الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحقيقة للحقائق المركبة كلمة ظاهرة مستفيضة، فينبغي تقسيم الحقيقة إلى المفرد والمركب وتعريف المفرد منها بما ذكره على طبق تقسيم المجاز، ولما توقف معرفة الحقيقة والمجاز على تعريف الوضع المأخوذ فيهما عقب تعريف الحقيقة، وصدر تعريف المجاز به فتعريف الوضع لأجل معرفتهما لا للحقيقة فقط.
[والوضع تعيين اللفظ]
فقال: (والوضع) لا مطلقا، وإلا لكان تعريفه تعريفا بالأخص؛ لأن الوضع المطلق تعيين الشيء للدلالة على المعنى بنفسه، لفظا كان أو غيره، كالخط، والعقد، والإشارة، والنصب، والهيئات، ولا وضع الكلمة كما يستدعيه تعريف الحقيقة، وإلا لكان تعريفا بالأعم، وحمل اللفظ على الكلمة يجعل اللام للعهد، وأن يصلحه، لكن يمنع عنه رعاية مصلحة معرفة المجاز الذي هو المقصد هنا.
ولا يخفى أنه فوت المصنف مصلحة التعلم والتعليم حيث أخر تعريف الوضع إلى هذا المقام وأول ما يحتاج إليه في هذا الفن تقسيم الدلالة الوضعية، فليت شعري بأنه ماذا أخره؟ (تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه) (1) ولا يختلج في وهمك أن الأولى للدلالة على شيء؛ لأن المعنى إنما يصير معنى بهذا التعيين فطرفا الوضع: اللفظ والشيء لا اللفظ والمعنى؛ لأنا نقول: نعم، لكن طرفا الدلالة المترتبة على الوضع اللفظ، والمعنى فكن متبصرا حديد النظر في دقائق المعاني: لئلا تغفل عن لطائف البيان، لكن الأولى تعيين اللفظ لشيء بنفسه؛ لأن الوضع إضافة بين اللفظ والشيء والإضافة إنما تتضح حق الاتضاح بتعيين طرفيها، على أنك تستغني حينئذ في معرفة الوضع عن تعريف الدلالة، ويكون أخصر، وكأنه أراد صاحب التعريف إيداع العلل الأربع، فإن التعيين لا بد له من معين فيدل عليه بالالتزام، واللفظ والمعنى بمنزلة العلة المادية للوضع وارتباط اللفظ بالمعنى بمنزلة العلة الصورية للوضع والدلالة على المعنى بنفسه هي العلة الغائية.
(فخرج المجاز) متفرع على تقييد تعريف الوضع بنفسه، يعني خرج تعيين
(1) أي بغير وساطة قرينة، وبهذا يدخل فيه وضع الحروف، لأن معانيها تفهم منها بغير قرينة وإن كانت غير مستقلة بنفسها.
المجاز.
قال المصنف: فقولنا: بنفسه، احتراز عن تعيين اللفظ للدلالة على معنى بالقرنية، أعني المجاز، فإن ذلك التعيين لا يسمى وضعا؛ فقول الشارح في الشرح ومختصره: فخرج المجاز عن أن يكون موضوعا بالنسبة إلى معناه المجازي تعسف، ويحتمل أن يكون مقصود المصنف أنه خرج المجاز عن تعريف الحقيقة؛ (لأن دلالته بقرينة) وفيه نظر؛ لأن الدلالة على الجزء واللازم البين لا ينفك عن الدلالة على الموضوع له فلا يدل الدليل على خروج المجاز مطلقا.
نعم على ما حققنا أن الدلالة لا تكون بدون الإرادة، يتم هذا فتذكر.
اعترض عليه أنه تخرج تعيين الحرف أيضا؛ لأنه لا يتأتى منه الدلالة بنفسه، فلو كان الغرض من تعيينه الدلالة بنفسه لكان ذلك سفها من الواضع.
