المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مستعارا كما هو المتبادر منه، ومن ترك التسوية فيه بين - الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم - جـ ٢

[العصام الأسفراييني]

فهرس الكتاب

- ‌(الفصل و‌‌الوصل)

- ‌الوصل)

- ‌[والفصل]

- ‌[فشرط كونه مقبولا بالواو]

- ‌[فى بيان «كمال الانقطاع»]

- ‌[وأما كمال الاتصال]

- ‌[وأما كونها كالمنقطعة عنها]

- ‌[وأما كونها كالمتصلة بها]

- ‌ الجامع بين الشيئين)

- ‌[محسنات الوصل]

- ‌[والإيجاز ضربان]

- ‌[إيجاز القصر]

- ‌[وإيجاز حذف]

- ‌[وأدلة الحذف]

- ‌[الإطناب]

- ‌[ومنه باب نعم]

- ‌[ومنه التوشيع]

- ‌[وإما بذكر الخاص بعد العام]

- ‌[وإما بالتكرير]

- ‌[وإما بالإيغال]

- ‌[وإما بالتذييل]

- ‌[وإما لتأكيد مفهوم]

- ‌[أو بالتكميل]

- ‌[أو بالتتميم]

- ‌[أو بالاعتراض]

- ‌[وإما بغير ذلك]

- ‌[الفن الثاني علم البيان]

- ‌[انحصار علم البيان فى الثلاثة: التشبيه والمجاز والكناية]

- ‌ التشبيه

- ‌[أركانه]

- ‌ وأقسامه

- ‌[إما حسيان أو عقليان إو مختلفان]

- ‌[والمراد بالحسي]

- ‌[والعقلي]

- ‌[وما يدرك بالوجدان]

- ‌[وجه التشبيه]

- ‌[إما حسية كالكيفيات الجسمانية]

- ‌[أو عقلية كالنفسية]

- ‌[وإما إضافية]

- ‌[وأيضا إما واحد]

- ‌[أو متعدد]

- ‌[والعقلي أعم]

- ‌[والمركب الحسي فيما طرفاه مفردان]

- ‌[أو مركبان]

- ‌[أو مختلفان]

- ‌[ويجوز التشبيه أيضا]

- ‌[إما تشبيه مفرد بمفرد]

- ‌[وإما تشبيه مركب بمركب]

- ‌[وإما تشبيه مركب بمفرد]

- ‌(وباعتبار وجهه)

- ‌(إما تمثيل أو غير تمثيل)

- ‌[إما مجمل او مفصل]

- ‌[إما قريب مبتذل أو بعيد غريب]

- ‌[وإما لكثرة التفصيل أو لقلة تكريره]

- ‌[وباعتبار أداته]

- ‌[وباعتبار الغرض]

- ‌(خاتمة)

- ‌[وأعلى مراتب التشبيه]

- ‌(الحقيقة والمجاز)

- ‌[والوضع تعيين اللفظ]

- ‌[والمجاز مفرد ومركب]

- ‌[والمجاز المرسل]

- ‌[الاستعارة واقسامها]

- ‌ وقرينتها

- ‌[وهي باعتبار الطرفين قسمان]

- ‌[وباعتبار الجامع قسمان]

- ‌[فالجامع إما حسي وإما عقلي واما مختلف]

- ‌[وباعتبار اللفظ قسمان]

- ‌[وباعتبار آخر ثلاثة أقسام]

- ‌(فصل) الأقوال في الاستعارة بالكناية ثلاثة:

- ‌[فصل قد يضمر التشبيه في النفس]

- ‌[فصل: عرف السكاكي الحقيقة]

- ‌[وعرف المجاز اللغوي]

- ‌[وقسم المجاز الى الاستعارة وغيرها]

- ‌(وفسر التحقيقية

- ‌[وفسر التخيلية]

- ‌[فصل: حسن كل من التحقيقية والتمثيل]

- ‌[فصل: قد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم إعرابها]

- ‌وذكر الشارح المحقق له وجهين:

- ‌(الكناية)

- ‌[وهي ثلاثة أقسام]

- ‌[فصل: أطبق البلغاء على أن المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة]

- ‌([الفن الثالث] علم البديع)

- ‌(وهي ضربان) أي الوجوه المحسنة نوعان:

