الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السواء، قلت: قال: وللمتشابهات من القرآن مدخل في هذا النوع باعتبار هذه عبارته، ولا يبعد أن يحمل على أن بعض متشابهات القرآن كذلك باعتبار فيوافق قوله، وأكثر متشابهات القرآن من قبيل التورية والإيهام، وحينئذ يكون قوله باعتبار إشارة إلى اعتبار من جوز تأويل مقطعات الحروف في أوائل السور، فإنهم لا يذكرون في تأويلها إلا أمورا متساوية بالنسبة إلى اللفظ، من غير نصب قرينة على إرادة شيء منها.
[ومنه الهزل وتجاهل العارف]
(ومنه: الهزل) هو اللعب، ونقيضه الجد (الذي يراد به الجد) وفيه أنه إن كان ظاهر العبارة هزلا فالكلام من قبيل الإيهام، وإن استويا فهو من قبيل التوجيه، وإن كان الظاهر الجد فهو من قبيل إرادة المعنى بلفظ يحتمل خلافه احتمالا مرجوحا، فلا معنى لعده محسنا في الجد والهزل، خاصة وأيضا لا وجه لتخصيص التحسين بالهزل الذي يراد به الجد دون الجد الذي يراد به الهزل، إلا أن يقال اقتصر على الموجود (كقوله [إذا ما تميميّ أتاك مفاخرا فقل عد عن ذا]) أي أحسب من جملة ما يفتخر به أنه (كيف أكلك للضّبّ)(1) بفتح الضاد.
(ومنه: تجاهل العارف) ولما كان تجاهل العارف صفة المتكلم دون الكلام حتى يكون من محسناته، ومع ذلك يخص بمقتضى الأدب بما سوى كلامه تعالى، قال لدفع كلا التوهمين (وهو كما سماه السكاكي سوق المعلوم مساق غيره) فهو صفة للكلام سمي باسم ما هو صفة المتكلم به، ولا يخص بما سوى كلامه تعالى، بل التسمية بتجاهل العارف تسمية بالنظر إلى الأعم الأغلب، وكأنه لذلك قال السكاكي: لا أحب تسميته بتجاهل العارف، وقال غيري لا يحبه لسوء الأدب في استعماله في كلام رب العزة، ونفى المحبة كناية عن الكراهية.
(وقوله لنكتة) مما زاده على كلام السكاكي، وليس في كلامه ولا يخلو عن تسامح لإيهامه أنه داخل التسمية، والأولى أن يقول ومنه تجاهل العارف لنكتة وهو كما سماه إلخ.
(كالتوبيخ في قول الخارجية) امرأة، وهي في أصل اللغة كالخارجي من يسود
(1) البيت لأبي نواس، وهو في الإيضاح:329.
بنفسه، من غير أن يكون له قديم [(أيا شجر الخابور) من نواحي ديار بكر (ما لك مورقا) من أورق الشجر، صار ذا ورق (كأنّك لم تجزع على ابن طريف)](1) فهي تعلم أن الشجر لم يجزع على ابن طريف، لكن تجاهلت، فاستعملت كأن الدالة على الشك لتوبيخ الشجر مبالغة في وجوب الجزع، أو لتوبيخ من لم يجزع، كذا في الشرح، ولا يخص التجاهل بقوله كأنك إلخ؛ بل في الاستفهام عن سبب كونه مورقا أيضا، فإنها تعلم أن السبب هو الفصل، والوقت المقتضى لذلك، والأشبه أن البيت من التدله.
(والمبالغة في المدح كقوله) أي البحتري: [(ألمع برق سرى) صفة برق (أم ضوء مصباح) ينبغي أن يصفه كالبرق بكونه في الليل ليفيد قوة الضوء، وكأنه اكتفى بالتعبير بالضوء، لأنه يستعمل في النور القوي (أم ابتسامتها بالمنظر الضّاحي)](2) بالضاد المعجمة والحاء المهملة، بمعنى الظاهر، من ضحى الطريق ظاهر، بالغ في مدح ابتسامتها بل نور ثغرها حيث لم يفرق بينه وبين لمع البرق وضوء المصباح، ويحتمل التدله (أو) المبالغة (الذم) كذا في الشرح، فجعلها عديلة للمبالغة في المدح، ولا وجه حينئذ للعطف بأو فتأمل، فالأولى أن يجعل قوله: والمبالغة في المدح أو في الذم بمعنى المبالغة في أحد الأمرين، لنكتة عديلة لأختها، فيكون العطف بأو فى محله (في قوله) أي زهير:[وما أدري (فسوف إخال) بكسر الهمزة والفتح كما هو القياس لغة أي أظن وهو ملغي معترض بين سوف ومصحوبه أدري (أقوم) أي رجال لأن القوم يخصهم (آل حصن) الظاهر آل الحصن إلا أنه أراد تنكير الآل حصرا (أم نساء)](3) قال الشارح: فيه دلالة على أن القوم للرجال خاصة، وفيه بحث إذ يصح مقابلة المجتمع من النساء والرجال بالنساء الصرفة.
(1) البيت لليلى بنت طريف ترثي أخاها الوليد حين قتله يزيد بن معاوية، وهو في الإيضاح: 329، والإشارات: 286، والمصباح:25.
الخابور: نهر بديار بكر من العراق.
(2)
البيت لزهير في ديوانه: 1/ 442 من قصيدة يمدح فيها الفتح بن خاقان، والإيضاح: 330، والاستفهام تعجبي، وفيه تشبيه ضمني.
(3)
البيت في ديوانه: 73 من قصيدة مطلعها:
عفا من آل فاطمة الجواء
…
فيمن فالقوادم فالحساء