الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آناء الليل، ورجل أعطاه اللَّه مالًا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار".
* * *
(2) باب الحض على المبادرة لتعلم العلم قبل الفوت، وفضل من عَلِمَ وعلَّم
42 -
عن أنس قال: لأحدثنكم حديثًا لا يُحَدِّثكم أحد بعدي، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول "مِنْ أشراط الساعة أن يَقِلَّ العلمُ، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، ويكثر النساء، ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأةً القيِّمُ (1) الواحدُ".
وفي طريق آخر (2): "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل، وتشرب الخمر، ويظهر الزنا".
(1)(حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) القيم: من يقوم بأمرهن، وكأن هذه الأمور الخمسة خصت بالذكر؛ لكونها مشعرة باختلال الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد، وهي: الدين؛ لأن رفع العلم يخل به، والعقل؛ لأن شرب الخمر يخل به، والنسب؛ لأن الزنا يخل به، والنفس والمال؛ لأن كثرة الفتن تخل بهما. وقال القرطبي في "التذكرة": يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهن، سواء كُنَّ موطوءات أم لا. ويحتمل أن يكون ذلك يقع في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول: اللَّه اللَّه، فيتزوج الواحد بغير عدد جهلًا بالحكم الشرير.
(2)
خ (1/ 46)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق عبد الوارث، عن أبي التيَّاح، عن أنس به رقم (80)، وطرفه في (5231، 5577، 6808).
_________
42 -
خ (1/ 46)، (3) كتاب العلم، (21) باب: رفع العلم، وظهور الجهل، من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس به، رقم (81).
43 -
وعن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَثَلُ ما بعثني اللَّه به من الهُدَى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الماء، فأنبت الكلأ والعُشْبَ الكثير، وكان منها أَجَادِبُ أمسكت الماء، فنفع اللَّه بها الناس، فشربوا، وسَقَوا، وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قِيعَانٌ، لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مَثَلُ من فَقُهَ في دين اللَّه، ونفعه ما بعثني اللَّه به، فَعَلِمَ وعَلَّم، ومَثَلُ من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هُدَى اللَّه الذي أُرْسِلْتُ به"(1).
الغريب:
"نَقِيَّةٌ": أي: طائفة نقية؛ أي: من مواح النبات، وفي طريق أخرى:"طائفة طيبة".
(1)(فذلك مثل من فقه في دين اللَّه. . . إلخ) قال المصنف وغيره: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء به من الدين مثلًا بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه، وكذا كان حال الناس قبل مبعثه، فكما أن الغيث يحيى البلد الميت، فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت، ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث، فمنهم العالم العامل المُعَلِّم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها، ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل أو لم يتفقه فيما جمع، لكنه أداه لغيره، فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به، ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به، ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض السَّبَخَة أو الملساء التي لا تقبل الماء، أو تفسده على غيرها، وإنما جمع في المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين؛ لاشتراكهما في الانتفاع بهما، وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة؛ لعدم النفع بها. واللَّه أعلم.
_________
43 -
خ (1/ 45 - 46)، (3) كتاب العلم، (20) باب: فضل من عَلِمَ وعلَّم، من طريق حماد بن أسامة، عن بُريد بن عبد اللَّه، عن أبي بُردة، عن أبي موسى به، رقم (79).