- ‌[من المحسنات المعنوية]

- ‌[ومنه مراعاة النظير]

- ‌[ومنه الإرصاد]

- ‌[المشاكلة]

- ‌[(ومنه: المزاوجة)]

- ‌[التورية]

- ‌[الاستخدام]

- ‌[اللف والنشر]

- ‌[ومنه التجريد]

- ‌[ومنه المبالغة المقبولة]

- ‌[ومنه المذهب الكلامي]

- ‌[ومنه تأكيد المدح بما يشبه الذم]

- ‌[ومنه تأكيد الذم بما يشبه المدح]

- ‌[ومنه الاستتباع]

- ‌[ومنه الإدماج]

- ‌[ومنه التوجيه]

- ‌[ومنه متشابهات القرآن]

- ‌[ومنه الهزل وتجاهل العارف]

- ‌[ومنه القول بالموجب]

- ‌[وأما اللفظي فمنه الجناس بين اللفظين]

- ‌[فإن كانا من نوع واحد كاسمين سمي تماثلا]

- ‌[وإن كانا من نوعين سمي مستوفي]

- ‌[وإن اتفقا في الخط خاص باسم المتشابه]

- ‌[وإن اختلفا في هيئات الحروف فقط سمي محرزا]

- ‌[وإن اختلفا في أعدادها يسمى ناقصا]

- ‌[وإن اختلفا في أنواعها فيشترط ألا يقع]

- ‌[وإن اختلفا في ترتيبها يسمى تجنيس القلب]

- ‌[ومنه السجع]

- ‌[ومن السجع ما يسمى التشطير]

- ‌[ومنه الموازنة]

- ‌[ومنه القلب]

- ‌[والتشريع]

- ‌[ومنه لزوم ما لا يلزم]

- ‌(خاتمة)

- ‌(في السرقات)

- ‌ الظاهر

- ‌[السرقة والأخذ نوعان]

- ‌[وأما غير الظاهر]

- ‌[أما الاقتباس فهو أن يضمن الكلام]

- ‌[فصل ينبغي للمتكلم أن يتأنق في ثلاثة مواضع]

- ‌[أحدها: الابتداء]

- ‌[ثانيها: التخلص]

- ‌[ثالثها: الانتهاء]

الفصل: مستعارا كما هو المتبادر منه، ومن ترك التسوية فيه بين

مستعارا كما هو المتبادر منه، ومن ترك التسوية فيه بين المذكور والمتروك.

ومما يوهم كلامه في هذا المقام، أنه جعل الاستعارة بالكناية الأظفار، حيث بين في استحقاقه اسم الاستعارة كون الأظفار مستعارا.

ويمكن دفعه بأنه جعل المنية مستحقة لاسم الاستعارة، لاستلزامها استعارة الأظفار.

وقد انكشف لك بما ذكرنا لك أن زعم القوم أنه وقع منه حفظ عظيم في تحقيق الاستعارة بالكناية واضطراب في كلامه ليس بوارد.

نعم، يتجه أنه كيف تكون المنية مجازا، وسيجيء ما يتعلق به إن شاء الله تعالى.

(وقسمها) أي: السكاكي الاستعارة (إلى المصرّح بها، والمكنى عنها، وعنى بالمصرح بها أن يكون المذكور) من طرفي التشبيه (هو المشبه (1)، وجعل منها تحقيقية) سواء كان على سبيل القطع أو الاحتمال (وتخييلية) كذلك، وإنما لم يقل قسمها إليهما مع أنه قال: والمصرح بها ينقسم إلى تحقيقية وتخييلية تفننا. وما قال الشارح المحقق: إنه لم يقل، وقسمها إليها؛ لأنه أراد بالتحقيقية والتخييلية ما يكون على القطع كما يتبادر إلى الفهم، وهو لم يقسم إليهما، بل إليهما، والمحتملة للتحقيق والتخييل كما مر في بيت زهير ليس بشيء لأن الظاهر من قوله:

‌(وفسر التحقيقية

بما مر) أي: ما يكون المشبه متحققا حسا أو عقلا التحقيقية السابقة، والمفسر بما مر مطلق التحقيقية لا التخييلية على القطع.