وقد أجاب عنه الشارح بما ينبئ عن أنه على حرف من تحقيق معنى الحرف، ونحن تقصينا عنه في شرح رسالة الوضع، وفي حواشي شرح الكافية بالأجوبة الشافية، فإن ظفرت بهما لشبعت، وإن كنت نهما، ومن سوانح هذا المقام أن الحرف موضوع لمفهوم لا يستعمل أبدا إلا في جزئي من جزئيات هذا المفهوم كما هو المستفيض فيما بينهم، وإن حقق الأمر على خلاف ذلك، وهو يدل بنفسه على ما وضع له، وذكر المتعلق لفهم المعنى المجازي (دون المشترك) حال من المجاز أي:
لم يخرج تعيين المشترك، أو لم يخرج المشترك عن تعريف الحقيقة؛ لأن تعيينه لكل من معاينه للدلالة عليه بنفسه، والقرينة إنما احتيج إليها لمعرفة المراد هذا هو التحقيق المشهور، حتى ظن أن المصنف ومن قال: إن عدم دلالته على أحد معنييه بلا قرينة لعارض الاشتراك، فإن الاشتراك أخلّ بغرض الوضع، فتدورك بالقرينة: فقد التبس عليه الدلالة بالإرادة، وأين أحدهما عن الآخر؟ ونحن مهدنا لك ما نجعل هذا القائل محقا، فتذكر.
وقال «المفتاح» لدفع هذا الإشكال على ما لخصه الشارح: أن الموضوع له بالنسبة إلى كل وضع أحد المعنيين بعينه، فوضعه للدلالة عليه بنفسه وبالنسبة إلى الوضعين واحد من المعنيين غير معين، فإذا قلت: القرء بمعنى الطهر أو لا بمعنى الحيض، فقد دل بنفسه على واحد بعينه، والقرينة لدفع مزاحمة الغير، ولا
مدخل له في الدلالة وإذا أطلقت القرء، فقد دل على غير معين بنفسه، واعترض عليه المصنف بأن الدلالة على المعين بالتقييد دلالة بالقرينة لا بنفسه، وأن وضع المشترك لواحد غير معين (مم)(1)، ودفعه الشارح المحقق بأن القرينة في المشترك لرفع المانع، ولا مدخل لها في الدال، بخلاف قرينة المجاز، فإنها من تتمة الدال، وأن الوضع لكل معينا يستلزم الوضع الثالث ضمنا فكأن الواضع وضعه مرة للدلالة بنفسه على هذا، أو أخرى للدلالة على ذلك.
وقال: إذا أطلق فمفهوم أحدهما غير مجموع بينهما. وفيه أنه لما كان الوضع التعيين لغرض لا يلزم من مجموع التعيين تعيين ثالث لغرض ثالث، حتى يتحقق وضع، وإن كان يلزم تعيين ثالث، واعترض عليه السيد بأن المراد إما أنه وضع لأحدهما معنيا في نفسه، وعند المتكلمين غير معين عند السامع، على معنى أنه يتردد أن المراد إما هذا بعينه وإما ذاك بعينه، فليس هناك معنى ثالث يفهم منه باعتبار انتسابه إلى الوضعين، ويكون اللفظ موضوعا له ضمنا، بل هناك تردد بين معني الوضعين. وإما أنه وضع للواحد المردد أعني: هذا المفهوم فيلزم لفهمه الاحتياج إلى قرينة كالمعنيين الأخيرين، ويلزم أن لا يكون مشتركا بين الاثنين فقط، ويلزم أن يكون عند الإطلاق مستعملا في المفهوم المردد، ويدفعه أن الاحتياج إلى القرينة لدفع المزاحمة، وهي عدم قرينة أحدهما بعينه، والقول بالاشتراك بين الاثنين فقط يجوز أن يكون معناه الاشتراك القصدي بين اثنين فقط، على أنه صرح الشارح في بعض تصانيفه: بأن الوضع الضمني لا يثبت به الاشتراك، ولا الحقيقة ولا المجاز؛ ولذا لم يلزم من الوضع الضمني للألفاظ لا نفسها اشتراك جميع الألفاظ.
