الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمثيله قوله تعالى: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (1) وزاد الشارح: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ (2) حيث لم يقل قواعد البيت بالإضافة (نحو: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)(3) فقال: للإيضاح بعد الإبهام للنكات الثلاثة، وفيه تنبيه على أنه لا تزاحم في النكات (فإن: اشرح لي صدري، يفيد طلب شرح لشيء ما له) لا لأن لي صفة نكرة مقدرة، أي: اشرح شيئا لي وصدري بدلا منه؛ لأنه خلاف ما يتبادر من النظم، بل لأنه يفهم من قوله: لي أي: لأجلي أن المط شرح شيء ما له من غير تقدير فالإبهام أعم من الإبهام المقدر، والمفهوم فإن قلت: في فهم الشيء ما له نظر لجواز أن يقال اشرح لأجلي صدر معلمي.
قلت: لا خفاء في تبادر ما ذكره، وإن كان ما ذكر به محتملا فإن قلت:
يكفي في فهم المبهم الفعل، ولا حاجة إلى قوله لي؛ لأن اشرح يدل على طلب شرح شيء ما، قلت: لاعتداد بما يفهم من الفعل، وإلا لكان كل الفعل منع مفعوله المتأخر إبهاما وتفسيرا، ثم نقول لا إطناب في ذكر الظرف فإن اللام للنفع، فهو تقييد للشرح احترازا عن الشرح بما يضره.
[ومنه باب نعم]
(ومنه) أي: من الإيضاح بعد الإبهام كذا في الإيضاح، والأنسب أي:
من الإطناب بالإيضاح بعد الإبهام.
(باب نعم) أدرج الباب ليشتمل الأفعال الأربعة (على أحد القولين)(4) في المخصوص، وهو أنه خبر مبتدأ محذوف بخلاف القول بأنه مبتدأ نعم فإنه ليس فيه الإيضاح بعد الإبهام، بل الواضح مبتدأ هو المقدم على المبهم، وفيه بحث لأن المبتدأ بتأخيره يوضح الخبر المقدم، فهو عكس باب ضمير الشأن؛ إذ فيه الخبر موضح المبتدأ، ولا يخفى أن عد باب نعم منه على ما هو الأغلب وإلا فقد تقدم
(1) الحجر: 66.
(2)
البقرة: 127.
(3)
طه: 25.
(4)
هو قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف، ومثله قول من يجعله مبتدأ محذوف الخبر، أما قول من يجعله مبتدأ والجملة قبله خبره، فلا يكون عليه من الإيضاح بعد الإيهام؛ لأن المخصوص فيه مقدم في التقدير.
المخصوص (إذ لو أريد الاختصار كفى نعم زيد) فيه بحثان: أحدهما: أنه لا يصح «نعم زيد» إذ فيه ضعف التأليف لما ثبت في النحو أن فاعله معرف باللام أو مضاف إليه أو مضمر مميز بنكرة منصوبة أو بما.
وثانيهما: أنه لو قيل: نعم زيد لكان إخلالا لأن «نعم» للمدح العام في جنس من الأجناس لا مطلقا، فمعنى نعم الرجل زيد أن زيدا جيد في جميع ما يتعلق بالعالمية أيضا، ويمكن دفعهما بأن المقصود بنعم مدح زيد مثلا في جنس، وقد أمكن فيه الاختصار بأن يقال: نعم زيد في الرجولية ويقدر قولنا: في الرجولية بقرينة إلا أنه التزم فيه الإطناب لالتزام الإيضاح بعد الإبهام؛ لأنه يناسب غرض الباب، وهو المبالغة في المدح فامتنع الاختصار، وقد أشار إلى هذا الامتناع بقوله: لو أريد الاختصار فمن وجوه حسنة سوى ما ذكر اتباع الاستعمال الواجب، وبهذا ظهر أن المراد بقوله الاختصار ما يقابل الإطناب، والمساواة دون ما يشمل المساواة، بناء على أن نعم زيد من المساواة كما ظنه الشارح المحقق، وصوبه السيد السند فقالا: فيه إشعار بإطلاق الاختصار على ما يعم الإيجاز دون الإطناب موافقا لاصطلاح السكاكي، وكيف لا، وقولنا نعم زيد في إفادة مدح زيد برجولية اختصار لا مساواة على أن في إثبات الاصطلاح للسكاكي صعوبة إذ ما تمسك به السيد السند هذه العبارة، وقال: لا شك أن نعم زيد من قبيل المساواة، وقوله وقد تلوت عليك فيما سبق طرق الاختصار والتطويل، يعني الإطناب.
قال السيد السند: فقد جعل الاختصار مقابلا للتطويل، والظاهر تناوله للمساواة، ومن البين أنه ليس موجبا للاصطلاح، كما اعترف به، وأنه يحتمل أن لا يكون متعرضا للمساواة لعدم الاعتداد بشأنه؛ ولذا اكتفى في ذكر الباب بالإيجاز والإطناب، ولو كان السكوت عن المساواة موجبا لدخوله في مقابل الإطناب لثبت إطلاق الإيجاز أيضا على المساواة.
بقي أن «نعم الرجل زيد» مدح عام لزيد في الرجولية، فلا بد من ذكر الرجل وزيد فلا إطناب في الكلام بذكرهما.
(ووجه حسنه) أي: حسن باب نعم (سوى ما ذكر) في صحة استعمال