الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وأحسن سبكا) بأن يكون في غاية البعد من التعقيد، وضعف التأليف، تكون الألفاظ متقاربة في الجزالة والمتانة، والرقة والسلاسة، وتكون المعاني متناسبة بألفاظها، من غير أن يكسى اللفظ الشريف المعنى السخيف، أو على العكس مثلا، بل يصاغان صياغة تناسب وتلائم.
(وأصح معنى) بأن يسلم من كونه متكلفا تابعا لألفاظ ركيكة وغير متناسبة، وأن يكون مبتذلة أو غير مهمة في المقام، ويسلم عن التناقض وإيهامه، وعن كونها معاني متقاربة، بحيث يشبه التكرار، ولا يخفى أنه بعد ما شرط كون المعاني متناسبة بألفاظها وأن يصاغا صيغة تناسب وتلائم لا حاجة إلى ما ذكره الشارح:
أنه مما يجب المحافظة عليه أن تستعمل الألفاظ الرفيعة في ذكر الأشواق ووصف أيام البعاد، وفي استجلاب المودات وملائمات الاستعطاف وأمثال ذلك.
[أحدها: الابتداء]
(أحدها الابتداء) فابتداء الحسن في تذكار الأحبة والمنازل (كقوله) أي قول إمرئ القيس: ([قفا]) التثنية للتكرير أو صيغة التأكيد بالخفيفة، قلب النون ألفا إجراء للوصل مجرى الوقف أو المخاطب اثنان كما يشهد به.
…
نبك من ذكرى حبيب ومنزل
…
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل (1)
السقط: منقطع الرمل حيث يدق، واللوى: رمل معوج يلتوي، والدّخول وحومل موضعان والمعنى بين أجزاء الدخول، فيصير الدخول كاسم الجمع، مثل القوم، وإلا لم تصح الفاء، قال الشارح: وقدح بعضهم في هذا البيت بما فيه من عدم التناسب لأنه وقف واستوقف وبكى واستبكى، وذكر الحبيب، والمنزل في نصف بيت عذب اللفظ سهل السبك، ثم لم يتفق له ذلك في النصف الثاني، بل أتى فيه بمعان قليلة في ألفاظ غريبة، فباين الأول، أقول: قد نبه المصنف بإيراده أنه يكفي في حسن الابتداء حسن المصراع الأول.
(وكقوله) أي: وحسن الابتداء في وصف الدار كقول أشجع السلمى:
قصر عليه تحيّة وسلام
…
خلعت عليه جمالها الأيام (2)
في الأساس خلع عليه إذا نزع ثوبه فطرحه عليه، وفي جعل جمال الأيام
(1) البيت مطلع ملعقته المشهورة وهو في ديوانه، وشرح المعلقات العشر. والإيضاح:369.
(2)
البيت في الإيضاح: 371 لأشجع السلمى.
لباسا له تشبيه له في الشرف بالكعبة؛ لأنه الذي يلبس من بين البيوت.
(ويجب أن يجتنب في المديح ما يتطير به) يستفاد منه أن من موجبات حسن الابتداء إيراد ما يتفاءل به (كقوله) أي قول ابن مقاتل الضرير: [موعد أحبابك بالفرقة غد)](1) فقال له الداعي: موعد أحبابك يا أعمى ولك المثل السوء.
(وأحسنه) أي أحسن الابتداء (ما ناسب المقصود) بأن يكون فيه إشارة إلى ما سبق الكلام لأجله، فيكون المبدأ مشعرا بالمقصود والانتهاء، ناظرا في الابتداء، ففرق بين هذه المناسبة وبين الملائمة المرغبة في التخلص؛ لأنها ليست بمعنى الإشارة، بل بمجرد عدم التباعد بين ما شبّب به، وبين المقصود، بحيث يكون جمع ما شبب به مع المقصود جمع أجنبيين، فلا يلزم البراعة منها.
(ويسمى) أي الابتداء المناسب كما هو الظاهر وكون الابتداء مناسبا للمقصود على ما فسره الشارح (براعة) من برع- مثلّثا- إذا فاق أصحابه في العلم، أو غيره، أو تم في كل كمال وجمال. (الاستهلال) هو أول صوت الصبي حين الولادة، وأول المطر؛ أي تفوق أو جمال تام بسبب الاستهلال أي أول إفادة المقصود.
(كقوله) أي قول أبي محمد الخازن في التهنئة يهنئ الصاحب بولد لابنته:
بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا
…
وكوكب المجد في أفق العلا صعدا (2)
يحتمل أن يريد بكوكب المجد المولود فإنه كوكب سماء المجد، جعل المجد كالسماء وأثبت له كوكبا هو المولود أو أن يريد بكوكب المجد ما يعرف به طالع المجد، أي ظهر بهذا المولود قوة طالع المجد، وكون كوكبه في غاية الصعود.
(وقوله) أي قول أبي الفرج الساوي (في المرثية) أي مرثية فخر الدولة [هي] أي القصة [الدّنيا تقول بملء] وهو بالكسر قدر ما يملأ به ([فيها حذار حذار])
(1) البيت لابن مقاتل الضرير وهو مطلع أرجوزه له. وابن مقاتل هو نصر بن نصر الحلواني، والداعي هو محمد ابن زيد الحسنى صاحب طبرستان.
انظر البيت في الإيضاح: 370.
(2)
البيت أورده القزويني في الإيضاح: 371. أنجز: قضى ووفى. الإقبال: قدوم الدنيا بخيرها. كوكب المجد: استعارة للمولود.