثنا زهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم. كلاهما عن شبابة ابن سوار، قال: حدثنا شعبة. وفي (2/82 و 5/61) قال: حدثن أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن سعيد بن أبي عروبة. وفي (5/61) قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن المثنى. قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا هشام. (ح) وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن رافع، عن شبابة بن سوار، عن شعبة. وابن ماجة (1014) و (2726) و (3363) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن سعيد بن أبي عروبة. والنسائي (2/43) . وفي الكبرى (698) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا هشام. وفي الكبرى «الورقة 87 - أ» قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: حدثنا شعبة. وفي الكبرى أيضا «تحفة الأشراف» (8/10646) عن إسحاق ابن إبراهيم، عن معاذ بن هشام، عن أبيه. وابن خزيمة (1666) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد.

خمستهم - يحيى بن صبيح، وهمام، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة - عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، فذكره.

* أخرجه الحميدي (11) قال: حدثنا سفيان. والنسائي في الكبرى «الورقة 87 - أ» قال: أخبرنا سليمان ابن منصور، قال: حدثنا أبو الأحوص. كلاهما (سفيان، وأبو الأحوص) عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن عمر بن الخطاب، مثله، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر حصين:«معدان بن أبي طلحة» .

* وأخرجه النسائي في الكبرى «الورقة 87 - أ» قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد. قال: قال عمر: إنكم تأكلون طعاما خبيثا: هاتين الشجرتين البصل والثوم، فإن كنت آكليهما فاقتلوهما بالنضج. «موقوفا» وليس فيه «معدان» .

ص: 112

2083 -

(ط) سعيد بن المسيب رحمه الله قال: «لَمَّا صَدَرَ عمرُ بنُ الخطاب من مِنى أَناخَ بالأبطحِ، ثم كوَّمَ كَوْمَة من بطحَاءَ، ثم طَرَحَ عليها رِدَاءهُ، ثم استَلْقى، ومَدَّ يَديهِ إِلى السماءِ، فقال: اللَّهمَّ كَبِرَتْ سِني، وَضَعُفَتْ قُوَّتي، وانتَشرَتْ رَعيَّتي، فَاقبضني إليك غيرَ مُضيِّعٍ، ولا مُفرِّطٍ، ثم قَدِمَ المَدينةَ في عَقِبِ ذي الحِجَّةِ، فَخَطَبَ الناسَ فقال: أَيها الناسُ، قد سُنَّتْ لكم السُّننُ، وفُرِضَتْ لكم الفرائضُ، وتُرِكتُمْ على الواضِحَةِ، لَيلُها كَنَهَارِها، وَصَفَقَ إحدى يَدَيْه على الأخرى، وقال: إلا أن تَضِلُّوا بالناس يميناً وشمالاً، ثم قال: إياكم أنْ تَهْلِكُوا عن آيةِ الرَّجمِ، أَن يقولَ قائلٌ: لا نَجِدُ حَدَّيْنِ في كتاب الله، فقد رَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ورَجَمْنا، والذي نفسي بِيَدِهِ، لولا أن يقولَ الناسُ: زاد ابنُ الخطاب في كتاب الله لَكتبتُها (1) : {الشَّيخُ والشَّيخَةُ فَارجُموهما ألبَتَّةَ} فإنا قد قَرأنَاها» (2) .

⦗ص: 117⦘

قال ابن المسيب: فما انسلخ ذو الحِجَّة حتى قُتلَ عُمرُ (3) .

قال مالك: قوله: {الشَّيخُ والشَّيخَةُ} يعني: الثَّيِّبُ والثَّيِّبَةُ (4) . أخرجه الموطأ.

(1) مراد عمر رضي الله عنه: المبالغة والحث على العمل بالرجم، لأن معنى الآية باق وإن نسخ لفظها، إذ لا يسع مثل عمر رضي الله عنه مع مزيد فقهه تجويز كتبها مع نسخ لفظها.

(2)

ثم نسخ لفظها وبقي حكمها، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم رجم ورجم الصحابة بعده ولم ينكر عليهم أحد.

(3)

2 / 824 في الحدود، باب ما جاء في الرجم، وإسناده صحيح، قال الزرقاني في " شرح الموطأ ": رواية سعيد (يعني ابن المسيب) عن عمر تجري مجرى المتصل لأنه رآه، وقد صحح بعض العلماء سماعه منه، قاله أبو عمر، يعني ابن عبد البر.

(4)

أي المحصن والمحصنة وإن كانا شابين.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مالك (1601) عن يحيى بن سعيد بن المسيب، أنه سمعه يقول، فذكره.

قال الإمام الزرقاني: رواية سعيد عن عمر تجري مجرى المتصل، لأنه رآه وقد صحح بعض العلماء سمعه منه - نقلا عن أبي عمر.

قلت: وفي هذا نظر، والله أعلم.

