الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رمح من (زبرجد)] (1).
فإن الأعلام الياقوتية المنشورة على الرماح الزبرجدية مما لم يدركه حس؛ لأن الإحساس لا يتعلق بغير موجودي مادي حاضر عند الحس على نسبة مخصوصة، يعرفها كل ذي حس، لكن مادته التي تركبت منها كالياقوت والزبرجد وهيئة العلم والرمح والنشر مما أدرك بالحس.
ويمكن تفسير الشعر بما يخرج المشبه به عن كونه خياليا بأن يجعل أعلام ياقوت بمعنى أعلام كالياقوت في الحمرة فيكون تشبيها بليغا، ويراد بالزبرجد خشب مخضرّ كالزبرجد فيكون استعارة.
[والعقلي]
(وبالعقلي) عطف على قوله بالحسي و (ما عدا ذلك) على قوله: المدرك عطف معمولين على معمولي أمر واحد أي: المراد بالعقلي ما لم يدرك هو ولا مادته بتمامها بإحدى الحواس الظاهرة، سواء أدرك بعض مادته أو لا.
(فدخل فيه الوهمي أي: ما هو غير مدرك بها ولو أدرك لكان مدركا بها) أي: لو أدرك على الوجه الجزئي، فلا ينافيه كون أنياب الأغوال متصورة إذا ما لم يتصور لم يتصور جعله مشبها به، وبهذا القيد يتميز عما يدرك بالوجدان، ويصح قوله وما يدرك بالوجدان عديلا له. قال الشارح: وبهذا القيد يتميز عن العقلي، يعني به يتميز الخاص عن العام، ولولا تميزه لا يصح الحكم بدخوله فيه، وربما يقال: أراد التميز عن العقلي الصرف، وما ذكرنا أحسن، فأحسن التأمل. وأعرض عن الوهمي بحسن التعقل (كما في قوله) أي: كمشبه به في قول امرئ القيس.
[(أيقتلني) يريد به الرجل الذي أوعده في حب سلمى (و) الحال أن (المشرفيّ) بفتح الراء، قال الشارح: سيف منسوب إلى مشارف اليمن، وجعل القاموس مشارف من الشام، وإنما رد المشارف إلى المشرف؛ لأن الجمع لا ينسب إليه ما لم يرد إلى المفرد (مضاجعي) قال الشارح: أي: ملازمي، وجعل
(1) البيتان للصنوبري، وهما في الإيضاح: 207، والمصباح: 116، أسرار البلاغة: 158، والطراز:
1/ 275 وهما في شرح عقود الجمان بلا نسبة 2/ 15، وفي الإشارات والتنبيهات كذلك بلا نسبة: 175، والشقيق: نبات أحمر، تصوب: مال إلى أسفل، تسعد: استقام إلى أعلى.
المضاجعة كناية عن الملازمة، وجعل مضاجعي مبتدأ والمشرفي خبرا؛ حيث قال في تفسيره: والحال أن مضاجعي سيف منسوب إلى مشارف اليمن، ولا بأس بتقديم الخبر مع كونه معرفة كالمبتدأ؛ لأنه يجوز فيما لا التباس فيه على ما هو التحقيق، ولا التباس هنا؛ لأنه يعلم من استبعاد القتل أن له ملازما يمنع القتل.
فاللائق تعيينه بالمشرفي لا تعيين المشرفي به، ومن الناس من توهم أن الشارح جعل الكلام قلبا، وابتلي ببيان نكتة القلب، ولم يأت بما يفيد للنفع جلبا، ولا يبعد أن يراد بالمضاجع حقيقته، ويكون فيه إشعار بأن قصد أحد قتلى لا يمكن إلا في حال اضطجاعي ونومي (ومسنونة) قال الشارح: أي: سهام محددة النصال، يقال: سن السيف إذا حدده ووصف النصال بالزرقة؛ للدلالة على صفائها، هذا والأنسب بقوله:(زرق) تفسير سن بالتحديد والصقل على ما في القاموس ولا يخفى أن الأنسب تفسير المسنونة بأسنة الرماح؛ لأن الأسنة هي الأشبه بأنياب الأغوال؛ لأنها أعظم من النصال، وفي كون أنياب الأغوال مما لم يدرك مادته بالحس نظر؛ لأن مادته العظم، وكأنه مبني على توهم أنياب، لا من جنس العظم؛ لأنها تفعل ما لا يمكن للعظم، بل لا يعلم أن مادته أي شيء؛ لأنه لا مناسبة لها بشيء من القواطع، ولا يخترع على صورة الناب المتعارف بخصوصه، بل على صورة مهيبة له، مناسبة في الجملة بصورة الناب (كأنياب أغوال)] (1).
الأنياب: جمع ناب، وهو السن خلف الرباعية، والأغوال جمع غول، وهي ساحرة الجن والمنية، وشيطان يأكل الناس أو دابة رأتها العرب وعرفتها وقتلها تأبط شرّا.
قال الشارح: ومما يجب له التنبه في هذا المقام أن ليس المراد بالخياليات الصور المرتسمة في الخيال المتأدية إليه من طرق الحواس، ولا بالوهميات المعاني الجزئية المدركة بالوهم على ما سبق تحقيقها في بحث الفصل والوصل؛ وذلك لأن الأعلام الياقوتية ليست مما ردت إلى الخيال من الحس المشترك؛ إذ لم يقع بها
(1) البيت في ديوانه: 150، انظر البيت في الإيضاح: 169، 208.