(وعد التمثيل) أي: الاستعارة التمثيلية، وقد عرفت أنها قد تسمى التمثيل مطلقا كما يسمى التمثيل على سبيل الاستعارة فلا وجه للتقدير على سبيل الاستعارة، كما يوهمه تقرير الشارح.

[وفسر التحقيقية]

(منها) أي: من التحقيقية؛ حيث قال في قسم الاستعارة المصرح بها التحقيقية مع القطع: ومن الأمثلة استعارة وصف إحدى صورتين منتزعتين من أمور لوصف صورة أخرى.

(1) المفتاح ص 198.

ص: 312

ومن البين أنه لا اختصاص للتمثيل بالتحقيقية إلا مانع من تشبيه صورة مركبة من أمور وهمية بصورة محققة كما كان ينتزع من المخاطب الملتئمة من أمور متعددة صورة، ويتوهم مثلها للمنية؛ فكأنه ذكره في التحقيقية على سبيل القطع، واعتمد على التنبيه منه على مثله في التحقيقية على الاحتمال، وفي التخييلية.

(وردّ بأنه) أي: التمثيل (مستلزم للتركيب المنافي للإفراد) فلا يصح عدّه من الاستعارة التي هي قسم من أقسام المجاز المفرد، وإلا لزم كون مباين الشيء مندرجا تحته.

وأجيب عنه بوجوه:

أولها: ما عدّ تاما، واختاره الشارح المحقق والسيد السند، وهو منع عدم صحة عدّه من الاستعارة التي هي قسم من المجاز المفرد؛ لأن المعدود من قسم الشيء لا يجب أن يكون معدودا منه؛ لأن قسم الشيء قد يكون أعم منه من وجه، فيقال: الحيوان إما أبيض أو غيره، والأبيض أعم من الحيوان، لا يقال: هذه مسامحة والقسم الأبيض الحيوان، فالأعم من وجه قيد قيد القسم، لا القسم؛ لأنا نقول: فليكن تقسيم السكاكي أيضا من هذا القبيل.

وثانيهما: ما اختاره أيضا الشارح، وهو أن ما قسّمه السكاكي من المجاز ليس ما عرفه، وإن وقع تقسيمه عقيب التعريف، بل المجاز المعنى الأعم منه بقرينة أنه جعل من أقسامه المجاز العقلي والمجاز الراجع إلى حكم الكلمة، وهما لا يدخلان في المجاز المعرف بالكلمة المستعملة في غير ما وضعت له.

أما الأول فظاهر، وأما الثاني؛ فلأنه إما نفس الإعراب، فهو ليس بكلمة، وإما الكلمة باعتبار الإعراب فهي غير مستعملة في غير ما وضعت له.

وفيه أنه قال: المجاز عند السلف قسمان: لغوي، وهو ما تقدم، ويسمى مجازا في المفرد.

وعقلي، ويسمى مجازا في الجملة، وينقسم اللغوي قسمين: راجع إلى معنى الكلمة، وراجع إلى حكم لها في الكلام.

والراجع إلى معنى الكلمة قسمان: خال عن الفائدة، ومتضمن لها.

ص: 313

والمتضمن للفائدة قسمان: خال عن المبالغة في التشبيه، ومتضمن لها، وأنه يسمى الاستعارة، فالمجاز المقسم وإن كان أعم يجعل المجاز العقلي قسما منه، لكن المنقسم إلى الاستعارة وغيرها المجاز اللغوي بالمعنى المتقدم، فلا ينفع في منع كون الاستعارة عنده قسما من المجاز المفرد.

وكون المقسم في هذا التقسيم المجاز الأعم لا يقال: لا بد من جعل المجاز اللغوي في تقسيمه؛ حيث قال: واللغوي قسمان: أعم من المجاز اللغوي الذي جعله قسيما للمجاز العقلي، وإلا لم يصح جعل المجاز الراجع إلى حكم الكلمة قسما منه، فالمراد به ما يطلق عليه المجاز؛ لأنا نقول هذا مع كونه تكلفا في غاية السماجة، يرده أن ما يطلق عليه المجاز لا ينحصر في المجاز الراجع إلى معنى الكلمة؛ والراجع إلى حكمها، وإلا لم تكن الاستعارة أعم من المجاز المفرد.

