الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(والتدله) الدله ويحرك ذهاب الفؤاد من هم ونحوه، ودلهه العشق تدليها فتدله كذا في القاموس فلا يلغو، قوله (في الحب) نعم يلغو لو كان الدله ذهاب الفؤاد من الهوى كما في الصحاح، والأظهر أن النكتة لا تخص الدله في الحب، فالأولى ترك قوله في الحب (في قوله) أي قول الحسين ابن عبد الله، وكثيرا ما يتوهم أنه للمجنون:[(بالله يا ظبيات القاع)] هو المستوى من الأرض [(قلن لنا ليلاى منكنّ]) أضافها إلى نفسه ليعلم أنها ليست ليلى بمشهورة، ولم يضف في قوله (أم ليلى) لأنه لا التباس بعد لإضافة السابقة، وقيل الإضافة للتلذذ كوضع الظاهر موضع المضمر (من البشر)(1) والتردد في كون ليلى منهن أم من البشر، إما في حسن سواد عينيها وبياضهما، وإما في التنفر والوحشية، قال المصنف:
وكالتحقير، في قوله تعالى في حق النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الكفار:
هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (2) كأنهم لم يعرفوا منه إلا أنه رجل ما، والتعريض في قوله تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (3) هذا، ويناسب التجاهل التعظيم أيضا كأنه لعظمته لا يعرف إلى غير ذلك من الاعتبارات.
[ومنه القول بالموجب]
(ومنه: القول بالموجب) أي الحكم بموجب أمر أثبت لشيء من غير ذكره، أو بموجب المتعلق المذكور.
(وهو ضربان: أحدهما أن يقع صفة) أي دالا على ذات مبهمة باعتبار المعنى المقصود (في كلام الغير كناية عن شيء) أي دالا عليه دلالة خفية، لخصوص الشيء وعموم الصفة، ولا يراد الكناية الاصطلاحية، إذ ليس دلالة الأعز على فريقهم بطريق الكناية بل بطريق التصريح.
(أثبت له حكم) صفة شيء (فتثبتها) أي تلك الصفة بمعنى الأمر القائم بالغير ففيه استخدام (لغيره) أي الشيء (من غير تعرض لثبوته له) الأولى لإثباته له أو لانتفائه عنه (بدل أو نفيه عنه) فيوجب ذلك الإثبات نفي الحكم الذي أثبت لفريقهم معلقا بتلك الصفة وإثباته للغير على سبيل الإلزام والمجاراة، وهذا هو
(1) البيت في الطراز: 3/ 81، والمصباح: 88، والإيضاح:330.
(2)
سبأ: 7.
(3)
سبأ: 24.
القول بالموجب في هذا القسم (نحو: قوله) تعالى: يَقُولُونَ أي: المنافقون لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (1) فالأعز صفة وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم، والأذل وقعت كناية عن المؤمنين، وقد أثبتوا لفريقهم المكني عنه بالأعز الإخراج فأثبت الله تعالى بالرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم، وهو الله ورسوله والمؤمنون، ولم يتعرض لثبوت ذلك الحكم الذي هو الإخراج للموصوفين بالعزة، لكن أوجب ذلك الإثبات نفي الحكم عن فريقهم وإثباته للمؤمنين، هذا على وفق ما في الشرح، وفي تفسير القاضي وغيره عني بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(والثاني: حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده) مما يحتمله احتمالا حقيقيا أو مجازيا، فقوله مما يحتمله للتعميم فلا يكون عاريا عن الفائدة كما يتبادر إلى الوهم (بذكر متعلقه) أي ما يتعلق به سواء كان جارّا ومجرورا كما يتبادر إلى الوهم أو غيره، ليشمل مثل قول القبعثري في خطاب الحجاج معه:
لأحملنك على الأدهم: مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، فإنه حمل الأدهم في كلام الحجاج على خلاف القيد الذي هو مراده من الفرس الأدهم، بالعطف عليه شيئا يوجب كونه الفرس، إذا عرفت هذا فلا خفاء أن هذا القسم من القول بالموجب من تلقى المخاطب بغير ما يترقب، فيكون داخلا في البلاغة لا تابعا لها فتأمل.
