الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو غير صريح نحو: هل بدر يسكن الأرض، فإنه في قوة لو كان البدر يسكن الأرض [(عزماته) جمع عزمة للمرة من العزم وهو إرادة الفعل مع القطع عليه (مثل النّجوم ثواقبا) من ثقبه بمعنى خرقه أي: نوافد في الأمور كالنجم الذي يخرق الظلمة، وينفذ فيها.
قال الشارح: أي: لوامعا وكأنه جعله من ثقبت النار، أي: اتقدت (لو لم يكن للثّاقبات أفول)] (1) أي: غروب (ويسمى) هذا التشبيه (التشبيه المشروط)(2) وهو التشبيه الذي يقيد فيه المشبه أو المشبه به أو كلاهما بشرط وجودي أو عدمي أو مختلف يدل عليه تصريح اللفظ أو بسياق الكلام.
ومنها: ما يكون بجميع التشبيهات كقوله: - يعني في دعوى قلة المشابهة وبيان كون المشبه به في الدرجات العالية ومتباعدا عن المشبه- (شعر)
في طلعة البدر شيء من محاسنها
…
وللقضيب نصيب من تثنّيها (3)
أي: من تمايلها وتعاطفها. ومنها ما يكون بجميع التشبيهات، كقوله:
كأنما يبسم
…
البيت.
[وباعتبار أداته]
(وباعتبار أداته إما مؤكد، وهو ما حذف أداته) في جعل زيد في جواب من قال: من يشبه الشمس؟ أي: يشبهها زيد تشبيها مؤكدا نظر؛ لأن حذف الأداة على هذا الوجه لا يشعر بأن المشبه عين المشبه به، فالوجه أن يفرق بين الحذف والتقدير، ويجعل الحذف كناية عن الترك بالكلية، بحيث لا يكون مقدرة في نظم الكلام، ويجعل الكلام خلوا عنها مشعرا بأن المشبه عين المشبه به في الواقع بحسب الظاهر، فعلى هذا (مثل وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ)(4) إذا كان في تقدير مثل مر السحاب بالقرينة تشبيه مرسل، وبدعوى أن مرور الجبال عين مر السحاب تشبيه مؤكد، فاعرفه فإنه من عوارف الفياض، وأزهار روضة
(1) البيت لرشيد الدين الوطواط، محمد بن عبد الجليل بن عبد الملك المتوفي سنة 573 هـ. انظر البيت في الإيضاح: 239، الإشارات:198.
(2)
إنما سمى هذا الوجه بذلك لما فيه من الشرط، والغرابة فيه ناشئة من كونه مشروطا، والشرط قد يكون في المشبه أو المشبه به أو فيهما.
(3)
البيت للبحتري، وهو في الإيضاح:239.
(4)
النمل: 88.
من الرياض، التي لا يفتح بابها إلا للعارف المرتاض أهداه لك خاليا عن شوب طمع الأعواض والأغراض.
(ومنه) أي: قريب من هذا المثال فنبه بكلمة منه على التفاوت بينهما بأن المشبه به وضع في الأول موضع أداة التشبيه، وهنا لم يوضع موضعه، بل بعد الحذف نقل عن مكانه وجعل مضافا إلى المشبه أو يقول في الأول بحيث يمكن تقدير أداة التشبيه. وفي الثاني بحيث لا يمكن؛ إذ لا يصح أن يقال: مثل لجين الماء، وجعل منه بمعنى من التشبيه المؤكد، أي: بعض منه، كما ذهب إليه الشارح لا يفيد التفاوت بين المثالين إفادة واضحة، فاحفظه واعتبر به أمثاله (نحو:(والرّيح تعبث بالغصون).
أي: تميلها ميلا رقيقا لا عنيفا، ففيه مدح للريح بالاعتدال، وهو الريح المطلوب، كما جاء في خبر الآثار: أنه صلى الله عليه وسلم إذا رأى ريحا كان يقول: «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» (1) والواو حالية.
وقوله: (وقد جرى) إما عطف حال على حال، وإما تعقيب حال بحال مترادفة أو متداخلة (ذهب الأصيل) أي: ذهب لوقت الأصيل، أي: الوقت بعد العصر، وهو شعاع الشمس فيه؛ لأنه مصفر ويوصف بالاصفرار، فالذهب مستعار لشعاع الشمس بقرينة الإضافة إلا الأصيل، فجعله من قبيل لجين الماء كما نقله الشارح لاختفاء لجين الماء بذهب الأصيل الجاري عليه لكونه مموها بها، فكن متيقظا فإن خطابنا مع اليقظان لا مع النعسان. (وعلى لجين الماء) (2) أصله:
ماء كاللجين، وهو المقصود بالتمثيل، واللجين هو الفضة الخالصة، يشبه بها الماء في البياض والصفاء.
(أو مرسل) قسم للمؤكد (وهو بخلافه) وهو ما قصد أداته لفظا أو تقديرا لعدم تقيده بالتأكيد المستفاد من أجزاء المشبه به على المشبه.
فإن قلت: إن زيدا كالأسد مشتمل على تأكيد التشبيه، فكيف يجعل
(1) الحديث ذكره النووي في الأذكار (ص 238) وعزاه إلى الشافعي في كتابه «الأم» من حديث ابن عباس.
(2)
البيت لابن خفاجه الأندلسي، إبراهيم بن عبد الله الشاعر الوصّاف المتوفي سنة 523، وهو في الإيضاح:240.