فالوجه أن يقال: المقسم هو المجاز اللغوي بمعنى تقدم، وجعل الراجع إلى حكم الكلمة قسما منه؛ لكونه ملحقا به على ما صرح به السكاكي نفسه بعد ذلك في بحث المجاز، ومشبها به الراجع إلى حكم الكلمة؛ حيث قال: ورأيي في هذا النوع أن يعد ملحقا بالمجاز، ومشبها به؛ لما بينهما من الشبه؛ لاشتراكهما في التعدي عن الأصل إلى غير الأصل، لا أن يعد مجازا، وبسبب هذا لم أذكر الحد شاملا له، ولكن العهدة في ذلك على السلف رحمهم الله.

وثالثها: أن المجاز المعرف شامل للمركب، والمراد بالكلمة هو اللفظ الموضوع مطلقا، ومنه قولهم: كلمة الله.

ورده الشارح بأن الكلمة في هذا المعنى مجاز في اصطلاح العربية، فلا يصح من غير قرينة سيما في التعريف مع أنه صرح بأن المقسم إلى الاستعارة وغيرها هو المجاز المفرد: حيث قسم إليهما المجاز اللغوي الذي عيّنه بقوله: وهو ما تقدم، ويسمى مجازا في المفرد، فقوله: وهو ما تقدم وإن لم يكن صريحا في أن المقسم المجاز المفرد، بناء على تعميم الكلمة، لكن قوله: ويسمى مجازا في المفرد نص فيه، بل نص في أنه لا يصح تعميم الكلمة أي: سلمنا صحة تعريف المجاز بالكلمة بهذا المعنى إما لأن عبارة المفتاح غير مصونة عن التعقيد، وإما لأن القرينة قامت على هذه الإرادة حيث قسم إلى أقسام هي مركبات، وسلمنا أنه لم يصرح بأن المنقسم

ص: 314

إلى الاستعارة وغيرها هو المجاز المفرد، بناء على أن التسمية بالمجاز في المفرد يصح أن يكون بناء على الأغلب، لكنا نقول بعد ما أريد بالكلمة ما يعم المفرد والمركب، فإن أريد بالوضع الوضع بالشخص، لم يدخل المركب من الحقائق في تعريف الحقيقة، ومن المجازات في تعريف المجاز؛ لأنه وإن يصدق عليه أن الكلمة المستعملة في غير ما هي موضوعة له، لكن لا يصدق أنها الكلمة المستعملة في غير ما هي موضوعة له في اصطلاح به التخاطب؛ لأنه لا وضع لها فضلا عن الوضع في اصطلاح به التخاطب، حتى يتحقق عن غير الموضوع له في اصطلاح به التخاطب.

وإن أريد ما هو أعم من الشخصي والنوعي، فقد دخل المجاز في تعريف الحقيقة؛ لأنه موضوع بإزاء المعنى المجازي وضعا نوعيّا على ما تبين في الأصول.

هذا كلام الشارح مع نهاية تحريره وتوضيحه، وفيه نظر.

أما أولا: فلأن قوله مع أنه قد صرّح بأن المنقسم إلى الاستعارة وغيرها، هو المجاز في المفرد ينافي ما ذكره في جوابه الثاني؛ إذ مورد القسمة ليس المجاز المفرد اللهم إلا أن يقال: لم يجعل الشارح المقسم المجاز المفرد لجعله المجاز اللغوي المنقسم إلى: الراجع إلى معنى الكلمة، وإلى: الراجع إلى حكمها غير المجاز اللغوي المسمى: بالمجاز في المفرد.

وهذا المجيب لا يتكلف بجعلهما متغارين، بل يجعل المجاز المعرف أعم، ويتوهم أنه يندفع به الإشكال، فرد توهمه بأن السكاكي صرح بأن المنقسم المجاز المفرد بناء على كون المجاز اللغوي المقسم والقسم واحدا في زعمه لا ينافي الحكم بأن المقسم ليس المجاز المفرد، بناء على ارتكاب التكلف والحكم بأن المقسم والقسم متغايران.

وأما ثانيا: فلأنا نختار شقّا ثالثا: ونقول: أراد بالوضع الوضع بلا قرينة، سواء كان شخصيا أو نوعيا، ولم يتبين في الأصول أن المجاز موضوع بهذا المعنى، والحاصل أن للوضع معنيين: خاص، وهو التعيين للمعنى بلا قرينة، وهو المشهور، والتقسيم إلى الحقيقة والمجاز إليه يدور، وعام وهو التعيين للمعنى ويدخل فيه تعيين المجاز، فليكن هذا على ذكر منك ينجيك عن كثير من

ص: 315

المزالق.

