الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3) باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف خروج الوقت
وبه قال عطاء، وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: يتيمم.
208 -
وعن أبي جُهَيْم -واسمه عبد اللَّه بن الحارث بن الصِّمَّةِ الأنصاري- قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جَمَلٍ، فلقيه رجل فسلَّم عليه فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام.
* * *
(4) باب الصعيد الطيب وَضُوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين
وقال الحسن: يجزئه التيمم ما لم يحدث، وأَمَّ ابن عباس وهو متيمم. وقال يحيى بن سعيد: لا بأس بالصلاة على السبخة والتيمم بها.
209 -
وعن عِمْران بن حُصَيْن قال: كنا في سَفَرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم وإنا أَسْرَيْنَا
208 - خ (1/ 127)، (7) كتاب التيمم، (3) باب: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء، وخاف فوت الصلاة، من طريق الأعرج، عن عُمير مولى ابن عباس، عن أبي جُهيم به، رقم (337).
209 -
خ (1/ 128 - 130)، (7) كتاب التيمم، (6) باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، من طريق يحيى بن سعيد، عن عوف، عن أبي رجاء، عن عمران به، رقم (344)، طرفاه في (3480، 3571).
حتى (1) كنا في آخر الليل وقعنا وَقْعَة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها. فما أيقظنا إلا حَرُّ الشمس، وكان أول من استيقظ فلان، ثم فلانٌ ثم فلانٌ -يُسَمِّيهم أبو رجاء فنسي عوف- ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو الذي يستيقظ؛ لأنا لا ندري ما يَحْدُثُ له في نومه، فلما استيقظ عمر، ورأى ما أصاب الناس -وكان رجلًا جَلِيدًا، فكبَّر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يُكبر، ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ لصوته النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ شَكَوْنا إليه الذي أصابهم فقال:"لا ضَيْرَ -أو لا يضير- ارتحلوا"(2)، فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوَضُوءِ فتوضأ ونودي بالصلاة فصلى بالناس.
فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزلٍ لم يُصَلِّ مع الناس. قال: "ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ " قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال:"عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك".
ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانًا -كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف- ودعا عليًّا رضي الله عنه فقال: "اذهبا فابتغيا الماء"، فانطلقا فلقيا (3) امرأةً بين مَزَادَتَيْنِ -أو سَطِيحَتَيْنِ- من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونَفَرُناَ خُلُوفٌ قالا لها: انطلقي إذًا. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قالت: الذي يقال
(1) في "صحيح البخاري": "حتى إذا كنا".
(2)
في "صحيح البخاري": "ارتحلو، فارتحل، فسار. . . ".
(3)
في "صحيح البخاري": "فتلقَّيا".
له: الصابئ؟ قالا: هو الذي تَعْنِينَ، فانطلقي، فجاءا بها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وحدثناه الحديث.
قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، فأفرغ (1) فيه من أفواه المَزَادَتَيْنِ -أو السطيحتين- وأَوْكَأَ أفواههما، وأطلق العَزَالي، ونودي في الناس: اسقوا واستَقُوا فسقى من سقى (2) واستقى من شاء، وكان آخر ذلك (3) أَنْ (4) أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال:"اذهب فأَفْرِغْهُ عليك"، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وَايْمُ اللَّه لقد أُقْلِعَ عنها وإنه ليخيل إليها أنها أشد مِلأةً منها حين ابتدأها (5).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجمعوا لها طعامًا"، فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعامًا، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها.
قال لها: "تعلمين ما رَزِئْنَا من مائك شيئًا، ولكن اللَّه هو الذي أسقانا"، فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجبُ، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الرجل الذي يقال له: الصابئُ، ففعل كذا وكذا فواللَّه إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه -وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة
(1) كذا في نسخة: "فأفرغ"، وفي أخرى:"ففرغ" على هامش النسخة، وفي "صحيح البخاري":"ففرَّغ".
(2)
في "صحيح البخاري": "فسقى من شاء".
(3)
في "صحيح البخاري": "ذاك".
(4)
"أن" كذا في نسخة لدينا، وفي "صحيح البخاري" كذلك.
(5)
في "صحيح البخاري": "ابتدأ فيها"، وفيه:"ليخيل إلينا".
فرفعتهما إلى السماء -تعني السماء والأرض- أو إنه لَرَسُولُ اللَّه حقًّا، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ (1) الذي هي منه. فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام فأطاعوها فدخلوا في الإسلام.
الغريب:
"السُّرَى": سير الليل، وفِعْلُه سرى وأسرى لغتان قرئ بهما. و"الجليد من الرجال": الجَلَدُ، وهو الشهم الجريء على الأمور. و"لا ضَيْرَ": أي: لا ضرر. و"الصعيد": وجه الأرض، قاله الخليل. و"المَزَادَة": القِرْبَة الكبيرة بزيادة جلد فيها من غيرها، وبذلك سميت مَزَادَه. و"السطيحة": نوع من القِرَب مُسَطَّحة. و"النَّفَر" هنا: النساء. و"خُلوف": لا رجال معهم، يقال: حي خلوف: إذا خرج رجالهم في غارة أو نحوها، و"الصَّابئ": هو الخارج من دين إلى غيره، من صَبَأ النجم والسن: إذا طلعا، فأصله الهمزة. وقد يسهل، وقرئ بهما، وقد يكون المسهل من صبا يصبو: إذا مال. و"أَوْكَأَ": ربط بالوِكَاء، وهو الخيط الذي يشد به فم السقاء. و"العَزَالي": جمع عزلاء -ممدودًا مهموزًا- وهي مخرج الماء من المزادة.
وقال الهَرَوِيُّ: هو فوها الأسفل، و"رَزِئْنَاك": نقصناك، وصوابه بالهمزة كما رواه الأصيلي، و"سقى" و"أسقى": لغتان، وقد فرق بينهما.
* * *
(1)(الصِّرْم) بكسر الصاد المهملة؛ أي: الأبيات المجتمعة من الناس.