الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفنون لذلك الخاتمة في الإيضاح أنه كالفنون الثلاثة، حيث ذكر في آخر المقدمة تمهيدا لذكرها، وقوله ختمنا بهما الكتاب دون أن يقول ختمنا بهما الفن الثالث واضح في كون الخاتمة من الكتاب وضوحا تاما، وليس في وصف الأشياء، بأن بعض المصنفين يذكرونها في علم البديع، دلالة على أنها منه في كتابه؛ لأنه ليس راضيا بما فعلوا، وله في وصفها بأنه لا بأس بذكرها كما في علم البديع، وعبارة لا بأس شاعت فيما تركه أولى، فعلم منه أن عدم إيرادها في علم البديع أولى ما يرادها في الكتاب لاشتمالها على الفائدة، ينبغي أن لا يكون في البديع على أن مباحث السرقات الشعرية من قبولها وردها، وكذا حسن الابتداء والتخلص والانتهاء قد يكون بالاشتمال على إحدى البلاغتين، وقد يكون بالاشتمال على المحسنات البديعية، فلا اختصاص لها بفن دون فن، هي تكميل للثلاثة ويتعلق بها تعلق اللاحق بالسابق.
هذا وفي قول الشارح عقد لها خاتمة وفصلا مواحدة لأنه يدل على أن الفصل خارج عن الخاتمة مع أن الفصل داخل فيها على ما صرح به الشارح نفسه، في بيان الفصل.
(في السرقات)
بفتح الراء جمع سرقة كعرفة اسم من السرق أو بكسرها جمع سرقة كفرحة أو سرق ككتف، وهما أيضا اسمان من السرق والسرقة، كما يجري في الشعر، وهو، أكثر ما يقع ولذا وصفه (بالشعرية) يجري في غير الشعر أيضا ولعله داخل تحت قوله (وما يتصل بها) ويؤيده أنه قال فيما بعد: ومما يتصل بهذا القول في الاقتباس والتضمين والعقد والحل والتلميح، ولم يقل وما يتصل بهذا (وغير ذلك) أي ذلك المذكور من السرقات الشعرية وما يتصل بها، وهو القول في الابتداء، والتخلص وانتهاء جمعها مع السرقات الشعرية، وما حصل بها بجامع أنها مما يجب مزيدا احتياط بها، كالسرقات الشعرية، وما يتصل بها، وتفسير غير ذلك بالقول عن الابتداء والتخلص والانتهاء هو الذي جعلناه تصريحا من الشارح بأن الفصل من الخاتمة.
(اتفاق القائلين) بلفظ الجمع المراد به ما فوق الواحد أو بلفظ التثنية اكتفاء بأقل ما يقع (إن كان في الغرض على العموم)(1) أي مشتملا على العموم أو بناء على عموم الغرض. وشموله للبلغاء غير مختص ببليغ دون بليغ (كالوصف بالشجاعة) كعلاقة منه (والسخاء وحسن الوجه وإليها) أي الحسن مطلقا (فلا يعد) بفتح الدال أو كسرها على أن يكون صيغة أمر يفيد الإيجاب فيسحن مقابلته مع قوله، وإلا جاز أن يدعى فيه السبق والزيادة، أو ضمها خبر فمحمول على وجوب عدم أو بقرينة المقابلة (سرقة) والاستعانة ولا أخذا ونحو ذلك مما يؤدي هذا المعنى.
