الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوصفية بهذا المعنى بالعلم، إلا أن يقال: ما من اسم جنس إلا وله وصفيّة واشتهار بصفة، بخلاف العلم؛ فإنه يندر فيه ذلك، فلهذا اشترطت في العلم دون اسم الجنس.
(كحاتم) اسم فاعل من الحتم بمعنى الحكم، جعل اسما لحاتم بن عبد الله بن الحشرج الطائي العلم في الكرم، «ومادر» اسم فاعل من مدر بمعنى طان، صار اسما للمخارق الذي هو لئيم ليس له في البخل سهيم، سمي به؛ لأنه سقى إبله فبقى في الحوض قليل فسلخ فيه ومدر الحوض.
«وسحبان» على وزن عطشان علما لبليغ يضرب به المثل، وهو في الأصل بمعنى صياد يصيد ما مر به، والمناسبة ظاهرة.
«وباقل» لرجل يضرب به المثل في العي والفهاهة من يوم اشترى ظبيا بأحد عشر درهما، فسئل عن شراه ففتح كفيه ليشير بأصابعه إلى عدد العشرة وأخرج لسانه ليتم الإشارة إلى إحدى عشر، فانفلت الظبي.
وقرينتها
ما مر في تحقيق المجاز، وهو القرينة المانعة فيبادر من قوله:
[وقرينتها]
(وقرينتها) قرينة الاستعارة الصارفة لها عن الحقيقة، لكن الأنفع أن يراد قرينة الاستعارة مطلقا صارفة كانت أو معينة، أو كلتيهما.
ومن البين أنه لا اختصاص لهذا التقسيم بقرينة الاستعارة، بل تجري في المجاز المرسل والكناية أيضا، ولا ينكشف الداعي إلى جعلهم قرينة الاستعارة المصرحة متعددة دون الاستعارة بالكناية، بل جعلوا واحدا مما يصرف فيها عن الحقيقة قرينة، والزائد عليه ترشيحا، وأيضا لا يظهر فرق بين الاستعارة التي قرينتها متعددة، وبين الاستعارة المجردة إلا أن يلتزم.
(إما أمر واحد كما في قولك: رأيت أسدا يرمي أو أكثر)(1) أي: أمران أو أمور يكون كل واحد منها قرينة.
(كقوله) أي: بعض الأعراب على ما في الإيضاح:
[(فإن تعافوا) أي: تكرهوا يقال: عاف الطعام أو الشراب، وقد يقال في
(1) هذا مبني على الراجح من جواز تعدد قرينة الاستعارة، وقيل: إنها لا تكون إلا واحدة وما عداها ترشيح أو تجريد كما سيأتي.
غيرهما: يعافه ويعيفه عيفا وعيفانا محركة وعيافة وعيافا بكسرهما: كرهه فلم يشربه (العدل) العدل مقابل الظلم، ولا يبعد أن يحمل على التوحيد كما فسر به قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ (1) خص بالذكر؛ لأنه أول الإيمان (والإيمانا) جواب الشرط محذوف، أي: تلجئون إليهما، وقوله:(فإنّ في أيماننا نيرانا)] (2) علة الجزاء أقيم مقامه، والنيران إما جمع نور، أو نار استعيرت للسيوف أو الرماح يلمعن، وتخصيصها بالسيوف كما هو المعروف أو استعارتها من النار، لا من النور، كما هو المشهور منظور ليس للأنظار السليمة بمنظور، فتعلق الكراهة بكل من العدل والأيمان قرينة على أن المراد بالنيران آلة الحرب التي تشبهها في اللمعان، لا حقيقتها؛ لأنه يدل على أن الجزاء المحاربة، وفي التعبير عن السيوف بالنار التي هي جزاء الظلم والكفر في الشرع لطافة بينة، وقد يقال: من القرائن قوله: في أيماننا، فإن النار لا تؤخذ بالأيدي، وفيه ضعف لا يخفى.
(أو معان ملتئمة) يكون المجموع قرينة واحدة، فيقابل قوله:(أو أكثر).
