الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا المعنى من ذكر قوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ فهو داخل في أصل المقصود، وليس في الإطناب من شيء والله أعلم.
ومن هذا القسم قول كعب بن سعد الغنوي:
حليم إذا ما الحلم زيّن أهله
…
مع الحلم في عين العدوّ مهيب (1)
فإنه لو اقتصر على وصفه بالحلم لأوهم أن ذلك له من عجزه عند القدرة، فأزال هذا الوهم بأن جملة إنما هو في وقت تزيين الحلم لأهله، وهذا إما يكون عند القدرة، وإلا لم يكن زينا، وأما المصراع الثاني فيزعم المصنف أنه تأكيد لمفهوم قوله: إذا ما الحلم زين أهله، مع أنه غير حليم حين لا يكون الحلم زينا لأهله، فإنه من لا يكون حليما حين لا يحسن الحلم يكون مهيبا في عين العدو لا محالة، فيكون هذا تذييلا لتأكيد المفهوم لا تكميل كما زعم بعض الناس، وفيه نظر؛ لأن تذييل التكميل تكميل كما لا يخفى فبهذا الاعتبار جعله هذا البعض تكميلا.
وقال الشارح المحقق: وفيه نظر؛ لأن الأهم أن من لا يكون حليما حين لا يحسن الحلم يكون مهيبا في عين العدو؛ لجواز أن يكون غضبه مما لا يهاب ولا يعبأ به، ويمكن إثبات ما منعه بأنه إذا لم يكن حلمه مع العدو حسن لا محالة يكون غضبه مهيبا، وإلا لكان حلمه حسنا؛ إذ لا نفع لغضبه.
قال الشارح: والذي يخطر بالبال أن معنى البيت ألطف وأدق مما يشعر به كلام المصنف، وأن المصراع الثاني تكميل؛ وذلك لأن كونه حليما في حال يحسن فيه الحلم يوهم أنه في تلك الحالة ليس مهيبا لما له من البشاشة وطلاقة الوجه وعدم آثار الغضب والمهابة، فنفى ذلك الوهم بقوله: مع الحلم في تلك الحالة التي يحسن فيها الحلم بحيث يهابه العدو ليتمكن مهابته في ضميره، فكيف في غير تلك الحالة.
[أو بالتتميم]
(وإما بالتتميم، وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود) يخرج عنه تتميم ذكر في كلام يوهم خلاف المقصود، فإن الفرق بين التتميم والتكميل بأن النكتة في التتميم غير دفع وهم خلاف المقصود، لا بأنه لا يكون يوهم خلاف المقصود؛ إذ لا مانع من اجتماع التتميم والتكميل.
(1) كعب بن سعيد شاعر إسلامي يحسن الرثاء، والبيت من رثائه لأخيه أبي المغوار. انظر البيت في الإيضاح:196.
(بفضلة)(1) لنكتة المتعارف فيما بين علماء العربية كون الفضلة بمعنى يقابل العمدة، فالشارح المحقق حفظ المتعارف، ومنهم من جمله على ما يزيد على أصل المراد، ولا يفوت بحذفه، فرده الشارح المحقق في المختصر بأنه لا تخصيص بذلك للتتميم، وبأنه كذّبه بذلك كلام المصنف في الإيضاح، وكلاهما ضعيفان.
أما الأول، فلأن المصنف غير متحاش عن ذكر ما لا يخص بقسم في قسم يشهد قوله في تعريف الإيغال بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها.
وأما الثاني، فلأن المصنف لم يزد في هذا المقام في الإيضاح على ما في التلخيص إلا تكثير الأمثلة مع أنه لم يمثل بغير الفضلة، نعم ما ذكره في بحث الاعتراض أن من اشترط في الاعتراض كونه بين كلامين أو في أثناء كلام، وجوز كونه غير جملة يشمل الاعتراض عنده بعض صور التتميم ينافيه فإنه لو لم يكن التتميم مخصوصا بالفضلة لم يتوقف شمول الاعتراض بعض صوره على تجويز كونه غير جملة، بل يشمل عنده من لم يجوزه أيضا إلا أنه يبعد أن يكون مراده هذا الموضع؛ لأنه مذكور في نفس الكتاب فلا معنى للإحالة بالإيضاح، ثم التخصيص بالفضلة يوجب أن لا يكون قولنا: زيد يقاسي مشقة الجوع، ويطعم الطعام من التتميم، مع أنه كقولنا: زيد يطعم الطعام مع مقاساة شدة الجوع، ولا يخفى أنه بعيد عن الاعتبار جدّا.
(كالمبالغة نحو: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ (2) في وجه أي مع حبه) من وجهين ذكرا في تأويل النظم، وهو كون ضمير حبه للطعام إما على توجيه آخر، وهو كونه لله فلا يكون من الإطناب؛ لأنه لتأدية أصل المراد لا تقول على الوجه الأول أيضا هو لأصل المعنى؛ لأنه لا بد منه في أداء أنهم يطعمون الطعام مع حب الطعام؛ لأنا نقول: لولا المبالغة في الإطعام لم يكن لإفادة أن الإطعام مع حب الطعام وجه، ولم يقصد إليه البليغ، ولا يبعد أن يجعل الضمير للإطعام، أي: يطعمون الطعام بناء على حب الإطعام، فيكون
(1) المراد بالفضلة المفعول ونحوه لا ما يتم أصل المعنى بدونه؛ لأن هذا لا بد منه في كل أنواع الإطناب ولا يخص بالتتميم، وبهذا يكون التتميم أخص من الإيغال من هذه الناحية؛ لأنه لا يتقيد بها، ويكون أعم من ناحية أنه قد يكون في غير الآخر بخلاف الإيغال، ويسمى التتميم التام أيضا.
(2)
الإنسان: 8.