ص: 116

2084 -

(خ م ت د) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال: «دَخَلْتُ على حَفصَةَ وَنَوساتُها تَنطِفُ، فقالت: أَعَلِمْتَ أنَّ أَبَاكَ غَيرُ مُستخلفٍ؟ قلتُ: ما كانَ لِيَفْعَلَ، قالت: إّنه فاعلٌ، قال: فَحلفْتُ أَن أُكَلِّمَهُ في ذلك، فَسَكَتُّ حتى غَدوَتُ ولم أُكَلِّمْهُ، فكنتُ كأنما أحمِلُ بِيَميني جَبَلاً حتى رَجعْتُ، فدخلتُ عليه، فسأَلني عن حال الناس، وأنا أُخْبِرُهُ، قال: ثم قلتُ له: إني سمعتُ الناسَ يقولون مَقَالَة، فآلَيْتُ أن أَقولها لك: زَعَموا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ، وإنه لو كان [لك] راعي إبلٍ، أو راعي غَنَمٍ، ثم جاءك وتَرَكَهَا لَرَأيتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ، فَرِعَايَةُ الناسِ أشدُّ؟ قال: فَوَافَقَهُ قَولي، فَوَضَعَ رأسه ساعة، ثم رَفَعَهُ إليَّ، فقالَ: إنَّ اللهَ عز وجل يَحْفَظُ دِينَهُ، وإني إن لا أسْتَخْلِفْ، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخلِفْ، وإن أَسْتَخْلِفْ فإنَّ أَبا بكرٍ قد استَخْلَفَ، قال: فواللهِ، ما هو إلا أن ذَكَرَ رسولَ الله، وأبا

⦗ص: 118⦘

بكرٍ، فعَلِمْتُ أنه لم يكن لِيعدِلَ برسولِ اللهِ أحداً، وأَنَّهُ غيرُ مُستَخلِفٍ» .

وفي رواية بمعناه في الاستخلاف: وأنه لما طُعِنَ عمرُ قيل له: لو اسْتَخلفْتَ؟ قال: أتَحَمَّلُ أمْرَكم حَيّاً ومَيتاً؟ إنْ استخْلَفْتُ فقد استخْلفَ مَنْ هو خَيْرٌ مِني: أبو بكرٍ، وإن تَركْتُ فقد تَرَكَ مَنْ هو خَيرٌ مِني: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَدِدتُ: أَنَّ حَظِّي منها الكَفَافُ، لا عَليَّ، ولا ليَ، قال عبدُ الله: فعلمتُ أَنه غير مُستخلِفٍ، فقالوا: جَزَاكَ اللهُ خَيراً، فقال: رَاغِبٌ ورَاهِبٌ. أخرجه البخاري، ومسلم.

وأخرج الترمذي منه فصلاً، وهو قوله:«قال ابن عمر: قيلَ لعمرَ بن الخطاب: لو اسْتَخلفْتَ؟ قال: إِنْ استَخلفتُ فقد استخْلفَ أبو بكر، وإن لم أستخلفْ لم يَسْتَخْلفْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم» لم يَزِد.

وقال: وفي الحديث قصة.

وأخرج أبو داود منه قوله: «وإني إن لا أسْتَخْلِفْ، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخلِفْ» إلى آخر الروايةِ الأولى (1) .

⦗ص: 119⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(نوساتها) : النوسات: ذوائب الشعر.

(تنطف) : تقطر ماء.

(راغب وراهب) : الراغب: الطالب، والراهب: الخائف، والمراد: أنكم في قولكم لي هذا القول، إما راغب فيما عندي، أو راهب مني، وقيل: أراد أنني راغب فيما عند الله، وراهب من عقابه، فلا تعويل عندي على ما قلتم لي من الوصف والإطراء.

(1) البخاري 13 / 177 و 178 في الأحكام، باب الاستخلاف، ومسلم رقم (1823) في الإمارة، باب الاستخلاف وتركه، والترمذي رقم (2226) في الفتن، باب ما جاء في الخلافة، وأبو داود رقم (2939) في الخراج والإمارة، باب في الخليفة يستخلف، وأخرجه أيضاً أحمد في " المسند " 1 / 43 و 47.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (13/177 و 178) عن إبراهيم بن موسى، عن هشام عن معمر، عن الزهري عن سالم عن أبيه، فذكره.

والترمذي (2226) قال: ثنا يحيى بن موسى، حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر، فذكره.

وأبو داود (2939) قال: ثنا محمد بن داود بن سفيان وسلمة، قالا: ثنا عبد الرزاق، فذكره.

ص: 117

2085 -

(خ) عمرو بن ميمون الأودي رحمه الله: قال: «رأَيتُ عمرَ بن الخطاب قبلَ أنْ يُصابَ بأيامٍ بالمدينةِ وَقَفَ على حُذَيفَةَ بن اليمان، وعثمانَ بنِ حُنَيْفٍ، فقال: كيف فَعَلْتُما؟ أَتَخَافانِ أنْ تكونَا قَدْ حَمَّلتُما الأرضَ ما لا تُطيقُ؟ قالا: حَمَّلنْاهَا أَمراً هِيَ له مُطِيقَةٌ، وما فِيها كبِيرُ فَضلٍ، فقال: انظرا أنْ تكونا حمَّلْتمُا الأرضَ ما لا تُطيقُ! ، فقالا: لا، فقال [عمرُ] : لئِن سَلَّمَني الله تعالى لأدَعنَّ أرَامِلَ أَهلِ العِرَاقِ لا يحتَجْنَ إلى أحدٍ بعدي أَبداً، قال: فَما أتتْ عليه إِلا رَابعَةُ حتى أُصيبَ رضي الله عنه وقال عمرو بن ميمون: وإِني لَقَائِمٌ، ما بَيني وبينه إلا عبد الله بن عباس، غَدَاةَ أُصِيبَ، وكانَ إذا مَرَّ بَيْنَ الصفَّينِ قَام بينهما، فإذا رأى خَلَلاً قال: اسْتووا، حتى إِذا لم يَرَ فيه خَلَلاً تقدَّمَ فَكَبَّرَ، قال: وَرُبما قَرَأ سورة (يوسف) أو

