الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أركانه إلى التشبيه بمعنى الكلام المذكور أو إلى مفهوم التشبيه بطريق الاستخدام، وضمير الغرض منه
وأقسامه
إلى التشبيه بمعنى الدلالة المذكورة، باعتبار أفراده بهذا الطريق فإنه بعيد عن ذات التعلم والتعليم، ولا يليق بمقام التفهيم، ولا يرضى به البيان السليم والأداة ليس أداة للتشبيه، بل هي أداة دالة لربط أحد الطرفين بالآخر في مقام التشبيه، والمراد به إما معنى الكاف ونحوه فيلائم المقصود بطرفيه ووجهه، وإما نفس اللفظ الدال تنزيلا للدال منزلة المدلول. قال الشارح المحقق:
قدم البحث عن طرفيه يعني من بين الأركان لأصالتهما؛ لأن وجه الشبه قائم بهما، والأداة آلة لبيان الشبه بينهما؛ ولأن ذكر أحد الطرفين واجب ألبتة بخلاف الوجه والأداة.
هذا كلامه، وفيه أنه يقال في جواب هل زيد كالأسد نعم فيحذف الطرفان إلا أن يقال المحذوف بقرينة كالمذكور، ولا يحذفان الطرفان بلا قرينة بخلاف الوجه والأداة فإنهما لم يحذفا بقرينة في: جاءني أسد.
ونحن نقول: قدم البحث عن طرفيه؛ لأن البحث عن التشبيه؛ لأنه مبنى الاستعارة التي هي أحد طرفي التشبيه فاهتمام صاحب البيان بالطرف في الطرف الأعلى، وهذا هو الوجه الأجلى، وإن خفي إلى الآن.
ولا يبعد أن يقال قدم، ليكون البحث عن طرف في طرف، فتأمل.
[وأقسامه]
(وفي الغرض منه، وفي أقسامه) قال المصنف في الإيضاح في تقسيمه بهذه الاعتبارات: وبهذا علم وجه تأخير أقسامه.
[إما حسيان أو عقليان إو مختلفان]
(طرفاه إما حسيان) أي: منسوبان إلى الحس، وهو منحصر في الحس الظاهر عند المتكلمين، وعليه بناء التقسيم (كالخد) المشهور بالفتح، ويوافقه إعجام الصحاح، لكن في القاموس الخدان والخدتان بالضم ما جاور مؤخر العينين إلى منتهى الشدق، أو اللذان يكتنفان الأنف عن يمين وشمال، أو من لدن المحجن إلى اللحى مذكر.
(والورد) في القاموس: ورد كل شجر نوره، وغلب على الحوجم يريد الورد الأحمر (والصوت الضعيف) أي: الذي لا يسمع إلا عن قريب (والهمس) في
الشرح: هو الصوت الذي أخفى حتى كأنه لا يخرج عن فضاء الفم، لكن في القاموس: هو الصوت الخفي، وكل خفي أو أخفي ما يكون من صوت القدم (والنكهة) أي: ريح الفم أو النفس المخرج من الفم إلى أنف آخر، والأخيرة هو الملائم بالعنبر (و) الأول هو الملائم بريح (العنبر والريق) أي: ماء الفم (والخمر) وهو ما أسكر من عصير العنب أو عام، ورجح العموم بأنه حرمت وما بالمدينة خمر عنب، وما كان شرابهم إلا البسر والتمر (والجلد الناعم) أي: اللين (والحرير).
قال الشارح المحقق: وهذا كله مما فيه نوع تسامح إلا في الصوت الضعيف، والهمس والنكهة، وذلك لأن المدرك بالبصر إنما هو لون الخد والورد، وبالشم رائحة العنبر، وبالذوق طعم الريق والخمر، وباللمس ملامسة الجلد الناعم والحرير ولينهما لا نفس هذه الأشياء؛ لكونها أجساما، لكنه قد استمر في العرف أنه يقال أبصرت الورد، وشممت العنبر من حد علم أو نصر وذقت الخمر، ولمست الحرير من حد ضرب أو نصر.