نعم لا خفاء أنه لم يستعمل في المفهوم والمردد، بل استعمل واحد معين، فالسامع يفهم المعنيين بحكم الوضع ويتردد في تعيينه. هذا وقال الشارح: وفي أكثر النسخ دون الكناية، بدل قوله دون المشترك، وهو سهو في الكتابة؛ لأنه إن أريد أن الكناية بالنسبة إلى المعنى الذي هو مسماها موضوعة، فالمجاز أيضا كذلك؛ لأن أسدا في قولك: رأيت أسدا يرمي، موضوع بالنسبة إلى الحيوان المفترس،
(1) كذا في الأصل ولعلها (ممتنع).
وإن أريد أنه موضوع بالنسبة إلى لازم المسمى الذي هو معنى الكناية ففساده واضح؛ لظهور أن دلالته على اللازم ليست بنفسه، بل بواسطة قرينة، هذا وأيضا لو كانت الكناية موضوعة للازم لكانت الكناية خارجة عن البيان؛ إذ ليست دلالتها حينئذ عقلية، بل وضعية، ثم قال في الشرح والمختصر أيضا: لا يقال معنى قوله بنفسه من غير قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له أو من غير قرينة لفظية؛ لأنا نقول الأول يستلزم الدّور حيث أخذ الموضوع في تعريف الوضع، والثاني يستلزم انحصار قرينة المجاز في اللفظي، حتى لو كانت القرينة معنوية كان داخلا في الحقيقة.
هذا، ونحن نقول: لا يتجه على ما ذكرنا من وجه عدم كون الكناية موضوعة للازم أصلا، ويندفع أيضا ما ذكره بأن الكناية لا ينحصر قرينتها في المعنوية، فيخرج كناية لها قرينة لفظية، وبأن القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له لا دخل له في تعيين المجاز للدلالة على معنى، إنما هو موجب إرادة الغير، والتي بها دلالة المجاز القرينة المعينة.
ولو قيل: من غير قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلي لاندفع الدّور.
نعم هذا مما لا يفهم من عبارة التعريف، لا يقال: يمكن تصحيح هذه النسخة بأن الكناية تجوز أن يراد منها معناها الموضوعة هي له، ومعناها اللازم للموضوعة هي له، صرح به في «المفتاح» .
فإذا أريد كذلك صدق عليه اللفظ المستعمل فيما وضع له، فيصح أن يخرج المجاز مطلقا عن تعريف الحقيقة دون الكناية؛ إذ يبقى بعضها داخلة؛ لأنا نقول ليس الاستعمال مجرد الإرادة، بل كون المراد من اللفظ مقصودا أصليا.
قال في المفتاح: واعلم أنا لا نقول في عرفنا استعملت الكلمة، فيما يدل عليه أو في غير ما يدل عليه حتى يكون الغرض الأصلي طلب دلالتها على المستعمل فيه، لكن في كلام «المفتاح» ما يشعر بأن الكناية يصح أن تكون حقيقة، فانظر في هذا المقام فإن وجه الحق مخفي في اللثام؛ لما عرف الوضع بتعين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه، واقتضى ذلك إثبات الوضع، وينافيه ما ذهب إليه البعض من أن دلالة اللفظ على المعنى لذاته؛ لأنه يلغو الوضع، بل في تعريفه بتعيين اللفظ
للدلالة على أنه تحصيل الحاصل عقّبه بقوله: (والقول بدلالة اللفظ لذاته ظاهره فاسد)(1) ذبّا عن سابقه، فقول الشارح: هذا ابتداء بحث ليس بذاك، فإن قلت: قد قال في الإيضاح؛ وقيل: دلالة اللفظ على معناه لذاته وهو ظاهر الفساد فحكم بظهور فساده، وهنا بأن ظاهره فاسد، ولم يجزم بفساده.
فما الحق منهما.
