الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكون صبيا.
في القاموس: الصبوة جهلة الفتوة، صبا صبوا، وصبوا وصبى وصبا، وفيما ذكره عدول عن طريقة السكاكي؛ حيث جعل الصبي بمعنى الكون صبيا، فاحتاج إلى حذف مضاف، أي: أو أن الصبي وأشار إلى أن عنه غنى، وأن لا ضنة في حذف الزمان عن المصادر.
وأما ما قال الشارح: لا من الصبا بفتح الصاد، فيقال: صبى صباء أي:
لعب مع الصبيان، فيدل ما نقلناه من القاموس على ضعفه.
على أن فتح الصاد يقتضي المد ولا يساعده النظم إلا على وجه بعيد، وهو ارتكاب قصر الممدود للضرورة.
ومن البين أن وجه الشبه في هذا المثال هيئة مركبة من عدة أمور، فيحتمل أن يكون التنبيه على أن وجه الشبه في الاستعارة بالكناية أيضا قد يكون مركبا أيضا من فوائد هذا التمثيل.
وأشار إلى التحقيقية بقوله: (ويحتمل أنه) أي: زهير (أراد) بالأفراس والرواحل (دواعي النفوس وشهواتها أو القوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات أو) أراد بها (الأسباب التي قلّما تتآخذ) أي: تتفق وتجتمع (في اتباع الغي إلا أوان الصبا)(1) وعنفوان الشباب مثل المال والأعوان (فتكون) استعارة الأفراس والرواحل (تحقيقية) لتحقق معناها عقلا على الاحتمال الأول، وحسا على الثاني.
ولا يذهب عليك أنه لا بأس بأن يراد بالأفراس والرواحل جميع ما ذكره، على سبيل الترديد، فكأنه قصد لكلمة «أو» منع الخلو، ولما فرغ من الفصل الأول شرع في الثاني فقال:
[فصل: عرف السكاكي الحقيقة]
(فصل: عرف السكاكي الحقيقة اللغوية) احترز عن الحقيقة العقلية (بالكلمة المستعملة فيما وضعت له من غير تأويل في الوضع، واحترز بالقول الأخير) وهو قوله من غير تأويل في الوضع (عن الاستعارة على أصح القولين)
(1) هذه الأسباب كالمال والأعوان، والتحقيق على إرادتها حسي وعلى إرادة دواعي النفوس عقلي، والاستعارة عليهما تحقيقية تصريحية.
وهو أن الاستعارة مستعملة في غير ما وضعت له بخلاف القول الآخر، وهو أن الاستعارة مستعملة فيما ضعت له، والتصرف في أمر عقلي، فإنه حينئذ حقيقة لغوية ولا يسوغ إخراجها عن تعريف الحقيقة اللغوية ولا إخراجها بقوله من غير تأويل في الوضع؛ لأنه لا تأويل في الوضع على غير القول الأصح.
وقوله (فإنها) بيان لوقوع الاحتراز عنها بهذا القيد بأنها (مستعملة فيما وضعت له بتأويل) أي: وضعا ملتبسا بتأويل، وصرف للوضع عن الظاهر، فإن الظاهر منه ليس الوضع على سبيل الادعاء، بل على سبيل التحقيق.
ولا يخفى أنه كما قيد الدعوى بقوله: على أصح القولين، يجب أن يقيد الدليل، إلا أن تقييد أحدهما يسوق الذهن إلى تقييد الآخر، فيكفي به. وقد عدل عن عبارة السكاكي؛ لاختلال فيه على ما هو المشهور؛ حيث قال: وإنما ذكرت هذا القيد ليحترز به عن الاستعارة، ففي الاستعارة بعد الكلمة مستعملة فيما وضعت له على أصح القولين، ولا نسميها حقيقة، بل مجازا لغويا لبناء دعوى اللفظ المستعار موضوعا للمستعار له، على ضرب من التأويل.
هذا والمراد بقوله: دعوى اللفظ دعوى كون اللفظ على حذف كون مضاف إلى اللفظ، فاشتهر أنه لا يصح جعل قوله على أصح القولين متعلقا بقوله:
مستعملة فيما وضعت له؛ إذ لا اختلاف في استعمالها فيما وضعت له في الجملة، وإنما الاختلاف في استعمالها فيما وضعت له بالتحقيق، لكن أصح القولين انتفاؤه، وحمل الوضع على الوضع بالتأويل بعيد؛ فتعين تعلقه بقوله: ليحترز به، فاختل النظم، وصار معقدا للفصل بين قوله: على أصح القولين ومتعلقه بقوله، ففي الاستعارة بعد الكلمة مستعملة فيما وضعت له، وبين قوله: ولا نسميها حقيقة، وقوله بعد الكلمة إلخ بقوله على أصح القولين.
هذا ونحن نقول: عدل عن المطلب الأخفى إلى الأوجز الأوضح، لكن كلام السكاكي برئ عما ظن به من الخلل، فإن قوله: على أصح القولين متعلق بقوله مستعملة فيما وضعت له، والمراد: ما وضعت له بتأويل لوضوح القرينة المؤدية إليه، بل لفظ العد ينبئ عن كونها مستعملة فيما وضعت له، لا على سبيل التحقيق واكتفى بتقييد الدليل بقوله: على أصح القولين، عن تقييد الدعوى على