الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقبله ملك متكبر فكيف غيره.
وقال السيد السند: إن البيت يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه لم يكن في ثغرها خال، أي شامة تغير لونه.
والثاني: ما ذكره، ودفع توهم غير المقصود إنما يتأتى على الثاني دون الأول.
قلت: لما شبه فمه بالخاتم، والخاتم ربما يسود بالخبر ربما يتوهم أن يكون في ثغره شامة يشبه سواد الخاتم فدفعه بذلك، ولك أن تريد به بدفع توهم ذكره الشارح أخا أم الرجل فيكون مبالغة في نفي تقبيله؛ لأنه إذا لم يتيسر ذلك لخاله فكيف لغيره (وقيل: لا يختص بالشعر) وهل يختص في الشعر بآخر البيت كما في القول الأول؟ وهل يختص في النثر بآخر الفقرة؟ (ومثل ذلك بقوله تعالى: قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (1) لأن قوله: وهم مهتدون، مما يتم المعنى بدونه؛ لأن الرسول مهتد لا محالة.
وذكر لزيادة الحث على الاتباع والترغيب في الرسل أي: ولا تخسرون معهم شيئا من دنياكم أو تربحون صحة دينكم فينتظم لكم خير الدنيا والآخرة. كذا في الشرح.
قلت: المثال اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون بكليته؛ لأن الرسول لا يكون إلا كذلك، وفيه مزيد الحث كما ذكره فتأمل.
[وإما بالتذييل]
(وإما بالتذييل وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى، تشتمل) تلك الجملة الثانية (على معناها)(2) أي: معنى الجملة الأولى (للتوكيد)(3) علة للتعقيب، ولا يخفى أنه يشمل الجملة المؤكدة نحو: إن زيدا قائم إن زيدا قائم، وجاء زيد جاء زيد فبينه وبين التكرير عموم من وجه (وهو ضربان: ضرب لم يخرج مخرج المثل) بأن لم يستقل بإفادة المراد، بل توقف على ما قبله، كذا في
(1) يس: 20، 21. فقوله:«وهم مهتدون» إيغال لأنه يتم المعنى بدونه والاهتداء بالرسل قطعا، والغرض منه زيادة الحث على اتباعهم.
(2)
المراد باشتمالها على معناها إفادتها بفحواها لما هو مقصود من الأولى، لا دلالتها عليه بالمطابقة؛ لأن هذا هو التكرير السابق، ويشترط في الجملة الثانية ألا يكون لا محل لها من الإعراب، وقيل: إن هذا غير شرط، والفرق بين التذييل والإيغال: أن التذييل لا يكون إلا بجملة ويقصد منه التوكيد خاصة، بخلاف الإيغال.
(3)
المراد بالتوكيد هنا معناه اللغوي وهو التقوية، أما التوكيد في التكرير السابق فهو بمعناه الاصطلاحي.
الشرح ولا بد فيه من قيود أخر نظرا إلى ما فسر به الخارج مخرج المثل، وهو ما يكون حكما كليا منفصلا عما قبله جاريا مجرى الأمثال في الاستقلال وفشو الاستعمال، فهذا الضرب المقابل له ينبغي أن يتحقق بأن لا يستقل أو يكون حكما جزئيا أو كليا لم يفش استعماله، وكان حسن الترتيب أن يقدم الضرب الثاني؛ لأنه ثبوتي إلا أن يقال الضرب الأول أشد ارتباطا بالمقصود من الثاني؛ فلذا قدم (نحو ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (1)
على وجه) وهو أن يكون المعنى، وهل يجازى ذلك الجزاء المخصوص؟ فيكون متعلقا بما قبله؛ لأنه لحصره في الكفور، وأشار بقوله على وجه أن هناك وجها آخر ليس بما نحن فيه، وهو ما نقله عن الزمخشري في الإيضاح، من أن الجزاء عام لكل مكافأة يستعمل تارة في معنى المعاقبة، وتارة في معنى الإثابة، فلما استعمل في قوله:
(جزيناهم بما كفروا) بمعنى عاقبناهم لكفرهم قيل: وهل يجازي إلا الكفور؟ ، بمعنى وهل يعاقب إلا الكفور؟ .
قال المصنف: فعلى هذا يكون من الضرب الثاني.
فإن قلت: لولا أن جزيناهم بمعنى عاقبناهم لا يحمل، وهل يجازي معنى وهل يعاقب، فيتوقف على سابقه.
قلت: التوقف لفهم المراد فالاحتياج يفهم باعتبار دلالة اللفظ، وهو لا ينافي الاستقلال إنما المنافي أن يكون نفس الحكم متوقفا على ما قبله بقي أنه لا يصح نفي مطلق المعاقبة عن غير الكفور فإنه المبالغة في الكفور، ويكفي في المعاقبة الكفر فعلى هذا أيضا لا بد أن يحمل النظم على أنه هل يعاقب ذلك العقاب إلا الكفور، فعلى هذا الوجه أيضا يكون من الضرب الأول مطلقا إلا أن يقال:
حصر العقاب ادعائي فلا يحتاج إلى التقييد، والأولى أن يجعل من الضرب الأول مطلقا، ويستغنى عن اعتبار الادعاء ويمكن أن يحمل الجزاء على المطلق، ويخرج مخرج المثل بأن يقال: لا جزاء إلا للكفر، وأما الإثابة فمحض فضل؛ لأن الشاكر لا يفي عمله بما وجده عاجلا، وليس ما يسمى جزاء إلا بارزا في معرضه من غير أن يكون على حقيقة الجزاء.
(1) سبأ: 17.