الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوجد بدون اجتماع شرائط التشبيه مطلقا.
(خاتمة)
جعل تقسيم التشبيه بحسب القوة والضعف منفردا عن سائر التقسيمات يبحث؛ لأنه لا يخص الطرف، ولا الوجه، ولا الأداة، بل باعتبار كل من الطرف والوجه والأداة والمجموع، ولم يقدمه على التقسيم بحسب الغرض، مع أنه لا مدخل للغرض فيه؛ لأن شدة مناسبته بالاستعارة في تضمنها المبالغة في التشبيه دعت إلى أن لا يفصل بينه وبين الاستعارة، مهما أمكن.
وخص البيان بالقوة وعدمها باعتبار ذكر الأركان وتركها؛ لأن القوة باعتبار قوة المشبه به نحو: زيد كالأسد، زيد كالسرحان، وباعتبار الأداة نحو: كأن زيدا أسد فإن فيه مبالغة ليست في: زيد كالأسد؛ لأنه بمنزلة: إن زيدا كالأسد؛ ولهذا ترى بعض أئمة النحو يقول: كأن زيدا أسد، بمعنى إن زيدا كالأسد وكأن مركبة من إن المكسورة، وكاف التشبيه الداخلة على خبرها، وباعتبار وجه الشبه نحو: زيد كالأسد، في كمال الشجاعة، فإنه أقوى من قولنا في الشجاعة تستوي فيها العامة والخاصة، ويخرج عن عهدتها عارف متن اللغة والنحو إنما المتعلق لفتنا القوة الحاصلة باعتبار حذف بعض الأركان؛ فلهذا خص بالبيان، لكن لا بد من تحقيق معنى حذف نيط عليه قوة المبالغة، فإنه اختفى في جلباب بيان المفتاح، ولم ينكشف في نور المصباح إلى طلوع هذا الإصباح، حتى ظن به أن المراد به ما يقابل الذكر، وليس بذاك؛ فإن المسافة بين الملفوظ به والمقدر في نظم الكلام في قوة الإفادة قليلة، قد حكم به المفتاح في أثناء هذا البحث؛ ولذا شاع التقدير، بل شاع في مقام الإفادة فلا يفرق عاقل بين قولنا زيد كالأسد في الشجاعة، وبين قولنا زيد، في جواب من يقول: من يشبه أسدا في الشجاعة؟ في قوله المبالغة أو بين قولنا: أسدا، في جواب من أي شيء يشبهه زيد في الشجاعة؟
بل المراد بحذف الأداة والوجه تركهما وطيهما عن نظم البيان، فالتقدير هنا داخل في الذكر، فإن مدار المبالغة في: زيد كالأسد في الشجاعة، على دعوى
الاتحاد، وهو لا يجامع التقدير في النظم ومدارها في زيد كالأسد، على ادعاء عموم وجه الشبه، وهو لا يجامع تقدير الوجه، لكن المراد بحذف المشبه حذفه من اللفظ، فهو بالمعنى المقابل للذكر، وهذا الذي ستر الحق عن عبارة المفتاح وأخفاه على الفحول، وأبعده عن الإيضاح؛ حيث قارن حذف المشبه بهذا المعنى بحذف الوجه والأداة بمعنى آخر؛ فجذب حذف المشبه حذفهما إليه وأبرزه في معرضه في الأنظار فاختفى المقصود في خبايا الأستار.
هذا وجعل صاحب المفتاح حاصل مراتب التشبيه ثمانية، وفسره المصنف بحاصل مراتبه في القوة والضعف في المبالغة باعتبار ذكر أركانه كلها، أو بعضها، ولا يخفى أن مثل ما ذكر فيه جمع الأركان لا مبالغة فيه فضلا عن ضعف المبالغة فالأولى إطلاق المراتب بهذا الاعتبار، وإنما أوقع المصنف فيه نفي المفتاح القوة عن هذه المرتبة دون أصل المبالغة، لكن لا بد من بناء نفيه على نفي المبالغة، وضبط الشارح المراتب الثمانية بأن المشبه به مذكور قطعا، وحينئذ فإما أن يكون المشبه مذكورا أو محذوفا، وعلى التقديرين فوجه الشبه إما مذكور أو متروك.
وعلى التقادير الأربعة فالأداة إما متروكة أو مذكورة، وأورد على وجوب كون المشبه به مذكورا جواز حذفه في جواب من تشبيه الأسد، حيث يجاب بقولنا:
زيد، بلا ريبة فيراد المراتب ويرد أيضا أن هذا المثال من قبيل حذف الوجه والأداة ولا مبالغة في تشبيهه فضلا عن كونه في أعلى مراتب التشبيه، لكن الوارد يندفع بما حققناه دون ما أورد وأجاب عنه الشارح والسيد في شرحيهما للمفتاح بمنع كونه تشبيها، بل هو تعيين المشبه، وبعد تسليمه يمنع وقوعه في كلام البلغاء، ولا يخفى ضعفه؛ إذ لو لم يكن هذا تشبيها لم يكن زيد، في جواب: من قام؟ ، إخبارا، بل تعيينا للقائم، ولا معنى بمنع الوقوع في كلام البلغاء؛ لأنه حذف قياسي لا يتوقف وقوع مثله في كلام البليغ على السماع، بل الجواب بأنه نادر بالقياس إلى سائر المراتب؛ فلذا لم يلتفت إليه، أو أن الجواب في حكم السؤال ومطابق له فحكمه ظاهر من بيان المراتب الثمانية، ولو أردت بوجوب ذكر المشبه به ما يشمل التقدير، فإنه المقابل لحذف الأداة والوجه بمعنى حقق لكان جوابا صوابا.