⦗ص: 120⦘

(النَّحْلِ) أو نحو ذلك في الرَّكعةِ الأُولى، حتى يجتمعَ الناسُ، فما هو إلا أَنْ كَبَّرَ، فسمعتُه يقول: قَتَلَني - أَو أَكَلَني - الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطارَ العِلجُ بسَكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لا يَمُرُّ على أَحَدٍ يميناً، ولا شِمَالاً إلا طَعَنَهُ، حتى طعنَ ثَلاثَةَ عشَر رَجُلاً، فماتَ منهم تِسعةٌ - وفي رواية: سَبْعَةٌ - فلما رأى ذلك رجلٌ من المسلمين طَرَحَ عليه بُرْنُساً، فلما ظَنَّ العِلْجُ أَنه مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وتنَاوَلَ عمرُ [يَدَ] عبدِ الرحمن بن عوفٍ فَقَدَّمَهُ (1) ، فَأمَّا مَنْ كَانَ يَلي عمرَ، فقد رأَى الذي رأَيتُ، وأمَّا نَواحِي المسجد، فإنهم لا يدْرونَ ما الأمْرُ؟ غيرَ أنهم [قد] فَقَدوا صَوتَ عمرَ، وهم يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فَصَلَّى بهم عبدُ الرحمن بنُ عَوف صَلاة خَفيفَة، فلما انْصرَفُوا، قال: يا ابنَ عبَّاس، انظر: مَنْ قَتلَني؟ قال: فَجَالَ ساعة ثم جَاءَ، فقال: غُلامُ المُغِيرَةِ بن شُعبَةَ، فقال: آلصَّنَعُ؟ قال: نعم، قال: قَاتَلَهُ الله، لقد كُنتُ أَمَرتُ به معروفاً، ثم قال: الحمد لله الذي لم يَجْعلْ مِيتَتي (2) بيد رجل مسلمٍ، قد كنْتَ أنْتَ وأبوكَ تُحِبانِ أنْ تَكثُرَ العُلُوجُ بالمدينة - وكان العباسُ أَكثَرَهُمْ رَقيقاً - فقال ابنُ عباس: إنْ شئتَ فعلتُ (3) - أي: إن

⦗ص: 121⦘

شئتَ قَتَلْنَا- قال: [كَذَبتَ](4) ، بَعدَما تَكلَّمُوا بِلِسَانِكم، وصَلَّوْا قِبْلَتَكم، وحَجُّوا حَجَّكم؟ فَاحْتُمِلَ إلى بَيتِهِ، فانطلقنا معه، قال: وكأنَّ الناسَ لم تُصِبْهُمْ مصيبةٌ قَبلَ يومِئذ، قال: فقائلٌ يقول: أَخَافُ عليه، وقَائِلٌ يقول: لا بأسَ، فَأُتيَ بنبيذٍ (5) فشَرِبَهُ، فَخَرجَ من جَوفِهِ، ثُمَّ أُتيَ بلَبَنٍ فَشَرِبَ منه، فخرجَ من جُرْحِهِ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، قال: فدخلنا عليه، وجاء الناسُ يُثنونَ عليه (6) وجاء رجلٌ شابٌ فقال: أبشِر يا أمِيرَ المؤمنين ببُشْرى اللهِ عز وجل، قد كانَ لك من صُحبَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقَدَمٍ في الإسلام، ما قَد علمتَ، ثم وَلِيتَ فَعَدَلتَ، ثم شَهَادَةٌ، فقال: وَدِدتُ أَنَّ ذلك كانَ كفافاً، لا عَلَيَّ، ولا لي، فلما أَدْبَرَ الرَّجُلُ إذا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأرضَ، فقال: رُدُّوا عَليَّ الغُلامَ، فقال: يا ابْنَ أَخي، ارْفَع ثَوبَكَ فإنه أَبقى (7) لِثَوبِكَ، وأَتقَى لربِّكَ (8) ، يا عبدَ الله انْظر ما عَليَّ من الدَّينِ،