وأما ثالثا: فلأن هذا الاعتراض يلزم على المصنف أيضا؛ لأنه فرع الاعتراف بالحقيقة والمجاز المركبين، فإذا عرف مطلق الحقيقة والمجاز وأخذ الوضع في تعريفهما، يقال: إن أريد بالوضع الوضع بالشخص إلى آخر ما ذكر، والحاصل أن هذا الاعتراض لا يرد على جعل الاستعارة التمثيلية قسما للمجاز المفرد، بل على جعله قسما للمجاز فكما يبطل به هذا الجواب يبطل به الجواب الذي اختاره الشارح وغيره.

ورابعها: أن إضافة الكلمة إلى شيء أو تقييدها واقترانها بألف شيء لا يخرجها عن أن يكون كلمة؛ فالاستعارة هاهنا هو التقديم المضاف إلى الرجل المقترنة بتأخير أخرى، والمستعار له هو التردد، فهو كلمة مستعملة في غير ما وضعت له.

قال الشارح: وهذا في غاية السقوط، وإن كان ممن هو في غاية الحذاقة والاشتهار للقطع بأن لفظ «تقدم» في قولنا: تقدّم رجلا وتؤخر أخرى مستعمل في معناه الأصلي والمجاز إنما هو في استعمال هذا الكلام في غير معناه الأصلي، أعني صورة تردد من يقوم ليذهب فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا وتارة لا يريد ويؤخر أخرى. وهذا ظاهر عند من له مسكة في علم البيان.

وخامسها: وهو أسقط من الرابع، وهو أن المراد بقول السكاكي: ومن الأمثلة استعارة وصف إحدى صورتين منتزعتين من أمور لوصف الأخرى، ومن أمثال الاستعارة ونظائرها، فلا يلزم كونه استعارة، والاستعارة المستعملة في بيانه من قبيل اللغة.

وسادسها: أنا [لانم](1) أن التمثيل يستلزم التركيب؛ لأنه استعارة مبنية على التشبيه التمثيلي، والتشبيه التمثيلي قد يكون طرفاه مفردين، كما في قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (2) فإذا ترك فيه التشبيه إلى الاستعارة صار استعارة تمثيلية مفردة.

ولا يخفى أن هذا المنع لا يضر المصنف؛ لأنه يكفي كون التمثيل مركبا، ولا

(1) كذا بالأصل ولعلها اختصار «لا نسلم» وقد مرّ أمثلتا.

(2)

البقرة: 17.

ص: 316

يتوقف رد عد التمثيل من الاستعارة على استلزامه التركيب، لا تقول: فليكن التمثيل معدودا منها لا بتمامه، بل ببعض أقسامه أي: المفرد؛ لأنا نقول عد السكاكي التمثيل من الاستعارة على استلزامه التركيب مطلقا، حيث مثّل لتلك الاستعارة المعدودة «بأراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى» ، على أنه يمكن تحرير عبارة المصنف على وجه يندفع عنه هذا المنع بأن يقال: مراده باستلزام التمثيل التركيب استلزام قسم التمثيل للتركيب، بمعنى أن هذا القسم لا ينفك عن فرد مركب؛ وبهذا ظهر ضعف ما ذكره الشارح رحمه الله حيث قال: وفيه نظر؛ لأنه لو ثبت أن مثل هذا المشبه به يقع استعارة تمثيلية، فهذا إنما يصلح لرد كلام المصنف، لا لإصلاح كلام السكاكي؛ لأنه قد عد من الاستعارة التحقيقية، مثل قولنا: أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى.

ولا شك أنه ليس مما عبر عن المشبه به بمفرد، ولا مجاز في مفرد من مفرداته، بل في نفس الكلام حيث لم يستعمل في معناه الأصلي على أن المنع المشار إليه بقوله: لو ثبت أن مثل هذا المشبه به يقع استعارة تمثيلية منع للسند، وقوله: لا مجاز في مفرد من مفرداته، بل في نفس الكلام لا يخلو من خلل أو المجاز نفس الكلام لا فيه، فالصحيح لا يجوز في مفرد من مفرداته، بل في نفس الكلام.

