الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجهل والموت عدم الانتفاع كان أيضا صوابا.
[والمركب الحسي فيما طرفاه مفردان]
(والمركب الحسي) من وجه الشبه لا يكون طرفاه إلا حسيين فلم ينقسم باعتبار حسية الطرفين وعقليتهما واختلافهما، لكن ينقسم باعتبار أفراد الطرف وتركيبه، ولم يشر إلى تقسيم الطرف إلى المركب والمفرد والمختلف؛ لأنه يحصل في ضمن تقسيم الوجه باعتباره، ولم يكتف بذلك في تقسيم الطرف إلى الحسي والعقلي والمختلف تنبيها على أن الطرف أيضا مقصود بالبحث كالوجه، وليس أحدهما تبعا للآخر.
وفي الشرح إنما قسم وجه الشبه المركب (1) هذا التقسيم دون الواحد؛ لأن معنى تركيب وجه الشبه أن يكون هيئة منتزعة من أشياء تشترك فيه هيئتان منتزعتان كذلك بأن يعمهما تلك الهيئة والطرف المركب بأن يكون هيئة منتزعة من أشياء؛ إذ لا معنى لتركيب الطرف وتركيب وجه الشبه إلا ذلك، فلا يمكن تشبيه المركبتين إلا بالاشتراك في مركب يعمهما، فلا يمكن أن يكون طرفا وجه الشبه الواحد مركبين.
هذا تنقيح كلامه، ولا بد من بيان أنه لا يجري هذا التقسيم في وجه الشبه المتعدد، وأنه لا يكون طرفا الواحد مختلفين أيضا، حتى يتم وجه التخصيص ويتبين عدم صحة الاختلاف لما ذكره من أن التشبيه في الهيئة إنما يكون باشتراك الهيئتين فيها، ولا يتم عدم الجريان في المتعدد ما لم يتبين أنه لا يمكن تشبيه الهيئتين المنتزعتين يجوز أن يكون في غير الهيئة من كونهما معجبتين أو مرتين أو مرغوبتين أو مكروهتين، إلى غير ذلك.
فيصح أن يكون الواحد من وجه الشبه طرفاه مفردين ومركبين ومختلفين.
فإن قلت إذا كان معنى التركيب ما حققته، فكيف صح قول السكاكي: وجه الشبه إما واحد أو غير واحد، وغير الواحد إما في الحكم الواحد؛ لكونه إما حقيقة ملتئمة وإما أوصافا مقصودا من مجموعهما إلى هيئة واحدة أو لا يكون في
(1) عرفه عبد القاهر الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة بقوله: «هو التشبيه الذي يتحد فيه المشبه والمشبه به» وفرق بينه وبين المتعدد بقوله: «ويكون مركبا من شيئين أو أكثر وهو غير التشبيه المتعدد الذي يكون جمعا للصور التشبيهية من غير تركيب» .
حكم الواحد يعني المتعدد.
قلت: هذا مما استصعبه الشارح، ويمكن دفعه بأنه أراد بالحقيقة الملتئمة ما يكون هيئة منتزعة من أمور لا يكون أوصافا؛ ولهذا قابلها بالأوصاف، فإن قلت: لا تستبعد ذلك لولا يأبى عنه ما صرح به من أن عد العراء عن الفائدة واستطابة النفس من الواحد تسامح؛ لأن وجه التسامح ليس أن فيهما شائبة التركيب.
قلت: لو سلم فلا إباء؛ لأنه لعله أراد التسامح في الاصطلاح بالتوسعة في التسمية بالواحد، واعتباره على وجه يندرج فيه كثير من المركبات، ومما يؤيده أن لا معنى للتركيب إلا ذلك، جعل استعارة الفعل واستعارة الأسماء المتصلة به استعارة تبعية معدودة من الاستعارة في المفرد، دون الاستعارة التمثيلية التي هي استعارة مركبة.
(فيما) أي: في تشبيه (طرفاه مفردان كما) أي: في وجه شبه (في قوله).
