الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف، أو فاعل فعل محذوف (أي الأمر هذا أو هذا كما ذكر) أو معنى هذا أو مفعول فعل محذوف أي: خذ هذا.
(و) قد ويكون الخبر مذكورا مثل (قوله) تعالى حيث ذكر جمعا من الأنبياء وأراد أن يذكر عقيبه الجنة وأهلها (هذا ذكر وإنّ للمتّقين لحسن مآب)(1) ولا يخفى أن التصريح بالخبر في بعض المواضع دون باقي الاحتمالات يرجح احتمال حذف الخبر.
وقال ابن الأثير: لفظ (هذا) في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل، وهي علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى كلام آخر، ثم قال: وذلك من فصل الخطاب الذي هو أحسن موقعا من التخلص، وكقوله: ما ذكر كلمة ثم للتفاوت بين الكلامين، ومثله فصل الكلام عن سابقه بقولك: أعلم.
(ومنه) أي من الاقتضاب الذي يقرب من التخلص (قول الكاتب: هذا باب) فإن فيه نوع ارتباط حيث لم يبتدئ الحديث الآخر فجأة، ومن هذا القبيل لفظ: أيضا في كلام المتأخرين من الكتاب.
[ثالثها: الانتهاء]
(وثالثها: الانتهاء) أي ثالث المواضع الانتهاء (كقوله) أي قول أبي نواس في الخصيب على وزن الحسيب ابن عبد الحميد: ([وإنّي جدير إذ بلغتك بالمنى]) أي جدير بالفوز بالأماني ([وأنت بما أمّلت منك جدير] [فإن تولّني]) أي تعطني [منك الجميل فأهله وإلا فإنّي عاذر] عن منعك أو عن سؤالي [(وشكور)](2) لما صدر عنك من سوابق العطايا، والإصغاء إلى المديح، والتحايا.
(وأحسنه) أي أحسن الانتهاء (ما أذن بانتهاء الكلام كقوله) أي العربي:
(بقيت بقاء الدّهر يا كهف أهله
…
وهذا دعاء للبريّة شامل) (3)
لأن بقاءك سبب لكون البرية في أمن ونعمة وصلاح الحال، أو المعنى: وهذا دعاء لا يخصني، بل يشاركني فيه جميع البرية.
(1) ص: 49.
(2)
البيتان في الإيضاح لأبي نواس: 373. إن تولني: إن تمنحني.
(3)
البيت في الإيضاح: 374، وينسب للمعري أو المتنبي. الكهف هنا: الملجأ والملاذ.
ووجه الإيذان أنه تعورف الإتيان بالدعاء في الآخر.
وقد قلّت عناية المتقدمين بهذا النوع، 2 والمتأخرون يجتهدون في رعايته، ويسمونه حسن المقطع، وبراعة المقطع.
(وجميع فواتح السور وخواتمها واردة على أحسن الوجوه) يقال: هذا إنما يتمشى على مذهب أبي حنيفة من أن البسملة ليست جزءا من السور، وإلا فلا تفاوت بين الفواتح، ونحن نقول: المراد بفاتحة السورة الفاتحة، ولو على بعض المذاهب.
(وأكملها) من البلاغة (يظهر ذلك بالتأمل) في تلك الفواتح جملها ومفرداتها، والتنبه لرموزها وإشاراتها، لا في بادئ النظر، بل ربما يكون أول السورة دعاء على شخص وآخرها مذمة طائفة أو تهديد ووعيد لكن التأمل.
(مع التذكر لما تقدم) في الفنون الثلاثة يفصح عن وجوه مزاياها بحيث لا يتصور مزية عليه، وليس مدى بلاغتها ما يدخل تحت طاقة البشر، بل هو شرذمة مما أحاط به خالق القوى والقدر، وليكن هذا آخر ما ألقينا إليك من البدائع من إفضال الصانع من الصنائع:
ولو تأملت فيها وجدت سوى ما برزت به دقائق من الودائع، فلتنظر فيها نظر الاعتبار لتطلع على ما لا يحصى من الأسرار، واجتنب من التعصب والإنكار، فإنه يحرمك عن مشاهدة رياض امتلأت من الأزهار، وعن أن تجتني لطائف الثمار.
ربنا اللهم بارك فيما رزقت ولا تضع أشجارا أورقت، ومتع بظلالها الطالبين وأذق من حلاوة ثمارها الحاضرين والغائبين. الحمد لله رب العالمين
وكان الفراغ من نسخه يوم الجمعة الأزهر رابع عشر شهر ربيع
الآخر عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة.
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.