(لتقرره) أي التقرر هذا الغرض العام (في العقول والعادات) ويشترك فيه الفصيح والأعجم والشاعر والمفحم (وإن كان في وجه الدلالة) على الغرض (كالتشبيه) والمجاز والكناية المشار إليها بقوله (وكذكر هيئات تدل على الصفة لاختصاصها) أي تلك الهيئات (بمن) الأولى بما (هي) أي الصفة (له) ولا يخفى أن السرقة في وجه الدلالة كما تكون باعتبار طرق الدلالة المتفاوتة في الوضوح والخفاء تكون باعتبار المحسنات البديعية أيضا (كوصف الجواد) أي السخي والسخية (بالتهلل) أي تهلل الوجه وهو كتهلل السحاب تلألؤه (عند ورود العفاة) جمع عاف وهو الضيف وطالب الفضل أو الرزق، والكل حسن في هذا المقام (وكوصف البخيل بالعبوس) كالدخول ضد التهلل، وجعله كالقبول بعيد عن القبول وقوله (مع سعة ذات اليد) قيد للتهلل والعبوس معا؛ لأن تهلل الجواد لا يكون مع قلة ذات اليد عند ورود العفاة والعبوس مع قلة ذات اليد؛ ليس من خواص البخيل وذات اليد المال سمي ذات اليد لأن اليد تفعل معه ما لا تفعل بدونه، فكأنه يأمر اليد بالعطاء والإمساك واليد مملوكة له (فإن اشترك الناس في معرفته) أي معرفة وجه الدلالة على الغرض (لاستقراره فيها) أي في العقول والعادات كتشبيه الشجاع بالأسد والجواد بالبحر (فهو كالأول) أي
(1) الغرض: هو المعنى المقصود، ومعنى كونه على العموم أنه يقصده كل الناس فلا بد من أمرين: أن يكون الاتفاق في الغرض لا في الدلالة عليه، وأن يكون الغرض عامّا، فإذا كان الاتفاق في الدلالة فهو مما يمكن ان يدعى فيه السبق والريادة كما سيأتي، وإن كان الاتفاق في غرض خاص فهو مما يمكن أن يدعى هذا فيه أيضا.
كالاتفاق الأول في أنه لا يعد سرقة ولا يخفى أن ما يتصل بالسرقة من العقد والحل أيضا كذلك، فإن الحل إنما يسمى حلا إذا كان لما في الشعر اختصاص بالشعر، وكذا العقد إنما يسمى عقدا إذا كان لما في النثر اختصاص بالكاتب.
(وإلا) قال الشارح أي وإن لم يشترك الناس في معرفته ولم يصل إليه كل أحد لكونه مما لا ينال إلا بفكر وهذا التفسير على طرق تفصيل الإيضاح، ويتجه عليه أنه بقى اتفاق القائلين في الغرض غير العام وهو مما جاز أن يدعى فيه السبق والزيادة، فلعله ترك لانسياق الذهن إليه بالمقايسة، وعبارة المتن تصلح لما لا يقصر بيانه عن إيفائه، وهو أن يجعل الإيفاء للأمرين اللذين رددت الحال بينهما، وهو أن يكون الغرض عاما أو وجه الدلالة عاما، فمعنى قوله:(وإلا): وإن لم يكن أحد الأمرين، وذلك بأن يكون الغرض خاصا أو وجه الدلالة خاصا كلاهما كذلك والأخصر الأوضح أن يقال اتفاق القائلين إن كان في الغرض على العموم كالوصف بالشجاعة والسخاء وحسن الوجه وإليها أو في وجه الدلالة كذلك كوصف الجواد بالتهلل عند ورود العفاة والبخيل بالعبوس مع سعة ذات اليد فلا يعد سرقة وإلا (جاز أن يدعى فيه) أي فيما ذكر من الغرض أو وجه دلالة الخاص (السبق) بقى أنه إن اتفق القائلان في الغرض أو وجه الدلالة على العموم بعد سرقة إن كان تركيب العبارة المنطوقة أو المسجعة أو المرغبة فيها محسن ذاتي أو عرضي لا ينال إليه إلا بفكر السابق، ولا محيص عنه إلا بأن يجعل وجه الدلالة على العموم بمعنى أن لا يكون في الدال اختصاص بأحدهما من حيث التركيب والنظم بوجه من الوجوه، وإنما لم يقل: جاز أن يدعي فيه الآخذ لما سيأتي أن الأحوط أن يقال قال فلان كذا وقد سبقه فلان إليه فقال كذا اعتناه ما بذلك فضيلة الصدق واجتنابا عن دعوى العلم بالغيب.
(والزيادة) يعني يدعي زيادة أحديهما أما المسبوق إن أتى بأمر زائد على السابق وأما السابق إن لم يأت المسبوق بزائد فإنه مع المساواة أيضا الفضل والزيادة للأول، فلا ينبغي أن يتوهم أن الوافي أن يقال جاز أن يدعي فيه السبق والزيادة والاستواء.
(وهو) أي مالا يشترك الناس في معرفته من وجه الدلالة أو ما لا يشترك