قلت: مراده في الإيضاح أن ظاهره ظاهر الفساد، كيف وقد عقبه بأنه يأوله السكاكي، ومراده هنا بفساد ظاهره الفساد الظاهر أشار إليه بعدم بيانه، كأنه قال: ظاهره فاسد يستغنى عن البيان.
قال صاحب المفتاح: من المعلوم أن دلالة اللفظ على مسمى دون مسمى، مع استواء نسبته إليهما يمتنع فيلزم الاختصاص بأحدهما ضرورة، والاختصاص لكونه أمرا ممكنا يستدعي مؤثرا، وذلك بحكم التقسيم. أما الذات أو غيرها إما لله تعالى وتقدس أو غيره، ثم إن في السلف من يحكي عنه اختياره الأول، ومنهم من اختار الثاني، ومنهم من اختار الثالث.
هذا كلامه، يريد بمن يحكي عنه سليمان بن عباد الضميري، وبمن اختار الثاني الشيخ أبو الحسن الأشعري، حيث قال الواضع هو الله تعالى، ووافقه كثير من المحققين.
وبمن اختار الثالث البهشيمة، ومراده أن دلالة اللفظ مع استواء نسبته ممتنع فلا يكون نسبته مستوية، فاختلف في وجه الاختصاص لا ما يوهم الشارح أن دلالة اللفظ على معنى دون معنى لا بد لها من مخصص؛ لتساوي نسبته إلى جميع المعاني فاختلف فيه؛ لأن من المخالفين من قال: المخصص هو الذات، فكيف تقول بتساوي النسبة؟ ثم قال: ولعمري إنه فاسد؛ فإن دلالة اللفظ على مسمّى لو كانت لذاته كدلالته على اللافظ، وإنك لتعلم أن ما بالذات لا يزول بالغير؛ لكان يمتنع نقله إلى المجاز، وكذا إلى جعله علما، ولوجب فهمنا معاني الهندية كوجوب فهم اللافظ منها، ولكان يمتنع اشتراك اللفظ بين متنافيين لأدائه إلى فهم الاتصاف بالمتنافيين، من قولنا: هو جوره، ووجوه فساده أظهر من أن يخفى،
(1) أي لا بالوضع، وهو قول عباد الصّيمريّ من المعتزلة.
وأكثر من أن يحصى.
هذا تتمة كلامه، مع تنقيح. والحاصل: أن دلالة اللفظ لذاته بديهي الفساد، ويذكر لها منبهات، والمنبهات عليها كثيرة جدا، فالمناقشة في بعض ما ذكر، وأن يؤدي إلى إبطاله لا تنفع، بل لا يفيد إلا تقليلا في المنبه، فتنبه إلا أن جعله دلالة اللفظ على اللافظ لذاته محل بحث؛ لأنه لعلاقة عقلية لا أنه لوضوحها لا تنفك عنه الدلالة، وكأنه أراد بالدلالة لذاته أن نفس اللفظ يستلزم العلاقة، ولا ينفك عنها، ولا يكون دائرا على اعتبار معتبر.
(وقد تأوله) أي: الحكم بدلالة اللفظ لذاته (السكاكي)(1) حيث قال:
الذي يدور في خلدي أنه رمز، وكأنه تنبيه على ما عليه أئمة علمي الاشتقاق والتصريف- رحمهم الله من أن للحروف في أنفسها خواص بها يختلف بها، كالجهر والهمس، والشدة والرخاوة والتوسط بينها، أو غير ذلك مستدعية في حق المحط بها علما أن لا يستوي بينهما، وإذا أخذ في تعيين شيء منها لمعنى أن لا يهمل التناسب بينهما قضاء لحق الحكمة، مثل ما ترى في الفصم بالفاء التي هي حرف لكسر الشيء من غير أن يبين، والقصم بالقاف التي هي حرف شديد لكسر الشيء حتى بين، وأن للتركيبات كالفعلان والفعلي تحريك العين فيهما، مثل:
النزوان والحيدي لما في مسماهما من الحركة، وفعل مثل شرف للأفعال الطبيعية اللازمة خواص أيضا؛ فيلزم فيها ما يلزم في الحروف، وفي ذلك نوع تأثير لأنفس الكلم في اختصاصها بالمعاني.