⦗ص: 122⦘

فَحَسَبُوهُ فَوجدوه سِتَّة وثمانينَ أَلفاً، أو نحوه (9)، فقال: إِن وَفَى به مالُ آلِ عمر فَأدِّهِ من أَموالهم، وإلا فَسلْ في بني عَدِيِّ بنِ كَعب، فإنْ لم تَف أموالُهُم فَسَلْ في قُرَيشٍ، ولا تَعْدُهُمْ إِلى غيرهم، وأَدِّ عَني هذا المالَ، انْطَلق إِلى أُمِّ المؤمنين عائشةَ، فقل: يَقْرَأُ عليكِ عمرُ السلامَ، ولا تَقلْ: أميرُ المؤمنين، فَإِني لَستُ اليَومَ للمؤمنين أَميراً، وقلْ: يستَأذِنُ عمرُ بنُ الخطاب أَن يُدفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قال: فسَلَّمَ واستَأذَنَ، ثم دخل عليها، فوجدها قَاعِدَة تبكي، فقال: يَقْرأُ عليكِ عمرُ بن الخطابِ السلامَ، ويستأذِنُ أن يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، قال: فقالت: كنتُ أُرِيدُه لِنَفْسي، وَلأُوثِرَنَّهُ اليومَ على نفسي، فلما أَقبلَ، قيل: هذا عبدُ الله بنُ عمر قد جاء، فقال: ارفَعُوني، وأَسنَدَهُ رَجُلٌ إليهِ، فقال: ما لَدَيك؟ قال: الذي تُحِبُّ يا أمير المؤمنين، أذِنَتْ، قال: الحمدُ لله، ما كان شيءٌ أهَمَّ إِليَّ من ذلك، فإذا أنا قُبِضتُ فَاحْمِلُوني، ثم سَلِّمَ، وَقُلْ: يستأذِنُ عمرُ، فَإِنْ أَذِنَتْ لي فَأدخِلُوني، وإنْ رَدَّتني فَردُّوني إِلى مَقَابِرِ المسلمين، وجاءت أُمُّ المؤمنين حَفصةُ والنِّسَاءُ تَسترنها (10) ، فلما رَأينَاهَا قُمنا، فَوَلَجتْ عليهِ، فبكَت عندَهُ ساعَة، واستأذَنَ الرجالُ،

⦗ص: 123⦘

فَوَلَجَتْ داخلاً، فسمعنا بكاءهَا من الدَّاخِلِ، فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين، استخْلِفْ، قال: ما أرَى أَحَداً أَحَقَّ بهذا الأمر من هؤلاءِ النفرِ - أَو الرَّهطِ - الذين تُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم رَاضٍ، فَسمى عَليّاً، وعثمانَ، والزُّبيْرَ، وطَلْحَةَ، وسعداً، وعبدَ الرحمن، وقال: يَشْهَدُكم عبدُ الله بنُ عمر، وليس له من الأمر شيءٌ - كَهيئَةِ التَّعْزِيةِ له - فإِن أصَابَتِ الإمارَةُ سعداً فهو ذاك، وإلا فَلْيستَعِن به أيُّكم ما أُمِّرَ، فإِني لم أَعْزِلْهُ عن عَجْزٍ، ولا خِيانَة، وقال: أُوصي الخليفةَ من بَعدي بالمهاجِرين الأولينَ: أنْ يَعْرِفَ لهم حَقَّهُمْ، ويحفظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُم، وَأُوصِيهِ بالأنصارِ خَيراً: الذين تَبَوَّؤُوا الدارّ والإيمَانَ من قَبلِهِمْ: أَن يُقبَلَ من مُحْسنِهم، وأَن يُعْفى عن مُسيئِهم، وأوصيِه بأهلِ الأمصارِ خَيْراً: فَإِنَّهُم رِدءُ الإسلامِ، وجُبَاةُ المالِ، وَغَيظُ العَدُوِّ، وأَن لا يُؤخذَ منهم إلا فَضْلُهم عن رِضى منهم، وأوصِيهِ بالأعراب خيراً، فإنهم أَصلُ العربِ وَمَادَّةُ الإسلامِ: أن يُؤخذَ مِن حَواشِي أموالهم، ويُرَدَّ على فُقَرَائِهِم، وأوصِيهِ بِذِمَّةِ الله وذِمَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم: أَن يُوفى لهم بِعَهْدِهم، وأن يُقَاتَلَ مِن وَرَائِهِم (11) ، ولا يُكلَّفُوا إلا طَاقَتَهم، قال: فلما قُبضَ خرجنا بِهِ، فانطَلقنا نَمشي، فَسلَّم عبد الله بن عُمَرَ، وقال: يستأذن عمرُ بن الخطاب، قالت: أدخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنالك مَعَ صَاحِبيَهِ، فلما

⦗ص: 124⦘

فُرغَ من دَفْنهِ اجتمَعَ هؤلاء الرَّهطُ، فقال عبدُ الرحمن بن عوف: اجْعَلوا أَمرَكم إلى ثلاثةٍ منكم، فقال الزبيرُ: قد جعلتُ أمري إِلى عليٍّ، وقال طلحةُ: قد جعلتُ أمري إلى عثمانَ، وقال سعدٌ: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: أَيُّكما يَبرَأُ من الأمرِ فَنَجْعَله إليه، واللهُ عَليه والإسلامُ لَيَنْظُرَنَّ أفْضَلَهُم في نفسه؟ فَأُسكِتَ الشيْخَانِ، فقال عبدُ الرحمن: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ، والله عَلَيَّ أَن لا آلُوا عن أَفْضِلِكم؟ قالا: نعم، فَأخَذَ بِيَدِ أحَدهما، فقال:[إن] لَكَ من قَرَابَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والقَدَمِ في الإسلامِ ما قَد عَلِمْتَ، فَاللهُ عليك لَئِنْ أَمَّرتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِن أمَّرتُ عثمانَ لَتَسمعَنَّ وَلَتُطيعَنَّ؟ ثم خَلا بالآخَرِ فقال له مثل ذلك، فلما أخذَ الميثَاقَ قال: ارفَع يَدَكَ يا عثمانُ فَبَايَعَهُ، وبَايَعَ له عليٌّ، وولَجَ أَهلُ الدَّار فَبَايَعُوهُ» . أخرجه البخاري (12) .

