الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيت السقط، دون شعر القاضي مما لا يلتفت إليه.
فإن قلت: كانون من شهور الشتاء، فكيف يوجب إهداءه لبعض ملابسه لشهر تموز برودة الربيع؟ قلت: مسيرة الهدية إلى تموز هي الربيع.
فإن قلت: ما وجه إيجاب عدم تعرفه الغزالة بين الجدي والحمل برودة الربيع؟
قلت: وجهه أنه لما نزلت الحمل وقتا يجب أن ينزل فيه الجدي ظهر في الحمل آثار الجدي؛ لأن الوقت للبرودة وجعل الآيتين من التورية على تفسير أهل الظاهر من المفسرين، وأهل التحقيق منهم بجعل الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى مجازا متفرعا عن الكناية، وقوله: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ تمثيلا وتفصيله في الكشاف موافقا لدلائل الإعجاز، فلا نقل في مفرداته عن معناها مثلا إلى معنى آخر فضلا عن النقل إلى بعيد، لكن لا ضنة في الأمثلة.
قال المصنف اعلم أن التوهم ضربان: ضرب يصير مستحكما، حتى يصير اعتقادا وضرب لا يبلغ ذلك المبلغ، ولكنه شيء يجري في الخاطر ولا يلتفت إليه؛ لأنك تعرف حاله، ولا بد من اعتبار هذا الأصل في كل شيء بنى على التوهم يعني لا ينبغي الإيهام؛ بحيث يصير اعتقادا؛ لأنه إخلال، وإنما ينبغي رعاية القسم الثاني، والمحافظة عليه.
ونحن نقول: هذا في التورية على المخاطب مسلم، وأما في التورية على السامع فلا فتأمل.
[الاستخدام]
(ومنه الاستخدام) صححه المحقق شريف زمانه بثلاثة أوجه بالمعجمتين ومهملة، ثم معجمة سمي به؛ لأنه يستدعي قطع الضمير عما هو حقه.
أما إذا كان المراد بالضمير خلاف المراد بالاسم الظاهر، فظاهر.
وأما إذا كان المراد بالضمير الثاني خلاف ما أريد به الأول على ما هو حقه، فظاهر أيضا.
وأما إذا كان المراد بالضمير الأول خلاف ما أريد بالظاهر، بالثاني ما أريد بالظاهر؛ فلأن حق الضمير الثاني أن يوافق الأول، وإن خالف حقه.
وبالمهملتين من استخدمه بمعنى استوهبه خادما كان المعنى المراد من الظاهر، يطلب خادما تابعا، فيجعل المتكلم المعنى الآخر تابعا له في الإرادة في مقام إرجاع الضمير به.
(وهو أن يراد بلفظ له معنيان) حقيقيان أو مجازيان أو مختلفان أو أكثر.
(أحدهما) أو أحدهما.
(ثم يراد بضميره الآخر) أو بضمائره الأخر.
(أو يراد بأحد ضميريه أحدهما) أو بأحد ضمائره أحدها.
(ثم بالآخر الآخر)(1) أو بالآخر الآخر، وهذا القسم يستلزم القسم الأول؛ لأنه لا يتحقق استخدام باعتبار الضميرين إلا ويتحقق باعتبار ضمير والاسم الظاهر.
ولا يخفى أن الاستخدام غير داخل في التورية أصلا إلا أن يشترط في الاستخدام القرينة الواضحة، وإن اكتفى بمطلق القرينة يكون بينهما عموم من وجه، والثاني أظهر. (فالأول كقوله:
إذا نزل السّماء بأرض قوم
…
رعيناه وإن كانوا غضابا (2)
أراد بالسماء المطر وبضميره النبت والظاهر أن الشاعر وصف قومه بالجرأة والغلبة على ما عداهم من الأقوام، حتى يرعون كلاءهم وماءهم من غير رضائهم، لكن كان بعض من سمعت منه هذا المقام، وهو من الأعلام يقول هذا البيت إظهار لقدرة الله تعالى، وإنعامه في حق عباده، وإن كانوا غير شاكرين له تعالى، يعني يقول الله تعالى إذا نزل السماء بأرض قوم يزينه ويجعله صالحا؛ لأن يرعوه وإن كانوا غضابا غير شاكرين.
(والثاني: كقوله) أي: البحتري:
[(فسقى الغضا) بأن يسقي الله منزلا فيه الغضا (والسّاكنيه) أي: ساكني
(1) لا فرق في المعنيين بين أن يكونا حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين، وقد يأتي الاستخدام في لفظ له أكثر من معنيين.
(2)
البيت لمعاوية بن مالك بن جعفر معود الحكماء، أو لجرير وهو المشهور، ولكن لا يوجد في ديوانه، والمراد منه وصفهم بالقلة لغيرهم، من شعراء المفضليات وهو في الإيضاح:(313).