(كقوله: [قلت ثقّلت) أي حملتك المؤنة (إذ أنبت مرارا) ظرف لقلت أو ثقلت فحمله على تثقيل عاتقه بالأيادي (قال ثقّلت كاهلي) أي عاتقي (بالأيادي)] (2) أي بنعم هي الإتيان مرارا كل إتيان نعمة، قال المصنف وتبعه الشارح: وقريب من هذا قول الآخر.
وإخوان حسبتهم دروعا
…
فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاما صائبات
…
فكانوها ولكن في فؤادي (3)
(1) المنافقون: 8.
(2)
البيت للحسن بن أحمد المعروف بابن حجاج، وقيل لمحمد بن إبراهيم الأسدي. أورده القزويني في الإيضاح: 331، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات:287.
(3)
البيتان والبيت بعدهما ينسبون لابن الرومي، ولأبي العلاء، ولعلي بن فضالة القيرواني، وهو شاعر
…
-
ولك أن تجعله ضربا ثالثا، وهو حمل اللفظ الكائن في ظنه بمعنى من غير أن يكون في كلام الغير على معنى آخر، ونحن نقول هذا من قبيل التكلف في الضمير، لا حمل اللفظ الواقع في ظنه، بمعنى على معنى آخر، فإن ضمير فكانوها للدروع المذكور في ضمن دورعا لي، وهكذا في الضمير الراجع إلى سهام صائبات، وبعد هذين البيتين:
وقالوا قد صفت منّا قلوب
…
لقد صدقوا ولكن عن ودادي
قال الشارح: وهذا البيت من هذا القبيل، وفيه نظر، بل المعنى لقد صدقوا في دعوى الصفاء لكن لا عن حقدي بل عن ودادي، فهو تصديق في بعض الدعوى، وتكذيب في بعضه، وليس من حمل اللفظ على غير ما أراد المتكلم في شيء فتأمل.
(ومنه: الاطراد وهو أن تأتي بأسماء) الأولى بأعلام الممدوح لأن اختصاص الاطراد بما سوى الكنى والألقاب غير ظاهر، واستعمال الأسماء في ما يعمها خلاف الأصل. (الممدوح أو غيره وآبائه) عطف على الممدوح والمراد به ما فوق الواحد يشهد له المثال، والأسماء أضيف إلى المجموع، ولهذا جمع، وليس التقدير بأسماء الممدوح، وأسماء آبائه كما شرحه الشارح، إذ لا يشترط في الاطراد أن يكون للمدوح أو غيره أسماء، فضلا عن الإتيان بها.
(على ترتيب الولادة من غير تكلف) حتى لو وقع تكلف كأن يقال: عتيبة الذي أبوه شهاب، الذي أبوه حارث، لا يسمى اطرادا، فإن قلت لا فائدة لقوله على ترتب الولادة إذ لا يمكن الإتيان من غير ترتيب، وإلا لكذب الانتساب، فلا بد في عتيبة بن حارث بن شهاب من هذا الترتيب، إذ لو قيل عتبة بن شهاب بن سهاب بن حارث لكذب. قلت: لا ينحصر ذكر الممدوح وآبائه في الذكر بطريق الانتساب، فإنه لو قيل ممدوحي عتيبة وشهاب وحارث لكان من الاطراد. (كقوله:[إن يقتلوك فقد ثللت) أي هدمت (عروشهم) من ثل الدار (بعتيبة بن الحارث بن شهاب)](1) أي تقتله فإنه كان أثاث
- مغربي توفى سنة 474 هـ. كانوها: الضمير الواقع خبرا لكان يعود على الدروع.
(1)
البيت لربيعة بن سعد، وقيل لداود بن ربيعة الأسدي، وهو في الإشارات: 288، والإيضاح:332.