⦗ص: 125⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(العلج) : العجمي في ذلك الوقت.

(أرامل) : جمع أرملة، وهي التي مات زوجها، والرجل إذا ماتت امرأته: أرمل، وقيل: أراد بالأرامل: المساكين من الرجل والنساء.

(بُرنُساً) : البرنس: قلنسوة طويلة كان يلبسها الزهاد في صدر الإسلام (13) .

⦗ص: 126⦘

[[ (الصنع) بفتح الصاد والنون: الصانع المجيد المتقن، والمرأة صناع.]]

(رقيقاً) : الرقيق: اسم لجميع العبيد والإماء.

(كفافاً) : يقال: خرجت من هذا الأمر كفافاً، أي: لا لي ولا علي.

(نبيذ) : شراب من تمر أو زبيب منبوذ في ماء، والمراد به: الحلال المباح الذي لا يسكر.

(لا تعدوهم) : عداه: إذا جاوزه إلى غيره.

(تبوؤوا) : تبوأت المنزل: إذا اتخذته منزلاً.

(ردء) : الردء العون.

(1) أي للصلاة بالناس.

(2)

قال الحافظ في " الفتح ": وفي رواية الكشميهني: منيتي بفتح الميم وكسر النون وتشديد التحتانية.

(3)

قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن التين: إنما قال ذلك لعلمه بأن عمر لا يأمر بقتلهم.

(4)

قال الحافظ: هو على ما ألف من شدة عمر في الدين، لأنه فهم من ابن عباس من قوله: إن شئت فعلنا، أي قتلناهم، فأجابه بذلك، وأهل الحجاز يقولون: كذبت في موضع أخطأت، وإنما قال له بعد أن صلوا، لعلمه أن المسلم لا يحل قتله، ولعل ابن عباس إنما أراد قتل من لم يسلم منهم.

(5)

المراد بالنبيذ: تمرات نبذت في ماء، أي نقعت فيه، كانوا يصنعون ذلك، لاستعذاب الماء.

(6)

قال الحافظ في " الفتح ": في رواية الكشميهني: فجعلوا يثنون عليه.

(7)

وفي بعض النسخ: أنقى وهي أصوب، قال الحافظ في " الفتح ": بالنون ثم القاف للأكثر، وبالموحدة بدل النون للكشميهني.

(8)

قال الحافظ: وفي إنكاره على ابن عباس، ما كان عليه من الصلابة في الدين، وأنه لم يشغله ما هو فيه من الموت عن الأمر بالمعروف.

(9)

قال الحافظ: في حديث جابر: ثم قال: يا عبد الله أقسمت عليك بحق الله وحق عمر إذا مت فدفنتني أن لا تغسل رأسك حتى تبيع من رباع آل عمر بثمانين ألفاً فتضعها في بيت مال المسلمين، فسأله عبد الرحمن بن عوف، فقال: أنفقتها في حجج حججتها، وفي نوائب كانت تنوبني، وعرف بهذا جهة دين عمر.

(10)

بعض النسخ: تسير معها.

(11)

أي: إن قصدهم عدوهم ودفع عنهم مضرتهم.

(12)

7 / 49 و 50 و 51 و 52 و 53 و 54 و 55 و 56 و 57 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان، وفي الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وفي الجهاد، باب يقاتل أهل الذمة ولا يسترقون، وفي تفسير سورة الحشر.

قال الحافظ في " الفتح ": 7 / 56، 57: وفي قصة عمر هذه من الفوائد، شفقته على المسلمين، ونصيحته لهم، وإقامة السنة فيهم، وشدة خوفه من ربه، واهتمامه بأمر الدين أكثر من اهتمامه بأمر نفسه، وأن النهي عن المدح في الوجه مخصوص بما إذا كان غلو مفرط أو كذب ظاهر، ومن ثم لم ينه عمر الشاب عن مدحه له مع كونه أمر بتشمير إزاره والوصية بأداء الدين