قال الشارح: يعني أحبية بن الحلاج أو أبي قيس بن الأسلت وقد يقع فيه الإيضاح، لكن في القاموس الأسلت من أوعت صدع أنفه، ووالد أبي قيس الشاعر [(وقد لاح) هو كالاح بمعنى بدا (في الصّبح) هو ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل (الثّريا) تصغير ثروى مؤنث ثروان كسكرى سكران للمرأة المسمولة سمي تصغيرها النجم لكثرة كواكبه مع ضيق المحل (كما ترى) أي:
في المرأى وهو مأخذ قول المصنف في المرأى، وله احتمال آخر كما ترى (كعنقود ملّاحيّة) العنقود معلوم، والملاحية بضم الميم وتخفيف اللام عنب أبيض طويل على ما في القاموس.
وينبغي أن يحمل عليه قول الشارح عنب في حبه طول، وقد يشدد اللام كما في البيت والملاحية صفة عنب أو شجرة، ولك أن تجعل الإضافة بيانية (حين نوّرا)] (1) أي: أخرج نوره بالفتح، وهو الزهر الأبيض أو المطلق والزهر شاع في الأصفر (من الهيئة) بيان لما كما في قوله: (الحاصلة من تقارن الصور البيض
(1) البيت أورده القزويني في الإيضاح: 213، محمد بن علي الجرجاني في الإشارات:180. والملاحية: عنب أبيض، نوّرا: تفتح.
المستديرة الصغار) المقاديرة (في المرأى) قيد التقارن بقوله في المرأى مستفيدا من قول الشاعر كما ترى؛ لأنه لا يقارن في الحقيقة، إذ لو كان إرائتها متصلة متراكمة، ولأنه لا لون في الفلكيات أو لا علم بلونها، ولا يعلم استدارتها وهي في الواقع كبار فيما يشعره قول الشارح إنه متعلق بالصغر؛ لأنها كبار في الواقع تخصيص بلا مخصص.
(على الكيفية المخصوصة) من كون البياض على نسبة معينة واحدة بين الأجزاء، وكذا الاستدارة والصغر والتقارن، وقوله:(إلى المقدار المخصوص) إما حال من الكيفية كما يشعر به عبارة الشارح وشارحي المفتاح، ولا يلزم الحال من الحال؛ لأن الكيفية في الجملة الظرفية مفعول بالواسط، فيصح نصب الحال عنه أو حال من التقارن، أي: الهيئة الحاصلة من التقارن منضما إلى المقدار المخصوص للعنقود والثريا من الطول أو العرض على ما فسره أو إلى المقدار للمجموع من الثريا والعنقود، ولا حرارة من الصور الصغار، يعني أن الهيئة منتزعة عن الصفات والمقادير، لا عن مجرد المقادير.
ولقد أحسن صاحب المفتاح حيث زاد على الشيخ قوله على الكيفية المخصوصة، ولم يكتف بذكر المقدار المخصوص، كما اكتفى الشيخ مريدا بالمقدار مقدار القرب والبعد؛ لأن إرادة الكيفية بالمقدار بعيد وفي عدم اعتبار المقدار في الهيئة شديد.
ولقد غفل الشارح حيث نسب إلى المفتاح أنه سكت عن ذكر المقدار كما أن الشيخ سكت عن ذكر الكيفية والمصنف جمع بينهما؛ لأن الجامع بينهما المفتاح، والمصنف تبعه في ذلك ولا ينصر الشارح بأنه لعله لم يكن في نسخته ذكر المقدار؛ لأنه شرحه في شرحه على المفتاح، وجعل الكيفية المخصوصة نفيا للتلاصق والنظام، ولشدة الافتراق كما ذكره الشارح نقلا عن الشيخ وتبعه المحقق الشريف في شرحه للمفتاح مشتمل على لغو؛ إذ لا ينطوي شدة الافتراق تحت التقارن عرفا.
قال الشارح: إنما جعل الشعر من مفرد الطرفين؛ لأن قوله حين نورا قيد للمشبه به لا جزءه، والتقييد لا ينافي الإفراد.