هذا ولا يخفى أن ما أول به كلام ابن عباد يخرجه عن أن يكون من المخالفين في اختصاص بعض الكلم ببعض المعاني للوضع، ويكون مدعيا؛ لأن الاختصاص لذات اللفظ كما دل عليه أول كلامه على طبق ما في كتب الأصول، وكأنه يجعل القول بكونه من المخالفين وهما من الناس من ظاهر كلامه، ويمكن التأويل بأنه أراد بجعل الدلالة لذات اللفظ نفي توقف الدلالة على إرادة المعنى به، وأن يراد أن الدال ليس إلا نفس اللفظ، وليس الوضع من تتمة الدال، والأوجه أنه أراد أن بين اللفظ ونفس المعنى مناسبة يقتضي الانتقال، وكأن
(1) انظر المفتاح للسكاكي ص 190.
انتقال الأوائل منه إلى المعنى لإلهام الله تعالى تلك المناسبة، فلما اشتهر كل لفظ في معنى استغنى في الانتقال منه إليه عن تلك المناسبة، فاكتفى في الانتقال بالاختصاص العرضي، فلم يلهم بالمناسبة بعده، ولا وضع لا لله ولا لغيره، والله تعالى أعلم. ولا اعتداد إلا بما ألهم، اللهم ألهمنا رشدنا، ولا تضع عاجلا وآجلا جهدنا ولا تكلنا إلى أنفسنا، (فإنك لو وكلت ليس على شيء أنفسنا)(1).
قال المصنف: قيل المجاز مفعل من جاز المكان يجوزه إذا تعداه أي: تعدت موضعها الأصلي، ولم ينسبه إلى السكاكي؛ لأنه ليس مخصوصا به، بل ذكره الشيخ في أسرار البلاغة مع وجه آخر، وهو أنه من جاز به المكان على معنى أنهم جازوا بالكلمة مكانها الأصلي، فيكون المجاز بمعنى المجوز بها، ولم يلتفت إليه المصنف لاحتياجه إلى تكلف تقدير حرف الجر مع الاستغناء عنه، وكأنه حمل الشيخ على الالتفات به أن يكون نظيرا للحقيقة في كونها بمعنى الفاعل أو المفعول.
ثم قال المصنف: وفيه نظر، وبينه الشارح المحقق، وتبعه السيد السند فقالا: وجه النظر أن جعل المصدر بمعنى الفاعل تكلف، ولا يخفى أنه مما لا يعد في مقام التسمية تكلفا، ومثله أكثر من أن يحصى، ومنه اللفظ والمعنى، ولعل وجه النظر أن تسميتهم المجاز طريقا وتعريفهم البيان بإيراد معنى واحد بطرق مختلفة في الوضوح إلى غير ذلك، ينبو أن يسمى مجازا بمعنى الجائز؛ لأن الطريق ليست الجائزة، بل محل الجواز؛ ولهذا قال: والظاهر أنه من قولهم: جعلت كذا مجازا إلى حاجتي أي: طريقا لها على أن معنى جاز المكان سلكه على ما فسره الجوهري وغيره، فإن المجاز طريق إلى تصور معناه.
هذا وأشار الشارح إلى ضعفه، حيث سمى قوله زعما، وكان وجه ما ذكره السيد السند في حواشي شرح مفتاحه: أنه لا يلائم ما ذكر في الحقيقة لفوات التقابل، ونحن نقول: لا خفاء في فوت التقابل، لكن لا يوجب إهمال هذا الوجه، بل ترك ما ذكر في الحقيقة إلا ما يلائمه فتسمية المجاز في غاية الحسن؛ لأن المعنى المجازي كالسائلة التي لا تسكن لفظ المجاز بخلاف الحقيقة، فإنه كسكن
(1) كذا بالأصل ولا أدري أهي من تعقيدات المصنف وعجمته الشائعة في الكتاب أم هي تحريف من النساخ.