⦗ص: 125⦘

والاعتناء بالدفن عند أهل الخير، والمشورة في نصب الإمام، وتقديم الأفضل، وأن الإمامة تنعقد بالبيعة، وغير ذلك مما هو ظاهر بالتأمل، والله الموفق، وقال ابن بطال: فيه دليل على جواز تولية المفضول على الأفضل منه، لأن ذلك لو لم يجز لم يجعل الأمر شورى إلى ستة أنفس مع علمه أن بعضهم أفضل من بعض، قال: ويدل على ذلك أيضاً قول أبي بكر: قد رضيت لكم أحد الرجلين: عمر وأبي عبيدة، مع علمه بأنه أفضل منهما، وقد استشكل جعل عمر الخلافة في ستة، ووكل ذلك إلى اجتهادهم، ولم يصنع ما صنع أبو بكر في اجتهاده فيه، لأنه إن كان لا يرى جواز ولاية المفضول على الفاضل، فصنيعه يدل على أن من عدا الستة كان عنده مفضولاً بالنسبة إليهم، وإذا عرف ذلك فلم يخف عليه أفضلية بعض الستة على بعض وان كان يرى جواز ولاية المفضول على الفاضل، فمن ولاه منهم أو من غيرهم كان ممكناً، والجواب عن الأول يدخل فيه الجواب [[عن]] الثاني، وهو أنه إذا تعارض عنده صنيع النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يصرح باستخلاف شخص بعينه، وصنيع أبي بكر حيث صرح، فتلك طريق تجمع التنصيص وعدم التعيين، وإن شئت قل: تجمع الاستخلاف وترك تعيين الخليفة، وقد أشار بذلك إلى قوله: لا أتقلدها حياً وميتاً، لأن الذي يقع ممن يستخلف بهذه الكيفية إنما ينسب إليه بطريق الإجمال، لا بطريق التفصيل، فعينهم ومكنهم من المشاورة في ذلك، والمناظرة فيه لتقع ولاية من يتولى بعده عن اتفاق من معظم الموجودين حينئذ ببلده التي هي دار الهجرة، وبها معظم الصحابة، وكل من كان ساكناً مع غيرهم في بلد غيرها، كان تبعاً لهم فيما يتفقون عليه.

(13)

ليس للزهاد لباس خاص في الإسلام.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (7/49) عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون الأودي، فذكره.

ص: 119

2086 -

(خ) عروة بن الزبير رضي الله عنهما: «أَنه لمَّا سَقَطَ حَائطُ حُجْرَةِ قَبْرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في زَمَانِ الوليد أَخَذَ في بِنَائِهِ (1) ، فَبَدَتْ لَهُم

⦗ص: 127⦘

قَدَمٌ، فَفَزِعُوا، وظَنوا أَنَّها قَدَمُ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فما وجدوا أحداً يعلم ذلك، حتى قال لهم عروةُ:[لا] والله، ما هي قَدَمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَا هي إلا قَدَمُ عُمَرَ» أخرجه

(2) .

(1) قال الحافظ في " الفتح ": والسبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: كان الناس يصلون إلى القبر، فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحد، فلما هدم بدت قدم بساق وركبة، ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال: هذا ساق عمر وركبته، فسري عن عمر بن عبد العزيز، وروى الآجري من طريق مالك بن المغول عن رجاء بن حيوة قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز وكان قد اشترى حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن اهدمها ووسع بها المسجد، فقعد عمر في ناحية المسجد ثم أمر بهدمها، فما رأيته باكياً أكثر من يومئذ، ثم بناه كما أراد، فلما أن بنى البيت على القبر، وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة، وكان الرمل الذي عليها قد انهار، ففزع عمر بن عبد العزيز، وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه، فقلت له: أصلحك الله، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلاً أن يصلحها، ورجوت أن يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم - يعني مولاه -: قم فأصلحها.

(2)

كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه، والحديث عند البخاري 3 / 204 في الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (3/300) قال: ثنا فروة، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه لما سقط.... فذكره.

ص: 126

2087 -

(خ) المسور بن مخرمة رضي الله عنه: «أنَّ الرَّهطَ الذين وَلاهُم عمرُ (1) اجتَمعُوا، فَتَشَاوَرُوا، فقال لهم عبد الرحمن بن عوف: لَستُ بالذي أُنَافِسُكُمْ في هذا الأمْرِ، ولكنكم إِن شِئْتُمْ اختَرْتُ لكم منكم، فَجَعَلُوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما ولَّوْهُ أمْرَهُمْ انثَالَ الناسُ (2) على عبد الرحمن ومالُوا إليه، حتى ما أرى أحَداً من الناسِ يتْبَعُ أحداً مِن أُولئِكَ الرَّهطِ، ولا يَطأُ عَقِبَيهِ، ومَالَ الناسُ على عبد الرحمن يُشَاوِرونَهُ، ويُناجُونَهُ تِلْكَ اللَّيالِيَ، حتى إذا كانت الليلةُ التي أَصبَحنا منها، فَبايعْنا عثمانَ، قال المسِورُ: طَرَقني عبدُ الرحمن بعد هَجْعٍ من الليلِ، فَضَربَ البابَ حتى اسْتَيقَظتُ، فقال: ألا أرَاكَ نَائِماً؟ فواللهِ مَا اكْتَحَلتُ هذه الثلاثَ بِكَبير