هذا كلامه، وأجاز السيد السند في شرح المفتاح أن يكون مبنيا على العرف، ولا يكون تسامحا.
فإن قلت: مع ورود العرف كيف جزم الشارح بالتسامح، ورجح السيد السند كونه تسامحا؟ قلت: لأن السكاكي جرى في هذا المقام على الاصطلاحات، والظاهر أن المصنف بنى الأمر على العرف؛ لأنه لو لم يكن كذلك لأصلح هذا التسامح الذي وقع من المفتاح كما أصلح تسامحا آخر، وهو أنه مثّل للطرفين بالخد عن التشبيه بالورد
…
وهكذا إلى آخر الأمثلة، ولا يذهب عليك أنه النكهة أيضا مع التسامح على أحد التوجيهين، وأن هذه أمثلة مما طرفاه حسيان، سواء جعل تشبيه الكلي بالكلي أو الجزئي بالجزئي، فالكل مشتمل على التسامح؛ لأن الكلي ليس حسيا.
قال في المفتاح: كالريق إذا شبه بالخمر على زعم القوم.
قال السيد السند في شرحه: يريد القوم المؤلفين بشربها، وفيه دفع لما يقال من أن طعم الخمر مكروه فليس له لذة طعم، هذا ولك أن تقول المراد على زعم
القوم الفساق، فإنهم يثبتون للريق لذة طعم، والأشبه أنه أراد زعم علماء البيان، حيث جعلوا التشبيه في لذة الطعم، وأشار إلى أن الأشبه أن تشبيه الريق بالخمر ليس في الطعم، بل في التذاذ روحاني، والمشبه به لذة النفس بالخمر فليس شيء من الطرفين حسيا (أو عقليان) عطف على قوله: حسيان، (كالعلم والحياة) في المختصر نقلا عن «المفتاح» و «الإيضاح» أن وجه الشبه بينهما كونهما جهتى إدراك، قال: والمراد بالعلم هاهنا ملكة يقتدر بها على إدراكات جزئية لا نفس الإدراك، ولا يخفى أنه جهة وطريق إلى الإدراك كالحياة.
هذا كلامه، ولا يخفى أن الملكة كما أنه سبب لإدراكات جزئية هي صور للجزئيات؛ ولذا وصفت بالجزئية كذلك هي سبب لإدراكات كلية هي صارت سببا لحصول الملكة، فإن الإدراكات إذا تكررت ورسخت تصير ملكة، والملكة تصير سببا لاسترجاع تلك الإدراكات بلا تجشم كسب جديد، فالإدراك أولا سبب لحصول الملكة، والملكة سبب لحصول الإدراك ثانيا، فلا يخفى أن الإدراك أيضا سبب للإدراك فلا صحة لنفس إرادة نفس الإدراك على أن سبب إدراك لإدراك غني عن الكسب، وبالجملة هو مدح العلم بأنه كالحياة تميز صاحبه عن الميت والجماد.
ولك أن تجعل وجه الشبه تميز الصاحب عن الجماد، وذا يصح على أي معنى تحمل العلم فتحمل، والأوجه أن وجه الشبه كونهما سببى انتفاع بالمرافق، فإنه لا انتفاع بدون العلم، كما أنه لا انتفاع بدون الحياة.
ولك أن تريد بالإدراك الوصول إلى الشيء فيكون معنى كونهما جهتي إدراك جهتي وصول إلى الشيء فيئول إلى الأوجه من الأوجه فتنبه، ولا تغفل فإن ملاك العلم التنبه، وملاك الغفلة التحصر والتأوه.
(أو مختلفان) بأن يكون المشبه عقليا، والمشبه به حسيا أو على العكس، فنبه على الأول بقوله (كالمنية) وهو الموت، وفسر بعدم الحيوة عما من شأنه.
وقال السيد السند: الأظهر أنه عدم الحياة عما اتصف بها، ويؤيد الأول قوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ (1)(والسبع) بفتح الباء وضمها وسكونها
(1) البقرة: 28.