الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام بما هو فيه من الالتزام (أن يكون) أي وقت أن يكون (الألفاظ تابعة للمعاني دون العكس) حتى لو كان كذلك، لانتفى أصل الحسن، بل ينقلب إلى القبح لفوت ما هو الغرض من إيراد اللفظ وتحسنه، وهو تمكن المعنى في النفس بإصغاء اللفظ على سبيل النشاط، ولك أن تريد بأصل الحسن، أصل الحسن البديعي، وهو البلاغة يعني إذا فات مصلحة المعنى رعاية المحسنات اللفظية، لم يبق الكلام بليغا، فيلغو المحسن اللفظي لعدم ثبات الحسن لفوات أصله، وبالجملة يتجه أنه لا وجه لتخصيص هذه الوصية بالضرب اللفظي، بل أصل الحسن في جميع ذلك لفظيا كان أو معنويا بأن لا يفوت مصلحة المعنى، فإذا دعا رعاية محسن معنوي أيضا إلى إخلال بإفادة اللفظ للمعنى ينبغي أن يهجر عنه، ولا يمكن دفع الشبهة بهذا التقرير بأن قوله:(أن يكون الألفاظ تابعة للمعاني)، يدل على أن الكلام في المحسنات اللفظية، إذ دلالته ممنوعة، كيف ورعاية المحسن المعنوي والتكلف له أيضا ربما يجعل اللفظ تابعا للمعنى؛ ولو سلم فالكلام في التخصيص، لا في حمل عبارة المصنف على العموم، فاللائق أن يجعل قوله:
والأصل في ذلك كله بمعنى أن الأصل في ذلك المذكور من المحسنات المعنوية واللفظية، ذلك ليعم فائدته، وإن كان غالب ما يقع فيه التكلف. وأكثر ما شاع فيه التصنع رعاية المحسنات اللفظية، وهو الوجه في تخصيص التوصية بها لو خصت، وأحاله المحسن المعنوي على تلك الوصية؛ لأن الاهتمام به في تلك دون الاهتمام باللفظي.
(خاتمة)
قيل من الكتاب، فالكتاب مرتب على مقدمة، وثلاثة فنون وخاتمة، وقال الشارح المحقق: إنه من الفن الثالث، وللكتاب أجزاء أربعة، والخاتمة من الرابع، وتمسك في صدق دعواه، بأنه قال المصنف في الإيضاح: هذا ما تيسر لي بإذن الله تعالى جمعه، وتحريره من أصول الفن الثالث، وبقيت أشياء يذكرها فيه: أي في علم البديع بعض المصنفين، منها ما يتعين إهماله، إما لعدم دخوله في فن البلاغة، يعني به ما يشتمل الثلاثة على خلاف ما يتبادر منه، نحو ما يرجع إلى التحسين في الخط دون اللفظ، مع أنه لا يخلو عن التكلف، يعني لا
يتيسر بدون تكلف، لجعل المعنى تابعا للفظ، مثل كون الكلمتين متماثلتين في الخط كما ذكرنا، فيما سبق، ومثل الموصل، وهو أن يؤتى بكلام يكون كل من كلماته متصلة الحروف، ومثل المقطع وهو منه الموصل، ومثله الحيفاء وهي الرسالة، أو الخطبة أو القصيدة التي يكون حروف إحدى كلمتيها منقوطة، والأخرى غير منقوطة، ومثل الحذف وهو الإتيان برسالة أو خطبة لا يوجد فيها بعض حروف المعجم، ونحو وما تحسين له قطعا مثل الترديد وهو أن تعلق الكلمة في المصراع أو الفقرة لمعنى لم تعلق نفسها بمعنى آخر كقوله تعالى: حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ ومثل التعدية ويسمى سياقه الأعداد وهو إيقاع اسما مفردة على سياق واحدة، ومثل ما يسمى تنسيق الطبقات، وهو التعقيب، موصوف بصفات متوالية، وإما لعدم الفائدة في ذكره يعني في البديع، مثل ما يذكره بعض المتأخرين مما هو داخل في المعاني والبيان مثل ما سماه الإيضاح، وهو إزالة خفاء كلامك ببيان، ومثل التوسيع فإنهما من الإطناب، ومثل ما سماه بعضهم حسن البيان، وهو كشف المعنى، وإيصاله إلى النفس، فإنه مبني على التخليط، فإنه قد يجيء مع الإيجاز، وقد يجيء مع الإطناب وقد يجئ مع المساواة بمعنى حسن البيان، بأنه يكون إيجازا، وتارة إطنابا، وتارة مساواة، وليس أمرا زائدا عليها، فلا يتجه أن كلا من المحسنات البديعية بأنه يكون مع الإيجاز وتارة مع الإطناب.
ومنها: ما لا بأس بذكره، لاشتماله على فائدة، وهو شيئان:
أحدهما: القول في السرقات الشعرية وما يتصل به.
والثاني: القول في الابتداء والتخلص والانتهاء، فعقدنا فيهما فصلين ختمنا بهما الباب، هذا كلام المصنف مع بعض تفصيل له لا بد منه، ووجه تمسك الشارح أن المصنف ختم الفن الثالث بذكر هذه الأشياء التي وصفها بأن بعض المصنفين يذكرونها في علم البديع، وبأنه لا بأس بذكرها، وعقد لها خاتمة وفصلا، فعلم بذلك أن الخاتمة الفن الثالث، وليس خاتمة الكتاب خارجة عن الفنون الثلاثة كالمقدمة، هذا كلامه، ونحن نقول: الظاهر من خاتمة الكتاب فيما التبس الحال، أنه كالمقدمة من آخر الكتاب، الظاهر من تمهيد مقدمة في آخر