واعلم أن ملخص هذا الجواب، والجواب الرابع واحد؛ لأنه أيضا منع استلزام التمثل التركيب، لكن بسند أن لا تركيب في تمثيل، حتى قولنا: أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى، إلا أنه لو تم لكان نافعا، بخلاف المنع بهذا السند كما عرفت.

والسيد السند أثبت استلزام التمثيل التركيب بالنقل أولا من «المفتاح» ؛ حيث قال: ومن الأمثلة استعارة وصف إحدى صورتين منتزعتين من أمور لوصف الأخرى، وهذا الذي نسميه تمثيلا على سبيل الاستعارة، فقد صرح بكون المستعار منه والمستعار له مركبين.

ورد بأن الصورة المنتزعة لا يستدعي إلا متعددا ينتزع عنها، ولا يقتضي للدلالة عليها لفظا مركبا فليغير عن الصورة المنتزعة بمفرد مثل المثل.

وأجاب بأن دلالة المفرد إجمالية لا يلتفت النفس إلى المتعدد المضمر في

ص: 317

مفهومه قصدا، فلا يقدر العقل على انتزاع الصورة منها، ولو فصّله العقل بعد فهمه إجمالا لم يبق مدلول اللفظ المفرد، وفيه أن استعارة اللفظ الدالّ على الهيئة المنتزعة لهيئة منتزعة أخرى لا يجب أن يكون من الهيئة المفصلة لهيئة مفصلة، بل لا يكون إلا لهيئة مجملة، وربما يكون من هيئة مجملة إذا كان اللفظ مفردا، إلا أن ذلك الإجمال لغرابة تفصيل الهيئة يحضر تفصيلها، وبجعله العقل وسيلة تفصيلها، ولذلك يكون لهذه الاستعارة شرف وفضل وبيان أنه لا يكون إلا لهيئة مجملة أن استعارة «تقدم رجلا وتؤخر أخرى» ، من هيئة التردد في الذهاب تفصيلا لانفهامه من ألفاظ متعددة ينتقل من كل منها إلى جزء من الهيئة، لكن لهيئة التردد في جواب الاستفتاء إجمالا؛ إذ هيئة التردد فيه تفهم من جميع هذه الجملة من حيث هو جميع من غير تفصيل ألفاظها على قدر تفصيل أجزاء الهيئة، فأجزاء الجملة بالنسبة إلى الهيئة المستعار لها كالحروف التي في المفرد، وأثبت ذلك الاستلزام ثانيا بالاستدلال بأن مبنى الاستعارة التمثيلية على التشبيه التمثيلي، وهو لا يكون إلا بين طرفين مركبين؛ وذلك لأنه عرف بما يكون وجهه منتزعا عن متعدد، والمتبادر منه الانتزاع عن متعدد هو غير أجزائه، وإلا لقيل: ما وجهه مؤلف أو مركب من متعدد، وحمل التعريفات على ما يتبادر.

وأجيب ما لم يصرف عنه صارف، فلا بد أن يكون كل من طرفيه مركبا.

وفيه أن صرف التعريف عن الظاهر ليس بأصعب من تأويل الحكم بكون الطرفين في قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ اليهود مفردين، وجعله حكما على سبيل التوسع، وجعل إدخال الكاف عليه مبنيا على المسامحة لاتحاده مع المشبه به، كما ذهب إليه؛ لحفظ ظاهر عبارة التعريف، على أن اختيار الانتزاع على التأليف لا يجب أن يكون لخروج المنتزع عنه عن المنتزع، بل للتنبيه على أن المعتبر هو التركيب الاعتباري، لا التركيب الحقيقي الثابت، مع قطع النظر عن اعتمال العقل وتصرفه، فالانتزاع لا يتبادر منه إلا التركيب الاعتباري، لا خروج المنتزع عنه. ولو سلم، فلا يستدعي ذلك إلا كون متعدد متحققا في الظرف لا تركيبه المنافي للإفراد، كما حققناه لك على وجه أغناك عن بيانه هنا.

فإن قلت: قد جوز صاحب «الكشاف» في قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ

ص: 318