الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحروف، وما ذكرنا من شرح كلامه أقرب مما ذكره الشارح المحقق من أن معنى قوله: ونحوه المماثلة في كونه من التجنيس المحرف، ودفع لما يتبادر إلى الوهم من أن التجنيس مع اختلاف عدد الحروف، وليس من قسم المحرف.
هذا ولا يخفى أن قوله والحرف المشدد في حكم المخفف كما أنه متمم للحكم السابق توطئة للحكم اللاحق من قوله: (وكقولهم البدعة شرك الشرك) فإن الشرك بالشين المشدد يقتضي أن يكون الاختلاف في الحرفين بالحركة والسكون بأن يكون المتحركان في أحد المتجانسين ساكنين في الآخر، والمقصود به التمثيل لكون المتحركين في أحدهما بالفتح مكسور أو ساكنا في الآخر أو يقال: يقتضي أن لا يكون من التجنيس المحرف بل من الناقص والبدعة، كالحكمة الحدث في الدين بعد الإكمال، أو ما استحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الأهواء والأعمال، والشرك: محركة حبائل للصيد، وما ينصب للطير، والشرك بالكسر اسم بمعنى الإشراك والمراد به الإشراك بالله
[وإن اختلفا في أعدادها يسمى ناقصا]
(وإن اختلفا في أعدادها) أي الحروف بأن تكون حروف أحدهما أكثر من الآخر ولا يكون اختلاف بينهما مع حذف هذا الزائد في اللفظ (يسمى) الجناس (ناقصا) قال الشارح: لنقصان التشابه للاختلاف في العدد والهيئة والنوع وسماه السكاكي مذيلا (وذلك) ستة أقسام لأنه (إما بحرف واحد) وهو ثلاثة أقسام كما فصله بقوله (في الأول) إلخ، وإما بأكثر، وهو مثل ما لحرف واحد إلا أنه لم يذكر إلا قسما واحدا (مثل قوله تعالى: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (1) وذلك مبني على أن المشدد حرف واحد، وإلا فالمساق لا يزيد على الساق (أو في الوسط نحو جدي) أي بختي أو رزقي أو عظمتي أو حظي (جهدي) بالفتح أي مشقتي وكون الجد أنقص من الجهد، كالساق والمساق، أو في الآخر (كقوله) أي أبي تمام:[(يمدّون من أيدي)] أي بعض أيد إذ الحرب وإعمال السيف لا يكون إلا بيد فالماد للسيف ليس إلا مادّا لبعض أيديه، فالأخفش أيضا مع تجويزه زيادة من في الإيجاب يرضى بجعلها زائدة هنا إذ لا داعي إليه فجعلها زائدة على مذهبه أو تقديره بسواعد من أيد حفظا لمن عن الزيادة، كما فعله الشارح، ذهول عن معنى
(1) القيامة: 29، 30.
لطيف، وعدول عن طريق حنيف، وهبناه في وقت شريف، وما ذكر الشارح مقابلا لتقدير المعطوف من أنه للتبعيض مع أنه في تقدير سواعد من أيد أيضا للتبعيض، إذ السواعد بعض الأيدي فكأنه مبني على جعل من التبعيضية اسما، وقد صرح به في شرح الكشاف، وقال: هذا مما استخرجته (عواص) من عصاه بسيفه ضربه به ضربة بالعصا (عواصم) من عصم على حد ضرب بمعنى منع أو وقي تمامه: (تصول بأسياف قواض) أي: قواتل، من قضى عليه قتله، وهو أنسب مما في الشرح، من أنه قضى عليه حكم أي حاكمه بالقتل، (قواضب)(1) من قضبه بمعنى قطعه، على حد ضرب يعني أسياف قواتل للأحياء قواطع للأشياء أيا كانت خشبا أو حجرا أو حديدا، فلا يكون ذكر القواضب مستغنى عنه بالوصف بالقواتل، وتكون الزيادة في الآخر لعدم الاعتداد بالتنوين.
(وربما يسمى) قال المصنف أعني الثالث (مطرفا) نقلا من الخيل الأبيض الرأس والذنب وسائرهما مخالف فإن آخره بخلاف الباقي في كون اللفظ إعادة، قال المصنف: ووجه تحسينه أنه يوهم قبل ورود آخر الكلمة كالميم من عواصم أنها هي الكلمة التي مضت، وإنما أتى بها للتأكيد حتى إذا تمكن آخرها في نفسك ووعاه سمعك انصرف عنك ذلك التوهم وحصل لك الفائدة بعد اليأس منها، هذا وفيه نظر من وجهين: الأول أن توهم التأكيد ليس عاما لأنه لا يشمل مثل قولنا: لهم أيد عواص، وأعين عواصم؛ إذ لا مجال لتوهم التأكيد، فينبغي أن يحذف قوله:
وإنما أتى بها للتأكيد، والثاني: أن اختصاص الوهم بالزمان السابق على ورود الآخر إنما يتم في مثل عواص عواصم، وأما في عواصم عواص فالوهم باق بعد ورود الآخر، فالأولى أن يقال قبل معرفة الآخر، ووجه تحسين القسمين السابقين جمع الألفاظ المتناسبة، فهما في المحسنات اللفظية نظير مراعاة النظير في المحسنات المعنوية، وهذا الوجه يعم أقسام الجناس (وإما بأكثر) قد عرفت أنه ثلاثة أقسام كقسميه، ولم يذكر منه إلا قسما سمي باسم لبيان اسمه (كقولها) أي الشاعرة، وهي الخنساء ويقال لها خناس أيضا أخت صخر:[(إنّ البكاء)] بالضم والكسر أو الثاني لكثرته فهو أنسب هنا [(هو الشّفاء من الجوى)] هو حرقة القلب
(1) البيت في ديوانه: 1/ 206، والطراز 2/ 362، والإيضاح:335.