الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) الأقوال في الاستعارة بالكناية ثلاثة:
أحدها: ما ذهب إليه القدماء، وهو المشبه به المستعار للمشبه المسكوت عن ذكره اعتمادا على دلالة إثبات لازم المشبه به للمشبه، على أن المشبه به مستعار له، ففي قولنا: نشبت أظفار المنية بفلان الاستعارة بالكناية؛ السبع المستعار للمنية الذي لم يذكر، اعتمادا على أن إضافة الأظفار إلى المنية تدل على أن السبع مستعار لها.
وزعم الشارح المحقق والسيد السند: أن في كلام الكشاف في تفسير قوله تعالى:
يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ (1) تصريحا بذلك حيث قال: من أسرار البلاغة ولطائفها أن يسكتوا عن ذكر الشيء المستعار، ثم يرمزوا إليه بذكر شيء من روادفه، فينبهوا بذلك الرمز على مكانه، نحو: شجاع يفترس أقرانه، ففيه تنبيه على أن الشجاع أسد. هذا كلامه.
وقالا: هذا هو القول الصواب الذي لا خلل فيه.
وفيه: أن القصد من استعارة السبع للمنية إلى دعوى أن كونها سبعا قد تقررت، وصارت مسلمة لكمال المبالغة في التشبيه، وهذا حاصل من إضافة الأظفار إلى المنية، فإنها تفيد: كإطلاق السبع عليها أن كونها سبعا مسلّم، ففي الحكم بأن هناك سبعا مستعار لها منويا نصب إضافة الأظفار قرينة عليه تكلف خلاف ما يشهد به الوجدان من غير حاجة إليه.
فالحق: أن الاستعارة بالكناية هي استعارة السبعية للمنية المسكوت عنها بالرمز إليها، بذكر رادفه الذي هو الأظفار.
وفي قول «الكشاف» حيث قال: عن ذكر الشيء المستعار، ولم يقل: عن ذكر المستعار.
وقوله: ففيه تنبيه على أن الشجاع أسد، دون أن يقول فيه تنبيه على استعارة الأسد للشجاع شهادة ظاهرة، لما قلنا.
نعم يتجه عليه أن في الاستعارة دعوى ظهور الأسدية، وكونها مسلمة لا
(1) البقرة: 27.