⦗ص: 128⦘

نَومٍ [انْطَلِقْ] فَادعُ لي الزُّبَيْرَ وسعداً، فَدعَوتُهُمَا له، فَشَاورَهُما، ثم دعاني، فقال: ادْعُ لي عليّاً، فَدَعَوتُهُ فَنَاجَاهُ حتى ابْهَارَّ اللَّيلُ (3) ، ثم قامَ عليٌّ من عنده وهو على طَمَعٍ، وكان عبدُ الرحمن يَخشى من عليٍّ شيئاً، ثم قال: ادعُ لي عثمانَ، فناجاهُ حتى فَرَّقَ بينهما المؤذِّنُ للصبح، فلمَّا صلى الناسُ الصبحَ، اجتَمَعَ أُولَئِكَ الرهطُ عند المنبر، فأرسلَ عبدُ الرحمن إلى من كان خارجاً من المهاجرين والأنصارِ، وأَرسلَ إِلى أُمَراءِ الأَجْنَادِ، وكانوا قد وَافَوْا تلك الحجَّةَ مع عُمَرَ، فلما اجتمعوا تَشهَّدَ عبدُ الرحمن، وقال: أما بعدُ، يا عليُّ، فإني نَظَرْتُ في أمرِ الناسِ، فلم أرهُمْ يَعْدِلُون بِعثمانَ، فلا تَجْعَلَنَّ على نَفْسِكَ سَبِيلاً، وَأخَذَ بيدِ عثمانَ، وقال: أَبايِعُكَ على سُنَّةِ الله ورسوله، والخَلِيفَتينِ من بعده، فبايَعَهُ عبد الرحمن، وبايَعَهُ الناسُ والمهاجرونَ والأنصارُ، وأُمَرَاءُ الأجنادِ والمُسلِمونَ» . أخرجه البخاري (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(هجع) : مضى هجع من الليل، أي: طائفة منه.

(إبهار الليل) : إذا مضى نصفه.

(1) أي عينهم فجعل الخلافة شورى بينهم، أي ولاهم التشاور فيمن يعقد له الخلافة منهم.

(2)

لفظه في البخاري المطبوع: فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم فمال الناس، قال الحافظ في " الفتح ": في رواية سعيد بن عامر: فانثال الناس، وهو بنون ومثلثة، أي قصدوه كلهم شيئاً بعد شيء، وأصل النثل: الصب، يقال: نثل كنانته، أي: صب ما فيها من السهام.

(3)

ابهار الليل: انتصف، وبهرة كل شيء: وسطه، وقيل: معظمه، والبهر: الضوء.

(4)

13 / 168 و 169 و 170 في الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (13/168) قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن حميدا بن عبد الرحمن أخبره، أن المسور بن مخرمة أخبره، فذكره.

ص: 127

2088 -

() عبد الله بن سلام رضي الله عنه: قال: «لمَّا حُوصِرَ

⦗ص: 129⦘

عثمانُ، وَلَّى أَبا هُرَيْرَةَ على الصَّلاةِ، وكان ابنُ عباسٍ يُصَلِّي أحياناً، ثم بَعثَ عثمانُ إليهم، فقال: ما تُريِدونَ مِني؟ قالوا: نُريدُ أَنْ تَخْلَعَ إِليهم أَمرَهم، قال: لا أَخْلَعُ سِرْبَالاً سَرْبَلنيِهِ اللهُ تعالى، قالوا: فهم قاتِلُوكَ، قال: لَئِن قَتَلتُمُوني لا تَتَحابُّونَ بَعدي أبداً، ولا تُقَاتِلُونَ بعدي عَدوّاً جميعاً أَبداً، وَلَتَخْتَلِفُنَّ (1) على بَصِيرةٍ، يا قَومِ، لا يَجْرِمَنَّكم شِقَاقي أن يُصِيبَكُمْ ما أَصَابَ مَنْ قَبْلَكُمْ، فلما اشتَدَّ عليه الأمْرُ أصبحَ صَائِماً يَومَ الجمعةِ، فلما كان في بعض النهارِ نَامَ، قال: رأَيتُ الآنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وقال لِي: إِنَّكَ تُفْطِرُ عندنا اللَّيلَةَ، فَقُتِلَ مِنْ يَومِهِ، ثم قَامَ عليٌّ خَطيباً، فَحمِدَ اللهَ، وأثنى عليه، وقال: أَيُّهَا الناسُ، أقْبِلُوا عَليَّ بِأسْمَاعِكُمْ وأبصارِكم، إني أخاف أن أَكونَ أنا وأنتم قد أصبَحْنا في فِتنَةٍ، وما علينا فيها إلا الاجتهادُ، [وقال] : إنَّ اللهَ أدَّبَ الأُمَّةَ بِأدَبَيْنِ: الكِتابِ والسنَّةِ، لا هَوادَةَ عند السلطان فيهما، فاتَّقُوا اللهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكم، ثم نَزَلَ، وَعَمَدَ إلى ما بَقيَ من بَيْتِ المال، فَقَسَمَهُ على المسلمين» أخرجه

(2) .

⦗ص: 130⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(بصيرة) : البصيرة: المعرفة والفطنة.

(يجرمنكم) : لا يجرمنكم أي: لا يحملنكم ولا يحدوكم.

(شقاقي) : الشقاق: النزاع والخلاف.

(هوادة) : الهوادة: السكون والموادعة والرضى بالحالة التي ترجى معها السلامة.

(1) في الأصل: ولتخلفن.

(2)

كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

هذا الأثر من زيادات رزين على الأصول.