ويصح كونه قسيما له، كذا في الشرح، وفيه: أنه لا يصح حينئذ كونه قسيما للواحد، ولا يصح حمل الواحد على البسيط؛ لأنه يبقى أكثر من واحد هي مركبات واسطة على أي تقدير يبقى واسطة هي معان غير ملتئمة يكون المجموع قرينة، وحمل الالتئام على مجرد كون المجموع قرينة دون كل واحد بعيد.
(كقوله) أي: البحتري: (وصاعقة) مجرور بواو رب أو مرفوع موصوف بالظرف، مبتدأ خبره تنكفي بها، والصاعقة هي نار تسقط من السماء (من نصله) بيان صاعقة أي: صاعقة هي نصله، جعله صاعقة في الاشتغال والتأثير، أو المراد صاعقة ناشئة من نصله، فهي وهمية تخييلية، فكأن لنصله صاعقة تحرق الأعداء، والأول أظهر، وإلى الثاني ذهب الشارح. والنصل:
حد السيف على ما يفهم من الصحاح، ونفس السيف ما لم يكن له مقبض على ما في القاموس.
فعلى هذا جعل سيفه لاختفاء مقبضه في كف الممدوح كأنه لا مقبض له
(1) النحل: 90.
(2)
انظر البيت في الإيضاح: (260).
(تنكفي) أي: تنقلب (بها) الباء للتعدية أي: تنقلب تلك الصاعقة (على أرؤس) جمع رأس للقلة يراد بها الكثرة لداعي مقام المدح (الأقران) جمع قرن بالكسر، وهو الكفوء في الشجاعة أو عام (خمس سحائب)] (1) صرف السحائب رعاية للقافية أي: أنامله الخمس التي هي في الجود وعموم العطاء سحائب، كذا في الشرح ففي البيت استتباع، حيث ضمن مدحه بالشجاعة المدح بالسخاء، ومن لم يدرك توهم أنه لا يلائم ذكره المقام.
ولك أن تجعل أنامله سحائب العذاب في نزول الصاعقة والنار، والمسطور تفسير السحائب بالأنامل.
والظاهر أن المراد بها الأصابع، فكأنه أريد مزيد المبالغة في الشجاعة، حيث يكفي للأقران أنامله، ولا يحتاج في هلاكهم إلى إعمال الأصابع؛ ولهذا عبر عن أرؤس الأقران مع كثرتها بجمع القلة، وعن أنامله الخمس بجمع الكثرة إشارة إلى أن الأرؤس مع كثرتها كأنها قليلة بالنسبة إلى أنامله الخمس لإحاطة أنامله إياها وشمولها لها، فحينئذ مجموع المعاني الملتئمة التي جعلت قرينة لإرادة الأنامل بالسحائب ذكر الصاعقة، وبيان أنها من نصل سيفه، وجعلها على أرؤس الأقران، وجعل السحائب معدودة بعدد الأنامل مع ضميمة مقام المدح، فإن قطع النظر عن مقام المدح يجعل المراد بها الأصابع، فالتفسير بالأنامل وترك ضميمة مقام المدح يورث الذم.
(وهي) أي: الاستعارة تنقسم باعتبار الطرفين، وباعتبار الجامع، وباعتبار الثلاثة، وباعتبار اللفظ، وباعتبار آخر، وقوله: باعتبار آخر بالإضافة أي باعتبار أمر آخر هو المقارنة بما يلائم شيئا من الطرفين وعدمها فيكون على نحو اعتبار نظائره، ويوافقه عبارة الإيضاح هنا، بدل قوله باعتبار آخر باعتبار أمر خارج عن ذلك كله، وفيما بعد، وإما باعتبار الخارج، والشارح غفل عنه فجعل قول المصنف:«فيما» بعد وباعتبار آخر تركيبا توصيفيا، ففسره باعتبار آخر غير الاعتبارات السابقة.
(1) البيت في ديوانه: (1/ 179)، والإيضاح:(261)، والطراز:(1/ 231)، ورواية الديوان:
وصاعقة من كفه ينكفي بها
…
على أرؤس الأعداء خمس سحائب
ويريد بخمس صحائب: الأنامل.