ص: 128

2089 -

(خ) الحسن البصري رحمه الله قال: اسْتَقْبَلَ واللهِ الحسنُ بنُ عليّ مُعاوِيةَ بِكَتَائِبَ أَمْثالِ الجبالِ، فقال عَمْرو بنُ العاصِ لِمُعَاويةَ: إِنِّي لأرى كتَائِبَ لا تُولِّي حتى تَقْتُلَ أقْرَانَهَا، فقال [له] معاويةُ - وكان واللهِ خَيْرَ الرجلين -: أَي عمرو: «أَرأيتَ إنْ قَتَلَ هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، مَنْ لي بأُمورِ الناسِ؟ مَنْ لي بِنسَائِهِمْ؟ مَنْ لي بِضَيعَتِهم؟» فَبَعَثَ إليه رَجُلينِ من قريشٍ من بني عبد شَمس: عبدَ الرحمن بن سَمُرة، وعبدَ الله بن عامر، فقال: اذْهَبا إلى الرَّجلِ فَاعرِضَا عليه، وقولا لَهُ، واطلُبا إِليه، فَأَتَيَاهُ، فَدَخلا عليه، وتَكَلَّمَا، وقالا له، وطَلَبا إليه، فقال لهم الحسنُ بن عليٍّ: إنَّا بَنُو عبدِ المطلب قَد أَصَبْنا من هذا المال، وإِنَّ هذه الأمَّةَ قد عاثَت في دِمائِهِا، قالا: فإنه يَعْرِضُ عليك (1) كذا وكذا، ويَطْلُبُ إليكَ ويسألُكَ؟ قال: فَمَن لي بهذا؟ . قالا: نحن لك به، فما سَأَلَهُما شيئاً إلا قالا: نَحْنُ لك به، فَصَالَحَهُ، قال الحسن: ولقد سمعتُ أبا بَكْرَةَ (2) يقول: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على

⦗ص: 131⦘

المنبَرِ والحسنُ بنُ عليٍّ إلى جَنْبِهِ، وهو يُقْبِلُ على الناس مَرَّة، وعليه أخرى، ويقول:«إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ، ولعَلَّ اللهَ أَنْ يُصلِحَ به بَيْنَ فِئتَينِ عَظِيمَتَينِ من المسلمين» أخرجه البخاري (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(بكتائب) : الكتائب: جمع كتيبة، وهي القطعة المجتمعة من الجيش.

(أقرانها) : الأقران: جمع قِرن - بكسر القاف - وهو المثل والنظير في الحرب.

(بضيعتهم) : ضيعة الرجل: ما يكون معاشه من صناعة وغيرها من غلة وتجارة ونحوها.

(عاثت) : العيث: الفساد.

(1) في الأصل: يعرض عليه، والتصحيح من البخاري.

(2)

جاء في آخر الحديث: وقال أبو عبد الله - يعني البخاري -: قال لي علي بن عبد الله - يعني

⦗ص: 131⦘

ابن المديني -: إنما ثبت لنا سماع الحسن - يعني البصري - من أبي بكرة بهذا الحديث، قال الحافظ في " الفتح ": أي لتصريحه فيه بالسماع، قال: وقد أخرج المصنف - يعني البخاري - هذا الحديث، عن علي بن المديني، عن ابن عيينة في كتاب الفتن، لم يذكر هذه الزيادة.

(3)

5 / 225 في الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، وفي الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب الحسن والحسين، وفي الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: إن ابني هذا لسيد. وانظر " الفتح " في شرح الحديث 13 / 52 - 58، وفي آخره الفوائد المستنبطة من الحديث.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه الحميدي (793) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا إسرائيل أبو موسى. وأحمد (5/37) قال: حدثنا سفيان، عن أبي موسى، ويقال له: إسرائيل. وفي (5/44) قال: حدثنا هاشم، قال: حدثنا المبارك. وفي (5/94) قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا علي بن زيد. وفي (5/51) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا مبارك بن فضالة. والبخاري (3/243) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبي موسى. وفي (4/249) قال: حدثني عبد الله ابن محمد، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا حسين الجعفي، عن أبي موسى. وفي (5/32) قال حدثنا صدقة، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا أبو موسى. وفي (9/71) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا إسرائيل أبو موسى. وأبو داود (4662) قال: حدثنا مسدد، ومسلم بن إبراهيم، قالا: حدثنا حماد، عن علي بن زيد (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني الأشعث. والترمذي (3773) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا الأنصاري محمد بن عبد الله، قال: حدثنا الأشعث، هو ابن عبد الملك. والنسائي (3/107) . وفي الكبرى (1644) . وفي عمل اليوم والليلة (252) قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو موسى إسرائيل بن موسى. وفي عمل اليوم والليلة (251) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد. وفي فضائل الصحابة (63) قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا سفيان، عن أبي موسى.

أربعتهم (إسرائيل أبو موسى، والمبارك بن فضالة، وعلي بن زيد، والأشعث) عن الحسن، فذكره.

* أخرجه أحمد (5/47) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: أخبرني من سمع الحسن يحدث عن أبي بكرة، فذكره.

* وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (254) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا عوف، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للحسن بن علي نحوه. «مرسل» .

* وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (255) قال: أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن داود. وفي (256) قال: أخبرنا محمد بن العلاء أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن هشام.

كلاهما (داود، وهشام) عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره «مرسل» .

ص: 130